الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة على التديّن

زيد ميشو

2011 / 7 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عندما بدأت بكتابة هذا المقال كان هناك الأمل ...
عام الثورات ، بدأنا به ونأمل أن لاينتهي إلا بسقوط آخر دكتاتور ونظام قمعي في الشرق الأوسط والعالم ... ثورة تلو الأخرى وأمل يسبق آخر والجميع ينتظر ماينتجه صنّاع الحرية ...
معجزة تحققت في تونس وأكبر منها في مصر ولم نكتفِ ، فقد اعتادت أعيننا ومنذ مطلع العام الحالي على رؤية الاعتصامات والمظاهرات واسترطبت مسامعنا صوت الهتافات ، ومايزال الوضع كما هو إلا أن الحكومات انتبهت لخطر وسائل الإعلام فحجّمتها ، لذا فنحن لانعلم الكثير عما يجري في البلدان الأخرى ...
ومع بريق الأمل هذا ورغم النجاح الذي حققه الأبطال إلا أن القلق بدأ يساورنا والغيوم السوداء تأتي مسرعة لتحجب نور الحرية .... إنهم سرّاق الثورات الذين تكالبوا ليقودوا البلاد إلى هاوية أخرى ألا وهي الهيمنة الدينية ... إنها السيطرة الأخطر على الإطلاق ..
فإن كان الرئيس في بلداننا مدنياً أو عسكرياً لايقبل النقد ، فكيف الحال عندما يتقلّد مهمة قيادة الشعب فيدّعي بأنه حاكم بأمر الله ، وكل سلطته أنه رجل دين ، فيقدسه أتباعه ويتباركون به منحنين أمامه مقبّلين يديه ؟ أفلا يكفي شعوبنا من المرارة ماذاقته من حكام دكتاتوريين ليصبح لدينا أبشع منهم وبلباس ديني ؟
وهل هناك من يتصّور بأن السلطة الدينية تعترف بحرية الشعب وكرامته ؟ وهل هناك من يعتقد بأن الخضوع لرجال الدين والاعتماد على فتاويهم وآرائهم سيدعم الولاء للوطن ؟ إن كان هناك من يظن ذلك فهو غبي لامحال ، ولاحاجة لذكر البراهين على صحة ذلك إذ يكفي ماتشهده الساحة العربية من تفجيرات وقتل على الهوية واضطهاد للأقليات لنتأكد من إن رجل الدين بإمكانه أن يتسبب بكوارث تفوق الطبيعية من جراء سيطرته باسم المقدسات على الكثير من العقول المتحجرة والتي أصبح حاملوها أشبه بصاروخ موجه مسيطر من قبلهم .
وها هم اليوم وبكل صلافة ، يعملون المستحيل ليسرقوا الثورات ويعرقلوا نتائجها الإيجابية لتأتي بالويل على الشعوب التي ما أن نهضت من سباتها لترى نفسها في هاوية وجحيم قد يفوق الفترة المظلمة في عهد حكام أذاقوهم الأمرين .
فماذا نقول ، هل نقف ضد الدين والممارسات الدينية ؟ وهل نطالب بإغلاق أماكن العبادة ؟ قد يكون هذا هو الحل المناسب ، لكن الأفضل أن تترك حرية العبادة على أن يتم توجيهها بما يخدم المجتمع والدولة لا أن يهدد أمنهم وسلامهم ..
لذا وقبل أن تبدأ الثورات التي تطالب بإسقاط الحكومات في الشوارع والساحات ، فالأجدى أن تبدأ من الحد من سيطرة رجل الدين على عقول الناس والتحكم بمصيرهم والتدخل في ادق تفاصيل حياتهم مما يجعلهم بالتأكيد دمية يلعبون بها كما يشاؤون .
فالعقلية الدينية أصبحت خطرة كونها لاتوجه نفسها ذاتياً ولاتخضع لمعايير العقل ، بل هي رهينة أشخاص يقال بأنهم قد استمدوا تعاليمهم من الله ! .
فهل الله سبب في كل تلك التفرقة ؟ وهل تنسب إليه الحروب الطائفية والقتل بإسم الدين ؟ وهل أصبح مبدأ العقاب يطبق في الحياة والممات ؟ ألم يحن الوقت لنتحرر ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - amal
khalid AHmad ( 2011 / 7 / 17 - 22:04 )
اشكر الكاتب على مقالته المعبرة عن الواقع الماساوي الذي يعيشه الانسان في الشرق اذ انه بين مطرقة الحاكم الظالم وسندان رجال الدين ممثلين الله على الارض ،اخشى ان يكون حالهم كمن خرج من الحفرة بعد جهد كبيرفوقع في البئر


2 - التدين وصفات المتدين
طلال سعيد دنو ( 2011 / 7 / 18 - 01:03 )
العزيز زيد
عشنا حياتنا السابقة وكان المتدين فيها عنوان التسامح والهدوء والشاشة واليوم انقلبت الاية فاصبح المتدين عابسا متجهم الوجه حاقدا علاجه الوحيد لاي مشكلة هي القسوة ..نفس الاديان لم تتغير ولكن تغير التفسير والانتقاء وقلة الوعي عند المتلقي ولكم مرحلة سماتها نعيشها ونحاول ان نغير للاحسن على قدر ما نتحمل انا اتصور ان المشكلة الحقيقية هي التفسير للاديان وما يوصله من تعاليم وشكرا للموضوع المفيد


3 - الأستاذ زيد ميشو المحترم
ليندا كبرييل ( 2011 / 7 / 18 - 09:03 )
الاثنان يترافقان على طول التاريخ ، الدين والسياسة ، هي تحتاج إليه لدعم قراراتها الديكتاتورية ، وهو يحتاج إليها لتثبيت الجهل والأوهام ليحقق مصالحه على أكتاف البسطاء ، غير مطلوب إغلاق أماكن العبادة ما دام الإنسان لا يضر أخاه ، ولا يستثنيه ولا ينبذه ، المطلوب كما تفضلت الحجر على دور رجل الدين في إذكاء الفتن والشرور ، فقد نبع لنا متل البوب كورن أو البوشار خلال السنوات الماضية من الدعاة والداعيات ما يجعلنا نقف باستنكار شديد أمام هذا الجهل من الناس ومن المثقفين بالذات الذين يستقبلوا هذه الظاهرة دون احتجاج ، بل برضا تام وقناعة بما يقولون حتى صاروا مثل الله وأكثر أقوالهم مقدسة مبجلة . لا ~ ليس الله هو سبب التفرقة لأن الناس هم الذين خلقوا ( اللاوات) حتى كاد أن يكون لكل فرقة إله . مقال ممتاز عزيزي وشكراً لتطرقك لهذه النقطة الحساسة مع تحياتي


4 - السياسة والدين توأم سيامي
الحكيم البابلي ( 2011 / 7 / 18 - 20:32 )
العزيز زيد الورد
الدين والسياسة توأمان سياميان لا يتمكنان من الحياة لو تم فصلهما
وهذه حقيقة أثبتتها مجريات الأمور منذ فجر التأريخ ، ولم يتم إختراع الدين والمقدس والإله إلا لأغراض واسباب ومنافع ونتائج سياسية ، والدين هو اكبر العكازات السياسية في العالم ، اليوم وفي الماضي وفي المستقبل ، وإلى ان يتم خنقه
تصور ...ان الملك الاشوري سنحاريب ، وفي سبيل إقناع قومه بمهاجمة ودحر مملكة بابل ، أمر رجال الدين بإبداع اسطورة دينية يتمركز محورها على محاكمة إلهية للإله مردوك البابلي ، وإتهامه بالخطيئة ، وذلك في محاولة ومناورة للملك سنحاريب لتبرير حربه المدمرة ضد بابل والتي لم تكن ستلقى قبولاً واسعاً من مواطنيه وشعبه لولا حشر الدين والآلهة فيها كحجة وتحريض للغرض السياسي الرئيسي من الحملة
هذه القصة التأريخية تقول لنا بوضوح تام أن المعتقدات الدينية والإلهية كان غالباً ما يتم تسخيرها وإستعمالها لخدمة السياسة ، ولا زالت على نفس الحال لحد هذا اليوم ، وربما بصورة اوسع وأقبح وأشطر من السابق
تحياتي


5 - رجال الدياسيين لهلاك الشعوب
زيد ميشو ( 2011 / 7 / 19 - 05:12 )
العزيز خالد أحمد
هذا الذي يحدث فعلاً ... خروج من حفرة وسقوط في بئر

الخال العزيز طلال سعيد دنو
أن التسامح اذي يظهره المتدينين في زمن ما ليس سوى مرحلة لتعاد الكرة مرة أخرى
نفس الدين صحيح لكن التاريخ يعيد نفسه ... لايوجد تسماح إلا في فترة قصيرة وكأنها هدنة

الرائعة ليندا كابرييل
أعجبني مثل البوشار .... رغم الإختلاف ، فالبوشار طعمه لذيذ

ابن العم العزيز ... الحكيم البابلي
كلما كانت الحياة اصعب والجهل مستشري هذا دليل على قوة ماقلت عنهم التوأمان السياميان
متى مافصلوا ستبدأ الشعوب بالإرتقاء


6 - كارل ماركس
hakim amin ( 2011 / 7 / 19 - 06:17 )
لااعتقد ان ماركس كان مخطأ حين قال ان النقد اساس التطور---وان نقد الدين هومحور النقد






اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب