الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الايمان العقلي

نزار كمال الدين جودت

2011 / 7 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في الايمان العقلي
الدين وهم لابد منه عباره تتردد كثيرا بين المثقفين في محاولة للتعبير في ان المعرفة لا يمكن لها ان تلعب نفس دور الدين في الاسلوب والتأثير للقيام بنفس الوظيفة اجتماعية فما هو الذي تعجز المعرفة على محاكاته . الدين في البدايات الفطريه الاولى يمكن تعريفه هو ما يدفع العقل في الكائنات الموهوبه تفكيرا لتحاكي الواقع المدرك حتى تصبح افعالا محركة .
من اهم مهام الفكر هو قيام العقل بوظيفتة في تحليل التراث وربطة بالتراث الفلسفي العالمي واحلال اخر محل ما يسقط من منه دون ان تكون الفلسفة جزء من التراث .
يعد السومريين من اقدم الشعوب العريقة التي طواها الزمن منذ ثلاثة الاف سنة قبل الميلاد استطاعت وضع لبنات الحضارة الاولى ولم يكن لهم ذكر في بطون الاسفار كما هو الحال مع الاشوريين و البابلين ولكن اختراعهم للكتابة قبل5000 سنة احياهم من جديد ولكن على الواح الطين في مدونات مسمارية هي بداية لما يعرف بالعصور التأريخية .
منها عرفنا وتعرفنا على فجر السلالات 2850-2400 قبل الميلاد التي شكلت انظمة سياسية تعرف بدويلات المدن السومرية وما يهمنا من المعلومات ما تركة لنا امراء هذه السلالات اضافة الى جداول اثبات الملوك السومريين .
بالمسمارية ان الملوكية نزلت لاول مرة من السماء في مدينة اريدو بالقرب من اور ثم جاء الطوفان العظيم الذي اكتسح كل الارض و من عليها بأستثناء رجل الطوفان زيوسدرا في النص السومري و اتنابشتم في النص البابلي و نوح في النص العربي .
المهم اثبات الملوك اعطى عمرا اعجازيا للملوك الثمانية الذين حكموا قبل الطوفان و خصص لهم رقما خياليا 241200 سنة ومن غير المستبعد ان جامع الاثبات السومرية لم يكن في حوزتة غير اسماء ثمانية ملوك ولو اعتبرنا معدل حكم الملك منهم 25 عام يكون معدل عمر الملك وكذلك ورجل الطوفان ما يزيد على الالف عام وهو السبب في فكرة شاعت عند الشعوب القديمة من ان الانسان كان في القديم يتمتع بعمر طويل و صفات جسدية خارقة حتى ان رجل الطوفان زرع بنفسة الاشجار التي صنع منها الفلك .
هذه النظرة التأريخية لفجر السلالات لا تتعارض مع اسس ديانة التوحيد في علاقة البشر بالسماء انما على العكس تشير الى الدور الهام للسماء و النجوم في التراث الفلسفي للجنس البشري كذلك قصة الطوفان كما نقلها الينا المعتقد الديني مع فارق بسيط في عدم وجود اي مؤشر على وجود انبياء سوى ملوك سومر مفوضين من السماء بممارسة سلطة السماء على الارض و رجل الطوفان ربما هو النبي ولكن لم يعتد به قومة ليكتب عمله على احد الرقم او ان رقمه قد اكتسحها الطوفان و طمرت .
المهم الواقع التأريخي يطابق طوفان نوح وفيما عدى العمر الاعجازي الذي لا يمكن ان يكون صحيحا يدفع الى الاعتقاد بان رجل الطوفان اسطوره اوحالة خارقه للعاده .
لقد تم اختيار السومريين لانهم الاقدم ولان نبي الله نوح منهم هنلك حالة تكررت على الدوام يسود الوحي فترة تنتهي بتغلب الطبيعة السائدة للمجتمع و لا يختفي المعتقد الديني تماما انما يتراجع دورة ويصبح جزء من النظام السياسي و تابع له حتى انه يصل في تبعيتة الى التخلي عن ما اوحى بة الرب .
ان قبول بعض الخوارق للطبيعية لغرض ان يستدل بها على الخالق ودوره الراعي هذا لا يطابق دور القانون الطبيعي الذي اوجده الرب في الطبيعة و الايمان بوجود النور الفطري في ذهن الانسان اي الاعتماد على بديهيات العقل في المعرفة بذاتها اي الذهن يعطينا معرفة واضحة متميزة .
ان تعاليم الدين تتضمن اساسا وجود الله صنع كل شيء يسيره و يحفظه بحكمة عليا و هو يرعى البشر اعظم رعاية .... ان الله لا يفعل في الطبيعة ما دامت تسير على نظامها المعتاد ولا يرغب في ابطال عللها بمعجزات ويستطيع الانسان ان يصل الى الى الله بما يعرف لا بما يجهل .
فأن المعجزات لا تستطيع ان تدلنا على وجود الله او على ماهيته او طبيعته لاننا لا نعلمها بوضوح اما الله فأنه فكره واضحة .
فلا حاجة للابهار بمعجزات لايدركها العقل على طريقة الجاهل في الايمان الذي يرى كل شيء من الله بفعل مباشر اني بعيدا عن الايمان العقلي الذي رفض كل تفسير يفوق الطبيعة ونواميسها التي وضعها الخالق يمكن الانسان ان يرى الله في قوانين الطبيعة ونواميسها وليس في بالخوارق التي ليس من غاياتها التنوير بل الارغام في القبول القسري لعقيده معينة و يقتصر عمل العقل على التبرير ليصبح الايمان فعل اراده وليس فعل عقل .
العقل هو اساس الايمان و هو ايظا اساس كل نظام سياسي فألحاد الفلاسفة الذين يعتمدون على النور الفطري هو الايمان الصحيح وايمان المتدينين القائم على الاوهام والخرافات هو الالحاد الصحيح فالانسان موجود في عالم واحد هو العالم الطبيعي و الفكر هو تحليل علمي للطبيعة في ابراز الفكرة و وضعها في المكان الصحيح حتى يظهر اثرها و فعلها .
فالاهوت ليس نظرية في الله فقط بل ينشأ عنه نظام اجتماعي وليس الدين عقائد فحسب بل ينشأ عنه نظام سياسي حيث تنشط الطبيعة السائدة في التغلب على الوحي ينقلب فيه الوحي الى الضد فالمسيحية دعوة للروح و السلام و التضحية تتحول الى مجتمع تسودة المظهرية و التعصب و الكراهية و اليهودية دعوة للطاعة تنقلب ال مجتمع عاصي والاسلام دعوة لاقامة خير امة اخرجت للناس ينقلب الى مجتمع يسودة التخلف ويحكمة الاستعمار .
انقلاب الطبيعة السائده للمجتمع على الوحي هو بداية احتمال انقلاب شامل في قلب الروح الى مادة و الوحي الى كتاب و الدين الى خرافة والتقوى الى طقوس و شعائر و الايمان الى تعصب و التعاليم الاهية الى بدع و النور الفطري الى جهل و المعابد الى مسارح هذا الانقلاب المحتمل يعود في اسبابة الى العلاقة الجدلية بين الدين و السياسة فلا يمكن ان يعيش الدين بلا سلطة و يستخدم الدين ايظا للسيطرة على الجماهير و ابقائها تحت سيطرة السلطة ليتحول الدين في النهاية الى سلطة سياسية حيث ينفي الاخلاق و يوجب الجرائم في حالة غياب الوحي لفترة طويلة .
لما كانت الخرافة افضل الوسائل لتسيير العامة تكون بديلا عن الوحي مالم تعود السلطة الى الشعب يكون في الامكان القضاء على الاستبداد لان كلاهما السلطة الدينية و السياسية في النظم الشمولية تقوم على قمع حرية الرأي و تمنع بالنتيجة قيام رأي عام مؤثر ان حرية الفكر لا تمثل خطرا على الايمان او السلام الداخلي للدولة والعكس صحيح في خطر استبداد النظام .
لكل انسان الحق في فهم الوحي كيفما يشاء لان العقل هو اساس الايمان في تعطيلة تسيس للايمان وتحويله الى عرف وهوية اجتماعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في الايمان العقلي
د.عبد الجبار العبيدي ( 2011 / 7 / 7 - 19:42 )
أستميح الاخ الكاتب عذرا لأني سأطلب منه التريث في الحكم على الرد قبل ان يمضي في رحلة التعليق،وان لا يتسرع معي بحكم بعض مسلماته وقناعاته الشخصية.فرق كبير بين ان تطرح الدين فكرا وعقيدة وسلوكا دون ان تدخل في العمق الفلسفي للعقيدة ،اية عقيدة. وبين ان تقبل مسلمات الدين دون نقاش او رأي مضاد.وانا أرى ان أكثر الاديان المطروحة اليوم كاليهودية والمسيحية والاسلام وبقية الديانات تمثل ارثاً تسلسليا في التطور المعرفي،لذا قال العلمانيون ان الدين اليهودي والمسيحي يتناقضان مع التفسير العلمي للكون فلا بديل الا العلمانية لتجاوز المرحلة، ونتيجتها فصل الدين عن الدولة.ومع هذا الطرح فأنا أؤمن ايضا ان الاسلام بحاجة الى اعادة نظر لكون نصه ثابت ومحتواه متحرك،وما جاء بهذه الفلسفة الا ليكون صالحا لكل زمان ومكان،بأعتبار ان الاسلام نهاية الاديان وبداية بلوغ سن الرشد للبشرية أي مرحلة تحمل الاعباء من حيث التفكيرالفلسفي للدين .لقد دارت وما زالت تدور نقاشات حادة في ادبيات الدين ، بعضها تدور في حلقات مفرغة ،لم تصل الى حل المعضلات الاساسية في طرح فكرة الدين ونظرية حكم الدولة،بحيث يمكننا ان نصل الى ان مفهوم الدين ليس وهما


