الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحضارة في الذاكرة الاجتماعية

جنبلاط الغرابي

2011 / 6 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



قد اشرت في بحث سابق الى وجود بنية فكرية شعورية في المجتمع,وقد اطلقت عليها تسمية(الذاكرة الاجتماعية),اما تعريف هذه الذاكرة فيتجسد من خلال الدور الوظيفي الذي تقوم به.فهي عبارة عن موسوعة تحتضن جميع ما يمتلكه المجتمع من تراث وتقاليد واعراف ودين,وهذه المكانة تعطيها الاولوية لتكون مرجع الاسناد الذي يرتكز عليه المجتمع ويسير ضمن سياقاته,خصوصا في حال وجود حالة تثاقف من الخارج.من هنا كان عمل هذه الذاكرة الحفاظ على بنى المجتمع الثقافية من الانتفاء او التغيير.فكما ان غرائز الانسان تعمل على حفظ النوع واستمراريته,تعمل الذاكرة الاجتماعية على حفظ ثقافة المجتمع وتميزه ولكن بنحو اكتسابي,بمعنى اخر,ان هذه الذاكرة تولدت وبرزت اثناء التجارب الحياتية لتكون الهوية الخاصة للمجتمع,ومن جهة اخرى تشكل دعامة اساسية وموضعا للاطمئنان من حيث امتلاك القيمة الوجودية التي يتنافس حولها الافراد والشعوب.نستطيع ان ندرك الان اهمية هذه الذاكرة,وذلك من خلال الدور المزدوج الذي تمارسه في النشاط النفسي الاجتماعي.حيث ان حاجة الانتماء والتميز التي تفرضها الطبيعة الحياتية تقوم بتحفيز افراد المجتمع على الالتزام بما تطرحه الذاكرة من وجه ايجابي.وبواسطة هذا البعد النفسي يمكننا استغلال فاعلية التأثير الحضاري على السلوك الاجتماعي كموجه للامتداد والسير بالنحو السليم .فان الشعوب والمجتمعات التي نال تاريخها رفعة الحضارة والتقدم نجدها اليوم تستخدم هذا التاريخ لخدمة الحاضر والمستقبل.ولا نبالغ حين نقول بان المجتمع العراقي كان اقلها حظا في هذا المجال,وذلك يعود الى جملة من الاسباب,كان اهمها,السلطات القمعية والاستبدادية التي حكمت العراق منذ زمن ليس بالقريب,وقيامها بابعاد الفرد عن نشاطه الثقافي,نخص بذلك ما يميز حضارته العريقة,لدرجة ان الكثير من ابناء المجتمع لم يطلعوا او يسمعوا شيئا عن الحضارة السومرية والبابلية الا بعد سرقة متاحف الاثار في عموم العراق.في حين الذاكرة الاجتماعية كانت تعمل كمرجع للمسلك الاخلاقي والديني,ولم تعد تحمل المفهوم الحضاري كما سبق.وان فرضنا وجوده فلا يعد امرا مهما, بسبب الصعوبات التي اجبرت الفرد على ان ينشغل بامور اهم.اذ ان القارئ المسكين الذي عاش فترة الحصار الاقتصادي قد وصل به الحال الى بيع كتبه للحصول على لقمة العيش.ومن جهة اخرى لم تساعد الطبيعة النقدية التي يتصف بها الفرد العراقي على قولبة الفكر الحضاري واخضاعه لهيمنة الذاكرة,ونعتقد ان لهذا الامر سببين مهمين,الاول,دخول ثقافات غريبة عن جغرافيا العراق,هذا الذي اسس الى ضياع نسبة كبيرة من المفاهيم الحضارية,والثاني,ما يشكله التاريخ الحضاري من محور علمي,وتبعا لذلك فهو بعيد الى حد ما عن الطرح او التناول الفكري داخل المجتمع,خلاف الاخلاق والدين التي يتكرر تناولها بحكم الخوف والتملص من الانتقاص.نفهم الان وعن طريق هذه المعطيات بان تفعيل النشاط الحضاري داخل مجال الذاكرة في هكذا ظرف يحتاج الى دور اعلامي من اجل صياغة فكرية مركزية.نضيف الى ذلك بان العودة نحو هذا النسق لا تمثل تراجعا فكريا وانما هي عملية استجماع المتشظي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل


.. السيناتور ساندرز: حان الوقت لإعادة التفكير في قرار دعم أمريك




.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال