الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لهذا السبب اغتالوا الزعيم عبدالكريم قاسم وثورة 14 تموز / 3

رفعت نافع الكناني

2011 / 7 / 14
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


السياسة الخارجية للجمهورية الفتية : - عند قيام ثورة 14 تموز 1958 ترتبت على القيادة الجديدة في العراق القيام بمهام جسيمة على الصعيد الخارجي ، من خلال عمل وزارة الخارجية العراقية في ترسيخ وتعميق كيان الجمهورية العراقية الفتية على الصعيد الدولي . ومنذ اللحظة التي اعلن فيها عن قيام النظام الجمهوري كان لزاما على قائدها الزعيم عبد الكريم قاسم ، ان يخط ويرسم سياسة خارجية جديدة تعتمد الاستقلالية وتضمن مصالح البلاد وحقوقها ومصالح الامة العربية . لقد رسم البيان الاول للثورة الخطوط العريضة لسياسة العراق الخارجية والاسس التي تقوم عليها ، وتحديدا القضاء على التبعية وسياسة عدم الانحياز من خلال تمسك الجمهورية العراقية بسياسة الحياد الايجابي وفق مبادئ الامم المتحدة وميثاق مؤتمر باندوك . وقد اكد الزعيم عبد الكريم قاسم في العديد من احاديثة وخطاباتة ، بان العراق دولة حرة تنشد صداقة دول العالم كافة على اساس الاحترام المتبادل وفق الاسس والمبادئ المعلنة .

وفيما يخص العلاقات مع الدول العربية الشقيقة ، فقد اعلن سيادتة منذ اول يوم من انطلاق الثورة ... بان الجمهورية العراقية مدت يدها مخلصة لمصافحة شقيقاتها الدول العربية وسارت وفق سياسة التضامن العربي رغم العقبات التي اعترضت مساعيها في هذا السبيل . وليس غريبا على العراق العربي المعتز بقوميتة ان يسعى في هذا السبيل ... وهو كما قال زعيمة القائد في احاديثة المتواصلة بان العراق ( مربض العروبة الحقة ) وقد عملت الجمهورية بكل ما اوتيت من قوة لمساندة الشعوب العربية التي مازالت تكافح او ترزخ تحت نير السيطرة الاجنبية ماديا ومعنويا وبكل الوسائل المشروعة الاخرى ، فاصبحت بذلك قبلة انظار ابناء العروبة ومحط امالهم بعد ان تخلصت من الذين كانوا يسعون لتفريق الصف العربي وجعل العراق قاعدة للتأمر والعدوان على البلدان العربية المتحررة .

ان السياسة المستقلة التي اتبعها العراق بعد تحررة من سياسة التبعية ... اثبتت اكلها من خلال علاقاتة الجديدة مع دول العالم الاخرى ، فمنذ اول ايام اعلان الجمهورية اوفدت القيادة الجديدة ممثلها الى الامم المتحدة وزير خارجيتها الاستاذ جواد هاشم ، فوصلها في وقت كانت بعض الدول الكبرى (امريكا وبريطانيا ) قد انزلت قواتها في لبنان الشقيق وفي الاردن استعدادا لتطورات قد تحدث في منطقة الشرق العربي . لقد بذل الوفد العراقي جهودا عظيمة في سبيل اطلاع الدول الاعضاء في الامم المتحدة والرأي العام العالمي على ماهية الثورة واسبابها والسياسة الصريحة التي تنتهجها وقد سارعت 59 دولة الى الاعتراف بالجمهورية الوليدة في غضون الاسبوعين الاولين من عمر الثورة . ان هذا التاييد الذي لقيتة الجمهورية من الدول العربية المتحررة والدول الاخرى المحبة للحرية في العالم في اوائل ايام ميلادها كان من اهم العوامل التي ادت الى توطيد استقلال العراق .

بعد ان وطدت الجمهورية علاقاتها مع دول العالم ، بدأت بلعب دور كبير ومؤثر في العلاقات الدولية ، ومن اهم الاحداث التي وفقت حكومة الثورة في معالجتها هو العمل بالاساليب الدبلوماسية على سحب القوات الامريكية التي احتلت لبنان والقوات البريطانية التي احتلت الاردن بعد قيام الثورة . بعد ان بذل الوفد العراقي في الامم المتحدة في كل من مجلس الامن والجمعية العامة جهودا جبارة في سبيل اقناع وافهام العالم بان هذة القوات تشكل خطرا كبيرا على الجمهورية العراقية وعلى الدول العربية الاخرى ، وما تحملة من مخاطر على الامن والسلام في المنطقة .

