الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانسان ومحاولة الهروب

جنبلاط الغرابي

2011 / 6 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لا يشترط الهروب ان يكون مسبوقا بلحظات رعب او تهديد خطر خارجي معين,بل تشتمل معانيه على قضايا نفسية متعددة.ولربما موضع النفس الانسانية يتضمن مسلسل الهروب الدائم,بسبب صراع الانسان المستمر مع واقع الحياة وخيالاته التي لا تنتهي.اعتقد ان ادراك ما نرمي اليه سهل الملاحظة,فالهروب من الامر الواقعي المادي اسهل بكثير من هروب الانسان من رغباته.حيث انك تميز بقدراتك وحواسك الخطر المحدق بك ويمكنك ان تتنحى بعيدا عنه,ولكن من الصعب ان تهرب من رغبة تحيط بك وتلهمك انطباعا بالسعادة,وبذات الوقت ومن زاوية اخرى تراها مرفوضة من جهة العرف والمجتمع,او ان تحققها يعد امرا مستحيلا.لذا ارى ان المشكلة التي توقع الانسان في الصراع الداخلي المستمر ليست فقط تلك المفاهيم الاجتماعية المتشددة والتي تقف عائقا بوجه الطموحات,وانما جهة المخيلة التي توفر له مساحة كي يعطي المستحيل حقا للوجود,ومن حيث لا يدري فان لهذا العنوان ضريبة تسمى وجوب التحقق.فعندما يذهب الانسان بعيدا عن الواقع المتحصن بسدوده العالية متجها نحو المخيلة ليصنع بها ما يشاء قد يُفاجئ بعد مدة بوجوب تحقيق ما يتخيله,وهذا ما يزيد من صدمة الالم,لان الملتجأ الذي ترقب منه المساعدة اصبح عدوا يريد حق استغلاله,وهكذا يبدأ مسلسل هروب جديد,انه الهروب من الواقع برمته والاغتراب عن المجتمع دون معرفة السبب.فالانسان في هكذا لحظات يشعر بالراحة في حال الابتعاد عن الناس والانزعاج في حال اقترابه منهم.وحقيقة الامر ان الناس قد اصبحوا بالنسبة له منبهات لتحقيق ما صاغته المخيله,فرؤيته لهم وان كانت تبدو مجردة الا انها دالة عن نقصه وعلى ما يتوجب عليه فعله.من هنا كان الهروب علاجا لنفسه المتورطة باحلام لا تتحقق.ان مشكلة هكذا انسان ليست بالامر الهين,ولا تتعلق بجملة من الاحلام الخيالية,بل هي في غاية الخطورة,فكلما استمر في حياته بهذا النحو,خطا خطوة جديدة نحو المرض,نحو الهذيان,نحو شيء جديد نسميه الهروب من الهروب.وان دققنا جيدا في هذا الامر سوف نجد هذه النهاية المؤلمة كانت نتيجة طموح خاطئ ومخيلة اُستخدمت بصورة تعسفية.ولكن هنا علينا ان نفترض في اي جهة وقع المرض ومن الذي نال هذه النهاية ؟.هل المخيلة ذاتها بعدما استحوذت على دوافع وطموحات لا تتحقق من ثم انشطرت عن الانا لتكون وجدان منعزل,ام انا الانسان التي بالغت في ايجاد اهدافها لدرجة سعيها خلف الاوهام.اننا نشبه هذه القضية بدخول صالات العرض السينمائية,فمشاهدتنا للعمل السينمائي محدودة بوقت,ولكننا نبقى متأثرين بما شاهدناه بالرغم من معرفتنا التامة بعدم واقعيته,وان باتت هذه المشاهدة قديمة وماضية.والسبب في ذلك ان المشاهدة كانت هروبا من الواقعي نحو الخيالي,وعندما انتهى دور الانا المشاهدة بانتهاء الصور السينمائية انسحبت جميع تلك الصور لتدخل في جوف الانا,لانها عالجت رغبات عديدة, منها ما تعرض للردع اوالتشظي مسبقا.فاختصار الزمن والحيازة المطلقة والتحول غير المشروط اصل كل رغبة انسانية,وهذا ما لا نجده الا في المخيلة.وهكذا يتضح لنا الامر بان المرض قد اصاب الانا دون المخيلة,ذلك ان الاخيرة مجرد اداة يمتلكها الجميع,ولكن ليس الكل يستغلها بالصورة الصحيحة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نيويورك تايمز: صور غزة أبلغ من الكلمات في إقناع الآخرين بضرو


.. فريق العربية في غزة.. مراسلون أمام الكاميرا.. آباء وأمهات خل




.. تركيا تقرر وقف التجارة بشكل نهائي مع إسرائيل


.. عمدة لندن صادق خان يفوز بولاية ثالثة




.. لماذا أثارت نتائج الانتخابات البريطانية قلق بايدن؟