2 - في الايمان العقلي2
د.عبد الجبار العبيدي ( 2011 / 7 / 7 - 20:04 )
بل طريقاً للعدل والحق والاستقامة،وهي المقومات الاساسية لفكرة الدين. لقد وضعونا الاسلاميون في زاوية حرجة حينما أعلمونا ان كل ما أنتجه الفكر الانساني منذ النشأة الاولى وحتى قيام-اليوم أكملت لكم دينكم- في هامش الخطأ والباطل،فاغلقوا علينا كل تفكير حر وفلسفة نستطيع بهااستخدام العقل في الدين للوصول الى فلسفة الحياة الغامضة وهم بطرحهم هذا لم يعطونا الى اليوم تعريفا ثابتا وواضحا لكلمة الدين،ولو تفاعلوا مع الفكر الانساني دون خوف أو وجل لملكوا ميزانا مرنا يستطيعون به التفاعل مع الاخرين،ولأختفت من الاذهان ان الدين وهمُ.واقول لأخي الكاتب ليس المهم ان ياتي التاريخ عن طريق الاسفار او المدونات الورقيةاو الطينية،لكن المهم ان يكون هناك تاريخ مكتوب يعكس لنا حالة المجتمع في زمن معين.هذه مشكلة نعاني منها في التاريخ الاسلامي الذي لم يصلنا منه نص ثبت مكتوب منذ عهد الرسول(ص) وحتى نهاية الدولة الاموية،كل التاريخ الاسامي اعتمد على الرواة والمزاجية. لذلك لا يمكن لنا ان نقول قولا ثابتا فيه.لكن العهد السومري وصلنا منه شريعة اوركال وآورنمو وهي بداية لفكرة وفلسفة قوانين حمورابي.اما الرقم الافتراضي المكتوب للملوك


3 - في الايمان العقلي 3
د.عبد الجبار العبيدي ( 2011 / 7 / 7 - 20:26 )
الثمانية لازال افتراضيا لضياع سجلات الملوك القدماء في اغلب الاحيان.ان فكرة فجر السلالات لا تتعارض مع فكرة التوحيد،لان كلاهما يؤمنان بأنهما كقوى خفية في تدبر الكون.وما كان الطوفان الا نتيجة لخروج البشر عن عدالة الآله،والدين لا يتراجع بل يصبح قانونا للملك او الدولة به تساس الامور.فهو يبقى عقيدة والسياسة هي المتحكمة في الامور. ان العقل هو اساس الايمان الديني والفكري،والكون كله مادي والعقل الانساني قادرعلى ادراكه ومعرفته لعدم وجود حدود يتوقف عندها العقل،فحتى الفراغ فهو مادة(نظرية سبع سماوات طباق)ولا يعترف العلم بوجود عالم غير مادي يعجز العقل عن ادراكه،والكون لم ينشأ من عدم كما في نظرية الخلق القرآنية وجدل المادة.اما الخوارق فهي جزء من التغييربقوى مادية خفية وهنا يعبر عنها بالحياة الاخرى وكيفية حلولها.ان الدين وقف مع العقل ولم يعارضه فلسفيا،لذا فالدين الاسلامي مثلا لا يوجد تناقض فيه بين الوحي والعقل ولا بين الوحي والحقيقة.وليس من حقنا ان نجبر القارىءعلى الاعتراف بوجود الله او عدم وجوده بل نترك ذلك للاستنتاج العقلي من البراهين والادلة الكونية.ونعتبر الايمان بالله من عدمه مسلمةاختيارية


4 - في الايمان العقلي4
د.عبد الجبار العبيدي ( 2011 / 7 / 7 - 20:37 )
يختارها كل انسان بنفسه نتيجة معاناة فكرية او قناعة وراثية معتمدين على قول الحق :( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر (الكهف 29)..هنا يتجاوز البشر كل انواع العنصرية والطائفية ويكون رائدا للحقيقة لا غير،وهذا ما أفتقده فقهاء الاسلام واصحاب الفرق حتى اليوم لجهلهم به.،وبحرية الراي المطلقة تموت الخرافة وينتهي الاستبداد ويحل محله القانون ويطاع الدستور تلقائيا دون رقيب او حسيب،وكما يقول الاخ الكاتب ان الايمان هنا يتحول الى عرف وهوية اجتماعية مستقلة لا يجوز الاعتداء عليها ،فهل تصحى الامة لتتجاوز الخطأ.نأمل ذلك بفعل المخلصين من المثقفين والعلماء ،وتحية للكاتب ولاخي العزيز د.جعفر وللحوار المتمدن الذي يصبر علينا ويمنحنا فرصة الحوار...


5 - نعم الإختلاف
جعفر المظفر ( 2011 / 7 / 7 - 21:35 )
شكرا أيها العزيز والمحترم اGستاذ العبيدي
, وأنا معجب بإقتراباتك المتفتحة من هذه القضية الهامة والأساسية وقد قلتها أكثر من مرة: إختلف مع الأستاذ العبيدي ولكن عليك أن تتذكر أنه من أولئك الأشخاص الذين يجعلون الدين سهلا ورحمة ويتناولون قضاياه بعيدا عن القيود والعقد والإستخدامات الذاتية أو الطائفية, بهذا يكون قد اسس لغة جميلة في الحوار


6 - في الأيمان العقلي 5
د.عبد الجبار العبيدي ( 2011 / 7 / 8 - 03:42 )
انا لم أقل ان حمورابي كان من السومريين ، وانما قلت ان قوانينه استمدت من فكرة شريعة آورنمو السومري للعلم.
أقرأ التعليق مرة اخرى ايها العزيز..

اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي