الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلاميون والعسكر

محمد سيد رصاص

2011 / 6 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كان في الصف الأول من جنازة الرئيس الباكستاني الجنرال ضياء الحق،في شهر آب1988،وزير الخارجية الأميركي جورج شولتز،والقادة الكبار للجيش الباكستاني،وقيادي التنظيم الاسلامي الباكستاني المتشدد:"الجماعة الاسلامية" القاضي حسين أحمد،والمهندس قلب الدين حكمتيار زعيم "الحزب الاسلامي" الذي كان أبرز تنظيمات(المجاهدين الأفغان)ضد السوفيات منذ غزو عام1979:مثَل هؤلاء المنتصرون في حرب أفغانستان،الذين كانت حلقة الوصل بينهم،لعقد سبق من الزمن،هو الجنرال الباكستاني الذي لاقى مصرعه في حادث طائرة كان يستقلها أيضاً السفير الأميركي في اسلام آباد.
انفرط عقد هذا الرباعي عقب انتهاء الحرب الباردة في خريف1989مع انهيار(الكتلة الشرقية)،عندما انتفت المبررات السوفياتية للتحالف بين واشنطن والحركة الاسلامية العالمية،وهو ماأدى إلى توزع عواطف ومواقع الجنرالات الباكستانيين بين واشنطن وحلفائهم الاسلاميين في باكستان وأفغانستان،إلى أن حسم الجنرال برويز مشرَف هذا التردد لصالح واشنطن بعد أيام قليلة من(11أيلول2001)بعد أن وضع مصير باكستان في ميزان هاتين الكفتين،وهو ماأدى لعقد لاحق من الزمن إلى استعار حرب سياسية بين المؤسسة العسكرية الباكستانية والاسلاميين،قبل أن تأخذ شكلاً عسكرياً في عام 2007منذ حادثة(المسجد الأحمر)،ليعلن هذا عن انتهاء مرحلة تحالف بين الجنرالات الباكستانيين والاسلاميين أوصل ذوالفقار علي بوتو إلى المشنقة في عام1979عقب سنتين من انقلاب الجنرال ضياء الحق،وكانت له مساهمة كبرى،تحت رعاية واشنطن والرياض،في تقرير مصير محطة حاسمة من مجابهات الحرب الباردة داخل بلاد الأفغان.
بانت مفاعيل انفراط تحالف الولايات المتحدة والحركة الاسلامية العالمية لماواجه النظام الاسلامي الجديد في السودان،عقب انقلاب30حزيران1989،جداراً أميركياً مسدوداً ،جعلت وضع الدكتور حسن الترابي مع الفريق عمر البشير مختلفاً عند واشنطن عماكان عليه الترابي مع اللواء النميري في فترة تحالفهما بين عامي1977-1985لماكانا عماداً لاستراتيجية واشنطن ضد حليف موسكو الكولونيل هيلا ميريام في أديس أبابا والذي كان الداعم الأكبر لتمرد العقيد جون غارانغ في جنوب السودان منذ شهر أيار1983: في جزائر مابعد انقلاب11كانون ثاني1992،المدعوم فرنسياً ضد الاسلاميين،ترددت واشنطن قليلاً بين العسكر والاسلاميين لاعتبارات تتعلق بصراعها مع باريس على شمال افريقيا،قبل أن تختار صف الجنرالات،في سياق متصل لدعمها حليفها في تونس الجنرال بن علي الذي كان في حالة قمع شديد للاسلاميين،حاله حال حليفها المصري حسني مبارك.
هنا،كان انتفاء أوضاع الحرب الباردة مؤدياً إلى انتهاء مشهد تحالف الجنرال ضياء الحق مع أبوالأعلى المودودي(توفي في عام1979)،مؤسس "الجماعة الاسلامية"الباكستانية والذي هو واضع نظرية(الحاكمية)التي مارست تأثيراً كبيراً على سيد قطب في كتابه التأسيسي للتيار الجهادي الاسلامي:"معالم في الطريق"(1964)، وإلى التأسيس لمجابهات بين الجنرالات والاسلاميين رأينا مسارحها العنيفة في القاهرة وتونس والجزائر ثم اسلام آباد،الشيء الذي ربما،مع دعم واشنطن للعسكر ضد الاسلاميين، كان هو المشهد الخلفي الذي أتاح المجال المناسب لانطلاق عمليات تنظيم"قاعدة الجهاد"(أسسَه في شباط1998 ابن لادن والظواهري من اتحاد "القاعدة"و"تنظيم الجهاد الاسلامي")التي بدأت ضد السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا في آب1998،انطلاقاً من نظرية ابن لادن حول التركيز على ضرب"رأس الأفعى"(=حسب رأيه هي واشنطن) من دون بطنها(=اسرائيل)أوأذيالها(=الأنظمة في العالم الاسلامي).
في يوم الثلاثاء1شباط2011نشرت صحيفة "نيويورك تايمز"الكلام التالي،بعد حوالي ثلاثة أسابيع من سقوط حكم بن علي في تونس وبعد تحركات شعبية لأسبوع كان من الواضح منها قرب انتهاء حكم حسني مبارك في القاهرة:"أبلغ الطاقم الممثل للبيت الأبيض في اجتماع تقويمي جرى قبل يومين لمجلس الأمن القومي الأميركي،الذي يضم أيضاً ممثلي البنتاغون والخارجية ووكالات الاستخبارات،أنه من غير المستبعد قيام علاقة مع الاخوان المسلمين كجزء من مسار نظامي للأمور،وأن السياسة المصرية تحتاج لأن تضم أحزاباً غير علمانية":خلال خمسة أشهر تونسية وضح مقدار التلاقي بين قطبي الحياة السياسية هناك ،أي الجنرال رشيد عمار والسيد راشد الغنوشي،فيماوضح من عملية الاستفتاء على تعديلات الدستور الصري مقدار التحالف بين "المجلس العسكري"و"الاخوان المسلمين"قبل أن يتكرس الانشقاق والتباعد بين الأخيرين وباقي المعارضين السابقين لنظام مبارك لمانأى "الاخوان"بأنفسهم عن المشاركة في مظاهرة شهر أيار التي نظمها هؤلاء بميدان التحرير ضد"المجلس العسكري". في بنغازي يشكل الاسلاميون واللواء عبد الفتاح يونس العصب المحرِك ل"المجلس الانتقالي"،وهناك معادلة بديلة لعلي عبدالله صالح تتشكل الآن في صنعاء كذلك بين الضباط المنشقين بزعامة اللواء علي محسن صالح الأحمر وبين أحزاب"اللقاء المشترك"الذي يشكل الاسلاميون عصبه الرئيسي تحت يافطة "مبادرة مجلس التعاون الخليجي"المدعومة من واشنطن،وربما كانت"قذيفة المسجد"تدشيناً تنفيذياً لذلك بعد أن وقف عبد الله صالح بتسويفاته ومناوراته عائقاً أمام ذلك لشهر خلى،وهناك الكثير من المؤشرات التركية على سعي رجب طيب أردوغان إلى معادلة بين النظام القائم في دمشق وبين الاسلاميين تكون على طراز ماهو قائم بين"المجلس العسكري"و"الاخوان"في القاهرة،والتي هي تشبه المعادلة القائمة بين العسكر الأتراك وحزب أردوغان.
السؤال الآن:هل عودة واشنطن إلى معادلة(الاسلاميون والعسكر)هي العنوان لنموذج المنطقة القادم بعد اتضاح غروب وقرب انتهاء نموذج عربي بدأ في صباح يوم23يوليو1952بالقاهرة ،قبل أن يتعمم عربياً ،قام على ثالوث(الجيش- الحزب الحاكم-أجهزة الأمن)ثم ليتربع هذا الثالوث مع انضمام رجال الأعمال إليه خلال العقد الماضي؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مالفائدة من ذلك ؟
وليد مهدي ( 2011 / 6 / 26 - 10:27 )
يمكن سيدي الكريم التوسع في الموضوع بدراسة امكانية تحقق ذلك فعليا

عبر فهم المنفعة التي يمكن ان تتوخاها الولايات المتحدة من هذه الاحزاب الدينية في ظلال ثورات لا تحمل اي طابع ايديولوجي

هل تجازف اميركا باعادة التاريخ للخلف وتعطي الإسلاميين فرصة تاريخية وتنقذهم من الإندثار ؟

شدة التنظيم في الجماعات الإسلامية لا يعني باية حال إنها ستنجح في قيادة العالم الإسلامي وشبابه الثوري الجديد من ابناء هذا الجيل
فهل إن لجوء الولايات المتحدة لهذه المعادلة - الاسلاميون _ العسكر - لو كان صحيحا هو لجوء خاطئ ينم عن تخبط سياسي سيضر بمصالحها وسيفضح الجماعات هذه بالوقت نفسه

؟؟

ام هو مناورة امريكية ماكرة مقصودة ترمي إلى هدف السيطرة المطلقة على المنظومات السياسية القادمة وإطلاق رصاصة الرحمة على الأصوليات في هذه البلدان ؟


2 - سورية
فهيم شريقي ( 2011 / 6 / 26 - 21:54 )
ماحجم الحركات الاسلامية في الشارع السوري .ام هناك تيارات اسلامية مختلفة بتوجهاتها عن حركة اسلامين في الثمانينيات .وهل لها دور في مؤتمر الشيراتون


