الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطيون السوريون في قطار الإخوان...!؟

جهاد نصره

2011 / 6 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عن أية ديمقراطية يتحدث فطاحل ( الثورة ) السورية من المثقفين والكتاب والمنظِّرين وجلّهم حجزوا مقاعد في الدرجة السياحية في قطار الإسلاميين هذا إذا لم تكن الديمقراطية التي يتحدثون عنها مجرَّد إنشاء سياسي جذاب يعكس نزوعاً وصولياً ليس إلا...؟ من المؤكد أن معظم هؤلاء قد لا يعرفون أن غالبية العلمانيين الديمقراطيين وجماهير الأقليات المذهبية يتحضرون للانتفاض في الشوارع والساحات إذا ما أتيح لمثل هذه ( السيوف قراطية ) معانقة الأعناق لكنها شهوة تسلق سلم السلطة التي تعمي البصر فيتجاهل صاحبه تجارب البلدان الجارة التي تماثل بنية المجتمع السوري تركيبة مجتمعاتها على كل صعيد..! لقد بات معلوماً للقاصي قبل الداني أن منسوب التمدن في العراق مثلاً تراجع بعد أن أسقط النظام بفعل العامل الخارجي إلى أدنى الدرجات فمن الذي ينكر اليوم عودة العراق إلى زمن صراعات العشائر والقبائل والطوائف..؟ أما في التجربة المصرية الطازجة فيسجل للثورة جلابة الديمقراطية السياسية الصندوقية تمكين الإخوان المسلمين من الاستفراد بالشعب المصري عن بكرة ابيه..! في تونس أصبح مجرَّد الحفاظ على مكتسبات التمدن المحدودة هماً لدى غالبية الشعب التونسي وخصوصاً النساء..! نعم حين تكون النوازع الشخصية والثأرية السياسية هي بوصلة منظِّري الديمقراطية الصندوقية فإنه من غير المنتظر أن يلتفتوا إلى الأوضاع التي آلت إليها بعض بلدان العرب على أن ينحصر اهتمامهم وأحاديثهم عن الديمقراطية السياسية فهنا ينتصب سلم السلطة ولا يغيِّر في الأمر حقيقة أن الإسلاميين وحدهم الذين يديرون المظاهرات ولم يحدث أن استشار واحدٌ من المتظاهرين جناب هذا الكاتب المنظِّر أم ذاك الشاعر فالتوجيهات والتعليمات والأوامر سلفية إخوانية مشيخية بالجملة والمفرق...!
نعم يتجاهل معظم فلاسفة الانتفاضات العربية الوقائع والنتائج والحقائق التي لا لبس فيها والتي كشفت عنها الأوضاع التي صارت عليها الدول التي سقطت فيها نظم الحكم إنه لمن المخزي ثقافياً أن معظم هؤلاء لا زالوا يكتبون مواعظهم ويعيدون إنتاجها من دون وازع عقل يملي عليهم التوقف للتأمل والمراجعة عسى أن يلحظو أولوية الديمقراطية المعرفية على السياسية وفي ذلك تختلف عدة الشغل وتتراجع شهوة السلطة وركوب القطارات..! لقد كشفت الاصطفافات السياسية عن أن عدداً محدوداً من هؤلاء المنظِّرين ( زمط ) جدياً من المفاعيل التي يخلِّفها الموروث والهجمة الشرسة التي طالت ـ أدونيس ـ مؤخراً تدلل على ذلك وقد كشف وضوح المشهد على أن معظم نخبة التنظير الثوري لا زالوا أسرى الموروث المقدس بهذا الشكل أم ذاك حتى أنه قد يصح القول إنه لكلٍ منهم ولي فقيه مستتر أو ظاهر فالشيعة لم يحتكروا هذه الإقنومة وحدهم فصار لدى مختلف الجماعات والأفراد أولياء فقيه كما هو حال ماركس عند الشيوعيين وعبد الناصر عند الناصريين وحافظ الأسد عند البعثيين وهكذا هو الأمر عند الآخرين جماعات منظمة وحالات فردية مفكِّرة كحال الذين ينتجون هذه الأيام إنشاء ( الثورة ) المتوهمة وإلا كيف لم يجد معظمهم في مظاهرات السوريين ما يستوجب النقد أو حتى الامتعاض فكل الثورات في قاموس هؤلاء مقدسة ولم لا طالما أن العرب أمة القداسة بامتياز..! إن العقم في السياسة والانفتاح مرده إلى غلبة هذا الفكر وهيمنة ثقافة التقديس حتى صار يصعب تلمس فوارق جدية وتمايزات حقيقية بين أصحاب اللحى من مشايخ وخطباء ودعاة وبين المنظِّرين والشعراء والكتاب في الوقت الذي يعلو فيه الصراخ عن الحداثة والمدنية والديمقراطية وكأنه بالإمكان دمقرطة المجتمع بمجرد سقوط نظام الحكم...!؟
ولأن الحديث عن الديمقراطية المعرفية واستحالة الديمقراطية السياسية من دون العلمنة يتسبب بخسارة المقاعد المحجوزة في القطار الإخواني لم يعمد أحد إلى تذكير الإخوان بأن العلمانية هي التي أتاحت لراعي ( الثورة ) السورية الحاج ـ اردوغان ـ الذي يحترم حزبه الدستور العلماني فرصة تشكيل الحكومة التركية..! لقد أدرك الجنرال ـ أتاتورك ـ منذ عشرينات القرن الماضي استحالة تحديث ودمقرطة تركيا من دون العلمنة فبادر إلى فصل الدولة عن الأديان ملغياً وزارة الأوقاف وكافة المحاكم الشرعية ومنع المدارس الدينية الرسمية ومن يومها حافظ الأتراك على أديانهم وعلى هوياتهم المذهبية وربحوا الديمقراطية والمدنية والحداثة.
طيب طالما أن المجتمع السوري لا يزال قابل للانفلاش والاحتراب الطائفي كما بان مؤخراً شأنه في ذلك شأن المجتمعات العربية الأخرى فهل يكشف مسار الحراك الراهن عن أية إمكانية لوصول قوى طامحة وراغبة وقادرة على العبور بسورية نحو ديمقراطية حقيقية...؟ وكيف سيحصل ذلك فيما غالبية الأطراف والجهات والأفراد المتحمسين لإسقاط السلطة يرتعون في معين الإسلاميين وثقافتهم هل حدث وأن ساوم جهابذة التنظير الديمقراطي جماعة الإخوان المسلمين على فداحة تمسكهم بالشريعة الإسلامية كمرجعية وحيدة أو لفتوا أنظارهم إلى حزب العدالة التركي وإقراره بالعلمنة..؟ لا شك في أن وصول قطار الإخوان ـ مع استحالة هذا الأمر ـ سيعني بالضرورة انحدار منسوب التمدن الذي ارتقت إليه حياة السوريين الاجتماعية إلى أدنى الدرجات إن هذا المنسوب كنزٌ ثمين لا يمكن للعقلاء السوريين التفريط به...! وعليه البناء فقد أصبح لازماً أن لا يترك الملعب السوري لدعاة الأسلمة وحلفائهم النخبويين ففي سورية عشرات الآلاف من الأكاديميين الأكفاء ومئات الآلاف من المحامين والمهندسين والمعلمين والإعلاميين المهتمين والمعنيين بالشأن السوري العام والملعب السوري صار كما يبدو يتسع للجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah