الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


14 يوليو 1958 حاجة محلية أم ضرورة دولية (5)

سامي فريدي

2011 / 7 / 24
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


14 يوليو 1958 حاجة محلية أم ضرورة دولية (5)
ما الذي يجعل تاريخ مرحلة معاصرة قريبة جدا مثل فجر الجمهورية في العراق خبطا من الملابسات والتناقضات؟.. نفس الأمر ينطبق على مرحلة الغزو الأمريكي في (2003) وما أعقبها من تداعيات سياسية. السبب الرئيس هو فيض الأكاذيب والمهاترات الكلامية و(الاعلامية) في محاولة مقصودة لتضليل الحق في الباطل. حالة التناقض المتعسف في التاريخ الاخباري ليس حالة جديدة وفريدة ولا خاصة عراقية وانما لها جذور تعود إلى ما يدعى بفجر الاسلام أو صدره. وإذا كان تاريخ الاسلام قد دوِّن متأخرا بقرون، فلا مبرر يجعل احداث معاصرة غائبة عن الحقيقة السردية.
هذا السؤال يتعلق بالانتلجنسيا العراقية والحركات السياسية الفاعلة يومذاك ومدى موضوعيتها، إلى جانب سلطة النظام الحاكم التي عجزت عن تثبيت تاريخ موثق على طريقة ملوك آشور وأكد.
ولدت حركة يوليو 1958 في ظل خلافات متعددة المستويات، داخليا وخارجيا، عسكريا وسياسيا واقتصاديا. وفي حين جرى تسميتها ب(الثورة) على نهج الحالة الثورية للخمسينيات والستينيات، فليست في حقيقتها غير ظاهرة عفوية تفتقد أبسط قواعد التنظيم والتفكير والبرمجة. وقد استأثرت بها النزعات الفردية منذ بداياتها، فكان ارتباطها بما دعي تنظيمات (تجمعات) الضباط الوطنيين (الأحرار) في غاية الهشاشة والاستغلال الاعلامي والسياسي، عندما جاء انخراط عبد السلام عارف فيها متأخرا قرابة العقد في (1957) –فيما يعود تأسيسها إلى (1949) بريادة رفعت حاج سري-، ولم يكن عبد الكريم قاسم متحمسا لها وانما دفع إليها دفعا من قبل رفيقه عارف، ولم يكن تسلّط هذا الأخير فيها بغير ترتيبات ودعم عبد السلام عارف، الذي كان له الدور الأساسي والصدامي في تنفيذ مراحل الانقضاض على النظام السابق، ومعلن بيان الثورة الأول. وهكذا ظهرت نزعة الصراع والتنافس العسكري (حسب الرتبة العسكري- كان قاسم عميدا وعارف عقيدا، وبحكم الرتبة كان قاسم على رأس التنظيم العسكري). وهذا يقود لمناقشة العسكري والثوري في العملية السياسية، فكان قاسم عسكريا عمل على تسخير الوضع السياسي لنزعته الفردية، ولعدم تمتعه بالشعبية والاستحقاق السياسي والعسكري فقد عمل على تصفية خصومه المحتملين تحت خيمة ما اشتهر يومها بمحكمة المهداوي العسكرية الخارجة على أي سياق قضائي مؤسساتي. هذه المحكمة وممارساتها المنافية للقانون والانسانية، واجراءات سياسية وعسكرية أخرى قام بها عبد الكريم وحاشيته زادت من هشاشة التحول السياسي وسطحيته، كما فضحت عقده الشخصية وضيق أفقه الاجتماعي والسياسي، وفشل في ايجاد أرضية سياسية لتعامل مدروس يجنب البلاد هاوية المهاترات التي تعاقبت. وفيما تجري المبالغة بمسميات قرارات ثورية اجتماعية غير مدروسة أو ناجزة – منسوخة نسخا عن تجارب عالمثالثية وناصرية سابقة- ، يجري القفز على سبب الغاء مؤسسات البرلمان العراقي التي رافقت العهد الملكي وانتهت معه.
وأدناه عناوين مستويات الصراعات المحيطة بمرحلة يوليو 1958 بسبب انعدام الرؤية السياسية ونقص الحكمة..
1- بين عبد الكريم وعبد السلام
2- بين عبد الكريم وبقية اعضاء تنظيمات الضباط والمجلس العسكري (للثورة) –عبد السلام ورفعت الحاج مثلا-.
3- بين عبد الكريم والضباط الأقدم والأجدر منهم (ناظم الطبقجلي مثلا).
4- بين عبد الكريم والساسة القدماء البارزين (رشيد عالي الكيلاني مثلا).
5- بين عبد الكريم والتيارات السياسية الفاعلة (القومية أولا، والشيوعية لاحقا).
6- بين عبد الكريم وعبد الناصر على الصعيد العربي.
7- عزل العراق عن المحيط العربي والاقليمي.
8- استبداده السياسي وتدمير العملية السياسية الداخلية.
9- فيما عزل البلاد عن محيطه الاقليمي ومشروع ناصر الوحدوي، لم يدعم وجود أحزاب سياسية محلية عراقية كالحزب الوطني وحزب الاستقلال، لا شيوعية ولا قومية ولا اسلامية.
فالقارئ يتوق لمعرفة ما الذي كان يدور في فكر الزعيم قاسم وما هي رؤيته السياسية لواقع ومستقبل البلاد. هل استند قاسم إلى نزعته الوطنية المحلية في رفض مشروع ناصر؟.. وإذا كان رافضا لمشروع وحدة ناصر، فما مبرر انعزاله عن المحيط العربي، وفيه من القوى من يناهض عبد الناصر ومشروعه؟..
هل استند العميد قاسم (1914- 1963) إلى عقدة الرتبة العسكرية -أيضاً- في النظر إلى المقدم عبد الناصر (1918-1970)؟.. وهل كان لضعفه السياسي والشعبي أثر في تجاهل الرؤية السياسية لعبد الناصر الذي كان يحظى بشعبية واسعة في المحيط المصري والعربي؟ .. ماذا وراء جمعه المراكز القيادية الرئيسة في الدولة والحكومة في شخصه، مع تعليقه منصب رئيس الجمهورية طيلة مدة حكمه؟.. لماذا جرى تحجيم أدوار الساسة الوطنيين أمثال محمد حديد والجادرجي، في حين كان يمكن بالتنسيق معهما احداث نقلة سياسية اقتصادية في البلاد، وتنقذه من طوق العزلة الذي انتهى إليه؟..
كان قاسم شخصية وطنية، غير ذي طمع، فلماذا لم يستقل ويعتزل الحياة السياسية بعد فشله في إدارة البلاد، بدل استمراره في الحكم الفردي من غرفة عزلته في وزارة الدفاع؟..
لندن
سامي فريدي
*








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني