الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحدي سلطة الاستبداد

صاحب الربيعي

2011 / 7 / 14
المجتمع المدني


ليس سهلاً أن تتخذ سلطة الاستبداد أسلوب الحوار سبيلاً لتفادي الأزمة السياسية من دون إدراكها أن خيار العنف سيواجه بعنف مضاد يقوض سلطتها، وصوت الرصاص مهما كان عالياً لن يزيد الخوف لكنه يزيد برك الدم فيتعاظم حقد المجتمع وكراهيته ضدها.
لم تعدّ مجدية سياسة الطرش السياسي التي تمارسها سلطة الاستبداد لحقوق المواطنين أنها تخرق نواميس الأرض والسماء بقتلهم واضطهادهم، فكلما تكشف خوفها سترته بإطلاق الرصاص لتعبر على نحو لاواعي عن قوتها ومع تعاظم الاحتجاج ضدها يعريها صوت الرصاص أكثر.
إن وقع كلمات احتجاج المعارضين في نفوس أزلام أجهزة العنف لها نفس وقع الرصاص الذي تطلقه بنادقهم كلاهما يقتل الآخر بأسلوبه والموت واحد، لكن الضحية تورخ بموتها صورة الشهادة والقاتل يورخ بموته صورة الاجرام.
يعتقد (( منذر حلوم )) " أن الكلمات كالرصاص لا معنى لها ما لم تطلق، ونحن بنادق كلام بعضها يقتل الوحوش، بعضها يقتل العصافير، وبعضها يقتل الناس وبعضها لا يطلق إلا الصوت أما هذه الأخيرة فلو أنها تصمت خجلاً في الأقل ".
يستوي السلطة أي كان نموذجها العنف أكثر من الحوار لأنه الأكثر سهولة في قهر الآخر وليس الأكثر جدوى فكلما بثت الرعب والخوف في نفوس مواطنيها ضعفت المعارضة. على خلافه إن تمكنت المعارضة من كسر حاجز الخوف ووظفته بالاحتجاج على نحو فعال يجبر السلطة على الحوار لإحداث التغيير.
يستغرق حقن جرعات الخوف في لاوعي المواطن سنوات طويلة لتجعله السلطة خانعاً يقبل بتوجهاتها من دون اعتراض، وفي المقابل تحتاج المعارضة إلى سنوات مضاعفة من النضال لتوظيف الحقد الكامن في وجدان المواطن وتحويله إلى مطرقة لكسر حاجز خوفه من سلطة الاستبداد.
يعبر (( منذر حلوم )) عن ذلك قائلاً : " إن كل حبة تراب، كل ذرة هواء، كل كلمة، كل شيء يتستر بغبار الصمت. أخلع جسدك عنك وافتح عينيك بعناد، وبُح بجسدك وروحك وعقلك ولسانك يفر منك الغبار ".
لا توجد سلطة خالدة للأبد إلا سلطة العدالة المتخاصمة أبداً مع سلطة الاستبداد لأنها توظف كل وسائل العنف ضد المعارضة للحفاظ على سلطتها وتسعى إلى تفصيل الزمن على مقاس نهجها في إدارة الدولة والمجتمع غافلة مجريات التطور بدالة الزمن. وتعتقد خطأً أن الوطن ملكها وأبناء المجتمع قطعان من العبيد كلما كان دوي سوطها قوياً على ظهورهم تسلل الخوف والرعب إلى نفوسهم فيثبت الخنوع في وجدانهم.
يخاطب (( روسو )) المستبدين قائلاً : " إنكم سائرون إلى الهلاك إن نسيتم أن الثمار ملك الجميع، والأرض لا يحق لأحد إدعاء ملكيتها ".
إن حقن الخوف والرعب المتواصل في جسد المجتمع، يُكسبه مع الزمن مناعة فيتصدى بشجاعة وتحدي لأجهزة العنف فتفقد سطوتها ويحدث التغيير الضدي داخلها وينتابها الخوف والرعب من مستقبل مجهول يُخضع ممارساتها العنفية للمساءلة القانونية حال انهيار سلطة الاستبداد أو يطالها الانتقام العشوائي من المواطنين.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية


.. شبكات | لبنان ترحل لاجئين سوريين طوعيا




.. حملة خيرية لمساعدة اللاجئين السودانيين في ليبيا