الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خيار سلطة الاستبداد استخدام العنف

صاحب الربيعي

2011 / 7 / 11
المجتمع المدني


استقرار النظام وثباته يعدّ حالة جمود وليس تطوراً، فلا يمكن استخدام الأساليب ذاتها في استقراء الواقع الاجتماعي الذي تشغله كائنات بشرية تبتكر أساليب جديدة لخلق الصلات بينها تؤثر في النظام القائم وتتأثر به على نحو دائم فمن دون وجود آليات مرنة للنظام تستجيب للواقع المتغير لا يمكنه أن يستمر ويتواؤم مع مجريات التغيير بنفس آلياته التقليدية.
إن آليات السلطة المستبدة قائمة على خيار استخدام العنف ضد المجتمع لإعاقة تطوره غير المنسجم مع إيقاع تطورها فلا خيار أمامها إما التطور للانسجام مع ايقاع تطور المجتمع وإما استخدام العنف لعرقلة التطور ليصبح منسجماً مع ايقاعها. إن استخدام السلطة المستبدة العنف يعيق التطور الاجتماعي بدالة الزمن لكن صعباً إيقافه على نحو كامل لأن آليات المجتمع المتطورة على نحو دائم تعمل على إضعاف آليات العنف غير المرئية الساعية إلى بث الرعب والخوف في نفوس المواطنين لاجبارهم على الانصياع. مع الزمن يكسر حاجز الخوف الذي غرسته سلطة الاستبداد في الوجدان الاجتماعي ما يشجع على مواجهتها بعنف مضاد أو بإعتماد اجراءات سلمية تقوض مسوغات استخدام العنف بدعوى الحفاظ على النظام.
يعتقد (( نعوم تشومسكي )) " أن أحد أساليب حفظ النظام واستقراره تحقيق العدالة وتلبية مطالب المجتمع لتقليل حالة الاحتقان والتوتر، فالقبضة الحديدية قد تحفظ النظام لكنها لن تجعله مستقراً ".
إن الخلاف بين المجتمع وسلطة الاستبداد لا يتأطر بإجراءات استخدام العنف وحسب، بل بعقلية السلطة وفهمها القاصر للمطالب الاجتماعية أنها دعوى لتقليل إجراءاتها العنفية وليس التخلي عنها لصالح مؤسسات جديدة شرعية خاضعة للقانون في حفظها النظام.
إن التغيير الاجتماعي المنشود ليس أمراً يصدره رأس النظام المستبد لإيقاف إجراءات العنف ضد السكان المدنيين، وإنما مطالبة بتفكيك الأجهزة العنفية غير الشرعية التي لا تمت بصلة لمؤسسات الدولة الشرعية الخاضعة إلى القانون.
إن بناء أجهزة أمنية ومؤسسات عنفية غير شرعية لا تمت بصلة لمؤسسات الدولة الشرعية يعدّ خرقاً فاضحاً للقانون تمارسه السلطة المستبدة ضد الدولة والمجتمع، ولا يمكن الوثوق بالمؤسسات العنفية ذاتها عند إجراء أي تغيير حقيقي في طبيعة النظام القائم. لأن النظام يكتسب شرعيته من شرعية مؤسساته القائمة المنصاعة إلى القانون، فالسلطة التي تعمل على خلق أجهزة قمعية غير خاضعة إلى مؤسسات الدولة وأنظمتها تكون أقرب في نهجها إلى نهج المافيا.
يحث (( توماس كوهين )) الأنظمة القائمة على : " ضمان نجاح عملية التغيير والتخلي التدريجي عن مؤسساتها التقليدية القائمة لصالح مؤسسات جديدة ومتطورة ".
إن وجود مؤسسات دولة منصاعة إلى القانون يضمن حقوق المواطنين، فمن دون وجود جهة محايدة تعمل على إلزام السلطة بالقانون لا يمكن إلزام المواطنين بالواجبات. وعلى نحو مؤكد أن المواطن الأبن الشرعي للدولة لكن صعباً عدّ السلطة القائمة أبنة شرعية للدولة، فالسلطة أي كان شأنها ونموذجها يستهويها التصرف بسلوك عاهرة غير متقيدة بقيم المجتمع العامة.
يقول (( كونفوشيوس )) : " إنه حين يسود حكم القانون في الدولة، تكلم بجرأة وتصرف بثقة. وحين لا يسود حكم القانون في الدولة تكلم بحذر، وتصرف بحكمة ".
إن خيار سلطة الاستبداد استخدام العنف ضد المجتمع ليس خياراً عقلانياً على الاطلاق لأن العنف يعدّ الفيروس الأكثر فتكاً بشرعية القانون، فتحجيم استخدام العنف ليس إجراءاً إدارياً تتخذه سلطات عليا وإنما يجب أن يكون إجراءاً قانونياً تصدره سلطات مسؤولة تعي دورها في الدولة والمجتمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال


.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار




.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم


.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #




.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا