الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الله والحياة بلا أطراف
مرثا فرنسيس
2011 / 7 / 5العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من السهل أن نلقي باللوم على الله لكل مايحدث في حياتنا أو لكل ما يعترينا من مصائب ومشاكل ونتخيل أن الانسان المولود معوقاً كائن مغلوب على امره وأن ليس أمامه إلا ان يُكَّمل حياته بالدموع والبؤس محبوساً داخل نفسه، أسيراً لمشاكله، لأن الله اراد له هذه الحياة، فيتذمر على الله ويغضب على الآخرين وخاصة الاصحاء منهم.
نحن نتجاهل تماماً الاسباب الحقيقية المسببة للإعاقة ومنها العوامل الوراثية وتناول العقاقير أو زواج الأقارب، ونتذمر على الله وننسب له عدم العدل، مع أننا في نفس الوقت ننسب كل نجاح وكل انتصار وكل تطور لانفسنا أي للانسان فقط ناكرين وجود اله قدير حنان يمنح الامل والرجاء.
إن قيمة الانسان تنبع من داخله ولا تعتمد على شكله الخارجي أو ظروفه الاجتماعية أو الجسدية، يجب الا نتجاهل ان الروح النشيط يستطيع ان يحمل الجسد المريض ويجعل النفس محلقة في سماء الامل والحب والعطاء، أما الروح الضعيف فمن يحمله؟.
هناك الاف النماذج من معاقين ولدوا هكذا أو فقدوا اجزاء من اجسادهم ولكنهم صمموا على الاستمتاع بالحياة وشكروا الله على القوة التي منحهم إياها لكي يكونوا مميزين اكثر من ملايين الاصحاء الذين جاءوا الى الحياة وغادروها دون ان يتذكرهم التاريخ ودون ان يتركوا بصمة واحدة في مجتمعاتهم او عائلاتهم .
الله لا يجرب بالشرور وهو لا يجرب احداً ولكنه يستطيع ان يحول الضعف الى قوة والاعاقة الى تميز إذا اراد الانسان نفسه واستطاع ان يقبل ويؤمن ان الله صالح جداً ورحيم جداً وانه مهما كانت اعاقته هو لم يأتي للحياة صدفة. وقد اخترت قصتين تَميز بطلاهما بالتجاوب مع الله فتغيرت حياتهما رغم الإعاقة وساهما بدورهما في تغيير حياة الملايين من المعاقين
جوني اريكسون
وُلدت جوني في بالتيمور-مريلاند- امريكا في عام 1948، تعلمت جوني ركوب الخيل في شبابها المبكر وبرعت فيها، كانت ايضاً تجيد لعب التنس والسباحة وفي 30 يوليو عام 1967 تغيرمسار حياتها تماما ًبعد أن تعرضت لحادث مروع أثناء غطسها وارتطام رأسها بجسم صلب، واصيبت بالشلل الكامل من أسفل العنق والى باقي جسدها الشاب، مرت جيني بأسوأ ايام عمرها وهي عاجزة عن كل شئ اذ كان رأسها فقط هو الذي يتحرك، كانت معاناة رهيبة وهي في سن البهجة والحركة والاستمتاع بالحياة، عمليات في الجمجمة ومستشفى وتمريض ونظرات شفقة ودموع، ورغم هذا استمدت قوة عجيبة اثناء سماعها لآية لمست اعماق قلبها؛ عن طريق افراد عائلتها الذين كانوا يقومون بعمل كل ماتحتاج اليه لعجزها التام وكانوا يقرؤون لها الكتاب المقدس (الرب يعضده وهو على فراش الضعف، مهدت مضجعه كله في مرضه مز 41: 3) وشعرت في روحها وكأن الله يخاطبها قائلا أننى أعمل فى حياتك بصورة أفضل مهما كانت حالة جسدك.
وبعد سنتين على كرسي متحرك بدأت تكتسب مهارات جديدة وفي قلبها حب وحماس شديد لمساعدة الآخرين من ذوي الحالات المماثلة، وخلال هذه الفترة من اعادة التأهيل تعلمت جوني كيف ترسم باستخدام فرشاة بين اسنانها ، وحققت رسوماتها العالية القيمة نجاحاً هائلا وتمت ترجمة سيرتها الذاتية الى لغات عديدة وكذلك الفيلم الذي يحمل اسمها ويتناول قصتها. وكانت فكرة تركيب اطراف صناعية لجيني من الامور التي ساعدتها في رحلة الحياة المثيرة ، تزوجت جيني اريكسون في عام 1982 واصبح زوجها رفيقاً لها في كل جولاتها وخدماتها لتعضيد المعاقين في انحاء العالم المختلفة.
اختيرت جوني نتيجة اهتمامها بالمعاقين في كل دول العالم لإدارة ورئاسة بعض الهيئات والجمعيات و زارت مايقرب من 46 دولة لتمنح الأمل والثقة لهم، فعملت في المجلس الوطني المعني بالاعاقة واللجنة الاستشارية للعجز والمعهد الوطني لصعوبات التعلم، ومؤسسات للمكفوفين وغير ذلك ونالت جوائز عديدة لدورها الرائع في رعاية المعاقين وتشجيعهم ومنحهم الامل في الحياة والعطاء، الفَّت جيني 48 كتاب وعدد هائل من المقالات وحصلت جيني على عدد من الميداليات الذهبية من الجمعية المسيحية لباعة الكتب في عام 2003 واخرى في عام 2004 لدورها الرائد في الكتابة للاطفال وميداليات ذهبية وفضية اخرى في مراحل مختلفة نتيجة مشاركتها في برامج اذاعية وتلفزيونية.
ولمعرفة المزيد عن حياة جوني وماقامت به ومازالت تقوم به حتى الآن وانشائها موقع جوني والاصدقاء لمساعدة المعاقين في كل انحاء العالم يمكن زيارة الموقع الخاص بها- اصدقاء جوني-ادناه ويمكن مشاهدة مقاطع الفيديو المرفقة ايضا.
http://www.joniandfriends.org/jonis-corner/jonis-bio/
http://www.youtube.com/watch?v=PQ_VUXbAuHE
http://www.youtube.com/watch?v=RFnCPYuiJWg&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=0t_lCNG6gy4&feature=related
نيكولاس
ولد نيكولاس في بريسبان باستراليا عام 1982 بدون ذراعين وبدون ارجل ولم يكن هناك أي تفسير طبي أو سبب وراثي لولادته بهذا الشكل، شعر نيكولاس بالاحباط وبالوحدة وهو يرى نفسه مختلفاً عن بقية الاطفال، لا يسطيع الجري أو المشي أو حتى الوقوف، كان سؤاله داخل نفسه لا يختلف عن سؤال والديه ماهو غرض حياته؟ ساعد نيكولاس في قبول نفسه وحياته ايمانه بالله، وقد كان لأسرته ولاصدقائهم وآخرين دوراً مؤثراً في تشجيعه على الاستمرار، فانهى دراسته بالمدرسة ثم حصل على شهادتين للبكالوريوس احداهما في المحاسبة والاخرى في التخطيط المالي من جامعة جريفيث-لوجان- استراليا وهو في التاسعة عشرة من عمره، وبدأ نيكولاس في اول طريق تحقيق احلامه في مساعدة اخرين من الذين يعانون من مشاكل أو اعاقات مشابهة او مختلفة، ويشاركهم بما فعله الله في حياته من تغيير في قلبه فلم تسبب اعاقته مشكلة له في الاستمتاع بالحياة وتحقيق الاحلام على الرغم من الاعاقة الجسدية، وان الله اعطاه مستقبل وامل، وادرك نيكولاس الهدف من وجوده ومن ظروفه الجسدية الخاصة. تعلم نيكولاس السباحة ولعب الكرة ومهارات أخرى كثيرة رغم انه بلا أطراف .
ثم انتقل نيكولاس من بريسبان استراليا الى كايفورنيا بالولايات المتحدة ليكون رئيساً لهيئة عالمية غير ربحية تسمى "الحياة بدون اطراف" .سافر نيكولاس عبر العالم ليتحدث الى الملايين ويشارك معهم خبراته وماحدث من تغيير لقلبه واتجاهاته وكيف أنه يعرف ان له دور هام جداً في الحياة على الرغم من اعاقته ، وقد حضر الى مصر لنفس السبب منذ سنوات قليلة وكان ضيفا في عدة برامج تلفزيونية واشهرها العاشرة مساء وكان بابتسامته الرائعة الصادقة وكلمات الامل والتشجيع ، مثلا مشجعاً لكل من يعاني من اعاقة جسدية بشكل او بآخر، وحكى عن طفولته ومهاراته والتغيير الذي حدث في حياته وكان السؤال المتكرر له من اين لك هذه الضحكات الجميلة والسلام الذي يغطي كل ملامحك بشكل يجعل العيون لا تبغي أن تتحول عنك؟ وفي هذا الرابط معلومات اخرى متنوعة عن حياته ومهاراته وبرامجه المختلفة في هيئة الحياة بلا اطراف ، وايضا روابط لاحاديثه وانشطته المختلفة.
http://www.lifewithoutlimbs.org/about-nick
http://www.youtube.com/watch?v=3sHyzatcBq8&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=gbEKUeMnibw&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=Fm1VanImlfI&feature=related
جوني ونيكولاس مثالان من الآف الامثلة التي تمسكت بإيمانها بالله رغم الاعاقة ووضعوا في قلوبهم ان يختبروا صلاح الله وان يشاركوا ملايين المتألمين والمعاقين في رسالة الحياة.
محبتي للجميع
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - قوة الإرادة ... والإيمان
عرفة خليفة الجبلاوي
(
2011 / 7 / 5 - 18:15
)
هذا النجاح لا يتحقق إلا بقوة الإرادة ... وقوة الإرادة لا تتحقق إلا بالثقة ... والثقة لا تتأكد إلا بنفس قوية مؤمنة ... والإيمان هو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى.
الله عادل ورحيم ... أعطى للمعوق مزايا ومواهب تفوق تلك التي أعطاها للشخص السليم ... إنها العدالة غير المحدودة والرحمة الفياضة ... إنها محبة الله للبشر.
سؤال: هل يستطيع من لا يعرف الله العثور على كنوز الرحمة والحب هذه؟ سؤالي بطريقة أخرى هل يعرف أحدكم معوق ملحد أو متذمر حقق مثل هذه النجاحات؟
أشكر الكاتبة المتألقة لأن مقالها أصبح الواحة التي يلجأ إليها الأصدقاء بعد صراع فكري أو جدال حواري، فيعثرون على الوجه الآخر للحياة... يعثرون على الإنسانية.
تقديري لشخصك الكريم
2 - الله كامل لا يخلق العوق
نورس البغدادي
(
2011 / 7 / 6 - 00:50
)
فعلا كما قال الأخ عرفة في تعليقه الرائع ان مقالات الأخت مرثا اصبحت واحة ، عندما يقول الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا فهذا يعني قطعا لا دخل لله لمن يولد مشوها او معوقا لأن الله كامل ولا يخلق النقص في الأنسان ، فيجب ان نبحث عن اسباب اخرى للعوق غير الله ، كما ان الله بأعتقادي حتى بعد الولادة لا يتدخل في شؤون الأنسان بدون ان يطلب الأنسان منه ذلك ، فالمؤمنون الذين يقولوا في صلاتهم للخالق انا على رحمتك وليس على برنا متكلون يكونوا هؤلاء كسيارة تحمل ورقة تأمين اي ان لهم من يسندهم امام تجارب الشيطان ، المعوقين في الدول الغربية اندمجوا في المجتمع وقسم منهم حصلوا على وظائف حتى في البنوك وهذه الحكومات تشرع لهم قوانين وامتيازات اكثر من غيرهم ، لذا فأن المعوق يعيش حياة عادية في هذه البلدان ، في الدول العربية لم يصلوا بعد الى هذا الوعي فيهدرون اموالهم في مشاريع دعائية كبناء ابراج عاليه مثلا تاركين القضايا الأجتماعية والأنسانية الى جنب ، ناهيك ان البعض يستهزأ بالمعوق ويسميه بتسميات تؤلمه كالقول هذا الأعرج أو هذا الأعمى او هذا ابو الحدبه ....الخ ، تحياتي للأخت مرثا ولجميع المعلقين
3 - الفاضل عرفة الجبلاوي
مرثا فرنسيس
(
2011 / 7 / 7 - 18:35
)
سلام ونعمة
شكرا لك على كلماتك الطيبة ومرورك اللطيف
اتفق معك، فهناك الملايين من البشر ياتون الى الحياة وهم في اتم الصحة وتنتهي حياتهم ولا يتركون بصمة اوتأثيرا في اي من جوانب الحياة ولا حتى عل المستوى الشخصي فقط
الله عادل ورحيم
صحيح جدا
محبتي وتقديري
4 - الفاضل نورس البغدادي
مرثا فرنسيس
(
2011 / 7 / 8 - 00:24
)
سلام ونعمة
الله لا يجرب بالشرور وهو لا يجرب احدا، هذا قول الكتاب ولكنه بأمانته يحول الشدائد لنجاحات تضاف الى خبرات الانسان وهذا شئ اختباري وليس كلاما نظريا
اتفق معك في اهتمام دول الغرب بذوي الاحتياجات الخاصة، الله يمنح الامل والرجاء ويعلمنا ان
داخل الانسان طاقات وقدرات يمكن لكل انسان ان يبدع من خلالها مهما كانت حالة جسده
شكرا لمرورك اللطيف
محبتي واحترامي
.. الناخبون العرب واليهود.. هل يغيرون نتيجة الانتخابات الآميركي
.. الرياض تستضيف اجتماعا لدعم حل الدولتين وتعلن عن قمة عربية إس
.. إقامة حفل تخريج لجنود الاحتلال عند حائط البراق بمحيط المسجد
.. 119-Al-Aanaam
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تكبح قدرات الاحتلال