الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب - تاريخ بلاد الرافدين-، قراءة و ملاحظات

سعد توما عليبك

2011 / 7 / 1
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


صدر موخراً في الولايات المتحدة الأمريكية و من تأليف الزميل الدكتور كوركيس داود مردو المجلد الأول من تاريخ بلاد الرافدين و الذي جاء بـ 442 صفحة.
يتناول الكتاب بشكل مفصل و متسلسل المراحل التي مرت ببلاد الرافدين و الممالك التي نشأت فيه و عواصمها و مدنها و شعوبها و آلهتها و أعيادها، معتمداُ على المصادر الأكاديمية الأجنبية و العربية.
كما تطرق الكاتب بتركيز على السكان الأصليين لبلاد الرافدين من السومريين و الآشوريين و الكلدان ، و السلالات التي حكمت البلاد و ملوكها و طريقة حكمها و انجازاتها العمرانية، وتابع ظل سنين بزوغ عظمة الكلدان و آثار أقدام ملوكهم في الأمصار و السهول المجاورة و البعيدة عن قلب العالم ...عن عاصمة الكلدان بابل ذات الجنائن المعلقة العجيبة.
و قد تصدى الكاتب في هذا المجلد و بأسلوب علمي رصين للمحاولات البائسة التي قام بها النظام العنصري البائت و كذلك من هم على شاكلته من الاحزاب القومية الشوفينية الحالية في تشويه التاريخ و التلاعب بصفحاته بما يتلائم و آيدولوجيتها العنصرية، و منها محاولة الغاء و مسخ القومية الكلدانية الرافدينية الأصيلة.
كما ان الكتاب فيه مبحث كامل عن تاريخ كنيسة المشرق منذ تأسيسها و الى اليوم ، حيث يتطرق الى تفاصيل غاية في الأهمية عن الموضوع.

و بعد قرائتي لهذا الكتاب المتميز أود في أن اسجل بعض الملاحظات المتواضعة حوله و أختصرها بالنقاط التالية:

1- اسلوب الكاتب الرائع و امكانياته اللغوية و جزالة العبارات المستخدمة في سرد الأحداث التاريخية ، هذه العوامل تجذب و تشوق القاريء و تعطي ميزة و نكهة خاصة للكتاب عند مطالعته.

2- حرِصَ المؤلف على أن تكون الأحداث التاريخية متسلسلة دون إغفال اية مرحلة منه حتى ولو كانت قصيرة أو قد يراها البعض بأنها غير ذات أهمية . كما طبق نفس الطريقة في ذكره لجميع الملوك و ممالكهم و مدنهم و طريقة حكمهم.

3- تفادى المؤلف الحاشيات و الهوامش في اسفل الصفحات عند الإشارة الى مصدر ما ، حيث اتبع اسلوباً عملياً ناجحاً في مؤلفه وهو ذكر المصدر مباشرة بعد العبارة ، لكي لا يشتت أفكار القاري و لتبقى عيونه مشدودة على السطور. و هذا الإسلوب يعطي فرصة للقاريء لكي يسترسل في القراءة لمدة أطول و بطريقة أسرع.

4- لكون المؤلف كلداني القومية، وهي القومية التي تمتد جذورها الى أكثر من 7000 عام في عمق تاريخ بلاد الرافدين ، و لإهتماماته في اللغات القديمة و اللغة الكلدانية الآرامية تحديداُ والتي يجيدها بطلاقة و يعرف كل اسرارها، و اصراره على توثيق الحقائق كما هي بدون تحريف، و حبه الكبير لبلده و تاريخه ، و دوره المتميز كشماس في كنيسته، ربما هذه الميزات ساعدته في الوصول الى بعض الوثائق القديمة و المهمة من رسائل و مخاطبات تخص الشعب الكلداني منذ مئات السنين، و التي قد تكون غائبة عن الكثير من الأكادميين و الباحثين ، وقد جاء ذكرها و شرحها في هذا الكتاب.

5- استناداً الى الوقائع و الى المصادر العلمية و الأكاديمية المتوفرة ، و من خلال الأحداث التاريخية المتعاقبة على بلاد الرافدين، يؤكد الكتاب استمرارية الوجود القومي الكلداني (القومية الأصيلة لسكان بلادالنهرين) الى اليوم بالرغم مما شهده بلادهم من حروب و غزوات متتالية ، و بالرغم مما عانى أبناء هذه القومية من قتل وتشريد و تهجيرعلى مر العهود.

هذا الكتاب " تاريخ بلاد الرافدين" المجلد الأول هو إنجاز رائع بمحتوياته العلمية و التاريخية القيمة يضعها المؤلف في متناول أيدي الباحثين و الأكادميين و المهتمين بتاريخ بلاد الرافدين ليكون رافداً مهماً يستمدون منه الأجوبة الشافية لأسئلتهم و استفساراتهم في هذا المجال.

وفي الختام لا يسعني الاّ ان أحيي و أبارك زميلي و استاذي الدكتور كوركيس مردو على الوقت و المجهود الكبيرين الذين بذلهما من أجل اصدار هذا الكتاب القيم. كما أحيي من خلاله الإتحاد العالمي للكتاب و الأدباء الكلدان بهذه المناسبة ، والى المزيد من الإبداعات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من ساحة الحرب إلى حلبة السباقات..مواجهة روسية أوكرانية مرتقب


.. محمود ماهر يطالب جلال عمارة بالقيام بمقلب بوالدته ????




.. ملاحقات قضائية وضغوط وتهديدات.. هل الصحافيون أحرار في عملهم؟


.. الانتخابات الأوروبية: نقص المعلومات بشأنها يفاقم من قلة وعي




.. كيف ولدت المدرسة الإنطباعية وكيف غيرت مسار تاريخ الفن ؟ • فر