الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطن أولا

عمر دخان

2011 / 6 / 30
المجتمع المدني


اطلعت قبل أسابيع قليلة على خبر منح الحكومة الجزائرية مبلغ 26.4 مليون دولار للحكومة الفلسطينية، و كيف أن الحكومة الفلسطينية كانت تنتظر تلك المنحة من أجل توجيهها نحو صرف الرواتب لموظفين في حكومة لا تحمل أي اعتراف سياسي دولي واضح، و تعيش على معونات الدول الأجنبية و الغربية و العربية، و لم تتوقف يوما عن إمتصاص المبالغ المالية الواحد تلو الآخر من أجل دفع رواتب موظفيها و تسيير شؤونها الداخلية، و هي مبالغ تكفي دولة في حجم الهند أن تعيش حياة مليئة بالرفاهية و الراحة، بينما يتباكى الفلسطينيون أن تلك المساعدات غير كافية و لا زالوا بحاجه للمزيد و كأنهم النار التي لا تشبع من الحطب أبدا!.

لا يهمني مناقشة قرار الحكومة في منح تلك المبالغ لحكومة فاسده تعيش و تتاجر بقضية تم جرنا إليها جرا، و فُرض علينا أن نكون معها أو نكون أعداء للأمه، و لا يهمني الغرض الحقيقي لهذه المبالغ التي ترسلها الدولة الجزائريه لتلك الحكومة الفاسدة، و التي لن تكون بنية الوقوف مع “القضية” لأن العلاقات السياسية خالية من العواطف و أي قرار سياسي هدفه غالبا سياسي بحت، و أعتقد شخصيا أن هدف مثل هذه التحويلات الضخمة هو إقناع الشعب الجزائري أنه فعلا يساند قضية لا ناقة له فيها و لا جمل، خاصه و أن الشعب الجزائري يعاني من الفقر و تدني المستوى المعيشي، بينما السياسيون يعيشون على المتاجرة بقضايا وجدوا فيها غايتهم من تحقيق الشعبية و الأرباح الفردية عن طريق التلاعب بمشاعر العامة و إقناعهم أنهم يقومون بشيء حقيقي و أن أموالهم التي تنتهي في أيدي اللصوص و المتاجرين بالقضية الوهمية هي في الحقيقة خطوة أقرب نحو حل نزاع الشرق الأوسط، بينما هي في الحقيقة تغذي حكومات و أفرادا يعيشون على هذا النزاع و بدونه لن يكون لديهم أي فائدة أو دور على الساحة السياسية في شرق أوسط يعيش حالة سلام.

ما يهمني حقيقة هو هل حُلت مشاكل الشعب الجزائري أولا؟ هل ضُمِنَ له العيش الكريم و الرفاه الاقتصادي ليتصدق بفائض أمواله لمثل تلك الجهات المشكوك في أمرها و في أهدافها، أم أن اللقمة تسرق من فم الجزائري لتعطى للآخرين ولو على حساب رفاهيته و رفاهية أبناءه، و من ثم يتم إقناع الفرد الجزائري أنه من الرجولة أن تموت جوعا و أنت تساند قضية ليست من شأنك، و شعبها يستعطفك فقط حين يحتاجك، و إن امتص منك كل ما تملك فهو لن يلتفت إليك مجددا. لا تحدثني عن الرجولة و الإنسانية لأنه هناك آلاف القضايا الإنسانية التي يصم الجزائريون آذانهم عنها لأنه تم تغذيتهم بل و إرهابهم من أجل الدفاع على قضية لا يفهمون حتى حقيقتها، و يتم الأخذ من أرزاقهم من أجل أن تعطى لأحد طرفي صراع غير واضح المعالم مهما كانت النظرة العربية تعتقد خلاف ذلك.

لا إختلاف في وجود حالات إنسانيه في الضفه الغربيه و قطاع غزه و التي تستحق المساعده، و لكن الجزائر لم تحل مشاكلها الداخليه لتتوجه لحل مشاكل الغير، خاصة و أن الحكومتين الفلسطينتين القائمتين على شبه أرض يتلقيان مبالغ خياليه من الكثير من دول العالم، و هي دول لديها مصالح معهما أو دول تعيش مستوى رفاهيا عالٍ يسمح لها بمنح الفائض لأي كان بغض النظر عن حقيقة أهدافه، أما أن تؤخذ الأموال من لقمة الجزائري المخدوع بأنه يساهم بشيء حقيقي، فيجب أن يعلم أنه يساهم في إطالة عمر طرف يعيش على النزاع و الصراع، و أن تلك الأموال ماهي إلا مكافأه للحكومة الفلسطينيه على القيام بلاشيء و تنتهي في غالبها في حسابات خاصه لأناس لا يريدون للصراع أن ينتهي منهيا معه مستقبلهم المهني.

في قصة مرتبطة بالموضوع، علمت أنه في مدينتي الصغيره الفقيره تم قبل سنوات جمع مبلغ خيالي من قبل أطراف سياسيه معينه لمساندة “إخوانهم” على حد تعبيرهم بينما نسوا أن لهم إخوان حقيقيون يتضورون جوعا على نفس الأرض التي يعيشون عليها و لم يلقوا منهم أي التفاتة أو اهتمام، لماذا؟ لأن تلك القضية الوهمية التي يعبدونها و يقدسونها تجلب لهم الشهرة و النجاح السياسي، و تجعلهم يظهرون للعامة و كأنهم أبطال يحملون قضية إنسانية حقيقية على ظهورهم، بينما هم مجرد متاجرين بالكلمة و العاطفة، يريدون إقحام شعبنا في صراع لا ناقة له فيه و لا جمل، و ذلك فقط من أجلهم هم و من أجل حلفائهم، ولو كانوا فعلا إنسانيين لاهتموا بالفقراء في مدينتهم الفقيرة أولاً ولم يغلقوا أبواب مكاتبهم في وجوهم، و هي المدينة التي تحدثت مع الكثير من سكانها و أدركت أنهم أصبحوا يدركون فعلا أن مثل تلك “القضايا” لا تعدوا كونها وسيلة للوصول إلى المناصب السياسية، تحقيق الثروات، و دعم الفساد و الإرهاب في العالم، و ليست إنسانية البته.

ترهيب كل من يقول كلمة الحق و خاصه في هذا الموضوع لم يعد يجدي نفعا، و خاصة مع تكاثر الأصوات التي بدأت تدرك حقيقة الصراع الذي تم زجها فيه باستخدام الترهيب الديني و السياسي، و خاصة مع مجتمع متطرف معادي للسامية و الديانات الأخرى، و يحارب كل صوت حر يحاول لفت انتباهه إلى الحقيقة و إلى مكمن الداء الحقيقي، و الذي لا يكمن في آلاف الكيلومترات من مكان معيشته و لكن في بيت جاره الجائع و قريبه العاطل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عشرات المحتجين على حرب غزة يتظاهرون أمام -ماكدونالدز- بجنوب


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - الأونروا: يجب إنهاء الحرب التي تش




.. الأمم المتحدة تنهي أو تعلق التحقيقات بشأن ضلوع موظفي -الأونر


.. أخبار الصباح | حماس تتسلم الرد الإسرائيلي بشأن صفقة الأسرى..




.. ما آخر المواقف الإسرائيلية بشأن صفقة تبادل الأسرى؟