ومن الانجازات الكبيرة للثورة الانسحاب من ميثاق بغداد والاحلاف والاتفاقيات غير المتكافئة . نحن نعلم ان البيان الاول للثورة ونصوص دستورها المؤقت اكدت عدم الانضمام الى الاحلاف العسكرية واقامة العلاقات مع كافة الدول على اساس الصداقة والمصالح المتبادلة ، لذلك كان من الطبيعي ان ينسحب العراق من حلف بغداد بتاريخ 24/3/1959 واصبح هذا التاريخ عيدا وطنيا يحتفل بة كل عام . ومن الانجازات الاخرى للثورة التخلص من كافة الارتباطات والمواثيق التي قيدت حرية العراق ، فبادرت الى الغاء الاتفاقية الثنائية مع بريطانيا ، ونتجية ذلك اجليت القوات الاجنبية من قاعدتي الحبانية والشعيبة . وانهت اتفاق المساعدات العسكرية بين العراق والولايات المتحدة الامريكية الذي تم عقدة بتاريخ 21 نيسان 1954 ، والاتفاق الخاص بالتصرف بالمعدات والذخيرة التي تجهزها حكومة الولايات المتحدة للعراق المعقود بتاريخ 5/7/1955، واتفاق المساعدات الاقتصادية المعروف (مشروع ايزنهاور) وبذلك استكملت الجمهورية الفتية حريتها الحقيقية كاملة وقضت على اخر قيد كان يشدها الى الاجنبي .

اما الموقف من البلاد العربية ... فقد تطرق وزير الخارجية هاشم جواد في خطابة امام الجمعية العمومية للامم المتحدة بتاريخ 29 ايلول 1959 والذي اشار الى ثلاث قضايا جديرة بالاهتمام الخاص من قبل الامم المتحدة وهي قضايا فلسطين والجزائر وعمان والجنوب العربي :-
القضية الفلسطينية : اشار الخطاب ان خلق اسرائيل كان من اكبر المآسي الظالمة التي ارتكبت ضد العدالة في التاريخ الحديث وكانت ولا تزال العامل الرئيسي في تعكير السلام واعاقة التطور في الشرق الاوسط . واكد على ربط خطر اسرائيل بمصالح الدول الاستعمارية التي تعتبرها موطئ قدم للتدخل في الشؤون العربية والعدوان عليها ، وخيرمثال على ذلك العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 . اما على الصعيد العملي وتحقيقا لرغبة الزعيم عبد الكريم قاسم في تشكيل نواة الجيش الفلسطيني فقد قامت وزارة الدفاع باعداد كل ما من شأنة ان يحقق هذة الرغبة السامية ، اشرك اخواننا الفلسطينين بدورة كلية الاركان ليتخرجوا ضباطا في المستقبل ، واشراك القسم الاخر في دورات تدريبية اساسية يشتركون بعدها بدورات الصنوف المختلفة ، وبعد تخرجهم سيظهر الى الوجود الجيش الفلسطيني الذي هو محط آمال كل عربي مخلص . كما تجلت رعاية الزعيم للاجئين الفلسطينين في العراق بابرز صورها من خلال توفير السكن الصحي لهم من خلال تشييد 140 دارا لهم في مدينة السلام ، كما عمدت الى تأجير دور عصرية للباقين منهم ، اضافة الى تخصيص مخصصات نقدية شهرية لهم ، وتبذل الدولة قصارى جهودها لتأمين راحتهم والتخفيف من النكبة التي حلت بهم باغتصاب وطنهم السليب فلسطين .
قضية الثورة الجزائرية :
لقد عالج سيادتة هذة القضية التحررية فناقش مشروع الجنرال ديغول الاخير حول حق تقرير المصير للجزائريين وطلب اتخاذ كافة الضمانات التي تحقق سلامة الاجراءات التي من شأنها ان تمكن الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها. كما اكد الزعيم ان المجموعة الدولية تعترف بحق تقرير المصير للجزائر ، هذا الحق الذي انتزعة شعب الجزائر بعد كفاح بطولي مرير ولكن المجموعة الدولية لا يمكن ان تتقبل الشروط القاسية والتحفظات التي ادخلها الجنرال ديغول فيما يخص الوقت وكيفية ممارسة حق تقرير المصير . وقد فند سيادة الوزير الادعاءات الفرنسية حول الجزائر من الناحيتين التاريخية والقانونية . وتثمينا لدور العراق في دعم ومساندة الثورة الجزائرية ، قام المجاهد فرحات عباس رئيس حكومة الجزائر المؤقتة في زيارة الى بغداد اعقبة وفد جزائري برئاسة كريم بلقاسم ، وقد اكد العراق على مواصلة الدعم من خلال توفير السلاح والمال للشعب الجزائري * * ، وبالمقابل مواصلة مقاطعة فرنسا سياسيا واقتصاديا والضغط عليها.
قضية عمان والجنوب العربي :
هذة القضية قد لاقت اهتماما خاصا في خطاب الوزير الذي اشار الى الاحداث المؤلمة التي تقع في هذا الجزء من العالم ، حيث تقوم بريطانيا بعمليات عسكرية منظمة في عمان وفي اراضي جنوب اليمن لكي توطد سيطرتها على هذة البلاد ، ولكي تحول بين الشعب العربي في هذة المنطقة وبين سماع صوتة في العالم . لقد اهاب وزير الخارجية بالامم المتحدة ان تعير المنطقة اهتمامها ، وقال بان من واجبها التحقيق عن تفاصيل النزاع القائم بين شعب هذة المنطقة من العالم وبين بريطانيا ، وعن اي الاسس القانونية التي تسوغ لبريطانيا وجودها في تلك المنطقة . وتأطيرا لهذا النشاط وبدعوة من الزعيم عبد الكريم قاسم قام سيادة غالب بن علي امام عمان بزيارة العراق بتاريخ 21 نيسان الى 2 مايس 1960 يرافقة سيادة سليمان بن حميًر امير الجبل الاخضر ، ووعد سيادتة للضيوف على وجوب قيام الدول العربية بتقديم المساعدة للمجاهدين العمانيين ، ماديا ومعنويا وسياسيا ، والعمل عى اظهار قضيتهم للعالم .

الدول التي اعترفت بالجمهورية العراقية رسميا بعد انبثاقها

الجمهورية العربية المتحدة والمملكة اليمنية واتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية وجمهورية المانيا الديمقراطية وجمهورية بولندا الشعبية وجمهورية جيكوسلوفاكيا الشعبية وجمهورية رومانيا الشعبية وجمهورية يوغسلافيا الاتحادية الشعبية وجمهورية هنكاريا الشعبية وجمهورية البانيا الشعبية وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية وجمهورية منغوليا الشعبية وجمهورية بلغاريا الشعبية وجمهورية الفيتنام الديمقراطية الشعبية وجمهورية الصين الشعبية وجمهورية اندونيسيا وجمهورية السودان والجمهورية التونسية والجمهورية الهندية والمملكة العربية السعودية والمملكة المغربية والمملكة الافغانية وبورما وسيلان وايران والمملكة اليونانية والجمهورية الباكستانية وجمهورية المانيا الاتحادية والجمهورية التركية واليابان والجمهورية الايطالية والمملكة المتحدة والاتحاد السويسري والمملكة البلجيكية والجمهورية اللبنانية والولايات المتحدة الامريكية والمملكة الدنيماركية والمملكة السويدية واتحاد الملايو وجمهورية الفيتنام الجنوبية وجمهورية فلندا والرتغال والجمهورية النمساوية وكندا والمملكة النرويجية واثيوبيا ( الحبشة ) والمملكة الليبية المتحدة وجمهورية الفلبين وتايلاند ( سيام ) والبرازيل والمملكة الهولندية واسبانيا وكمبوديا ولكسمبرج واستراليا والارجنتين وغانا ونيبال ولاؤوس .

يلاحظ مما ورد اعلاة ، ان العراق الجديد بقيادة زعيمة البارعبد الكريم قاسم ورجالة المخلصين وبسياستة الرشيدة والحكيمة قد مكن العراق من ان يأخذ دورة ومكانتة اللائقة بين الدول من خلال سياستة الوطنية المستقلة والتي تهدف لنصرة الشعوب المكافحة واعلاء شأن التضامن العربي . ونتيجة لذلك الجهد الكبير المثمر استطاع العراق ان يوطد صداقتة مع معظم دول العالم على اساس من الاستقلالية في اتخاذ القرار اولا ومصالح العراق ثانيا . وكانت بغداد قبلة الوفود والشخصيات العالمية التي زارت بغداد واطلعت على تقدم البلاد في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية . وفي ضوء هذة العلاقات الجديدة تم عقد جملة من الاتفاقيات الثقافية والاقتصادية والتجارية وعلى اساس متكافئ ، اضافة للعلاقات الدبلوماسية مع عدد كبير من الدول .

* * تقرر ان تدفع الجمهورية العراقية مبلغ مليون دينار عراقي في 1 مايس 1960 ( ودفع فعلا ) كما ستدفع مليون دينار آخر بعد مضي ستة اشهر اخرى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور أعين العناكب؟ | المستقبل الآن


.. تحدي الثقة بين محمود ماهر وجلال عمارة ?? | Trust Me




.. اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحافيون في غزة على خط النار


.. التقرير السنوي لحرية الصحافة: منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريق




.. بانتظار رد حماس.. تصريحات إسرائيلية عن الهدنة في غزة