الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التربية والتعليم حصاد للمعرفة أم المؤهلات ؟

شمسان دبوان سعيد

2011 / 6 / 23
التربية والتعليم والبحث العلمي


يصل الإنسان إلى طريق مسدود عندما ينحرف عن الهدف الذي أتى من اجله ، وهذا ما ذكره القران قبل أربعة عشر قرنا من الزمان . ما أجمل أن يتعلم الإنسان ويسخر علمه ومعارفه في خدمة الإنسانية والعيش بسلام . ما أصعب أن يتعلم الإنسان كيف يقضي على أخوه الإنسان فالعلم مقاصده كثيرة ونتائجه ايجابية وسلبية . لكن الأغرب من ذلك أن يتعلم لغرض الحصول على وظيفة .
يذهب إلى المدرسة كل يوم يحمل حقيبة ممتلئة بالكتب والأقلام والقرطاسية ، يصل إلى المدرسة ليقضي أوقات الفراغ فقط لاغير ، دقائق في طابور الصباح يتلوها ساعات داخل الفصول الدراسية . يتلقى دروسا في مختلف المواد الدراسية لكنه سرعان ما يرمي ما تعلمه في صندوق المهملات الموجود على جانب الباب من الداخل ؟ . وفي اليوم التالي يتكرر المشهد ومشاهد أخرى يستعد الطالب لأخذ عقوبة عدم كتابة الواجب المنزلي وهكذا تستمر الدائرة كل يوم . يدخل مدرس التربية الإسلامية ويشرح درسا عن السرقة ... ليغادر الفصل الدراسي وقد فقد تلفونه ؟ يشرح درسا عن الحوار وأساسيات التعامل مع الآخرين ليرى ثمرة جهده على الطريق وقد شاهد طلابه يتبادلون التحايا بالشتائم ؟ وهكذا تمر الأيام دون أن نتعلم لأجل العلم . ولكن ننتظر الخلاص والحصول على وظيفة .
من العيب جدا أن نتنقل في المراحل الدراسية حتى نصل إلى مرحلة الجامعة لنجد أنفسنا أمام عقبة كبيرة لاختيار التخصص الذي نرغب دراسته . من العيب جدا أن يزاحم الطالب في طابور التسجيل في الكلية ويهتف بأعلى صوته أريد ادرس كمبيوتر وهي في القسم الأدبي ؟ حتى وصل البعض إلى صلاة الظهر جهرا أربع ركعات ، لا نعرف شيئا عن صلاة الخسوف والكسوف والغائب بل سماها احد الطلاب بالصلاة الجديدة التي لم يرى فيها ركوع؟! . أننا في أمس الحاجة إلى استيعاب ما تعلمناه في المدرسة . وان نتعلم لأجل العلم لا لأجل الوظيفة ولا لأجل المؤهلات الدراسية .
توصلنا إلى مواقف محرجة في الحياة العملية شعرت بالندم بعدها على سنين قضيتها في الكلية والمدرسة هباء منثورا . قررت أن أعيد الدراسة من جديد ، ندمت على الثمار التي حصدتها على مر سنين . ليتني احتفظ ولو بجزء بسيط مما درست في المدرسة أو الجامعة ، ليتني تسلقت الأسوار وقررا يوما ما الفرار من الفصول الدراسية والتحقت بالحياة العملية وبنيت مستقبلي واعتمدت على كد يدي . العديد من الزملاء اتخذوا قرارات صعبة جدا وقرروا العزوف عن الدراسة وأقاموا مشاريعهم الخاصة ونحن مازلنا متمسكين بمبدأ العلم والتعليم في بلد لا يثمن قيمته ولا يعير له أي اعتبار يذكر ، بل أصبح المدرس عيبا يشار إليه بالبنان بالاستحقار والازدراء فالمجتمع لا يزوج المدرسين والشباب لا يتزوجون الطبيبات والعاملات في القطاع المختلط والجامعيات ؟ في السطور التالية دعني أفصح عما لاقيته من عواقب وخيمة جراء تلك الإهمال والاستفادة من سنوات العلم والتعليم .
قررت أن ادرس اللغة الانكليزية على مدى أربع سنين في الجامعة ، لا لأنني أحب اللغة الانكليزية ولكن لان هذه اللغة مستقبلها جيد ومطلوبة في مختلف الوظائف وان كانت تلك الوظائف لا تحتاج اللغة إطلاقا ، لكنها صارت بندا بارزا في التقدم إلى أي وظيفة في القطاع الخاص . من جهة أخرى كان سبب اختيار اللغة الانكليزية كمادتي المفضلة وذلك بسبب سهولة الانتساب في الجامعة فأوفق بين الدراسة والعمل على حد سواء ، والسبب الثالث يرجع إلى أن كافة الزملاء قرروا دراسة اللغة الانكليزية – فقلت وأنا واحد منهم ؟ أعذار كانت أقبح من الذنب الذي ارتكبته في هذا الاختيار . أربع سنوات لم اعرف يوما أن استمعت لشريط لأتعلم اللغة كما ينطقها أهلها . تعلمنا محاضرات نظرية في مادة الاستماع من مدرس عراقي الجنسية ناهز عمره على الثمانين عاما لا تجد معظم الحروف الانكليزية مخارج منه – مع احترامي الشديد لكل الأساتذة الأعزاء – وهذا ما جعلني أجيب على أسئلة الاستماع قبل أن استمع إلى الشريط المسجل عندما تقدمت إلى اختبار تحديد مستوى لدراسة التوفل ؟! وبالنسبة للقراءة والكتابة فقد تعلمنا دورات على يد مدرس فلسطيني الجنسية لا يعرف أي طريقة من طرق التدريس سوى مهارات الرسوب الجماعي ؟! مدرسين آخرين تعاملوا معنا ليس كقادة للأجيال وإنما كأطفال متمردين لم نسلم من أساليب العنف والتوبيخ إلا استخدام العصا كما مر علينا في المدرسة ؟ أما بالنسبة للأدب الانكليزي فحدّث ولا حرج ، منذ افتتاح الكلية ونحن نتلقى تدريس الأدب من قبل مدرس هندي ناهز عمره على الثمانين عاما . لا نستطيع القول انه مقصر في مادته لكننا لا نفرق بين نطقه للانكليزية والهندية ؟! لكن النجاح كان مضمونا بسبب المنهج الثابت في الاختبار وهو عبارة عن ملخص لما تم دراسته في فترة الترم يحفظ عن ظهر قلب ويكتب كما حفظ فكان النجاح في مادة الأدب الانكليزي من أفضل المواد وأكثرها تقديرا ..... أضف إلى ذلك أن عمادة الكلية كانت تتبع سياسات ، الرسوب أكثر – الربح أكثر " ومن يرسب في أي مادة عليه أن يدفع مبلغ مقابل إعادة الاختبار مرة أخرى في دور أخر ؟ سياسات ومرحلة إعداد فاشلة بكل ما تحمله الكلمة من معاني الفشل . لكن هناك بعض الطلاب الذين لم يعتمدوا على المهارات والدروس والمحاضرات الجامعية ولكنهم طوروا من مهاراتهم وقدراتهم وصمموا أن يكونوا متفوقين رغم فشل العملية التربوية في البلاد . معظم الخريجين من الجامعات اليمنية وجامعة صنعاء على وجه الخصوص لم تقبل شهادتهم الجامعية أمام دبلوم من المعهد الأمريكي "يالي" .
بالأخير لست اسخر من قدراتي ومهاراتي في التعلم ولكن أردت التوضيح أن الجامعة أو المدرسة لم تعد كافية لإعداد الفرد الإعداد الجيد ولكن على الفرد أن يبذل أقصى جهده للوصول إلى الهدف ، فما هو الهدف من حصول طالب على درجة البكالوريوس في ماد القران الكريم وعلومه وهو لا يجيد القراءة بصورة صحيحة؟ وكيف تعدى هذه المراحل منذ البداية ؟ وكيف قرر أن يلغي مادة التجويد من علوم القران بحجة أن التجويد لم يكن موجودا زمن الرسول (ص)؟! إذن الفرد هو من يصنع نجاحه بجهوده الفردية بالإضافة إلى المنهج . فهناك العديد من الطلاب الذين وصلوا إلى غاية هدفهم .
نحن بحاجة ماسة إلى إعادة اعتبار للمنهج الذي تعلمناه في المدرسة والجامعة كجزء لا يتجزأ من أهداف العلم والتعليم والتربية ، بحاجة إلى الاستفادة من خبرات الآخرين وإبداعاتهم و جهودهم الفردية في سبيل تحقيق النجاح والتفوق . تمنياتي لكم بالتوفيق والنجاح .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما حك جلدك مثل ظفرك
مصطفى الشرعبي ( 2011 / 8 / 14 - 21:22 )

اولا اشكرك اخي شمسان على الطرح الممتاز ....... لكن الحقيقة انت تعرف جيدا واعتقد انك اكثر الطلاب بهذة المعرفة ان ما تقدمه الجامعه لا يفيدك كليا في حياتك العملية وهذا ما لاحظناه عنك ....... فمن الافضل للفرد ان يتعلم بكد نفسه ولا ينتظر الجامعات ودروها وان كنت تدرس في الجامعة مثلا فليس بالضرورة ان تتقيد بمنهج الجامعة ولكن عليك المطالعة اكثر واكثر حتى تحقيق الهدف .... وهذا ما لمسناه عنك ..... اتمنى لك التوفيق

اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر