الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غياب الايديولوجيا ( انعدام القيم في كوردستان )

ئارام باله ته ي

2011 / 7 / 9
المجتمع المدني


غياب الايديولوجيا
(انعدام القيم في كوردستان)
عود على بدء . في نقد المجتمع الكوردستاني ، نقد الأحزاب الكوردستانية .
ان هذه الحالة المتشنجة التي نعيشها في كوردستان اليوم ناجمة في رأي البعض عن الفساد المستشري في مؤسسات الأقليم . ان هذا الرأي فيه الكثير من الصواب وان كنا نعتقد بوجود أسباب أخرى أيضا . لا مجال هنا لذكرها . حيث كلما زاد نصيب الأقليم من العائدات ، تزداد مطالب الناس بالحصول على حصة من هذه العائدات ، في ظل تكدس الأموال في أيدي فئة محدودة يزدادون غنى كل يوم أمام أنظار الشعب ورغما عنهم وبعيدا عن كل معاني العدالة الأجتماعية . ان من يعترضون على الوضع القائم ، انما يطالبون بحصتهم من (فائض قيمة الثورة) أو الغنيمة مادام المجتمع يفكر على طريقة (البدو) الذين يسعون لزيادة نصيبهم من الغنائم التي ينهبونها .
ما علاقة هذه بالايدولوجية ؟ و ما هو الربط بين الفساد والتفكير البدوي وغياب الايدولوجيا ؟ . لقد أشرت في أكثر من موضوع في مقالاتي السابقة ، ان المجتمع الكوردستاني لا يزال يفكر على طريقة (البدو) ووفق (منطق العشيرة) ، من حيث النظر للسلطة كغنيمة ، و تطبيق القانون على الشخص وفق قوته ونفوذه ومكانته الأجتماعية ومنصبه السياسي . ان هذا مناقض لكل قيم العصر الحديث ، ابتداءا من المساواة والعدالة الأجتماعية الى الديموقراطية الحقة وحقوق الأنسان . اننا أمام غياب شبه كلي (للقيم) الفاضلة في كوردستان . ذلك لأننا أسيري (التفكير البدوي) الفج والمنطق العشائري الذي لا يتمتع بنظرة استراتيجية ولا يستند على فكر أو ايديولوجية واضحة المعالم .
ان الأحزاب الكوردستانية جلها اليوم ليست لديها ايديولوجية كاملة ينشؤون عليها كوادرهم ، لذلك لا يوجد اليوم في كوردستان صراع ايديولوجي أو فكر ايديولوجي باستثناء (القومية) التي يدعي الكل تمسكهم بها . و لأجل هذا ينحصر الصراع (الديماغوجي) وقت الأزمات على الطعن في (قوموية) الطرف الأخر ، فينتج من ذلك الأتهامات المتبادلة بالتخوين ، التي تؤثر حتما على النسيج الأجتماعي الكوردستاني ، في حين أن الصراع يجري بعيدا عن (القيم) وبحثا عن المكاسب الحزبية وأحيانا الشخصية النفعية . ربما تمتلك الأحزاب الأسلامية الكوردستانية شيئا من (الايديولوجيا) ، لكنها ايديولوجيا على استحياء لأنها لم تستطع التوفيق بين رسالتها الأسلامية وقضيتها القومية ، في الوقت الذي نعاني من مشكلة قومية وليست دينية .
أثناء ظهور الحركات الأسلامية في التسعينيات تنامى مدها بسرعة رهيبة في كل الأوساط الشعبية تقريبا ، ذلك أن هذا المجتمع كان خاليا من الايديولوجيا ، فسدوا شيئا من هذا الفراغ . لكن عندما واجهوا تهمة ، عدم الجدية في المشروع القومي ، استسلموا أمام الأختبار الأول . ولم يتمكن منظروهم من ايجاد نظرية متكاملة تجمع بين مرجعيتهم الأسلامية وقضيتهم القومية . مع أنني اقول أحيانا بأن المادة الخام التي يمتلكها الأسلاميون في ظل الأرضية الراهنة لوا تم استغلالها بذكاء فسيكون بأمكانهم صنع المعجزات في كوردستان . لا ننكر أنهم تعرضوا للمضايقات والضغوطات أيضا ، لكنهم تخبطوا ايديولوجيا فضاقت بهم السبل .
ربما يعترض البعض بالقول بأن زمن الايديولوجيات قد ولى . وأن الأحزاب السياسية في الغرب الرأسمالي باتت اليوم تنافس على البرامج الأقتصادية والخدمية ومدى الأهتمام بالصحة والتعليم . فلسنا بحاجة للأيديولوجيا اذا . ان هذا الأعتراض غير وجيه ولوا للحظة ، لأن الغرب الرأسمالي مر بتجاذبات ايديولوجية وصراعات فكرية طاحنة ، حتى تمخض عنه الغرب الحالي الذي وصل من خلال الأصلاح الديني وعصر الأنوار والثورة الفرنسية والثورة الصناعية الى كل قيمه الأنسانية ، ولوا وسع المجال لشرحنا كيفية اتباعهم للديموقراطية و تبنيهم لحقوق الأنسان وكيف تم ذلك من خلال أستمزاج الأفكار وتمحيصها وتناقضاتها الحادة . بل حتى أن المتتبع لكتابات (ماكس فيير) حول الرأسمالية بأمكانه أن يلاحظ مدى الزخم الديني البروتستاني الذي يضفيه على الرأسمالية الغربية. ان الصراعات الفكرية مهمة جداً في أي مجتمع شريطة ، عدم وصولها حد استخدام السلاح . حيث لا يمكن تصور وجود قيم متأصلة و متجذرة في أي مجتمع كان ولا زال يعاني من خمول فكري . ان التطاحن الفكري ينتج (القيم) التي لا بد أن تمر بمراحل نموها الطبيعية ، دون اسقاطات جاهزة أو مستنسخة من تجارب وصلت مرحلة النضوج ، والا لن تكون لها البقاء أو ستكون سطحية على شكل زركشات مثلما هو عليه الحال في كوردستان .
لا أنسى أبداً ؟ عندما كنت في المرحلة الرابعة من كلية القانون ، وأثناء فترة الأنتخابات الحزبية الطلابية . طرح أحد اساتذتنا سؤالأ ذا مغزى كبير ، لا أدعي بأني فهمته حينها فهماً كاملاً . اذ قال لممثلي الأحزاب المترشحة . أنا شخص مستقل من يقنعني بالأنضمام لحزبه ؟؟ . بدت الأجوبة لأستاذنا ساذجة ومضحكة . لأنه منذ ذلك الوقت وحتى اليوم لايستطع حزب واحد في كوردستان اقناع الجماهير وفق (قيمه) ونظرته الأستراتيجية لمستقبل كوردستان . انما تتم الحملات الأنتخابية اعتماداً على الأنتقاص من الاخر وتشويهه و تخوينه واتهامه بالعمالة أو الفساد. من أجل ذلك كله نحن شاهدون على عمليات شراء الذمم في كوردستان ، و مادامت طريقة كسب المجتمع تكمن في شراء ذمته ، فليس من المنطق أن ننتقد الفساد الذي هو انعكاس طبيعي لمجتمع لا يتبنى القيم ولا يوليه الأهتمام ، لأن الشخص المبدئي والمقتنع بفكرة ما لايبيع ذمته ولايخطب ود الاخرين بالمال . وهنا تكمل العلاقة التي رسمناها في بداية المقال بين المجتمع البدوي التفكير والعشائري المنطق = غياب الايديولوجيا = الفساد .

ئارام باله ته ي
ماجستير في القانون
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حالة وصفات لمرض طبقي سياسي اجتماعي رجعي شبة
بارور ( 2011 / 7 / 9 - 22:41 )
العزيز الفاضل ئارام ماطرحتة في مقالتك الجيدة هي حالة وصفات لمرض طبقي سياسي اجتماعي رجعي شبة اقطاعي ليس بجديد على واقع جماهيرنا الكردية والتركمانية والكلداشوري والشبك والارمن والعرب بشمال العراق اقليم كردستان ولة اسبابة وتاريخ زرعة وترسيخ وانتشارة
هنا حضرتكم لم تتطرقوا الى اسباب ومسبب الامراض وحالات المرض ؟
بنفس الوقت لم تتطرق الى كيفية العرج والقضاء علية
اعتقد ان كاتب المقالة مصيب ببعض حالات رعب هذا المرض الشبة الاقطاعي الدكتاتوري الرجعي لمؤسسسة اغوات امبراطورية البارزانية والطالبانية واساليبها اللاانسانية والبربرية لكل من ينتقد ويعارض سياستهم وسلطتهم العشائرية اي البدوية الرجعية ويكون مصيرة السجن الاغتيال والكل يعرف بذلك !
عزيزي الاخ ئارام في اقليمنا كردستان لا توجد احزاب وانما هولاء عصابات ومافيوزات بدوية رجعية تتنافس مع بعضها اي الصراع والتنافس بين البارزانية والطالبانية هي مصالح ومنافع شخصية فقط لااكثر ولا اقل
اضافة الى ذلك زرعوا ثقافة القومية العنصرية الكردوية منذ الخمسينيات ولحد الان بالضبط مثل حزب البعث القومي العنصري العربي وغيرها من الافكار العنصرية امثال ه


2 - تابع بقية مقالاتي
ئارام باله ته ي ( 2011 / 7 / 10 - 00:58 )
أسباب الأمراض التي ذكرتها أخي ، كنت قد تطرقت لها في العديد من مقالاتي السابقة وبأمكانك التأكد من ذلك في هذا المنبر . وليس كل مقالة تحيط بكل الجوانب التي ادرجتها . ودعني أتحفظ على وصفك للأحزاب الكوردستانية وتشبيهها بحزب البعث ، فشتانا بين الأثنين بالرغم من أنتقاداتنا المستمرة للواقع الكوردستاني الذي نسعى للمضي به قدما .
تقبل تحياتي


3 - لتكون الكورد دولة رقم 194 علينا بالعمل
اسماعيل ميرشم ( 2011 / 7 / 10 - 03:52 )
اعتقد هناك فرق شاسع وواضح ما بين النقد المنطقي والعلمي والنابع عن الشعور بالمسؤلية الوطنية والانسانية اعتمادا على الوقائع والوثائق والارقام في سبيل الضغط على اصحاب الشأن لمراجعة انفسهم واساليبهم وتقييم وتصحيح اخطائهم ومحاسبتهم والبحث عن البدائل الممكنة والناجعة في سبيل انجاز ما تتطلبه خدمة والمصالح العليا للجماهير الكوردية في الاقليم وما بين التهجم والتشهيرعن دوافع كامنة و بعشوائية في محاولة مفضوحة للانتقاص من التجربة رغم نواقصها وسلبياتها المتعددة وعلى رأسها من وجهة نظري طبعا عدم القضاء على الفساد الاداري والمحسوبية المتفشية وكذلك عدم وجود خطة واضحة بعيدة المدى لللعمل على تمتين البتى الاقتصادية للتوجه في الاعتماد الذاتي فضلا عن عدم وجود توجه بعيد المدى نحو الاستقلال السياسي المستقبلي جنبا الى جنب مع تحسين حقوق الانسان والعمل على عدالة الرخاء في جميع مناطق كوردستان العراق ولنا من جمهورية جنوب سودان مثالا ومشعلا يحتذى لنكون الرقم 194


4 - لسان الطيب يطلع الحية من الزاغور
بارور ( 2011 / 7 / 10 - 12:46 )
مع الاسف تعليقي لم ينشر بالكامل لكن مع هذا سوف احاول ان اعلق مرة اخرى !
عزيزي الفاضل الاخ ئارام
ذكرت حضرتكم تتطرقتم باسباب المشكلة والان تطرح حالات ووصف المشكلة !
لايمكن لاي طيبب يطلق على نفسة طبيب لمجرد يعطي اسباب المرض وحالات المرض !
الطبيب الحقيقي يعطي علاج للقضاء على المرض لان المرض يحتوي على بكتريا وفيروسات سامة ! التركيعات والفرش باصباغ وتلميع الحفر لايعطي ولايفيد بل يزيد الطين بلة
ينطبق على المثل العراقي الشعبي
لسان الطيب يطلع الحية من الزاغور
الجياع والفقراء لايردون اللف والدوران وتركيع تاريخ الاسود لعشيرة مصطفى البارزاني وجلال الطالباني ومن عمل معهم في نهب وسرقة والاستيلاء واستغلال الاراضي الزراعية والمناطق والقرى منذ الخمسنيات ولحد الان !
اما ان تكتب الحقيقة واعتقد اما ان تلف وتدور في دوران وملف التركيعات
الاخ اسماعيل
بالمثل العراقي الشعبي
اعلق هنا فقط
ايدة بالماعون واصابعة بالعيون


5 - قال غاندي -كن انت التغيير الذي تريد ان تراه
اسماعيل ميرشم ( 2011 / 7 / 10 - 13:54 )
الى بارور ولو لست متأكدا من الشخص حقيقي ام اسم -حركي- يقول الشاعر احمد شوقي
ومن يستعن في أمره غير نفسه
يخنه الرفيق العون في المسلك الوعر
وهناك مثل اخر يقول- اذا رغبت في ان يكون ما تطلبه متقن الصنع فاصنعه بنفسك- و-تعاشروا كالاخوان وتحاسبوا كالغرباء-و هناك الكثير الكثير من الامثلة والحكم

اخر الافلام

.. كيف سيواجه اللبنانيون المخططات الغربية في ملف النازحين؟ وأي


.. طلاب العلوم السياسية بفرنسا يتظاهرون دعمًا لغزة




.. علي بركة: في الاتفاق الذي وافقنا عليه لا يوجد أي شرط أو قيود


.. خليل الحية: حققنا في هذا الاتفاق أهداف وقف إطلاق النار وعودة




.. البنتاجون كأنه بيقول لإسرائيل اقتـ.لوهم بس بالراحة..لميس: مو