الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة الحب الأسطورية في المجتمع العربي

محمد لفته محل

2011 / 7 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لماذا يفشل الحب بعد الزواج؟ أو لماذا يتحول الحب بعد الزواج إلى برود وملل؟ ويضعف ذلك الشوق واللهفة والغزل والخيال؟ كثيرا ما تطرح هذه الأسئلة على الشباب بعد دخولهم علاقة حب ثم الزواج من بعده، ليعيشو تجربة الزواج بعد الحب، ولماذا تنجح بعض العلاقات الزوجية التي لا يسبقها حب؟ هنا يجب أن ننظر في فلسفة الحب في مجتمعنا العربي لماذا يتم تجريد المحبوب من إنسانيته وبشريته ويصبح ملاك فوق الملذات والرغبات؟ رغم أن الغاية من الحب هي الارتباط الجنسي والعاطفي والنفسي؟ وان اللذة الجنسية هي الرغبة الأقوى عند الإنسان بل هي شرط تكوين الأسرة وحفظ النوع الإنساني، وان غاية المخلوقات هي التكاثر، أن فلسفة الحب عندنا هي أسطورية فدائما المحبوب شخصية ملائكية لا تخطئ لا تمارس الملذات ولا الأنانية ولا أي شيء بشري! وحتى لو اخطأ نبرر ما فعله أو نتعامى عنه أو نغفر له وننسى؟ وهذه الصورة ترجع إلى صورة الأم في عقلية الطفل التي يراها مقدسة كاملة تمنحه الحب والرعاية والحاجات والرغبات بسبب أسلوب التربية الأحادي الذي يجعل الأم موضع الرعاية والحنان والحب لتبقى هذه الصورة في لاشعوره يبحث عنها في محبوبه المنتظر في البلوغ، الذي ينزهه مثلما كانت الأم متجردة من كل الملذات والشهوات والأنانية والمصالح تجاه الطفل كما يتصور هو؟ وهذا ما يجعل الحب والمحبوب بعد الزواج يتحول من أسطورة إلى بشر يرتكب الأخطاء والأنانية والعداء الخ! فتتعرض حياتهم لخطر الفشل أو البرود؟ والحقيقة إن ِكلا العاشقين ضحية هذه الصورة الأسطورية بسبب الفلسفة الاجتماعية الأسطورية عن الحب التي يرسمها ويتوارثها من جيل إلى جيل، هذه الأسطورية في الحب تجعل العلاقة سهلة الغش والخداع مجرد ما إن يمثل كل طرف على آخر، هذه الصورة الأسطورية عن البراءة والعفة والعذرية والصدق الخ حتى يقع الآخر في الفخ أي الحب الأسطوري، إما لإغراض جنسية إذا كان رجل، أو لأجل الزواج إذا كان امرأة، ثم تأتي الصدمة العاطفية؟ لهذا تكثر المعاناة والعذاب والألم والفراق والخيانة وحتى الانتحار أحيانا في علاقات الحب سواء بالواقع وفي السينما والأدب في المجتمع العربي؟ لهذا وبعد الزواج خصوصا ونيل الرغبة الجنسية تتحول كل لحضات الحب الخيالي إلى تعاسة وألم أو لامبالاة وبرود وملل لا يجمع بينهما إلا الجنس والفروض الزوجية والمناسبات الاجتماعية، إن تنزيه المحبوب من الجنس هو امتداد لحرمة الطفل بأمه جنسيا، أو لحرمة الطفلة بأبيها، لهذا تسقط هذه الصورة بعد انتهاك هذه الحرمة قانونيا أي بعد الزواج؟ لكن المجتمع أيضا ينظر إلى الجنس بدونية واحتقار رغم أن كل فرد يسيطر عليه الجوع والهوس الجنسي المكبوت على تفكيره وتصرفاته وكلامه، هذا التحريم الرسمي تحريف وقمع لحقيقة غير معلنة معاكسة هي شراهة الناس الجنسية المكبوتة بسبب الفصل بين الجنسين واقعيا ونفسيا! فكل شخص يرغب بممارسة الجنس مع حبيبه لكن يخشى أن تتكسر صورته الأسطورية الملائكية فيعيش ازدواجية المشاعر تجاهه؟ وكثير ما تنتهي العلاقة بين شخصين بعد أن ينال العاشق الجنس من حبيبته؟ وحين يكون الجنس قبل الحب تجاه المرأة تصبح هذه المرأة غير صالحة للزواج في نظر الرجل؟ وإنما عشيقة من الممكن أن يحبها حقيقة، لكن من الصعب الزواج بها؟ لأنها خرجت من الصورة الأسطورية الملائكية، ولأنها سمحت له بمضاجعتها قبل الزواج بالتالي من الممكن إنها نامت مع غيره بذات السهولة التي نامت معه؟ أو خدعت من غيره كما هو خدعها أو اختبرها بحسب منطق الرجل العربي؟ وحتى لو تزوجها فأنه لا يستطيع أن يعلن عن ماضيه الجنسي بها قبل الزواج لأنه سيكون في نظر أقرانه قواد أو مغفل تزوج من امرأة لعوبة! وأنا لا اعني كل أشكال الحب فهنالك الحب الناضج الغير مرضي لكني اقصد هنا الحب الأسطوري أو العذري الذي يروجه المجتمع المكبوت جنسيا، يجب أن يكون الحب مبنيا على التعارف والعشرة والحوار والتجربة ويجب أن تزول الصورة الأسطورية عنه حتى نتعامل معه ببشرية، ويكون الجنس أعلى حالات الحب والحوار والتعبير والانسجام بين العاشقين، فالمحبوب شخص له عيوب مثلما له فضائل، وهو كأي إنسان له طبيعته الأنانية والإيثار، والمثالية والواقعية، وهو أن اختلف أو ابتعد أو تخلى نهائيا عنا، لا يعني نهاية الحياة؟ ولا يعمينا عن رؤية من هو أكثر منه استعداد للحب والانسجام معنا، لأن هناك فرص أخرى كثيرة في الحياة من الممكن أن تأتي بغيره وبأفضل منه.
أنا حين كتبت أول قصيدة حب في شبابي كانت عن الهجر والعذاب واللوعة في الحب لماذا؟ لأني ورثت هذه الصورة من المجتمع، والشعر الغنائي والشعبي يعج بالصورة الأسطورية حيث المحبوب مرسوم بمفردات من الطبيعة كالقمر والبحر والورد والسماء والشمس والفراشات والطيور والمطر أو المعانات والعذاب والهجر والخيانة؟ والتركيز على الوصف بجماله فقط؟ وكانت محاولاتي الشعرية اللاحقة إعادة المحبوب من السماء إلى الأرض، فأن يحبني شخص ما بهذه الصورة فهذا يعني استلاب لي، لأني سأكون مجبرا أن لا اخطأ أو أنفعل أو أن أكون غير ما يتمنى أو ما يريد الذي يحبني، وهذه الصورة المثالية لا تصلح للإنسان وإنما للشخصيات الأسطورية كالملائكة والإلهة، ونزار قباني حين كتب عن الوجه الآخر المخفي من الحب أي الجنسي المقموع، ثارت عليه الناس وحتى بعض المثقفين؟ لأنه كسر صورة الحب الأسطورية العذرية، لكنه كان الأكثر مبيعا وشهرة في دواوينه من قِبل الناس نفسهم! أكثر من أي شاعر يكتب الحب الأسطوري في شعره، لأن الناس لا تستطيع أن تلغي الواقع بالتصورات الموروثة الأسطورية عنه.
أن الرجل في المجتمع العربي ضعيف عاطفيا جدا أمام المرأة أكثر منها، يتغير كثيرا حين يجلس معها أو يكون محط نظرها، يتملق لها فيجاملها بكلامه وينكت كي يضحكها أو يلفت انتباهها، وغالبا ما يعشق كل امرأة تهتم به، أو تكون قريبة منه مكانيا؟ ورغم هذه الرؤية الأسطورية للمحبوب يدرك الرجل أن لعبة المرأة في الحب هو الإثارة والتمنع عليه! وتدرك المرأة أن لعبة الرجل في هو الاهتمام بها والغيرة عليها وملاحقتها ومغازلها! وأن الجذب الجنسي هو الدافع الأساسي في إعجابهما، إذن فللحب وجهان في مجتمعنا العربي أسطوري معلن، وواقعي مخفي، والعشاق يعيشون هذه الازدواجية في علاقاتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل سقطت في فخ حماس..فكيف تترجم -الانتصار- على الأرض؟ |


.. تمرّد أم انقلاب؟ إسرائيل في صدمة!| #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد مسار عملية رمي جمرة العقبة في أول أيام عي


.. مراسل الجزيرة يرصد تطورات الخلاف في إسرائيل بشأن -هدنة تكتيك




.. مظاهرات في ألمانيا والنرويج نصرة لغزة