الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اعتداءات النرويج..فرصة للتفكر..

جمال الهنداوي

2011 / 7 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قد لا نجد الا القليل من المراقبين العرب من استطاع مقاومة الاغراء الذي توفره الهجمات الارهابية التي ضربت النرويج من خلال تسويقها كمؤشر الى وجود ما يمكن عده تطرفا دينيا اصيلا ضاربا في جذورالثقافة الغربية والفرص التي تتيحها امكانية ربط الاحداث مع سوابق تاريخية اخرى قد تقدم بعض الدعم لهذه الافكار..وهو الامر الذي قد يلاقي الكثير من الهوى في نفوس بعض النخب الدينية الاسلامية لأسباب عديدةلا تخفى، أهمها ما يرتبط بادامة الخصومة الأيديولوجية التقليدية وحسابات المنافسة الفكرية مع الآخر..
وقد تكون الذخيرة التي قدمتها الوثائق التي تم نشرها من قبل الارهابي أندرس بيرينغ برييفيك، المتهم بارتكاب الاعتداءين اللذين روّعا النرويج مبررا كافيا لربط هذه الاحداث المؤسفة مع التأثير المتعاظم للفكر المعادي للاسلام في العالم الغربي..واحالته الى عدائية مسبقة متجذرة في عمق الثقافة الغربية حد استعادة ادبيات وخطاب الحروب الصليبية في تفسير هذا التعشق ما بين الغرب والعداء للاسلام..وتبسيط المسألة الى حد الاستعجال باعلان النصر في معركة نقض الافكار المعادية للاسلام وتقديم صك براءة للحركات الجهادية الاسلامية من خلال التنظير لارهاب مسيحي غربي اصيل..
فعلى الرغم من واقعية أن الارهابي قد اسرف في الاستشهاد والاقتباس من اقوال مجموعة من الكتاب والمدونين الأميركيين الذين عرفوا بمناهضتهم للاسلام..ولكننا قد نستطيع بسهولة تلمس صدى قوي لهذه الاقوال في الخطاب الجهادي السلفي الاسلامي..ولن يكون من الاقحام لو ربطنا بين "اعلان استقلال اوربا"وبين البيانات التي تدعو لقيام الخلافة الاسلامية في اوربا والعالم..
وقد نستطيع الاعتماد –وباستخدام نفس هذا التمنطق- على الاشارات المعادية للماركسية التي تناثرت في البيان على وجود ابعاد اقتصادية واجتماعية قد تكون هي المحرك للاحداث اكثر من الدفاع عن معتنقات ايديولوجية ملتبسة..
لا نستبعد-ان لم نؤكد-ان التحقيق سيسفر عن صورة معتمة لرجل دين ما في احدى الزوايا الضبابية لثقافة هذا الشاب التعس قد استطاعت ان تقنعه ان العناية الآلهية سوف ترافقه وهو يخلط الاسمدة والمواد الكيمياوية المتفجرة..وان يد الرب هي التي ستضغط على الزناد لتطهير الارض والانفس مما لا يزدره هذا الكاهن والذي لا يختلف عن الحناجر الزاعقة على منابر الاقصاء والكراهية التي لطالما دعت الاله لكي يبطش بالآخر مستفزيه بهم لن يعجزوك..
أن البحث عن جذر ثقافي -أو ديني كما في هذه الحالة- للسلوك الإرهابي الجنائي ..مسلك قد يكون لا طائل من ورائه ويفتقر للدعم الذي توفره عادة الشواهد التاريخية او تفاصيل الحياة المعاشة..كما ان الذب عن المتبنيات العقائدية لا يكون من خلال التخطئة الكاملة للآخرولا عن طريق الترويج لسمو ورفعة ونقاء الذات..
فمثلما ان الكثير من الحركات الإرهابية التي تنشط في الساحة العربية الإسلامية لا يمكن نسبتها إلى الفكر الاسلامي اصالة ..فان التسويق الفج للارهاب المسيحي الغربي قد يكون ممارسة اقرب الى العبث منها الى التفكر السليم في جذور المشكلة ومنتهياتها..ولن يكون من الحكمة عدم الالتفات الى تقارب اساليب هذه التفلتات الجنائية مع تقنيات التنظيمات الراديكالية التي تتشابه في ممارساتها وتعتمد على ما تقتات عليه في عالمها الآني المعاش اكثر مما تتنادى به من خلفيات وسلفيات فكرية..
وبالتالي فإنه من الخطا استجلاب البعد الثقافي والديني في هكذا احداث اليمة والتغافل عن العوامل الاخرى مثل الاحتقان الناجم الشعور بالمزاحمة والاحلال الاقتصادي والاجتماعي المولد للخلط المشوش ما بين الامني والمجتمعي منتجا اندفاعا اجراميا يتجاوز التساؤل عن جدوى هذه الممارسات ومشروعيتها..ودون ان يرى ان "هناك ما يستوجب الادانة في ما فعله"
قد يكون هناك الكثير من الحكمة في محاولة تجريد هذه الاعمال المدانة من الغطاء الديني او الثقافي..وقد يكون الاكثر صوابا هو العمل على تنقية مجتمعاتنا من مثل هذه اللوثات التي قد توفر ارتداداتها بعض الفجوات التي من الممكن ان يتسلل من خلالها المزيد من الالتباسات التي تشكل علامة فارقة لايامنا التي نعيش ونعتاش بها ولها وعليها..فان كثرة الضجيج لن تغير من الامر شيئا..ولن تقوى على اضفاء بعد فلسفي الى مشكلة ناتجة عن تشوهات اجتماعية او سياسية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تطرفا دينيا اصيلا ضاربا في جذورثقافة الغرب!
حكيم العارف ( 2011 / 7 / 28 - 14:45 )
القس .جونز اعلن عن ارادته لحرق القران لجذب انظار العالم له ..

نفس المسأله حدثت عندما طفح الكيل بشخص تونسى واحرق نفسه حيا ..ظنا منه انه سيجذب الانظاراليه ومأساته..

وهذه الجريمه ايضا هى وسيله لجذب الانظار اليه والى رسالته التى يريد ارسالها الى الحكومه ...

للاسف دائما الانسان المسلم ينظر الى ديانة هذا الشخص ومحاولة الصاق التهمه او الجريمه على دينه ... ربما لان كل جرائمهم تنبع من الدين الاسلامى وبشهادة القران والتفاسير الجهاديه والارهابيه... لدرجة ان مسلمى النرويج خافوا لانهم ظنوا ان الاسلام هو السبب ايضا فى هذه الجريمه بمبداء -اللى على راسه بطحه- ...

هذا الرجل وجد ان الاسلام هو سبب مصائب اغلب البلاد التى يدخلونها ولذلك ولانه وطنى ويحب بلاده (فى نظر البعض) اراد ارسال برقيه صاروخيه للتنبيه من خطر الاسلام ... وطبعا المسيحيه لاتوافق على جرائم مثل هذه .... بينما الاسلام يؤكدعلى فعل هذا بغير المسلمين ...
وانا اعتقد ان من قام بتشجيعه على هذاهو شيخ مسلم وليس قس مسيحى... او على اقل تقدير تقليد المسلمين فى افعالهم الهمجيه

اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية