الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التنجيم والتدين

نزار كمال الدين جودت

2011 / 7 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


التنجيم و التدين
الكثير من الناس يسألون ما هو علم الفلك وما علاقتة بحياتنا نحن البشر ؟ للاجابة الدقيقة نبتعد قدر الامكان عن الكون و مجرياته و محتويات فضائه من انظمة و عواام المجرات واجرام لا حصر لها ولا تحديد يحدها ونتناول فقط اثر النجوم في حياة البشرية .
من اقدم الاهتمامات التي عرفها الانسان و نشأ كعلم مع الانسان الاول ورافقه في الخلاء و العراء متأثرا ببيئته و مطاوعا تقاليده و اوهامه كتسلية في فجر حياة الرعاة الاوائل الذين لم يكن لهم بد او خلاص في معظم لياليهم من مواجهة صفحة السماء المتلألئة بالنجوم فكان لابد لهم ان يلهوا بحديث عن هذه النجوم فيستأنسوا ببريق بعضها ويستخفوا بخفوت البعض الاخر دون ان يدركوا من حركتها شيئا او نفعا .
بعد ان خطا الانسان في تأملة و ادراكة اصبحت النجوم ذات قيمة و شأن عظيم من حركتها كان يسترشد الطريق و في ظهور بعضها تقويم لزراعتة او ايذانا بالكوارث ولم تكن مفاهيمة تلك تخلوا من الكثير من من الاوهام اصبح يرى فيها مستقرا للالهة ز موطنا للاسرارها و مقاما للقوى التي تتحكم بحياة بني البشر
هكذا عرف التنجيم و كان لابد ان يسمي بعض هذه التشكيلات النجمية المتساوية بالقدر الضؤي و المتقاربة في الموقع بأسماء متميزة و ما كان يعرفة ان ذلك سوى الحيوانات التي اعتاد عليها او المعدات التي يستخدمها كالدب و الاسد و الثعلب و الفرس و من المعدات الدلو و القوس و الميزان و غيرها .
من خلال التطور الاجتماعي في البيئة و العادات و التقاليد و مع الخيال الخصب لبعض الامم ان ترى في تلك التشكيلات النجمية صورا و اوهام و اضاليل كونت منها اقاصيص و اناشيد وتطورت بعدئذ لتتمخض عن وقائع تمثيلية يقوم بأدوارها الهة وابطال في عرض السماء وهكذا غدت السماء ساحة لمسرح عظيم من اجمل ما عرض عليه من مسرحيات مثل اندروميدا الفاتنة لا مجال لسرد قصتها رغم جمالها المهم هو صور خيالية لبعض ابطال هذه المسرحية تجمعت في هياكلها التشكيلات النجمية و ما زالت باقية في السماء تشهد بذكرى هذه المسرحية الخيالية الخالدة .
في العالم القديم مهبط الديانات السماوية في استعرض لتأريخ التنجيم نجد ان النجوم كانت مطمح اكثر الاقوام التي تعاقبت على تلك البقعة و تشكل احد اهم العناصر التي كانت تقوم عليها العقائد و الطقوس الدينية لاقوام مثل السومريين و الفراعنةو الكلدانيين و الاشوريين فقد وجد على احد الرقم التي خلفها الكلدانيون ما يشير الى تقسيم السنة الى اثنا عشر شهرا و بعضها الى ثلاثة عشر حسبما كان يتلائم مع الدليل النجمي الذي وضعوه كذلك قسم الشهر الى ثلاثين يوما واليوم الى 24 جزءا والجزء الى اجزاء ستينية و كانت النجوم الاساس في حساب التقويم المهم في الطقوس الدينية .
للحضارة الشقيقة في وادي النيل شأن كبير في التنجيم و صورة البروج التي وجدت منقوشة على سقف معبد وندرة شاهد على هذه المعرفة ان هذه المعرفة هي الاساس التي تقوم عليها عقائد و طقوس الديانات المختلفة اتخذوا من الشمس و القمر الهة اتون و امون يقدسونها و يتوددون اليها فهذة الوسيلة هي التي اوجدت شريحة الكهنة و دفعت الى تشييد المعابد الدينية وجعلوها تشهق الى الاعلى على شكل زقورات .
كان السومريين سباقين بربط الملوكية بألهة السماء و اعتبرو الملوكية تفويض الاهي بالحكم حتى الملك العظيم حمورابي استلم شريعتة باليد من الالهة 1793 – 1751 ق . م . و التشريع يعتبر اول الديانات فاليهودية في بدايتها لم تكن دين انما شريعة و محاكات موسى لحمرابي في استلام الوصايا العشرة ربما كانت صدفة او ما درج للتعامل به بين البشر والالهة سواء كانوا ملوكا او انبياء فقانون حمورابي هو الاخر عشرة اقسام اصدرها في 1770 ق . م. وهذة الاقسام تتعلق بالدعاوي والاموال و العقار التجارة و الاحوال الشخصية و العائلة و اصحاب المهن و الفلاحين و الاسعار و العبيد .
لقد اعتبر مركز الالهة مردوخ اله بابل الاكثر اهمية الذي قاتل الشر و خلق السموات و الارض و البشر و الحيوان و النبات يثبت ان فكرة الاله الواحد موجودة منذ البداية او لنكون اكثر دقة فكرة رب الارباب احد اسس الديانات القديمة و الصفات المهمة لمردوخ و في مطابقة للنصوص الدينية الاحقة والالهة في المنحوتات البابلية البشرية الشكل و الهيئة كما هو الحال مع سفر التكوين خلق الله الانسان على صورته من ذكر وانثى فالتورات لم تأتي بجديد فيما يخص سفر التكوين .
هذه المحاكات والتشابة و التداخل اصبح صعب الفصل خصوصا في الكتب المقدسة التي كتبت على فترة زمنية طويلة تصل الى تسعمائة عام و من الناحية العملية لا يمكن ادراك كل الجوانب في مقال قصير لذلك نعود الى العنوان .
من اهم المواضيع الجوهرية ارتباط الطابع الديني بأدب الاساطير بمحاكات واضحة دون ان يكون لها ارتباط بفكرة الله الازلي الواضع لقوانين الطبيعة و نواميسها بموضوعية سبقت البشر بملايين السنين فعمر البشر المنتصب القامة لا يقل عن خمسون مليون سنة فقط انما الكون ازلي لا تعرف لة بداية او نهاية والخليقة على الارض لا تعرف بداياتها بدقة و الاحافير تشير الى ما يزيد على 150 مليون سنة .
تبقى حاجة الملوك العظام مثل حمورابي الى مباركة الالهة في تشريع القوانين رغم كون تشريعاتة كانت عبارة عن مجموعة من الاعراف السائدة والديانة السماوية الاولى كانت تشريع و المسيحية اخذت منحى فلسفي اخلاقي و الاسلام هو الوحيد الذي جمع بين التشريع و العبادة و لكن كان صارما ربما بسبب الطبيعة البدوية المتمردة .
غير ان الاسلام دين حركي وليس سكوني فيه باب الاجتهاد والتفسير و التأويل مفتوح على مصراعيه ليحاكي كل الازمان ولكن علية تجاوز عقدتين الاولى عدم وجود مجتهدين لهم القدرة على الاستنباط موائمة للزمن الحالى من الاوجة التي تحملها النصوص وتكون مقبولة من الجميع او النأي عن السياسة والعودة الى الايمان الفطري وتترك مسألة فهم الوحي للعباد والثانية العقدة السلفية التي تفتخر بسلفيتها .
من كل ما تقدم نجد ان النجوم هي ايقونات العقل البشري في تأملها صاغ من بريقها اجمل الاساطير غير ان جمالها كان السبب في اختلاط المفاهيم لدى المجتمعات حيث تسود طبيعتها المتأئرة الى حد بعيد بجمال تلك الاساطير ويخف تأثير الوحي لحسابها لتكون عمليات التودد واقامة الشعائر و تعظيمها هي الاساس حيث يكمن الخطر في تحولها الى هوية تؤدي الى الطائفية .
ربما من المفيد ان نذكر ان هذه النجوم التي تزين السماء ما هي الا شموس هي اتون متوهج وشمسنا من القدر المتوسط بين نجوم مجرتنا درب البانه التي تضم نحو مئة الف مليون شمس اومانسمية مجازا نجوم وهي لا تصلح بالمطلق مستقرا او مقاما وما تزيد في كتلتها على شمسنا سر حياتنا يمكن ان تنهار لتصبح نجم نيتروني او ما يطلق علية ثقب اسود .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دين عظيم ولكن.. !
جعفر المظفر ( 2011 / 7 / 15 - 13:53 )
عزيزي الأستاذ نزار
هذه سياحة فلكية لذيذة .. نعم لكن الأجمل ما فيها هي هذه القدرة الرائعة على ربط التاريخ مع بعضه ثم تقديمه على شكل وجبات دينية وسياسية.
الإسلام بالطريقة التي تقترب منه هو دين عملي وتشريعي.. ذلك يجعله عظيما لكنه يمنح بعض رجالات مؤسسته الدينية ورجالاته السياسيين القدرة على تحويل حياتنا من خلال جوانبه القدسية إلى تعاويذ جاهزة وهذا ما يفترق ويتناقض مع روحه الإجتهادية مما يؤدي إلى وضعه على طرفي نقيض مع التقدم والتحضر, وفي ذلك جناية على الإسلام نفسه قبل أن يكون جناية على السياسة.. في المقابل يخطأ السياسيون العلمانيون حينما يتعاملون مع المسألة العلمانية على الطريقة الغربية وبشكل تقليدي بحث يتأسس على عملية التلقي وليس على الفكرة المتفاعلة.
يحتاج الأمر إلى كثير من الشرح, ولكن لا بأس من الإشارة إليه هنا بحدود الفكرة.
تحياتي لك ولقلمك المثقف السيال.

اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي