الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


14 يوليو 1958.. حاجة محلية أم ضرورة دولية (1)

سامي فريدي

2011 / 7 / 14
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


سامي فريدي
14 يوليو 1958.. حاجة محلية أم ضرورة دولية (1)
وكيف تُساسُ مملكة بعدلٍ .... إذا ما الحكمُ أصبحَ عسكريّا*
معروف الرصافي
مع بداية قرن جديد وألفية جديدة، فأن القرن العشرين بكل أحداثه وملابساته، ما له وعليه، يدخل في أرشيف التراث.. جثة باردة رغم كل ما خلفه من أمراض وأعراض تستمر في نهش جسد الشعب ، أفرادا وجماعات. والتعامل مع الأرشيف يمنحنا فرصة للتحرر من الحماس العاطفي والانفعال المؤقت الذي يذهب بالجوهر ويفخر بالمظهر. لقد ضاعت أجيال عراقية وضاعت فرص تاريخية من عمر الزمان وأعمار الشعوب، بسبب تلك الحماسة والعصبية، وثمة جيل أو أجيال جديدة تحاول الحفر والبحث في جوانب الماضي، وأساسات هيكله المقدس، الذي أورث هذه التركة الثقيلة التي ينوء تحتها حاضر البلاد ومستقبل العباد.
14 يوليو العراقية لها ميزاتها، ولها مثالبها. من ميزاتها، دعوتها العراقية الوطنية المخلصة، وهي دعوة تأخرت عمليا حوالي نصف قرن، - قياسا لنهاية العهد العثماني-، ومتأخرة ربع قرن –قياسا لحركة أنطون سعادة في بلد الجوار سوريا/ رغم الفارق الكبير بين مشروع علمي مدروس وحركة عسكرية طارئة-.
أي حركة عسكرية أو سياسية على أرض الواقع، لابدّ أن تعلن عن مبرراتها التاريخية، من خلال ما تتخذه من خطوات وتقوم به من اصلاحات وتقدمه من برامج عملية متقدمة، بما يرفع مستوى الواقع الاجتماعي ويخطو بالبلاد إلى أمام. ولكن هذا الانقلاب العسكري سرعان ما تحول إلى ما يدعى بثورة قرارات، لا تحتسب للزمن اعتبارا أو لواقع البيئة المحلية معيارا في مدى توفر الظروف المحلية الموضوعية لاستيعاب حجم تلك القوانين والقرارات، ولاسيما قانون الاصلاح الزراعي الذي تسبب في كوارث اجتماعية وسياسية في الجنوب والشمال.
أوقعت (الحركة) البلاد ضحية تناحر سياسي وعسكري وقومي، وزادت من معاناة الطبقات الكادحة والأقليات القومية والدينية، فأرخت لأول انشقاق اجتماعي وسياسي داخل المجتمع الواحد، بعد سنوات طويلة من محاولة بنائه وتوحيده.
ان ما يؤسف له، أن يستمر النظر إلى تلك المحاولة بمنظار أيديولوجي ضيق، دون اعتبار حقيقي لمصلحة البلاد ومصالح الطبقات الاجتماعية، سيما وأن انعكاسات يوليو 1958 لم تترك أحداً خارج آلامها، بينما فتحت الباب واسعا لسلطة العسكر والقومجية وتجار الشعارات وخدّام الخارج.
رغم كلّ ما قيل وكتب، فلم يكن للمحاولة أية رؤية سياسية أو مشروع اقتصادي وطني مدروس. وكيف يكون ذلك دون وجود طليعة سياسية أو نخبة مثقفة شغلها همّ الوطن ورفع مستوى الناس اجتماعيا وثقافيا، وغايتها زيادة ترابط النسيج الوطني.
لم تكن ثمة رؤية منسجمة داخل ما يسمى قيادة (الثورة). ومنذ اليوم الأول برز الشقاق والخلاف والصراع بين عبد الكريم وعبد السلام، ورغم أن تيار عبد السلام من قوميين ناصريين كان هو الغالب في صفوف الجيش، فأن وقوف الشيوعيين حوالي شخصية عبد الكريم غيّر موازين الصراع في البداية فقط. فاستقرت بذلك أمور الدولة والرياسة للعقيد عبد الكريم، وكان للوزارة المؤتلفة بين وجوه التكنوقراط، ووجوه المحاصصة السياسية، وما قدمته من برامج ومسودات قوانين ما رسّخ الهوية الوطنية لـ(الثورة)، لكن الملابسات السياسية التي اكتنفت الحكم منذ عامه الأول، رسمت نهاية الحركة ورئيسها بعد الذكرى الأولى لها. وقد استمرت البلاد في حال من فوضى ومهاترات حتى فبراير 1963 حيث استعاد القوميون الناصريون والبعثيون مقاليد الحكم وأصبح عبد السلام عارف رئيسا للبلاد (1963- 1966) ثم خلفه أخوه عبد الرحمن عارف (1966- 1968).
ان المراجعة الموضوعية تستدعي سؤالا مباشرا عن أهمية دور عبد الكريم قاسم، سوى الانقضاض على نظام حكم ملكي دستوري معتدل، ووضع البلاد تحت رحمة ثلة عسكر ليست لهم أية تجربة سياسية أو خبرة في الادارة والحكم المدني. وكان جهل العسكر في الحكم ممهدا للتسلّط والاستبداد. ولعلّ أخطر سؤال يراود الشخصية العراقية اليوم هو: هل كان حزب البعث وشخص صدام حسين قد برزا في الحكم لو لم تكن مقاليد الحكم انتهت للعسكر؟..
سامي فريدي
لندن
ــــــــــــــــــــــــــ
• قصيدة الشاعر الكبير معروف الرصافي (1875- 1945) مؤرخة في الخامس والعشرين من مارس 1920، وهي في ديوانه كاملة 2/157. وهذا يعني أن العبرة من القصيدة ومغزاها لم يصل أولئك العسكر، وهي قراءة اجتماعية سياسية فريدة لهاته الفئة التي داست كلّ شيء جهلا وغرورا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسؤول إيراني لرويترز: ما زلنا متفائلين لكن المعلومات الواردة


.. رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية يأمر بفتح تحقيق




.. مسؤول إيراني لرويترز: حياة الرئيس ووزير الخارجية في خطر بعد


.. وزير الداخلية الإيراني: طائرة الرئيس ابراهيم رئيسي تعرضت لهب




.. قراءة في رسالة المرشد الإيراني خامنئي للشعب حول حادث اختفاء