الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صور من المعركة وضاع ابنك يا راعي

شذى احمد

2011 / 6 / 27
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات




(( عندما كنا مواطنين على درجة مرعوب كنا نعيش زمن الحرب. يعرضون لنا على شاشات التلفاز صورا لقتلى .كانت الصور صامتة . لا تقل لنا ولا نقل عنها شيئا كنا نحدق بها وهي تحمل عنوان صور من المعركة .. كانت معركة طويلة واحدة تدور في جبهات بعيدة.تحرقنا بشظاياها، وتخطف خيرة رجالنا... مضى زمانها وانتهت . كبرنا صرنا على درجة مذهول ولم يعد التلفاز يعرض علينا صورا صامتة لقتلى فحسب بل صارت تصاحبها كل الوسائل المساعدة من صراخ وعويل وتصريحات تعددت جبهاتها لكن غايتها ظلت واحدة تريد حياتنا. لتلقي بجثث أيامنا على قارعة العبث كل يوم ))



عالجت المواد من 127 إلى 195 من أقدم الشرائع التي سنت بالأرض بشؤون العائلة وحقوقها وعلاقات أفرادها فيما بينهم.سنها مشرع العراق والعالم القديم حمورابي. وأوصى بحفظها والعمل بأحكامها وإلا..

{... وإذا لم يتدبر ذلك الشخص كلماتي التي كتبتها على مسلتي
وتجاهل لعناتي ولم يخشَ لعنات الآلهة
ومحا القوانين التي شرعتها
....
عسى أن تجعل الآلهة جيشه كومة من الجثث فوق السهل.} 1

لما وقد محوا كل قوانينك، وساقوا رعاياك إلى جحيم الاستغلال لم تنزل عليهم اللعنة ، ماذا تنتظر الآلهة لكي تنتقم.

الصورة الأولى: تحت السقوف

يسمون بيوتهم صرايف.والصريفة هي البيوت المتهالكة المتداعية. مع هذا يتقافز أطفال الفقراء في أرجائها. ليس فيها ابسط وسائل الحياة التي يعرفها العالم من ماء وكهرباء. وحماية من حر وبرد. مع هذا يتمتعون بصحبة بعضهم البعض وعندما ينهكهم التعب يعودوا ليفترشوا أرضها، ويغفوا. يركنون حقائبهم التي تشبه حيطانها في زواياها يعدون وظائفهم البيتية، ويتقاسمون مع ضوء الشمس الحلم الكبير بالغد. تتقافز أمام أيامهم الأماني كالأسماك الملونة، وتصبح صرايفهم مغارة تخبئ أسرارهم، وحكايا نجاح للكثير ممن صنعوا تاريخ العراق الفكري والثقافي والفني.

لم يتركوها لهم. ولم يتركونهم لها. هدوا صرائف التعساء والقوا بهم إلى قارعة الطريق. حيث تتلاقفهم الأيدي وتصفر بأذانهم بدل حكايات الصرائف الخافتة ريح مسمومة تسلبهم مدخرات براءاتهم وحقهم بالطفولة.

الصورة الثانية: على الأرصفة
{...عثر على مخلفات إنسان العصر الحجري القديم والتي حدد زمانها بين ثلاثمائة ألف سنة إلى ثمانين ألف سنة قبل الآن في صحراء الرطبة ومنطقة الرزازة .. الأخيضر غربي كربلاء ..أريدو في محافظة ذي قار. وحوض سد الفرات .. } 2

هاهم يهيمون على وجوههم في العراق الجديد . تزداد أعدادهم. كلما انتفخ كرش الشارع بالقتلى. بيوت أخليت من رجالها، وصغار ليس لها من يهتم بها ويرعاها. هذا صغير وجد له تحت احد الجسور مكانا يأوي إليه بالليل وفي النهار يجوب الأسواق بحثا عن جديد ليكسب قوت يومه. فتارة يحمل ما عليه حمله وأخرى يحمل هم الاستغلال الذي لا خيار له مادام هو الطريق لكي يأكل . وما زالوا على ارض الشرائع يصرخون بمكبرات الصوت بأنهم جاءوا بأفضلها، ويحتفلون بين الحين والأخر بالخلاص من الطاغوت مبتكرين مناسبات وهمية لا تمنح الناس إلا الوهم.


الصورة الثالثة: وداعا لمن ولدتني

{..وهكذا تحقق لإنسان بلاد الرافدين دخول مرحلة اقتصادية هامة في حياته التي باتت بفضلها حياته أكثر استقرارا وأمنا، وهي مرحلة إنتاج قوته بنفسه. ويرى الكثيرون إن تحقق ذلك كان على يدي المرأة بسبب فطنتها وانتباهها لما كان يجري حولها في الطبيعة ولاهتمامها بسد حاجات أطفالها إلى مصدر دائم وثابت للغذاء.} 3

فما الذي جرى لك يا سليلة الخلق والإبداع. لما تراخى دورك، وقصرت يدك وهي التي أدارت العالم وقتذاك ونهضت به من وحشية المغارة إلى أولى خطوات الحضارة والإنسانية . كيف هان عليك بيع صغيرك ، وكيف قايضتي ثمنه. من أين أتيت بكل هذه الجرأة لتبيعي فلذة كبدك وتتاجري بثمنه. هناك اليوم من تبيع أطفالها في تجارة لعينة تقوم بها عصابات بشعة تستبيح ثروة العراق الحقيقية، وتتاجر بمستقبله في ظل فساد مستشري في دوائره ومؤسساته التي تسهل مهمتها وتقبض الثمن. كيف يهون على أم بيع صغيرها الذي لم يتعدى عمره السنة وفي أفضل الأحوال بضع سنوات لمن يستخدمه تارة كقطع غيار بشري. وأخرى للانتهاكات الجنسية وثالثة لأغراض خفية بعيدة عن عين الرقيب. بما ترد الأم التي باعت طفلها وهو يقول بعينين حائرة وداعا يا من ولدتني لو انتظرت لعرفتي كم أحبك.
الصورة الرابعة: المزابل

{ وأثبتت بحوث اللغة السومرية إن الفضل يرجع إلى السومريين أصحاب حضارة العراق الأولى في وضع أسس الكثير من المعارف والعلوم والتربية والتعليم والتشكيلات الإدارية والسياسية المعمول بها حالياً. }4


قريبا منها على بعد خطوات ، وإذا ما أردت معرفة الحقيقة لصيقا بها سكنت أعداد مأهولة من العراقيين عوائل تقتاد على المزابل. في مناطق شهدت ثورات وثورات. ومدت بسط مضايفها للقادمين من كل مكان فلم تعرف طرقها جائعا إلا وأشبعته ، ولا تائها أو خائفا إلا وأمنته. تلتمع عيون سكانها للقادم فخرا في خدمة الضيف وإطعامه. صارت قدورها صدئة وبرد تنورها.فصارت لضيق الحال وقصر اليد تعتاش على المزابل، تخرج إليها في الصباحات الباكرة علها تنعم ببعض عطايا أصحاب النعم الذي اثروا بعد السقوط وكبرت مزابلهم. بدلا من الورقة والقلم . وكوب الحليب , وقطعة الحلوى يبحث الأطفال في المزابل عن قوت اليوم في عراق يتحدث عنه وفيه ومنه واليه على الأثير ، وفي المحافل سراقه وتجار دماء أبنائه ومنتهكي كرامته عن رخاء لا حدود له وحياة هانئة وكريمة لأبنائه الذين أنقذوا لتوهم من حكم مستبد. ويتباهون بانجازاتهم التي أوصلت البلاد إلى .. إلى المزابل يهرول إليها الأطفال كل صباح بدلا من الذهاب إلى المدارس وتعلم حرف جديد.



¹ العلامة الأثاري بهنام ابو الصوف: التاريخ من باطن الأرض، ص51.
² العلامة الأثاري بهنام ابو الصوف: التاريخ من باطن الأرض، ص 89
³ العلامة الأثاري بهنام ابو الصوف: التاريخ من باطن الأرض، ص 37
4 العلامة الأثاري بهنام ابو الصوف: التاريخ من باطن الأرض، ص 232








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الآلهة
مازن البلداوي ( 2011 / 6 / 27 - 13:46 )
اين هي الآلهة؟
هل هي نائمة، ام غافية؟
هل ستصحو من نومها ومن سيوقظها من غفوتها، ام انها لاتتدخل الا لصالح القوي؟
هي منافقة وانا متأكد من ذلك، والا فما سر صمتها؟
هل هي بعيدة؟
وأين تسكن؟ أبعيدا تسكنين ايتها الآلهة؟ ولعلك لاتسكنين، بل لعلك هائمة تنتقلين بين أبعاد الكون، فاخبرينا في اي الايام تاتين؟
ام انك لأتانين؟ او لعلك لا تحبّين ابناء الصرائف، فهم متسخون وغير متعلمين ولعلهم مرضى! بل هم مرضى أيلين للموت! فهل ستستقبلينهم بعد الموت؟ لانهم سيغتسلون وسيلبسون رداءا ابيضا كما تحبين
ام انت مشغولة بغيرهم في كوكب مأفون
ممممممممم، أمرك محير ايتها الآلهة فلِمَ لاتأتين فنحتسي خمرا تؤتين به معك قد خمّروه من دم القرابين، خرافا وطيورا وآدميين
حمروابي، آلهتك لم تسمع دعائك وتركتهم يلعبون لا بل ساعدتهم ليتمادون، أمتأكد انت من ان لك ألهة؟
لا اعتقد، فقد ذهبت انت وذهب آخرون ونحن أيضاً ذاهبون، الا الطغاة والجهلة في بلداننا فهم باقون ومعمّرون
شكرًا لك حمورابي، فالمسلّةُ موجودة الا أنَّهم لايقرأون

اخر الافلام

.. زمزم سعيد نجيبة نازحة من بلدة بيت ليف وأم لخمسة أطفال


.. فاطمة حسين عباس نازحة من بلدة عيترون الحدودية




.. مجلة آفاق المرأة عام من العمل وتجارب مختلفة ومتنوعة


.. فيلم برفين نضال أم وابنتها




.. محافظا الجيزة والمنوفية يتفقدان مكان حادث سقوط ميكروباص الفت