الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة عربية أم نازية..؟!

إبراهيم الزيني

2011 / 6 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الثقافة مجموعة من العادات والتقاليد والعرف والتاريخ والصفات، بالإضافة لما يقوم به أفراد المجتمع في حياتهم اليومية واحتفالاتهم وطريقة تناولهم الطعام والملابس والأفراح والاحزان، بالإضافة الي مخزونهم الثقافي من نتاجهم الحضاري من نواحي الأدب والعلوم والنظرية وما يتصل بذلك. وغذا نحن عرفنا الثقافة بهذا المفهوم الذي عرفه به كل رجال الفكر في كل العصور. فهل ينطبق ذلك علي الدين..؟.
إن الدين لا يأتي بكل هذا المفهوم للثقافة، ولا يحتوي عليها ولكنه يدخل ضمن أطرها .. فثقافة الهنود تحتوي علي الوعاء الديني لدياناتهم المختلفة، وكذلك ثقافة الصينيين، وكذلك العرب. فإذا جاء الدين بمفهوم جديد كضرورة ختان الذكور، وضرورة الطهارة بعد المعاشرة الزوجية والأعياد الدينية، فإن هذه الشعوب تحتوي علي الأطر الدينية داخل ثقافتها وتغير من أسلوبها في التعامل مع هذه الأشياء، فرأينا القبائل الأفريقية التي كان بعضها لا يسمح بالإستحمام فترات طويلة من الزمن تحرص علي الإستحمام تمشياً مع تعاليم الدين..
ورأينا الشعوب الإسلامية تحتفل بالأعياد الدينية، كعيد الفطر والأضحي وشهر رمضان، والمواسم الدينية مثل رحلة الإسراء والمعراج والنصف من شعبان وعاشوراء، وتضيف هذه المناسبات لمخزونها الثقافي، لأن الشعوب تختلف في ثقافاتها عن بعضها البعض، لذلك رأيناهم يدخلون هذه الأطر الدينية الجديدة في ثقافتهم الخاصة بهم، فرأينا الأفارقة يحتفلون برمضان بطريقة مختلفة عن احتفال الأندونيسيين أو الباكستانيين أو العرب.
ولقد رأيت بعيني كيف أن أهل " غينيا " يغنون القرآن مع الموسيقي قبل صلاة العشاء، ورغم أن هذا مخالف للقواعد الدينية إلا أن أهل " غينيا " و" غرب أفريقيا " عموماً يفعلون ذلك من خلال الأطر الثقافية التي يملكونها، ورأينا الطعام الذي يتناوله العرب في هذه المناسبات يختلف عما يتناوله السودانيون أو المصريون أو اللبنانيون رغم توافر أصناف الطعام المشترك في كل هذه البلاد.
من هنا وجب التفرقة بين الدين وبين الثقافة .. فالدين الإسلامي لم يأت بثقافة إسلامية، ولكنه جاء بكتاب مرسل من عند الله سبحانه وتعالي وأتي بسنة صحيحة من رسوله الكريم قامت عليها علوم إسلامية للشرح والتفصيل مثل الفقة وأصول الدين والأحكام الشرعية من طلاق وميراث وغيرها.. وهذه العلوم لا يمكن أن نسميها ثقافة إسلامية، ذلك أن مفهوم الثقافة يختلف عن مفهوم العلم. إن تسمية هذه العلوم بالثقافة الإسلامية تسمية خاطئة خلطت الأوضاع، وقلبت الموازين وجعلت الناس تعتقد بضرورة الالتزام بكل ما كتبه السلف علي أنه ثقافة إسلامية - وهذا غير صحيح.
وبعـــــد..فإننا نخلص من هذا كله الي أن الإسلام عندما دخل أقطاراً جديدة غير الجزيرة العربية، فإنه لم يدخل هذه الأقطار كدين قرآن وسنة وعلوم إسلامية، وإنما دخل هذه الأقطار وهو يحمل معه ثقافة الشعوب العربية داخل الجزيرة العربية، وعاداتها وتقاليدها وفنها وتاريخها أو بمعني آخر. ثقافة شعوب الجزيرة العرب التي كان سكانها من البدو. سواء كانوا بدواً مقيمين في خيام، او بيوت بدائية من الطين. ولا يمكن لنا هنا أن نفرق بين الأعراب والعرب، فلم نعرف في الجزيرة العربية حرفه غير الرعي بكل أشكاله، رعي الماعز والأغنام والأبقار والإبل.
والتاريخ العربي لا نجد فية أية صنعه للعرب غير الرعي والتجارة المرتبطة بها. حتي صناعة السيوف كان يقوم بها قوم آخرون يعيشون داخل الجزيرة العربية ولما كان الربط جذرياً بين العرب كجنس، وبين حرفتهم، وهي الرعي يحدد لنا نوع الثقافة التي نشأت في أحضان هذه البيئة. ونستطيع أن نسميها ثقافة حزام الرعي، أو ثقافة البدو ونحن لا نجد اختلافاً كبيراً بين ثقافة العرب في الجزيرة العربية، وثقافة حزام الرعي في العالم كله.
فإذا نحن ألقينا نظرة علي خريطة العالم، وحددنا خطوط العرض سوف نجد أن حزام الرعي في العالم كله يبدأ تقريباً من 18 الي 35 شمالاً، ويشمل بذلك عالمنا الإسلامي شمال أفريقيا والجزيرة العربية والشام وتركيا، ثم إيران وأفغانستان وجنوب روسيا مثل طاجاكستان وترككستان وسمرقند وطقشد وباكستان وأجزاء من الهند وغيرها، وسوف نجد أن ان كل هذا القطاع يشتركون في ثقافة عامة واحدة بعيدة عن اللغة، وإذا أنت جلست في أحد مطاعم الرياض في العاصمة السعودية، فسوف نجد المطعم يمتلئ بعينات من هذه الشعوب.
وأول ما يلفت نظرك هو طريقة تناول الطعام، فكلهم يضع يده اليمني علي ركبته اليمني واليد اليسري في حالة استرخاء، وبينما يملأ يده اليمني بخليط من الأرز المخلوط باللحم والسلطة تقوم الأصابع بهرس هذا الخليط واليد ممدودة علي أخرها حتي إذا صار الخليط يابساً ألقاه في فمه.. فإذا قلنا أن الأكل باليد سنة، فما فعله رواد المطعم من تكوير الطعام، ووضع اليد علي ركبة القدم لم يرد في السنة فهذه إذن عادات وثقافة هذه الشعوب في تناول الطعام ولا نستطيع أن نعيب عليهم فذلك شأنهم، وهذه طريقتهم في تناول الطعام ويستوي في ذلك الأفغاني والسعودي والكويتي والتركستاني والباكستاني، ويمكن القول أن كل شعوب حزام الرعي تتفق الي حد كبير في ثقافتها لأن الطقس عندهم متشابه والأرض أيضاً وأسلوب المعيشة وحرفهم التي نشأوا عليها، وإن لم تكن نسخة طبق الأصل، فهناك بعض الخصوصية لكل شعب من الشعوب، لكن السمات العامة مشتركة وثابتة.
ومن هنا نستطيع الجزم بأن تلك الثقافة البدوية التي جاءت مع العرب الفاتحين لمصر والشام والعراق لا يمكن ربطها بالإسلام حتي تسير عليها الشعوب التي خضعت لسيطرة العرب، فمصر علي سبيل المثال ثقافتها زراعية، وكذلك العراق وجزء من الشام وتختلف ثقافات هذه البلدان التي ليست حتي لو حملت معها الدين وبذلك فمن جلباباً أبيض وغطرة وعقال ولسنا مجبرين علي معاملة المرأة وكأنها ماكينة جنسية فقط، كما في ثقافة حزام الرعي. إذن أليس من النازية أن تسيطر الثقافة العربية علي العجم ( مصر- الشام- العراق- والمغرب العربي) بدعوي أنها ثقافة إسلامية ..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن خلال حفل -شهر التراث اليهودي-: الحرب على غزة ليست -إبا


.. -الجمهورية الإسلامية في #إيران فرضت نفسها في الميدان وانتصرت




.. 232-Al-Baqarah


.. 233-Al-Baqarah




.. 235-Al-Baqarah