الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرام والحلال حسب الفتوى الإسلامية بين دعوتي الإفطار النمساوية والأمريكية

وداد فاخر

2004 / 11 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقول النص الفقهي ( حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة )، والتفريق بين الحلال والحرام بين بموجب الحديث الشريف ( الحلال بينْ والحرام بينْ وبينهما مشتبهات ) . لذا فقد حامت الشبهات حول ما قام به البعض من تجزئة لتحريم قبول دعوة السفارة الأمريكية لمأدبة الإفطار الرمضانية للجماعات الإسلامية ، وقبولها لمأدبة الرئيس النمساوي الدكتور هانز فيشر . وماذا يعني هذا التفريق في قبول ورفض الدعوة بين جهتين هي في عرف المدعوين تدخل تلقائيا ضمن النص القرآني الذي تبشر به القيادات الإسلامية في حالة التعامل مع الولايات المتحدة وبريطانيا ، والذي تؤكد عليه دائما في احتجاجاتها وتحريضها على العنف والقتال وتسمية الطرف الآخر ب ( الكفار ) في كل أدبياتهم . لذا فقبول دعوة الرئيس النمساوي والتبشير والتهليل لها ، وبحضور قطب اسلاموي كبير كمقدم برامج الجزيرة ، والمذيع الوحيد الذي احتضنته الفلوجة في أول هجوم كاسح عليها قبل أشهر ( أحمد منصور ) ، يثير أكثر من سؤال ، مع حضور تام لكل الجماعات الإسلامية العاملة على الساحة النمساوية .

لكن هناك عدة تساؤلات حول دخول جهات وأشخاص لا تحمل أية صفة دينية ، ولم يعرف عنها هذا التوجه ، ومثل القسم الأكبر منها إعلاميين ، ضد قبول الهيئة الدينية الإسلامية الرسمية في النمسا لدعوة الإفطار الموجهة من قبل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في النمسا ، وهي أول بادرة من قبل السفارة الأمريكية وفي مثل الظروف التي تعيشها الجماعات الإسلامية المعادية للولايات المتحدة ، ووجهوا نقدا لاذعا للجالية الإسلامية بشخص رئيسها الذي رد عليهم بان الاستجابة كانت بذهاب ( عدد محدود يمثل الهيئة الإسلامية ) والرأي مبني على ( إن استمرار الحوار هو الوسيلة الأجدى لإيضاح نقاط الاختلاف ومحاولة التوصل إلى حلول لها)

، وهو رأي صائب ويدخل ضمن فلسفة العصر الحاضر القائمة على الحوار الجدي بين جميع الأطراف المختلفة . لكن ما أثار الدهشة الكبيرة أن يقطع رئيس الهيئة الإسلامية الرسمية في النمسا حواره البناء ، ويترك مكان دعوة الإفطار في فندق ساس في العاصمة النمساوية فيينا ، وبدون أن يتناول طعام الإفطار ، ويدعي ( إن الحوار هو الوسيلة الأجدى لإيضاح نقاط الاختلاف ) ، بينما خرج هو ( زعلانا ) ومحتجا على الأصدقاء القدامى ممن فتح ( خرجه ) ل ( المجاهدين الأفغان ) ، وصرف ملايين الدولارات من اجل عيون كل من البروفيسور رباني ، وغلب الدين حكمتيار ، وعبد الرسول سياف ، يوم كان هناك عدو ( شيوعي ) ، وصديق أمريكي ، وقبل أن يكون ( السيد الرئيس ) رئيسا للهيئة الإسلامية في النمسا .

لكن نفس السؤال الغريب يظل بدون جواب عندما يتصدى للاحتجاج على قبول الدعوة الأمريكية ، شخصيات غير دينية ، لا علاقة لها بالفتوى ، ولا بالحجج الدينية . وما التقرير الصحفي الذي نشره صحفي يعمل مع فضائية دولة إسلامية تصنف ضمن التصنيف الأمريكي من ( دول الشر ) ، وأثبتت كل التقارير المحلية العراقية ضلوع الدولة المذكورة في تشجيع أعمال الإرهاب في الداخل العراقي ، وإلقاء القبض على الكثير من عملائهم ، وكان ذلك على لسان وزيري الدفاع والداخلية العراقيين .

