الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من المسؤول عن تعرض اطفالنا للاساءة؟

اواصر يوسف خالد

2011 / 7 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


من المسؤول عن تعرض اطفالنا للاساءة؟
يتعرض كثير من الاطفال الى المضايقة والاساءة فى المدرسة او في المؤسسات التربوية الاخرى او الشارع، وقد تصلهم الاساءة احيانا حتى وهم في بيوتهم، من خلال الموبايل اوالكمبيوتر لمن يمتلكونها. يكون المسيؤون في احيان كثيرة من زملاء لهم في الاماكن التي يتواجدون فيها مثل المدرسة او الروضة او الشارع... وتنعكس تلك الاساءات على هؤلاء الاطفال بشكل سلبي وعلى سعادتهم ومستواهم الدراسي وربما على مستقبلهم بشكل عام. وفي البحث عن اسباب تلك الاساءات وتشخيص المسؤول عنها تبرز امامنا عوامل عديدية ترتكز بالدرجة الاساس على وضع الاطفال المسيئين وعوائلهم وبالذات حالتهم الاجتماعية، مما يقود الى ان للوضع الصحي والمادي والاجتماعي للاهل الدورالكبير في تصرف هؤلاء بشكل عدائي يسبب الاذى الكبير للاخرين وبالتاكيد يصيب الاذى ايضا الطفل المسيء نفسه ويجعله في حالة عدم الاحساس بالثقة والتوازن والامان.
هناك نقاش بين النفسانين والمعلّمين والمربّين والسياسين حول زيادة العنف فى المدارس فى سنة 2006 فى السويد ـ بالرغم انها تعتبر من البلدان التي تنعم بالرفاهية وبعيدة عن بؤر التّوتر والفقر والحروب ـ ويعتقد بعضهم ان هناك شريحة من الاطفال المسيئين تستحق شفقة تعفيهم من تحمل مسؤولية تصرفاتهم، مثل الطفل الذى يعيش مع اب مدمن على الكحول او المخدرات، او الاطفال الذين يتربّون في اجواء عائلية يشوبها التوتر وعدم الاستقرار. وما يصح او لايصح في السويد ينطبق ايضا على الدول والمجتمعات الاخرى في هذا المجال.
عند النقاش عن موضوع العنف فى المدارس فانّنا نخص بذلك اطفال هم اقل من عمر الثامنة عشر، وبذلك فهم قصّر من ناحية العرف والقانون في تحمل تشديد الحساب والعقاب. ولكن الدكتوره السويدية "أٌنه هبرلين" تطرح سؤالا مهم فى كتابها في علم الاخلاق"انه ليس ذنبى" : -- من يتحمّل مسؤولية تصرف حماده الذى يبلغ السابعة من العمر والذي ينعت ساره زميلته فى المدرسة ذات الستة اعوام بانها سمينة وشكلها قبيح ويجر شعرها ويؤذيها؟ هل نتأسف لحماده لانه يعيش فى ظروف غير طبيعية وغير ومستقرة ؟، ونحن نعلم انه طفل مسئ، ونبرر ذلك على انه ليس ذنبه فى جعل ساره تحزن، وان الذنب فى ظروفه.
نحن الكبار نتفهم ونطلب من ساره السمينة ان تفهم بان حماده لا ذنب له فى حزنها ومعاناتها كل يوم من اوجاع فى البطن والخوف من الذهاب الى المدرسة بحجة انه صغير وغير مسؤول عن ذلك. اذا ما فهمنا الموضوع بهذا الشكل فاننا نؤذي حماده وساره فى نفس الوقت. نحن لانخدم حماده عندما نعطيه السماحية في عدم تحمل مسؤولية تصرفاته. ونعطيه العذر بسبب ظروفه مقارنة مع الاخرين الذين يعيشون في حالات اكثر طبيعية من حالته. وبهذه الطريقة يتعلم الاستمرار فى ايذاء الاخرين وبعدم تحمل مسؤولية نتائج تصرفاته، وبالتالى يصبح ضحيّة ايضا--ـ
من وجهة نظري فان تبرير اعتداء اي طفل على الاخرين فيه خطورة مزدوجه فى الاساءة الذاتية الى الاثنين معا، وهذه مشكلة كبيرة. ولابد من مساعدة المسيء في تحمل مسؤولية تصرفاته والاخذ بيده ليجد السلام والامان الداخلي لديه، وتقوية قيمته الذاتية وايجاد بدائل مريحة لتصرفاته تجعله يحس بفائدتها من خلال كسب حب واحترام الاخرين، لان المسؤولية هى الاساس فى عيشنا جماعات فى سلام. اذا نحن لا نتجرأ ونعمل بانتباه ونعاتب ذاتنا عندما نخطا او نسئ للاخرين، يصبح من الصعب جدا ان نغير انفسنا للافضل ونعيش بسلام وامان مع الاخرين.
ان الحديث عن المسؤلية في حقيقة الامر هو حديث عن الاحترام الداخلى، الذي يحمل معه الاحساس بالقيمة الذاتية واليقين حول اى حلم او خطة او امال تستحق الكفاح من اجلها. والاحترام الداخلى يحمل معه ايضا الايمان الشخصي بقدراتك التى تحقّق بقدر المستطاع اهدافك. الاحترام الداخلى كما تقول اٌنه هبرلين. وعندما ترجع الى حماده، كيف يستطيع ان يشعر بالاحترام الداخلى لنفسه اذا كان الكبار من حوله يشفقون عليه ويبررون له عدم تحمل مسؤولية تصرفاته؟ ياترى كيف تتخيل ان يكون احترامه للاخرين عندما يكبر، وساره، كيف تكبر مع احترامها لنفسها وادراكها لقيمة نفسها، اذا استمر خوفها وقلقها بالكبر معها؟ هل تستطيع ساره ان تثق بنفسها وبان لديها قيمة انسانية عالية مثل الاخرين؟؟
الكل يتحمل نشر هذه المبادى، بان الكل له نفس القيمة والحقوق. وقيمة الانسان، اى انسان وفى اي مكان وزمان غير قابلة للمساومة او التفرقه ولاي سبب. على المدرسة ان تعامل كل الطلبة بنفس القيمة ونفس الحقوق، وعليه فان ساره لها قيمة وحق مثل حمادة ولها حق التشجيع والانتباه بالتساوى معه. ولحمادة ايضا نفس القيمة مثل الاخرين، وعليه تعلم تحمله المسؤولية وتبعات تصرفاته.
كثير من امثال ساره وكثير من امثال حمادة، وقليل من المعلمين والمعلمات يجرأون على القول بجدية ما يؤمنون به، في ان للجميع نفس القيمة والحقوق والمهارة فى مراعاة الاخرين .
تلعب المدرسة دور كبير فى تربية اطفالنا، فهي التي تنشر القيم وتعززها بشكل واضح وعملى وتثقيفى من خلال الدروس الاجتماعية والتاريخية، وهى افضل واغنى طريقة لنشر الاحترام لكل الناس بالتساوى، واالتعامل معهم باحترام قيمتهم وارائهم وادراكاتهم. يجب ان تناقش المواضيع العنصرية والاختلاف الجنسى بانفتاح، وعلى المرء ان يتحاجج مع هذه الاراء، لان الصراع فى الافكار حول تساوى البشر وحول الاساءة بين الطلبة يشكل جزء من هويتهم ومعايشاتهم. وعلى المدرسة الانتباه الى عدم التفريط في حقوق اي من الطلاب تحت ذرائع الانتماء الديني او العرقي او السياسي اوغيرها.. ومن المهم جدا ان تضع فى جدول اعمالها تربية وتعليم الطلاب على عدم الاساءة الى الاخرين، وزرع مفهوم والحرية الشخصية والمساواة، وتقبل الاراء المختلفة؟ وممارسة النقاش فى كيفية الابتعاد عن اساءة الاخرين، وذلك فى تثبيت هويتهم وقيمتهم الانسانية، لان هذا ما يحتاجوه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - البداية من الام
نها العلي ( 2011 / 7 / 6 - 21:24 )
عزيزتي السيدة اواصر
مع الشكر الجزيل لجهدك في وضع النقاط على حروف مشكلة مجتمعية بدات تضرب جذورها وخاصة مع الاطفال والمراهقين الذكور. وهنا احمل تربيتنا الذكورية الشرقية جزءا كبيرا من المسؤولية وخاصة الام والتي تربي الطفل الذكر على انه دائما صاحب حق مهما اخطا وتعطيه الضوء الاخضر في ان ياخذ حقه بيده والا اتهم بالضعف .الى ماهنالك من عقد ورواسب .ولاتفتا العائلة عن ايجاد شماعة تعلق عليها خطا الطفل الذكر مهما كان اذى الطفل كبيرا مبررة الجريمة و العنف والسرقة والاحتيال بمبررات اوهى من خيوط العنكبوت
وارجو ان تسمحي لي من على منبر قلمك ان اوجه تحية لكل ام تربي ابناءها على المحبة والتسامح وتحمل المسؤولية
اتمنى لك ليلة هادئة وسعيدة .


2 - شكر
اواصر يوسف خالد ( 2011 / 7 / 12 - 10:08 )
الى نها العلى
شكرا على مداخلتك وتحيتك لكل ام تربى ابنائها على المحبة والتسامح
تحياتى


3 - الاسرة النواة الاولى لتربية الطفل
عبد الله صقر ( 2011 / 7 / 28 - 16:21 )
الاستاذة الفاضلة أواصرقرأت مقالك الرائع والذى دفعنى لان أعلق كبقية المعلقين , أولا الاسرة هى المعول الرئيسى والهام لتوجيه الطفل العربى لان الطفل العربى له خصوصية فى كيفية المعاملة والتربية , لانه يميل الى التمرد والعصيان , ولذا عل الاسرة رعاية الطفل ومعاملته معاملة ترقى لمستوى هذا الحدث , ويجب الاهتمام بالطفل ومراقبته منذ نشأته حتى نربيه كيفما نريد , وأيضا توجيه الطفل التوجيه الصحيح ووضع القيم الانسانية فى مفاهيمه , ودائما ما نشجعه على التفوق وأثبات الذات , كما أننا لا ننسى أن البذرة إذا وضعناها فى أرض خصبة أينعت وأصبحت نبتة صالحة وأفادت المجتمع الانسانى , ومعظم جنوح الاطفال يأتى نتيجة أهمال الاسرة لاطفالهم , ولذا نجد كثير من أطفال الشوارع نتاج ضياع وتفكك الاسرة نتيجة الطلاق وأهمال النشئ لاولادهم كما أن مشاكل الاسرة بين الوالدين تكون أحد دوافع أنحراف الاطفال , ولذلك يجب أبعاد الطفل عن مشاكل الاسرة , حتى لا يطلع طفلا متأزم نفسيا , لان الطفل حساس وهناك عوامل كثيرة تؤثر فى اساءة الطفل , مثل المدرسة ومعاملة الوالدين بشيئ من القسوة للطفل , ولك كل التحية والتقدير . ,


4 - Bon blog
hoxigniff ( 2011 / 7 / 30 - 13:31 )
ce que je cherchais, merci


5 - Le fait quil est necessaire
Ditperwayteat ( 2011 / 7 / 30 - 20:10 )
Merci pour cette information interessante


6 - Je suis daccord
Beefvaccava ( 2011 / 8 / 1 - 07:48 )
tres interessant, merci


7 - Muy informativo
Jurgequituini ( 2011 / 8 / 7 - 21:04 )
Aprendi mucho


8 - ,
GorfwGorfw ( 2011 / 12 / 8 - 22:49 )
Hi there I love the post


9 - $
rikernrikerw ( 2011 / 12 / 20 - 02:05 )
Great write-up.


10 - Assay, at most outstanding a ascertain
pletchernzj ( 2012 / 3 / 17 - 21:25 )
What is a mans first duty? The answer is brief: To be himself.


11 - Exciting Website
WICAMI ( 2012 / 3 / 24 - 17:19 )
Good day, I really enjoy your internet site. Very much usefull selective information. Appreciate it for sharing that with us. Best wishes!

اخر الافلام

.. أكسيوس: الولايات المتحدة علّقت شحنة ذخيرة موجهة لإسرائيل


.. مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أثناء اقتحامهم بيت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقوم بتجريف البنية التحتية في م


.. إدارة جامعة تورنتو الكندية تبلغ المعتصمين بأن المخيم بحرم ال




.. بطول 140.53 مترًا.. خبازون فرنسيون يعدّون أطول رغيف خبز في ا