الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غادرتنا..لتسكن قلوبنا

كفاح حسن

2004 / 11 / 15
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


في عصر يوم السبت المصادف الثالث عشر من تشرين الثاني من عام 2004 إستقل وضاح مع رفاقه سيارتهم، تاركين خلفهم بغداد متوجهين نحو شقلاوة. حيث كان وضاح متلهفا للقاء زوجته و نجله الوحيد. كان وضاح منغمرا في الإستعداد للإحتفال مع عائلته بأيام عيد الفطر. كل شئ كان يجري طبيعيا، رغم لهيب الأحداث المتسارعة و الفاجعة في بلد تركه الأمن و الإستقرار منذ دهور.

لم يكن وضاح مباليا بالأخطار المحيطة به، لقد إعتاد العيش في وسط الأخطار. فهو الذي ترك مقاعد الدراسة وهو في الثامنة عشر من عمره ليلتحق بصفوف المقاومة الفلسطينية في بيروت، بعد أن شن البعث هجمته الشرسة ضد منظمات الحزب الشيوعي آبان عام 1979 .

ومراعاة لصغر سنه، وفر له الحزب في وقتها فرصة لمواصلة تحصيله الدراسي في بيلوروسيا، إلا إنه قطعها بسرعة ليرمي نفسه في جبال كردستان العراقية وسط رفاقه من الأنصار الشيوعيين. وبقي ملتصقا بأرض الوطن، ناكرا أي محاولة للهجرة أو إلتقاط الأنفاس .

في عصر يوم السبت سرقته رصاصات جبانة من وسط عائلته و رفاقه. من يكون قاتله أو قتلته؟ ربما كانوا من أبناء نفس الفئات التي أفنى وضاح زهرة شبابه في الدفاع عنهم. و لربما من نفس الفئة الحاقدة التي لاحقته و لاحقت عائلته. ليس المهم من القاتل أو القتلة، ولكن المهم إن وضاح ودعنا بمثل ماجاء إلينا من إباء و بطولة.

فوضاح إبن مدينة كربلاء، نمى منذ نعومة أظافره على التفاني و التضحية و المواجهة. فذكرى معركة الطف البطولية كانت قدوته. كما إن بطون الكتب التي إزدحمت في مكتبة والده الغنية، ربته على معالم التفاني و نكران الذات.

وبعد ساعات من مفارقتنا لوضاح، أجد نفسي عاجزا عن الكتابة عنه وعن مصرعه. فلم ينقطع رنين التلفون لأستقبل تعازي رفاق وضاح و أصدقائه. والذين إتصلوا بي من مختلف أرجاء المعمورة. كما إمتلأ بريدي الإلكتروني برسائل التعزية. و كانت الساعات الماضية مليئة بمشاعر أخ مفجوع بفقدان أخيه الأصغر و مشاعر الفخر بأخ سكن قلوب الناس وكسب محبتهم. كانت الأصوات الباكية التي حدثتني عبر التلفون أصوات وفاء لذكرى وضاح.

لقد حاولت أمس الحديث مع زوجته، إلا إن مشاعر الحزن و الغضب منعتها و منعتني من الحديث. فهي و نجلها كفاح في ربيعه السادس من العمر ما تبقى من عائلة وضاح الصغيرة. و عليهم تقع فاجعة إستشهاد وضاح ثقيلة. ولكن يكفيهم في عزائهم مشاعر الحزن و الألم في قلوب هذه الجمهرة الواسعة من رفاق و أصدقاء وضاح..

لقد رحل وضاح عننا ليسكن قلوبنا..

كفاح حسن
السويد
2004-11-14








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس


.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب




.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا


.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في




.. الشرطة تمنع متظاهرين من الوصول إلى تقسيم في تركيا.. ما القصة