كذلك جرى نفس الاحتجاج من قبل مندوب وكالة عربية ، وأصدر هو الآخر نشرة إخبارية احتجاجية سارت مع نفس النغم الاسلاموي السائد حاليا ، رغم انهماكه بمرض رئيسه الذي لم يشفي منه وأودى به إلى الحياة الآخرة ، قبل أيام قليلة ( بعد أن مكث في الحكم أطول مدة ) على رأي الشاعر الشعبي المصري المبدع أحمد فؤاد نجم .

وحتى لا نتيه في الجدل الدائر والاحتجاجات المتتالية للجماعات الدينية والدنيوية ، فان جوهر احتجاجنا ، هو في شرعية قبول دعوة الرئيس النمساوي ( الكافر ) بموجب التصنيف الاسلاموي للجماعات السياسية الدينية ، ورفضها من الجانب الثاني الممثل في السفارة الأمريكية ، وخروج رئيس الهيئة محتجا بعد قبوله للدعوة ، وعدم تناوله طعام الإفطار ، وهو السند الشرعي الذي احتج به رئيس الهيئة على المحتجين ضده من الرافضين ، وهذا التصرف من رئيس الهيئة الإسلامية لا علاقة له بالحوار الايجابي ولا بالدبلوماسية المطلوبة في عصرنا الراهن .

والسؤال هو : ما الفرق بين الدعوتين ، وكليهما وجهتا من طرفين يصنفان في عرف الجماعات الدينية ب ( الكفار ) ؟! . أما إذا كان هناك صديق والمقصود به الحكومة النمساوية ، كما يدعي الاسلامويين ، فان هذا الموقف هو موقف انتهازي بحت ، والجميع يعرف العلاقة الوثيقة للحزب الاشتراكي النمساوي بالصهيونية كما يطلق عليها دعاة رفض الدعوة الأمريكية ، ولا داع لتفصيل هذه النقطة التي يعرفها كل مواطني الجاليات العربية والإسلامية في النمسا . أو لان هناك ( خيار وفقوس ) كما يقول أخوتنا المصريين ؟

لكن الأهم من كل ذلك إن عربون الدعوة كان مدفوعا يوم تصدر( فرسان ) الحزب الاشتراكي النمساوي تظاهرة يوم 25 أكتوبر 2004 ضد الحكومة الانتقالية العراقية ، وألقى احد نوابهم كلمة الافتتاح عند نهاية التظاهرة في ( الأوبرا ) . ولكن لنسأل المواطن النمساوي من دافعي الضرائب : من الخاسر الحقيقي من الموقف الرسمي النمساوي الرافض منذ البداية للحرب على نظام صدام حسين الدكتاتوري الفاشي ؟! . والجواب طبعا المواطن نفسه الذي خسرت كل شركاته ودولته من المشاركة في إعادة أعمار العراق.

وقد راعني الوصف الخيالي الذي تفنن به من حضر مأدبة الرئيس النمساوي في ( الأوف بورج ) التي لم يدعى لها الكثير من (الخارجين ) عن الصف الإسلامي ، وهذا الوصف الخيالي جرى من قبل احد ( الزاهدين ) في الدنيا، حيث سطر في موقعه الالكتروني كيف دخلوا القاعة الإمبراطورية ، وكيف قدموا للرئيس النمساوي من قبل النائب البرلماني العربي ، دون أن ينسى وضع مهنة النائب قبل اسمه كنوع من البهرجة والزهو التي يرفضها الدين أساسا هي وتوصيف القاعة التي يتوجب بالزهاد النأي عن ذلك الوصف وإيراد البهرجة التي تتعارض مع الزهد بمباهج الحياة ( لان المهم في العاقبة ) ، كما نسمع ذلك منهم .

لكن في النهاية يبقى السؤال المهم دون جواب ، وهو ما الفرق بين ( كافر وكافر ) حسب المفهوم الاسلاموي ؟ .

* فيينا - النمسا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة تجنيد المتدينين اليهود تتصدر العناوين الرئيسية في وسائل


.. 134-An-Nisa




.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي