الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رضي الله عنه!!

عمر دخان

2011 / 7 / 21
المجتمع المدني


تقديس الأفراد في الكثير من الأحزاب و التوجهات السياسية أصبح أمرا لا يمكن تجاهله، خاصه مع وجود أحزاب تساند أشخاصا معينين بغض النظر عن أخطائهم و هفواتهم، و تُحرم على أي كان الدعوى إلى محاسبتهم أو حتى نقدهم نقدا شفهيا، و يصل حد التحريم إلى محاربه كل من حاول التحري حول حقيقه زعمائهم و حقيقه التجاوزات الكثيرة التي يرتكبونها و التي يتم التغاضي عنها بدعوى عدم تفريق الصف و الحفاظ على الوحدة المبنيه على الفساد، و كأن ذلك الصف من الهشاشة بحيث أن مجرد التحقيق في تجاوزات أحد قادته يعني الانهيار التام له.

مثل ذلك التقديس ينتشر بشكل كبير في أحزاب و جهات سياسيه كثيره في الجزائر، حيث تشخص الأحزاب و الجمعيات و الوزارات، و يصبح رئيس الحزب أو الجمعية أو الوزير هو المؤسسة في حد ذاتها، و يصبح له أتباع و مساندون يدافعون عنه مهما بلغ فساده و انحرافه، و مهما كثرت فضائحه و تجاوزاته، و اولئك الأتباع هم غالبا إما أشخاص مغرر بهم و يفتقدون قدوة حقيقية في حياتهم فيتشبثون بأول شخص يرونه، أو هم أشخاص يستفيدون ماديا و معنويا من وجود ذلك الشخص، و يدركون أن ذهابه يعني ذهابهم معه، و لذلك تراهم يستميتون في الدفاع عنه بشكل خرافي.

الكثير من أولئك "القادة" أو تلك "الشخصيات" يدركون جيدا قواعد اللعبة، لذلك تراهم يحرصون على أن تكون أعمالهم التي يجهر بها أعمالا طاهرة و تكاد تكون أفعالا أقرب للقدسية، بينما في نفس الوقت، يحافظون على أسلوب حياة خفي يساعدهم في مليء الحسابات البنكية و تحقيق المنافع الشخصية، و هي الأشياء التي تتم غالبا في الخفاء و بشكل يضمن عدم خروجها للعلن، و حتى و إن خرجت، فرصيده من الأعمال الحسنه المزيفه سيتم استعماله في تغطيه كل أفعاله الشائنة، و ربما يصل الأمر إلى استهداف كل من حاول فضحهم من أجل إشغاله بنفسه و إرسال رساله تهديد لكل من سولت له نفسه أن يكشف خباياهم و بلاويهم.

الويل كل الويل لك إن جرأت على مجرد التساؤل عن مصدر ثراء فلان، أو سر تكبره على الآخرين منذ احتلاله للمنصب الفلاني، لأن تساؤلا بسيطا مثل هذا و لو كان فعلا بغرض المعرفة لا التشكيك، يمكن له أن يجعلك مركز نيران تصب عليك من كل جانب، و كأن الهجوم على كل صاحب تساؤل سيجعل تلك التساؤلات تختفي و يحل محلها الاحترام لشخص تدرك إدراك اليقين أن التحقيق في أفعاله هو الحل الوحيد لمعرفة حقيقته، و لا يدرك المهاجمون لكل متسائل أن ذلك الهجوم لا يزيد سوى في إثبات حقيقه أن هناك أمرا مريبا يدور في الخفاء، لأنه لا يخشى النار إلا من في بطنه تبن، و الإنسان السوي السليم لا يخشى النقد و المسائلات لأنه يدرك أنه لا شيء لديه يخفيه أو يخشاه.

لذلك يكره الكثيرون الفكر الليبرالي، فهم يعلمون جيدا أنه في الفكر الليبرالي لا وجود للشخصيات المقدسة في المجال السياسي، و كوني أنا و أنت في نفس الحزب السياسي، أو كونك قائدا للحزب الذي أنتمي إليه لا يعني أبدا أن أتستر على أفعالك المخالفة للقانون و للأخلاق، بل بالعكس، سأكون أول من يحاسبك و يقصيك إن لزم الأمر، خاصه عندما تتعفن تلك الأفعال و تزيد رائحتها قوة، و تصبح حديثا للقاصي و الداني، بينما المغرر بهم و الأتباع الصم البكم لا يسمعون سوى ما يقوله القائد الفلاني، و الذي يؤخذ كلامه على أنه نصوص مقدسه، و يساندونه في الخير و في الشر و الصيف و الشتاء، و لا يمكن في يوم من الأيام أن يوجه أحد إليه النقد دون أن يتم نعته بكل شتيمة واردة في القاموس، و لو كان من نفس الحزب، فمن يدرك مصلحه الجميع مثل الإمبراطور قائد الحزب الفلاني، رضي الله عنه و أرضاه؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما آخر المواقف الإسرائيلية بشأن صفقة تبادل الأسرى؟


.. لغياب الأدلة.. الأمم المتحدة تغلق قضايا ضد موظفي أونروا




.. اعتقال حاخامات وناشطين في احتجاجات على حدود غزة


.. الأمم المتحدة: إزالة دمار الحرب في غزة يتطلب 14 سنة من العمل




.. السودان.. مدينة الفاشر بين فكي الصراع والمجاعة