3 - الامام المشير - 1
Hany Shaker ( 2011 / 6 / 27 - 04:56 )


انتهت الثورة وبدأ العد التنازلى لظلام بارد وليل طويل ستمر فيه مصر باحلك اوقاتها منذ عصر المماليك. لا يمكن اتهام المجلس العسكرى او تحميله المسؤلية عما اوصلنا للظرف الحالى. هم الان حلقة مفصليه فى دورة التاريخ الذى لا نقرؤه وان قرأناه لا نفهمه وان فهمناه لا نصدقه مفضلين دفن رؤسنا فى الرمال. منذ حوالى قرنين هيأ الله لمصر فرصه للنهوض و الترقى. ونحن اهدرنا الفرصه. مر على حكم مصر شرفاء ولصوص. نبلاء و اوغاد. باذلين و افاقين. بناء و مخربون. الاسماء لا تهم و الاحداث مرت. لكن اخر من حكم مصر مسؤل عن اكبر كمية من التدمير. لذلك سيحكمنا العسكر و الاجانب مائة سنه اخرى - اخطر تركه لمبارك ونظامه هو مصر المفككه و حال وحجم الجمهوريه الرابعه التى تركها. خلال السنين الاخيره لحكم مبارك بدت مصر وكانها مكونه من اربعة طبقات او جمهوريات. فى اعلاها يقبع الرئيس المخلوع فى طبقه من مائة شخص يضمون اسرته و اعوانه القربين و رجال اعمال هم قمه فى الفساد. ثرواتهم خياليه و دخل بعضهم يراوح المليون جنيه يوميا. شخص او اثنين من هذه الطبقه ما زالوا فى اماكن سلطتهم وهم الحكام الفعليين لمصر اليوم و العشر سنوات القادمه.


4 - الامام المشير - 2
Hany Shaker ( 2011 / 6 / 27 - 04:57 )

بعدها تاتي الطبقه الثانيه , الجمهورية الثانيه , وتتكون من خمسة ملايين من المصريين تصل مداخيلهم الى مليون جنيه فى السنه للاسره وهم معدودين كقوه شرائيه جباره تضاهى الطبقات العليا فى امريكا و اوروبا. هولاء يكسبون رزقهم بالحلال او بالحرام او كليهما. مثلا ميزانية وزارة الداخليه الاخيره كانت سبع مليارات جنيه فى حين وصل استهلاك المخدرات الى ثمانية و عشرين مليار جنيه العام الماضى. الجمهوريه الثانيه حاضره بقوه فى الاستهلاك المسرف التافه و الاعلانات الاستفزازيه المرافقه له و الشئ لزوم الشئ. للامانه اثبت شباب هذه الطبقه انهم اكثر رشدا ووطنيه من ابائهم و حركوا ثورة مصر. الطبقة الثالثه , الجمهوريه الثالثه , تتكون من حوالى عشرة ملايين مواطن معظمهم شرفاء وطنيين هم عصب الاقتصاد الصحى غير الطفييلى. هم التجار و الصناع الذين استحقوا لقب المستورين فى مسمياتنا. دخل الفرد فى هذه الطبقه حوالى الف جنيه فى الشهر.


5 - الامام المشير - 3
Hany Shaker ( 2011 / 6 / 27 - 04:58 )

اخطر ما تركه لنا حسنى مبارك و نظامه الفاسد هو الطبقه الرابعه او الجمهوريه الرابعة . خمس وسبعين مليون نسمه من المعدمين سيئوا الصحة و التغذيه يعيش تسعة اعشارهم فى العشوائيات و العشر الباقى فى الشوارع. هذه هى جريمة مبارك الحقيقة و خيانة اكبر من بيع مصر للاعداء و اكبر من نهب خزينه الدوله. متوسط دخل الفرد فى الجمهوريه الرابعه هو الف جنيه فى السنه كلها . حياتهم ومعيشتهم اقل او ادنى من حياة حصان من خيل الاهرامات او ابقار الحقل. كل اناثهم اميين وكذلك تسعة اعشار ذكورهم. دخل الفرد منهم فى عشر سنوات يوازى سرقات مبارك الشخصيه فى دقيقه واحده. بسببهم لا يحتاج اعداء مصر شن اى حروب اما اصدقاء مصر فعندهم معين لا ينضب من صغار الزوجات. بسبب اعداد و حجم الجمهوريه الرابعه ستتكرر غزوات الصناديق و سيحكمنا العسكر مائة سنه اخرى. رئيس مصر القادم مواطن مصرى من الجمهورية , اقصد , الطبقه الاولى. لقبه ورتبته : الامام المشير !

اخر الافلام

.. 134-An-Nisa


.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم




.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس


.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي




.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س