الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة مفتوحة إلى الحركة الإسلامية في الأردن

موسى العزب

2011 / 7 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وجهت نخب سياسية ونقباء محسوبين على الحركة الإسلامية انتقادات شديدة لأغلبية مجلس النقباء على خلفية عدم التوافق في الاجتهاد حول إقامة معرض للمعارضة السورية في مجمع النقابات المهنية، وتمارس قوة أساسية منفردة من المعارضة الأردنية أنشطة احتجاجية شبه يومية أمام السفارة السورية في عمان، وأصدر مؤخراً عدد من النشطاء السياسيين بيان تأسيس لجنة شعبية للتضامن مع سوريا.
لجملة من العوامل، يحتل ما يجري في سوريا بالنسبة لنا شأننا داخلياً أردنياً وأهمية حيوية خاصة، وبمعزل عن حجم الاختلاف بالرأي حول أبعاد هذه المسألة، فإن الأمر يتطلب من جميع القوى الوطنية الحية فتح حواراً صريحاً ومعمقاً، يحدد المشترك في هذا الملف ويحافظ على تماسك ووحدة القوى الأردنية التي تحمل برنامج الإصلاح.
نقرأ بإعجاب كلاماً يقوله أحد قادة الاتجاه الإسلامي المحسوب على الصف " الليبرالي " في الجماعة، يعبر فيه عن استنكاره لللّمز بالثورات العربية والتشكيك في حقيقتها ومنشأها وغايتها، متكئين على ما تشاهده من تدخل دولي في الشؤون الداخلية للدول العربية.
نقيب نشيط من نفس الاتجاه، يرعى معرض المعارضة السورية المقيمة في الأردن، يصرح: " إن الحرية والعدالة لا يمكن أن تتجزأ أو تخضع لمعايير واعتبارات مختلفـة " !
هذا خطاب تقدمي، ولغة جديدة نسمعها من هذا الاتجاه الذي اعتاد على خطاب النبرة العقائدية والشعارات المطلقة.
هو جهد حقيقي يبذله الاتجاه لمحاولة تفسير موقفه من الأحداث السورية، في إطار الفعل التاريبخي خارج مفهوم المؤامرة، واستعارة منهج علمي ينحى لاعتماد قوانين التطور الموضوعي للأحداث بجدلية سيرورتها وعواملها الموضوعية المؤثرة.
ولكن انطباع الوهلة الأولى يتبخر قليلاً عندما يشيد نقيب أكبر النقابات المهنية بموقف نقابة المهندسين الزراعيين التي أصرّت على إقامة المعرض في مواجهة موقف " أغلبية " أعضاء مجلس النقباء الرافضين لإقامته، ويدين من يريد احتكار الحقيقة.
وذهب أحد الصحافيين المحسوبين على هذا الاتجاه، إلى شتيمة هذه " الأغلبية " النقابية واصفاً إياها " بشبيحة ماهر الأسد "، وهو بذلك كان يعبر عن القناة التلفزيونية التي يراسلها أكثر من تعبيره عن موقف تيار سياسي. وسرعان ما نكتشف بأن هذا الحس الجدلي المستحدث عند إخواننا في الاتجاه، ينقلب إلى هجوم على كل من يختلف بالرأي معهم، حتى الشخصيات المناضلة من المعارضة السورية والمستقلة التي اجتمعت في دمشق للتشاور من أجل البحث عن حلول للخروج من الأزمة السورية، لم تسلم من صيحات التخوين.
كبداية لسنا هنا بصدد تناول مكونات الملف السوري الداخلي بعناصره وأبعاده التحليلية التفصيلية، فهذا ليس غرض الرسالة، وإنما محاولتنا هذه تشكل مدخلاً منهجياً عاماً لقراءة إرتدادات الأزمة السورية على جملة علاقاتها في المنطقة وتشابكاتهما مع الوضع الدولي، وانعكاساتها على العلاقات البينية للقوى السياسية داخل الوطن والإقليم. ونحن نقر بأن هناك زحام وارتباك في المعلومات ومعرفة محدودة في تفسير حجم الأحداث واتجاهاتها.
نحن هنا نتحدث عن حدث تاريخي قيد التشكل، ومرحلة انتقالية صعبة ومعقدة تحمل كماً كبيراً من الخصائص المتناقضة ومفتوحة على عدد من الاحتمالات، تفتقد حتى الآن إلى العمق المجتمعي الضروري، وإلى رؤية إصلاحية واضحة ومحددة.
ومثل غيرها من عمليات التحول السياسي تحتاج إلى تراكم تاريخي وقراءة سياسية عقلانية وفهم نضالي لمراحلها الانتقالية في إطار ضمان توفير حمايتها من التدجين والمصادرة.
قد نتوافق بداية على أن ما يجري داخل سوريا من حراك للتغيير والإصلاح، هو جزء أصيل من حراك " الربيع العربي "، على طريق تعزيز حرية الشعوب العربية وبناء مجتمعاتها على أسس الديمقراطية وحقها في التحرر الاجتماعي والمشاركة السياسية، إنها حاجة سوريا الماسة لمغادرة مواقع الحكم الشمولي، حيث تبرز هنا مسؤولية القيادة السورية بالتجاوب الكامل مع أهداف الحراك وحق الشعب السوري بالحرية والكرامة. وفي هذا المجال من الضروري الإشادة بالدور القومي الشجاع والثابت للشعب العربي السوري وخياراته الوطنية والقومية بتشكيل الإرادة والحاضنة الأساسية في مجمل الخيارات السورية، وحقه المطلق في الاحتجاج والتظاهر السلمي الديمقراطي للوصول إلى مطالباته وأهدافه، وتصليب دور سوريا المحوري في تحالف قوى المعارضة والممانعة في وجه المشروع الإمبريالي الصهيوني.
إن إطلالة موضوعية على خيارات القوى والاتجاهات الفاعلة في المشهد السوري الشعبي، تكشف التباساً وضبابية في طبيعة وأساليب وأدوات الفعل النضالي وإن كان سير الأحداث قد أخذ اتجاهين رئيسيين؛ من ناحية، هناك تناغماً وطنياً عريضاً، تتشارك فيه قوى الإصلاح وقوى المعارضة الداخلية وحركات الاحتجاج الشعبي، يؤكد على حق الشعب السوري بالاحتجاج والتظاهر ووقف استخدام العنف والبدء بحوار وطني حقيقي ومنتج يشمل جميع قوى المجتمع السوري، يفضي إلى إحداث التغيير اللازم في إنجاز إصلاح سياسي واقتصادي ينتقل بسوريا إلى الديمقراطية والتعددية والعدالة الاجتماعية.
يراهن هذا التيار على الحراك الجماهيري كضامن وحيد لتحقيق الإصلاح، في وقت بدأت فيه هذه القوى بتلمس أخطار التدخل الأجنبي وخطورة انزلاق سوريا إلى دهاليز ضرب السلم الأهلي والاقتتال الداخلي وتفتيت النسيج الوطني ووحدة سوريا واستقلالها.
لقد بدت المعارضة السورية في الخارج أكثر صخباً وحمل بيانها المعلن في مؤتمر انتاليا، منطقاً انفصالياً وهي تنادي مجلس الأمن سيء الصيت بالتدخل، وتستنجد بالاتحاد الأوروبي!! تحرك هذه المعارضة دوافع ذاتية إلى جانب عوامل أخرى، وتتبنى أسلوب العنف السياسي بدءاً بالعصيان المدني،. تدرك هذه المعارضة أن الظرف الذاتي والموضوعي لا يسمح لها بإنجاح " ثورة " في سوريا، ولكنها تمتلك القدرة على إحداث خراب وفوضى لكي تبقي المجال مفتوحاً لاستجلاب التدخل الأجنبي مستقبلاً، ولكن مرحلياً تحاول ضرب أية إمكانية للحوار والبحث عن قواسم مشتركة بين مكونات المعادلة السورية.
المفارقة الأليمة أن تنحاز الحركة الإسلامية في الأردن إلى جانب هذا الخيار، وفوق ذلك تحاول تمرير رؤيتها هذه على المجتمع وقواه السياسية، حتى ولو كان ثمن ذلك الإفلات من محددات وقواعد العلاقة القائمة على المستوى الوطني والقومي، وحاجة الحراك الشعبي في الأردن لدرجة عالية من انسجام ووحدة قواه.
على المستوى العربي، يشكل التيار الإسلامي سياسياً، وإلى حدٍ كبير، الثقل المنظم الأكثر حضوراً في مستوى الفعل الشعبي، ويبرز هذا التيار حالياً أمام الولايات المتحدة الأمريكية كبديل اعتراضي شبه إجباري وعلى درجة من الجهوزية في مواجهة انفتاح الخيارات السياسية والاجتماعية المعقدة في دول الحراك الشعبي.
يدرك الإخوان بأن الفرصة المتاحة أمامهم حالياً لن تكون بمنأى عن " شريك " ثقيل الظل، علاوة على أن الأحداث المتسارعة قد واجهتهم قبل أن يجري التكيف الأيديولوجي والسياسي بما يكفي للاندفاع البرغماتي الكامل في هذا المسار، خصوصاً وأن ما كسبوه من شعبيتهم خلال العقدين الماضيين، قد اعتمد بالأساس على موقف واضح وقوي تجاه تأييد المقاومة في المنطقة وعلى أرضية عداء سافر " للمؤامرات " الأمريكية الصهيونية وليس بناءً على تبنيهم لرؤية ليبرالية في التحولات المجتمعية.
في سوريا يتسرع الإخوان باعتقادهم بأن ثمة فاكهة آيلة للسقوط في سلّتهم، خاصة في ظل غياب بديل منظم وموحد ينافسهم، وافتراضهم توفر الفرصة لزعزعة النظام، هنا بالتحديد ينتظرون تدخلاً مساعداً من الدوائر الغربية لتسريع هذا الاستحقاق.
رغم التواجد التاريخي الهام للإخوان، وتموضعهم في عمق المشهد الشعبي، إلا أن نظرة الأمريكيين لهم لا تتجاوز الرغبة " بتأهيلهم " لكي يصبحوا جزءاً من رؤيتهم للشرق الأوسط الجديد، على أرضية مراجعة منهجية في التعامل مع الإسلاميين في منطقة تمتد من السودان إلى أفغانستان مروراً بسوريا والعراق، بما فيها فتح حوار علني مع " إخوان " مصر.
وحتى الآن لا نحيط بما يكفي بعناصر مـا يسميـه البعـض صفقـة تاريخيـة بيـن " الخصمين "، ولكننا الآن نلمس بوضـوح بـروز مؤشـرات " لفرصة كبرى " للطرفين.
في الأردن بالتحديد، ما زلنا نعيش عامل معيق أمام تمرير هذا السيناريو الناعم، فقد شكل التجذر السياسي للنخب الإسلامية في مواجهة الاحتلال الصهيوني لفلسطين، والغزو الأمريكي للعراق، عاملاً هاماً في إذكاء درجة عالية من العداء للسياسة الأمريكية، بينما جاءت الأحداث في سوريا لتحدث إرباكاً كبيراً في التعامل الإعلامي مع الحدث على مستويين؛
أولاً: تجاهل كامل للحركة الإسلامية لموقفها السابق من النظام السوري وعلاقتها الوطيدة والمميزة معه في هذا التجاهل للتجربة والتاريخ مستغرب من حركة سياسية نشيطة إعلامياً وتواصلاً مع الجمهور، تسمح لنفسها بالانقلاب في قراءاتها ومواقفها مائة وثمانون درجة دون أن تدرك بأنها ملزمة سياسياً وأخلاقياً بأن تقدم تفسيراً ومراجعةً نقدية وموضوعية لجماهيرية وأصدقائها وحلفائها حول أسباب وحدود هذا الانقلاب.
ثانياً: مفارقة مثيرة تكشف تناسي أي حديث عن الاستهداف الأمريكي _ الصهيوني للمنطقة، ولقوى المقاومة والممانعة فيها، والتهرب من تحديد التناقض الأساسي والمتمثل في دولة الاحتلال، وإضاعة للبوصلة السياسية في ترسيم أوليات البرنامج الوطني وأسس التحالفات الوطنية والإقليمية، خاصة عندما يتعلق الأمر بسوريا.
نحن نقر بدور الحركة الإسلامية وحقها بالاختلاف، ولكن ما تمارسه حالياً يعكس حداً عالياً من الإنتقائية والخلط السياسي.
إن التدخل الأجنبي هذا ليس مجرد وهم ودعاية رسمية، مع تأكيدنا بأن أي تدخل خارجي لا يعمل إلا بالإرتكاز على منصات داخلية.
في مواقع الشراكة السياسية للحركة، نتفق على أن دوائر صنع السياسة الغربية، ينظر إلى سوريا بأنها تساعد على تعزيز مقدرات " التهديد " الإيراني بوصفه خطراً على النظام العالمي!! وقانون محاسبة سوريا " ومحاور الشر " ما تزال مفعلة في الكونغرس الأمريكي منذ سنوات.
الإجراءات المنفردة التي تتخذها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تجاه سوريا تمثل فصلاً ثابتاً من سياستهم الدولية الخارجية، رغم تعارضها الصارخ مع مبادئ الأمم المتحدة وميثاقها الأساسي.
تمتعض هذه المنظومة من سوريا كونها تجرأت على البحث عن مسار سياسي إقليمي مستقل، ومع أن قدرة سوريا على استعمال قوتها خارج حدودها قد تقلصت كثيراً خاصة بعد خروجها من لبنان، إلا أنها ما تزال تشكل القدرة العسكرية الرسمية الوحيدة في توازن القوى مع الكيان الصهيوني، وتحتفظ بقوة ردع دفاعية معقولة، سمحت لها بممارسة سيادية " غير شرعية "، وذلك بترسيخها علاقات ورسمها لتحالفات مع قوى إقليمية كبيرة، وشكلت مظلة تكتيكية للمقاومة في فلسطين ولبنان والعراق، وفي العرف الغربي يعتبر هذا أمراً جللاً وعدواناً من شأنه أن يحد من إطلاق يد الولايات المتحدة والكيان الصهيوني من العمل بحرية كافية ويستوجب العقاب.
تحت مبررات مواجهة إيران في المنطقة، وتصاعد " خطر " حزب الله، برز الاستهداف الخارجي لسوريا، وسرعان ما تداخلت مصالح عوائد النفط الضخمة مع انتشار قواعد الأطلسي في كل دول الخليج وهكذا توزعت الأدوار، وارتكز الجميع على ماكينة إعلامية واسعة الانتشار وعالية التنسيق.
يقول أحد الإستراتيجيين الأمريكيين، " بأن السيطرة على احتياط الطاقة التي لا تضاهى في منطقة الشرق الأوسط، ينتج سيطرة كبرى واستثنائية على العالم، تمكن الولايات المتحدة من الاحتفاظ بتفوقها العسكري والاقتصادي للتحكم في صناعة الأحداث وتشكيل آراء الناس عنا ".
وقد رئينا كيف احتلت الولايات المتحدة العراق بدون سبب ظاهر، وما زالت تعمل هي وحلفائها على التأكد من فعل كل ما في وسعهم للحيلولة دون إنجاز أي ديمقراطية حقيقية موثوقة ليس في العراق فحسب، وإنما في عموم الوطن العربي.
في الشأن السوري، تعطي الدوائر الغربية دوراً خاصاً لفرنسا، اعتماداً على إرثها الاستعماري في سوريا ولبنان، ورعايتها الأبوية لتيار 14 آذار. الدبلوماسية الفرنسية مكلفة الآن باجميع تحالف دولي لتشريع بدأ العمليات الحربية ضد سوريا، وتنسق لوجستياً واستخباراتياً مع بعض التيارات الرئيسية للمعارضة السورية في الخارج. وتدرك الحركة الإسلامية بأن حكومة ساركوزي التي ترفض حتى الآن الاعتذار للجزائر عن حقبتها الاستعمارية، وما تزال تشكل اليوم الحامي الرئيسي للديكتاتوريا الوحشية في مستعمراتها السابقة وتغض النظر عن جرائمها الوحشية البشعة في إفريقيا مقابل ضمان تدفق احتكاراتها التعدينية، وفي الأمس القريب تواطأت قوات فرنسية في أكبر حرب إبادة جماعية في العصر الحديث، ذهب ضحيتها أكثر من مليون مواطن في رواندا، وتقدم اليوم الأسلحة للمعارضة الليبية بصورة دنيئة وغير شرعية لتأجيج حدة الاقتتال وتوفير الظروف لتقسيم ليبيا.
أمام انكشاف هشاشة الأنظمة القمعية العميلة، وامتناع الولايات المتحدة عن خوض معاركها المباشرة الخاسرة وفي إطار محاولاتها الاستباقية لاحتواء مخرجات التناقض بين الحراك الشعبي وأنظمة الحكم، بما يخدم مصالحها وأهدافها، تدفع أمريكا شريكتها في جنوب حلف الأطلسي، تركيا، " لترشيد " الطموح الإخواني وتدوير زواياه تمهيداً لإدماجه " المعتدل " ضمن مخرجات العمل السياسي في المنطقة، كأحد الخيارات التكتيكية.
منذ العام 2003، وفي بدايات التحول السياسي التركي أظهرت تركيا جهلاً " آثماً " بفهمها للديمقراطية على النمط الغربي، ورفضت المشاركة في غزو العراق، ثم صوتت بعد ذلك إلى جانب البرازيل ضد اقتراح أمريكي لفرض عقوبات في مجلس الأمن ضد البرنامج النووي الإيراني، ولكنها عملياً كانت " تتجاوز الحد " عندما قادت من موانئها أسطول الحرية الأول لفك الحصار عن قطاع غزة، ودخلت في مناكفات مع الكيان الصهيوني على خلفية التصدي للأسطول ووقوع ضحايا يبن ركابه.
بعد أفعالها " الآثمة " تلقت تركيا تحذيراً من مندوب أوباما الأعلى للشؤون الأوروبية، فيليب غوردون، من أنها " يجب أن تبرهن على التزامها بالشراكة مع الغرب "، " وعلى الأتراك أن يتبعوا الأوامر مثل كل الديمقراطيين الجيدين "، وأكد باحث في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي " على الأتراك أن يبقوا في الحارة الخاصة بهم " !!
يبدو أن الرسالة قد وصلت، حيث نرى تركيا الآن وقد انزاحت إلى الظل في موضوع فك الحصار عن غزة، وتركت الأسطول يتخبط في اليونان، على وقع عودة الدفء إلى التنسيق الإستراتيجي الأمني مع تل أبيب.
كسب أردوغان الانتخابات المحلية، ولكن محوره الذي سعى لإنشائه مع الآخرين في الإقليم، بجمع إيران مع العراق وسوريا وتركيا، نراه الآن يترنح على الأقل لأسباب واضحة في الدول المعنية، والظرف الجديد قد أدى عملياً لتراجع واضح في موقف تركي سيادي ونشط في المنطقة وخصوصاً في فلسطين، وانكفاء متواضع " للباب العالي " تحت المظلة الأطلسية.
وأعتقد بأن الحركة الإسلامية تدرك جيداً بأنه، حتى الآن، لولا الفيتو الروسي _ وليس الموقف العربي _ لكانت طائرات الأطلسي قد هيأت الظرف لقصف " الجيش العربي السوري " تمهيداً لتقسيم الوطن السوري " الشقيق " إلى مناطق ومعازل وخطوط طول وعرض تمهيداً لتفتيته وإنهاء سوريا كوطن وكيان ومجتمع وليس كنظام سياسي، والمثال العراقي ما يزال جرحاً مفتوحاً.
يمور العالم اليوم بالاضطرابات والتغيرات، والعالم العربي لا يسلم من تداعياتها، ومع ذلك فإننا لا نشهد تحركاً مباشراً على مستوى العمل العربي المشترك يرتقي إلى مستوى التحديات، لتدراك ما يدور على الساحة من أحداث وما يتهدد منطقتنا من أخطار.
وبعيداً عن الاتهامية ، فإن الجدل في الأردن لا يدور حول الموقف من الحراك الشعبي السوري وحق الشعب السوري في نضاله لإحداث التغيير الديمقراطي في سبيل الحرية والكرامة، وإنما حول حقيقة أخطار التدخل الخارجي وخطيئة الإنكار المتعمد لأخطار هذا التدخل، كما تشكل أساليب نضال الشعب السوري في هذه المرحلة، اجتهادات نظرية مختلفة مع التأكيد هنا بأن الأزمة السورية لن تحل إلا داخل سوريا وبواسطة السوريين.
للحركة الإسلامية عمق ودور هام في الحراك الشعبي في الأردن، ولها وزن في العلاقات والتحالفات على المستوى القومي والإسلامي، يتطلب منها أكثر من اصطفافات داخلية سجالية، عليها وعلى الحركة الوطنية الأردنية مسؤولية إطلاق دوراً مبادراً يرتكز على فهم موضوعي لإبعاد " المحنة " السورية، وقراءة شاملة للمتغيرات في المنطقة والتوجه لكل مكونات الحالة السورية، فبرنامج التغيير الذي نحمله يرتكز على مشروع ديمقراطي حقيقي، مرتبط بتصدي جدي للمشروع الإمبريالي _ الصهيوني، ومفتوح على المشروع العربي النهضوي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها


.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال


.. تعمير- هل العمارة الإسلامية تصميم محدد أم مفهوم؟ .. المعماري




.. تعمير- معماري/ عصام صفي الدين يوضح متى ظهر وازدهر فن العمارة