الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلف ايران-امريكا نهاية مرحلة وبداية ؛؛للشرق الاوسط الجديد؛؛

علي عبد داود الزكي

2011 / 8 / 3
المجتمع المدني



ان شعب ايران اليوم يعيش حالة صراع بين الفكر الديني وتناقضه مع احتياجات الانسان الايراني التي يفرضها واقع الحالي الاقليمي والعالمي. فماذا حققت ايران منذ سقوط الشاه لشعبها حتى الان؟ هل ستبقى ايران تدعم قوى التحرر العربية؟ هل ايرن العدوة لامريكا حققت شيء من الرفاهية لشعبها خلال العقود الثلاثة الاخيرة؟! هل ستدعم ايران قوى الديمقراطية العربية ام انها ايضا تخضع لاستراتجيات تخص الامن القومي الايراني؟!. هل ايران قادرة على مواجهة امريكا فعلا؟!! لقد ظهرت تيارات باسم الاصلاح تدفع باتجاه التعصب العرقي والقومي في ايران تسعى الى التغيير السياسي من داخل الهيكلية الدينية للسلطة. كما ان ظهور قوى شبابية متاثرة بفكر العولمة والنت ومنجرفة باتجاه امريكا بشكل كبير خلال السنوات الاخيرة بدا يزعزع نظام الحكم الاسلامي في ايران ومن المرجح ان يؤدي ذلك الى انهيار الهيكلية الاسلامية للسلطة بشكل تدريجي. ان القوى المؤثرة على الساحة الايرانية اليوم بدات تنجرف باتجاه امريكا بسرعة كبيرة لكن ما خفف من سرعة ذلك ليس امريكا او النظام الاسلامي في ايران وانما الذي خفف التقارب السريع هو وجود البقرة الحلوب (دول البترول في الخليج) التي تقدم على طبق من ذهب كل شيء لامريكا والغرب لتبقى عدوة لايران حيث ان ما جنته امريكا واسرائيل من مكاسب جراء عدائهما لايران كبير جدا ولا يمكنهما ان يضحيا بهذا المكاسب بدون مقابل.
ان لعبة السياسة والاقتصاد عالميا المتحكم الرئيسي الوحيد فيها اليوم هو امريكا ويبدو ان امريكا تعمل على استثمار كبير في الشرق الاوسط لادارة العالم بكفاءة واستغلال وتحكم اكبر. يبدو ان عصرا جديدا للشرق الاوسط سياتي على يد امريكا التي تتحكم اليوم وتستغل دول البترول الخليجية لفترة من الزمن الى حين التخلص من الانظمة الدكتاتورية في الدول العربية الاخرى والتي احيل قادتها على التقاعد الاجباري بتوقيع من البيت الابيض. حيث اننا لاحظنا سقوط انظمة عربية بانتفاضات تم التخطيط لها مخابراتيا في عالم النت والفيسبوك. ونلاحظ اليوم العديد من الدول العربية الاخرى تمر بمخاضات عسيرة لاسقاط دكتاتوريتها الدموية. من المتوقع بعد سقوط هذه الانظمة سيتدخل الفكر التكفيري (المتنمر بالقوة الاقتصادية الكبيرة لدول البترول الخليجية) لينشر الفوضى في كل المنطقة ليمنع اي نمو حقيقي للقوى الوطنية التي ممكن ان تحرر البلد من اي هيمنة خارجية وتمنع من الوقوع في شرك الاستغلال والهمينة الامريكية. ان كل بيادق الشطرنج من قادة وزعماء الدول في المنطقة يعملون لخدمة مصالحهم وبالحقيقة فانهم يعملون لخدمات مخططات امريكية كبرى من حيث يعلمون او لا يعلمون. فكل الدول التي عطت لنفسها حق التدخل في الدول التي تمر بمرحلة الانتقال الى الديمقراطية الامريكية فانها ستخسر. كما فعلت مصر عندما استمر نظام مبارك بالتدخل بالشان العراقي للسنوات الثمان الماضية لكن بالنتيجة خسر نظام مبارك في غفلة من الزمان ولم يجد له من حليف ينصره والمقاتلون الذين كان يدربهم ويرسلهم للعراق الكثير منهم رجعوا اليوم الى مصر ليعملوا بها ويؤسسوا لفوضى كبيرة قد تستمر لعقد من الزمان. امريكا لا تقول ماذا تريد من جموع السائرين في ركابها وانما تجعلهم يتخذون القرار الاغبى دائما. ان امريكا اليوم تجاوزت نظرية المؤامرة الى حتمية القدر. انها تتقدم نحو رؤية شرق اوسطية جديدة وستعمل على تغيير الفكر والرؤية العالمية للمفاهيم التي كانت سائدة منذ نهايات الحرب العالمية الاولى. ستعمل على تغيير مفاهيم الامة والوطن ولربما ستغير معنى قدسية الوطن والحدود. ان من يملك اقوى اعلام بالعالم قادر على نشر افكار جديدة ولن يتم ذلك بمحاضرة او كتاب او مقالة وانما بالتاسيس لذلك خلال عقد او اكثر من الزمن بترويج اعلامي وفوضى متواصلة. ان امريكا الوحيدة التي بيديها كل خيوط تحريك الدمى القديمة والجديدة وهي التي تعرف كيف تدير اللعبة. توجهت الاجهزة المخابراتية العربية والاقيلمية للتدخل في كبح اي تحول ديمقراطي في بلدان المنطقة لمنع قيام ديمقراطية حقيقة وتسهيل عملية قيام ديمقراطية عرجاء تحت المظلة الامريكية وللاسف ذلك لم ولن يتم الا على حساب شعوب المنطقة وستتولد من جراء ذلك انظمة ديمقراطية هشة لا قيمة لها وستبقى هذه الانظمة تحت هيمنة امريكا.
ان التدخلات العربية خصوص للدول النفطية سيعود بالضرر الكبير على تلك الدول من غير ان تشعر فانها ستتورط اكثر واكثر. فليس من السهولة السيطرة على المنطقة ككل باستخدام النفوذ الاقتصادي فقط خصوصا لو سحبت امريكا يدها من دعم القوى البترولية عسكريا لا بل ان انسحاب امريكا من الخليج سيمهد لريح تغيير جارفة ستزيل كل العروش القائمة اليوم. ان امريكا تتخلى بكل سهولة عن عملاؤها المتقاعدون مثلما فعلت بصدام وحسني مبارك. لذا فان امريكا ستوجه ضربة اقتصادية كبيرة لدول البترول الخليجية لافلاس هذه الدول وجعلها مديونة لامريكا مما سيمهد لانهيار هذه الدول التي لا تستطيع ان تنتج خبز شعبها وليس لديها خبرات محلية في الادارة الالكترونية الحديثة لتحمي مؤسساتها من اي اختراق خارجي. ان العداء الشديد الذي انتهجته الانظمة العربية الدكتاتورية خصوصا في الخليج ضد ايران قد تؤدي الى كوارث مستقبلية خصوصا اذا تغيرت السياسة الامريكية وسمحت بتقارب حقيقي بينها وبين ايران وسمحت بان تعود ايران لتصبح شرطي الخليج مرة ثانية في الشرق الاوسط الجديد. ان الشرق الاوسط الامريكي الجديد ستكون فيه 4 قوى رئيسية متحكمة وهي؛ قوة البترول (السعودية ومشروعها الوهابي) وقوة الترك (الدولة العثمانية الجديدة والتي قد تستخدم المياه في فرض سيطرتها وتدخلاتها في المنطقة) وايران التي تعتبر مركز الثقل الاساسي لتوازن القوى الاقليمية واسرئيل الطامحة الى دور اكبر في قيادة الشرق الاوسط في قرنه الحالي اما العراق فانه سيكون مركز الصراع بين هذه الدول وتوجهاتها وتناقضاتها.
ان رجوع العلاقات بين امريكا وايران سيكون ضربة قاسية لكل الخليج لان ذلك سيعيد للاذهان الشاه الذي كان يعتبر الحاكم الامريكي الاول في الخليج بلا منازع. ان ايران الصديقة لامريكا ستكون علمانية حتما وسيكون من الصعب التعامل معها خصوصا وفق ضوء المصالح والمؤامرات العالمية الجديدة التي ستحكم الوضع. كيف ستوفق امريكا بين هذه القوى الاربعة وستجعلها تتحرك وفق الهوى الامريكي؟! ان الولايات المتحدة الشرق اوسطية ستتشكل بعد عقد او عقدين من الفوضىى وما هي الا استثمار امريكي غربي في الشرق الاوسط. يبدو ان معالم العالم الجديد بعد انهيار الكتلة الشرقية اظهرت ضرورة حصول تغييرات في البنى الراسمالية بخلق عدو جديد للغرب وهو التطرف والارهاب لكن يبدو ان الارهاب والتطرف هو سلاح فعال بيد امريكا تستغله في احيان كثيرة لتتخلص من اعدائها بسهولة وبذلك تمهد لعصر جديد هو عصر الامركة (العولمة) وظهور نماذج جديدة للراسمالية فيما بعد فوضى الشرق الاوسط. هل ان ظهور الولايات المتحدة الشرق اوسطية هو نهاية امريكا؟ ام انه سيكون بداية جديدة لانهاء مرحلة الصراع العالمي والغاء كلمة مفردة نصر واستبدالها بنجاح؟!!. الامركة لن تتم الا وفق اخلاق اجتماعية جديدة وهذه الاخلاق تعمل امريكا على الترويج لها بشكل ماكر عبر وسائلها الاعلامية المختلفة وعبر تكنلوجيا المعلومات وعالم النت. نحن نتقدم نحو المجهول ولا نعرف ماذا ينتظرنا. نحن كمن يلعب الشطرنج مع لاعب محترف فكلما نظن باننا في الطريق الصحيح للفوز في اللعبة كلما كنا في الطريق الخطا وكنا ننفذ ما يخطط له عقل من نلعب معه.

د.علي عبد داود الزكي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العربية ويكند | الشباب وتحدي -وظيفة مابعد التخرج-.. وسبل حما


.. الإعلام العبري يتناول مفاوضات تبادل الأسرى وقرار تركيا بقطع




.. تونس: إجلاء مئات المهاجرين و-ترحيلهم إلى الحدود الجزائرية- و


.. ما آخر التطورات بملف التفاوض على صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلا




.. أبرز 3 مسارات لحل أزمة اللاجئين السوريين في لبنان هل تنجح؟