الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حنظلة ناجي / تفوق الاحساس على الوعي:

خالد عبد القادر احمد

2011 / 7 / 18
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


عديدة هي قمم الثقافة الفلسطينية, في مختلف المجالات, ومستوياتها المتعددة, وتعبيرتها المتعددة, غير ان لانتاج الشهداء محمود درويش, وغسان كنفاني وناجي العلي, نكهات خاصة من بينهم, ففي حين رفع محمود درويش شعرا ونثرا الشفافية الوطنية الى مستوى الروحانية السماوية, ومن ثم عاد فمزجها باخضرار اللوز واريج البرتقال والحياء من دمع الام ...الخ وعصرها جميعا وطنا واحدا, نجد غسان كنفاني في ام سعد جسدها مسارا يتصاعد من مخيم في حين كانت الرسميات تنحدر في منزلق الهزيمة, لقد قبض غسان على حالة تمايز وهامش التباين الوطني بين الطبقات والاتجاهات, اما ناجي فتمترس عند الجذر الاجتماعي للشفافية الوطنية بجذريته الشعبية وخصوصيته القومية, فجسدها رمزا اسمه حنظلة,
من الصحيح ان ثلاثة هذه القمم كانوا قوميين عرب, وكانوا جميعا يحاورون العلاقة الشعبية بمؤسسات الحكم, وكان قضائهم في هذه العلاقة ارهاصا مسبقا لحالة ( الربيع العربي) الراهن, وكانت محاكمتهم تستند الى دلالة طبقية ومنهجية, ولم تستند الى دلالة ثقافة بمسار التطور الحضاري, بل بقيت في سياق طموح وامل قدوم _ ربيعا عربيا_ , غير ان نضالهم رحل بهم عن انتظاره, فازهر الربيع من ذكرى نضالهم ونضال امثالهم, واحمد الله انهم ابكروا في الرحيل حتى لا يروا ربيعا ينكر جذوره,
فاليوم نتهم _ المعارضة التقليدية_ بالانتهازية, ونضعها موضع الشك, والاتهام, ونزرع اوسمة المبادرة على صدور الشباب ونحصر لهم الحقوق والحريات في ورؤاهم, حتى باتت الانتفاضة الشعبية اقرب ما تكون بنت زنى, لا اصل لها, بل يمكن القول ان المعارضة _ التقلدية_ باتت مستلقية على القوائم السوداء كمومس فاقدة للشرعية, ولا ادري اي ولاء تحمله هذه الانتفاضة للوطن ان لم يكن فيها ولاء لشيوخ النضالين الديموقراطي والوطني,
لا استغرب ان يؤكد مستشرقوا الغرب في الشأن السياسي المحلي, ضرورة الفصل بين القديم والحديث من قوى الانتفاض, ولا استغربهم حين يحصرون وسام الشرعية في امثال وائل غنيم, فالكورن فليكس اكثر تحضرا من الرغيف البلدي, واظن انني بالاشارة الى الكورن فليكس ابقى متخلف بالعلم عن الحديث من انتاجات الغذاء الروحي,
لم يعد يهمني امر مجريات صراع اجيال هذا الربيع, فانا الان شعر ابيض ينتمي الى جثث الماضي, ولم يكن الموت معي رحيما الى درجة ان يقبرني الى جانب اضرحة فجر الثورة الفلسطينية, وابقاني من اللذين قدر لهم ان يتلقوا عقاب هزيمتنا على صورة اصبع يرفعه ابنائنا لست ادري في وجوهنا او قفانا,
كل ذلك لا يهمني, ولم يكن بواردي اعلان رفضي لمشاعر الانكار هذه, وكل ما في الامر انني قرات للاخ بسام الهلسة موضوعه حول غسان في ذكرى استشهاده, فاخذني الى رحلة ذكريات, اولها يوم ذهبنا على الاقدام انا ونبيل من الوحدات الى الدوار الاول في جبل عمان لنسمع محاضرة غسان رحمه الله عن القوى والاحزاب الاسرائيلية, واللقاءات مع المرحوم ناجي خلال العمل في الكويت, وسماع حي لقصائد من المرحوم درويش كان فيها لا يضيء المسرح فقط بل دهشة احاسيسنا ايضا, كنت استغرب كيف يستطيع هذا الانسان ان يرسم مشاعرنا لنا ويفسر لنا ما خفي منها عنا, نعم نحن شعب يخجل من دمع امه, وفي بناء انسانيتنا اهرام من الشهداء وخيبات الامل والوان بيئتنا.
لم يكن ناجي ايضا يقلل شانا عن غسان ودرويش, فقد عبر باداة الكاريكاتير مبكرا عن المحاكمة السياسية الشعبية للمنهجية السياسية الرسمية, وكشف مبكرا التعارض بينهم وعورات الرسمية في ذلك, غير ان الشيء الذي ارتقى اليه ناجي وعجز عنه درويش وغسان هو حنظلة, والذي اعتبره الاعجاز المبكر لناجي,
في حنظلة اكتشف ناجي باحساسه خصوصية مسار التطور الحضاري الفلسطيني ومقولة خصوصية الهوية القومية الفلسطينية, فجسدتها احاسيسه رمزا لوطنيته تجسدها الرؤية التي لا يحيد توجهها ونظرتها عن فلسطين, ولا تبقي الى الخلف بالا ابدا, ويفصلها شيك حدود السيادة العروبية عن وطنيتها, وكيف يرسم الانهاك الفلسطيني من هذه العلاقة العرقية بالعرب مختصرة بالرقع والحفاء , لذلك لم يكن غريبا ان يعجز حنظلة عن التحرر من اسر السيادة العروبية المانعة للنضال الفلسطيني فبقي ذلك الشريد المهجر اسير شرق الشيك الحدودي ولم يخترقها حنظلة فيقف يوما غربه,
ان حنظلة رمز لثقافتنا حول المنهجية الرسمية في اسر الشتات الفلسطيني لا استضافته كما يقولون لنا كذبا وبهتانا وزورا, فمن من القمم الفلسطينية وصل الى مستوى الابداع هذا فجسد حالة قومية عامة وعلاقاتها واختصرها برمز بمثل هذه البساطة, ان حنظلة حالة من حالات تفوق الاحساس على الوعي والادراك, وهي من الحالات التي تحثنا الخبرة العالمية على الثقة بها,
وفي رسومات ناجي لم يكن هناك تعيين لسيادة من يعود الشيك الحدودي الفاصل للفلسطيني عن ارادته في النضال والتحرر الوطني, هل هو شيك السيادة الاردنية او السيادة السورية او اللبنانية او المصرية, ام هو كل هذه وايضا شيك سيادة دول الخليج والشمال الافريقي والعراق,
حتى الان, لا اجرؤ ان اتمنى ان ارى ملامح وجه حنظلة, اتحمل ابتسامة سخرية او مسحة الم معاناة او نظرة امل, لكنني لا استطيع ان انسى ولو للحظة وحدة التصاق حنظلة الدائم بالشيك الحدودي كانه يخاف ان يفقد الوطن, وحتى الان اعترف ان كمال حنظلة لم يجاري رقيه منهجية قيادية ولا تصريح سياسي ولا تحليل ثقافي, وحتى الان حين يحضر حنظلة يحضر ناجي فاقارن ضالة حجم جسمه بعمالقية حجم انجازه واقول .... وكم رجل يعد بالف رجل وكم رجل يمر بلا حساب, وقياداتنا من الصنف الثاني. اما ناجي فيبقى من ثوار الماضي والحاضر والمستقبل,








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب العمال ببريطانيا ينتزع السلطة من المحافظين بعد 14 عاما


.. محمد نبيل بنعبد الله، ضيف برنامج -بدون لغة خشب-




.. أعادت حزب العمال للحكم.. تعرف على نتائج الانتخابات العامة ال


.. بريطانيا تنتخب حزب العمال.. وفرنسا تتجه صوب اليمين المتطرف |




.. هل يجني البريطانيون ثمار اختيارهم السياسي بعد فوز حزب العمال