الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحزان الكردية : زهرة حوشي فرج

واصف شنون

2011 / 6 / 20
المجتمع المدني



في أواسط عام 1986 ،وفي شدّة مطاحن الحرب بين البلدين الحبيبين الأن (إيران والعراق ) ،قادتنا الصدفة أنا وصديقي الهارّب الكبير ( الفرّار ) من الجيش والحرب علي ناظم السماوي - له طول العمر وكل الحياة - الى معرض في نهاية شارع الرشيد ، كان المعرض للفنون التشكيلية ولفنانة كردية ، ولأننا كنا نبحث عن أي كردي؟ أي واحد كردي كي نقيم معه صداقة من أجل "إخراجنا الى الخارج " فأننا دخلنا المعرض ذلك وقد كان أجمل دخول !!!، كان المعرض يحتوي على أكثر من عشرين لوحة زيتية ، من ضمنها لوحات تعبيرية – كلاسيكية عن مآسي الأكراد ، بل هناك لوحة تصور ثديا يخرج من الجبل ، وأخرى تصور فانوساً وحيداً على سهل ، ولوحة فيها غرفة طبيب فارغة ، ولوحات تعبيرية بألوان قاتمة وحزينة تشير الى كارثة ما ،كانت لوحات الفنانة الكردية "زهرة " تشير الى الكارثة التي كنا نحن نعيشها!!،نعيشها نحن (أقصد انا وعلي السماوي )..، إرتعبت أنا اكثر من صديقي فقد كان مغرماً بصناعة وعزف العود ويعمل إسطه في مجال المرمّر والكاشي على الرغم انه خريج نفس دورتي العلمية ، أما أنا فلا شيء فقط خريج معهد فني – فرع الصناعات الكيمياوية !!، جربت بسطة ( جواريب ولباسات داخلية ) في السوق العربي ولم تنفع !!، وفي المعرض كنت أقول لعلي : كيف سمحوا لها بالعرض ؟ فيجيب :شمدريني !!، اي كيف لي أن اعلم؟؟؟ ، حتى بادرنا زوجها الشاعر غيلان بالتحية والمحبة ثم تحولنا خلال نصف ساعة الى أصدقاء ومن ثم تكاشفنا كمعارضين لصدام والحرب والثقافة السلطوية وتواعدنا على اليوم التالي ، وحين عدنا الى المعرض وجدنا لوحة الجبل والثدي قد اختفت ، لكن غيلان بجنونه قال : اللوحة فوق سوف أضعها في مكانها وهو يدمدم : نصيف جاسم منو ؟؟ وهو يقصد لطيف نصيف جاسم وزير الثقافة او الإعلام أنذاك ..، ثم بعد ذلك تبعَ ما لايذكر من قبل أصحاب البدلات والمسدسات في مطعم وبار إسمه حرير قريباً من سينما السندباد..!!!.
********
توفيت زهرة الفنانة الكردية المتزوجة من غيلان الشاعر العراقي الجنوبي ، ولهم أولاد ونتاجات ثقافية وانسانية وربع قرن من الحياة المشتركة والمتمردة ،حياتهم غريبة الأطوار وبعيدة عن التوصيف وملأى بالأحداث ،كانت زهرة أم الأولاد الأربعة كاني ونهار وصيف وايملين ،وصاحبة الكافتيريا ، وسيدة مدينة الجبال الزرق ( بلوماونتين سيتي ) فقد جمعت العراقيين والإستراليين فيما قبل في مجلة "جسور" التي أشرف عليها غيلان ، وحينما يأست من تفرقات وأمراض وتعصبات العراقيين ، إضطرت كي تكون زهرة استرالية نادرة ،فقد اثرت العزلّة بهدوء، وهي مدفونة الأن بحضن شجرة استرالية ، انها تمنح الأوكسجين لنا نحن الضحايا مثلها، مع محبة المواطنين المحليين الأنقياء مثل هواء الجبال......
********
مع موت "زهرة" كل شيء عادي ..فالموت نوع من التعبير عن الوجود ..، لكن بالنسبة لي شخصيا ًموت زهرة يعني أكثر من عادي ، فقد ماتت زوجتي "أحلام" بين يديها قبل خمسة اعوام بسبب نفس المرض ، سرطان الثدي، هذا هو الفرق بين الحزين والأكثر حزناً..
لكم الفرح..وكل المسرات...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تقبل تحياتي
فاهم إيدام ( 2011 / 6 / 20 - 18:13 )
والبقاء في حياتك وحياة السيد غيلان


2 - قدير
سلوان ساكو ( 2011 / 6 / 21 - 11:45 )
استاذ واصف انت كاتب قدير وممتاز .


3 - شكر
واصف شنون ( 2011 / 6 / 21 - 12:04 )
الأخوة الأعزاء فاهم ايدام وسلوان ساكو اشكركما ، اشكر مروركم ..دمتم


4 - احزان
قاسم والي ( 2011 / 6 / 22 - 08:31 )
احلام وزهرة ولاني أعرف أحلام أشكرك لانك عرفتني على زهرة أنت حزين وانا حزين لاننا كائنات انسانية لا يعرفها لطيف نصيف جاسم مازال علي ناظم السماوي يعزف العود ويشتغل بالكاشي والمرمر وما زلت مجرد خريج لنفس الدورة العلمية التي خرجتنا انا وانت واحلام وهو معا نسيت ان اشكر الشجرة الاسترالية ..ارسل لي شيئا بهيجا رجاءً عن الولدين الاستراليين منك ومن أحلام

اخر الافلام

.. العربية ويكند | الأمم المتحدة تنشر نصائح للحماية من المتحرشي


.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو




.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع


.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة




.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون