الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحولات المُعاصرة للمقدس في الغرب

محمد لفته محل

2011 / 6 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بدأ الاهتمام المنهجي بالظاهرة الدينية من منتصف القرن التاسع عشر على يد علماء الاجتماع والانتربولوجيا الذين انشغلوا بتفسيرها وتعريفها، وبسبب تنوع الظاهرة الدينية والإسقاطات الثقافية للباحثين اختلفت التعريفات والنظريات، فاختلفوا في تشخيص ديانات كثيرة لا توجد فيها آلهة نتيجة الاعتقاد الكلاسيكي بوجوب وجود الآلهة في كل دين؟ فتم إقصاء الديانات البدائية التي لا تتوجه لقوى مشخصة من الأديان، وطبق البعض المنهج التطوري معتبرا ديانته هي أرقى أشكال الأديان، وقسم البعض الديانات إلى ديانات شرك وديانات موحدة والى ديانات باطلة وديانات حقه، وديانات راقية وديانات منحطة، وُنظر البعض إلى الطوطمية كنظام اجتماعي وليس ديانة، وُصنفت البوذية من البعض الآخر كطريقة حياة! أما الأبحاث اللاحقة فقد تطورت وتوسعت وتعمقت في دراسة الدين حتى رصدت ظواهر دينية جديدة (فروجيه باستيد) يرى إن ما هو ديني في السابق هو غير ذلك الآن، إذ يأخذ إجلال النجوم مكان إجلال القديسين وتأخذ الميثولوجيات الجديدة التي تبثها وسائل الإعلام مكان الدعوات التي أطلقتها الكنائس القديمة) وثمة مذاهب دنيوية يشير إليها (اريك فروم) كتأليه الدولة أو الحزب أو الفرد، وهناك (ديانات مدنية) كالنازية والشيوعية يشخصها (رايمون ارون)، ويلاحظ (بيار سيرنو) الأبعاد الدينية للأيديولوجيات السياسية مسميها (ديانات سياسية)، أما (موران) فقد تكلم عن (ديانة النجوم) محلللا إن طبيعة الديانة المسيحية هي التي تهيئ الاستعداد النفسي لإجلال المشاهير، حتى اعتبر (دوركهايم) إن المفهوم العلمي الحديث للطاقة هو امتداد لفكرة (ألمانا) الطوطمية وإن الإنسان أصبح المقدس البديل لتوحيد المجتمع المعاصر.
وهكذا يمكن أن نرى تصورات مفتوحة للظاهرة الدينية في ظل غياب تعريف موحد بسبب تنوع الظاهرة الدينية، لهذا امتنع كثير من الباحثين من إبداء تعريف محدد للدين، متحدثين عن تعريفات ونظريات دينية، فتحول علم الاجتماع الديني إلى علم اجتماع الأديان، لأن لكل ديانة عالمها الخاص، وعلى الباحث التخصص في عالم دين ما، ونفى البعض حاجة بالانثروبولوجيا الدينية للنظريات بعد أن تراجع الاهتمام بالانثروبولوجيا النظرية، وأنكر البعض الآخر وجود شعور أو عاطفة دينية مستقلة وإنما هناك مواضيع وأشياء دينية اجتماعيا أو شخصيا تثير فينا مشاعر وعواطف طبيعية نسميها بالشعور والعاطفة الدينية، فالثنائي الاجتماعي (هوبير) و(موس) رفضا وجود شعور ديني خاص (فإذا تكلمنا عن مشاعر دينية فينبغي أن نتكلم عن مشاعر اقتصادية أو مشاعر تقنية فلكل نشاط اجتماعي شغفه ومشاعره العادية) ويشخص (جورج سيمل) مواضيع غير دينية تثير فينا مشاعر دينية (فعلاقة الطفل بوالديه والوطني بوطنه، والجندي المنضبط بجيشه، وعلاقة المهزوم بغازيه يمكن اعتبارها مشاعر دينية لأنها تتولد من عناصر عاطفية وهي التقوى الذي يولد الدين) وعالم النفس الأمريكي (وليم جيمس) تكلم عن المواضيع التي تثير فينا شتى العواطف المختلفة بحسب نوع الموضوع (ماذا نقول عن العاطفة الدينية التي يرمز إليها كثير من الكتب كما لو كانت أحد العناصر النفسية المحدودة؟ ألا نرى كيف يشبهها بعضهم بعاطفة الخضوع، ويشتقها آخر من الخوف، ويردها ثالث إلى الحياة الجنسية، ويضمها رابع إلى عاطفة اللانهاية؟ وهذا الخلط وحده كاف لينير في نفوسنا الشكوك. أتراهم يتكلمون عن شيء خاص محدود؟ فإذا قبلنا بأن نجعل هاتين اللفظتين:(العاطفة الدينية) كلمة مشتركة للدلالة على شتى العواطف التي تثيرها فينا الأشياء الدينية، غدا من الواضح لدينا أنهما قد لا تحتويان مطلقا على شيء له طبيعته الخاصة، من الوجهة النفسية. إنه يوجد حب ديني، وخوف ديني، ورعدة دينية، وفرح ديني، وهلم جرا. غير أن الحب الديني هو حب عادي منصرف إلى شيء ديني، والخوف الديني هو الخوف مضاف إليه فكرة العدل أللآلهي، والرعدة الدينية هي نفس الهزة الجسمية التي تنتابنا عند المساء، في قلب غابة مظلمة أو حرج ضيق، والفرق بينهما إن الهزة،في الحالة الأولى، تنتابنا بالعالم الآخر.وكذلك الأمر في سائر العواطف التي لها نصيب في حياتنا الدينية.غير أننا إذا اعتبرنا التأثيرات الدينية كأحوال شعورية حقيقية مؤلفة من عاطفة نضيف إليها موضوعا خاصا، استطعنا أن نميزها من غيرها من التأثيرات. ولا يوجد سبب يدعونا الى التسليم بوجود (تأثير ديني) مجرد بسيط له كيانه الخاص، كأنه عاطفة أصيلة مميزة تظهر في جميع التجارب الدينية دون أدنى شواذ).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغوطة السورية .. قصة بحث عن العدالة لم تنته بعد ! • فرانس 2


.. ترشح 14 شخصية للانتخابات الرئاسية المرتقبة في إيران نهاية ال




.. الكويت.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصب


.. حماس ترحب بمقترح بايدن لإنهاء الحرب.. وحكومة نتنياهو تشترط|




.. الجبهة اللبنانية الإسرائيلية.. مزيد من التصعيد أو اتفاق دبلو