الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم الشك في العلم والدين

معاد محال

2011 / 8 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عندما جاءت الشريعة الإسلامية زودت معتنقها بالكتاب والسنة ليلجأ إليهما في كل زمان ومكان،لأنها جاءت شاملة سيجد فيها السياسة والاقتصاد والفن وعلوم الإنسان من النفس مرورا بالمجتمع وصولا إلى التاريخ، وإذا راودته الشكوك حول صحة حديث أو آية فتلك مجرد محاولات يائسة من ذلك الكائن الخفي والذي يرافقه دائما المدعو "الشيطان" لزعزعة الثقة بينه وبين الله، بهذه الإستراتيجية بسطت هذه الشريعة سيطرتها على عقل معتنقها وأغلقت كل أبواب الفكر و الإبداع و الاجتهاد لديه وجعلته حبيس ثقافة شبه الجزيرة العربية قبل أربعة عشرة قرنا لا نزال نلحظ ونلمس تأثيرها إلى حدود اليوم.
الشك، كلمة لا تترك رنينا طيبا عند سماعها أو مرورها من الذهن، لأنها لا تبعث على الاطمئنان الذي هو في الأساس أحد أهم غايات الإنسان في الحياة، لأن رغبة الإنسان في الإحساس بالاطمئنان حيال فكرة يتبناها أو شخص يشاركه حياته تجعل عقله بطريقة تلقائية يرفض أن تراوده الشكوك حيال تلك الفكرة أو ذلك الشخص. مما يدفعنا إلى السؤال: هل الشك حالة صحية أم حالة مرضية كما يبدو؟. لنأخذ مثالا ربما سيجيب على السؤال، لنتصور أنه توجد زوجتان، كل واحدة منهما يخونها زوجها، الزوجة الأولى من البداية تعلم أن زوجها-وأي إنسان آخر- ليس ملاكا طاهرا وبالتالي شكها فيه أمر طبيعي، أما الزوجة الثانية من البداية ترفض فكرة احتمال أن يكون زوجها يخونها ، في يوم من الأيام شخص رأى الزوجين متلبسين وجاء ليخبر الزوجتين بحقيقة زوجيهما، كيف ستتصرف كل واحدة منهما؟ الزوجة الأولى لن تصدق الخبر طبعا لكنها سوف تتأكد، وحالما تتأكد من صحة الخبر سوف تطلب الطلاق من ذلك الخائن وسوف تتابع حياتها بشكل طبيعي بعد أن اكتسبت تجربة سوف تساعدها على اختيار شخص أفضل وبالتالي تحسين حياتها،الزوجة الثانية سوف تكذب ذلك الشخص وربما ستسمعه كلاما بذيئا وستتهمه بالحسد ومحاولة التفريق بينهما( فكرة الشيطان) وستطرد الفكرة من وعيها، هناك احتمالين يمكن توقعهما حيال حياة المرأة الثانية، الاحتمال الأول أن تكتشف الأمر صدفة فتصاب بصدمة ستتسبب لها في اكتئاب، الاحتمال الثاني ستتابع حياتها في وهم العيش في حضن رجل معصوم عن الخطأ، وهذا بالضبط ما يحدث مع المؤمن اليوم، فالمؤمن يعيش في القرن الواحد والعشرين وهو على قناعة تامة بأن النصوص الدينية هي أفضل وأجود ما يوجد في المكتبة على الإطلاق، وتبقى-في نظره- محاولات الكتاب والأدباء و العلماء التي أغنت الفكر البشري، وساهمت في تطور ورقي حياة البشر مجرد محاولات بشرية دنيوية غير معصومة عن الخطأ، وبالتالي الاستخفاف بها والتقليل من شأنها، وإذا حاولت فكرة ما تختلف مع ما يعتقد التسلل إلى عقله فسوف يطردها لأنها-كالعادة- محاولة شيطانية لإضعاف إيمانه وزعزعة علاقته مع الله، وهذا ما يجعله يعيش في وهم دائم.
الشك هو حالة صحية، يساعدنا على تحسين أنفسنا وسلوكنا وحياتنا باستمرار،بواسطة الشك عقلنا يصبح أكثر انفتاحا ومستعدا دوما لتقبل وتبني الأفكار الجديدة، وبعد ذلك إذا تبين له أن تلك الأفكار التي تبناها غير ناجحة فإنه يتخلص منها، ويجعله بعيدا كل البعد عن التعصب والتزمت الفكري، كيف إذن يستطيع الإنسان تحسين تصرفاته دون أن يشك فيها، وينتقدها، وبالتالي محاولة تحسينها؟ ما يجعل الإنسان عظيما هو أنه يشك في قدراته باستمرار ويسعى جاهدا إلى تحسينها باستمرار.
كيف توصل تشارلز داروين إلى نظرية التطور؟ في عام 1931 وهو في 22 من عمره على متن باخرة الاستطلاع(البيقل) حول العالم، بينما كان يقطع سهول أمريكا الجنوبية كان يراقب طيور الناندو الشبيهة بالنعام، فكرة التطور ابتدأت بسؤال: لماذا خلق الله نوعين متشابهين من النعام؟ ثم تبع السؤال احتمال كون هذين النوعين ربما يعودان إلى أصل واحد. لو كانت نفس الفكرة تبادرت إلى عقل شخص مؤمن، سيغمض عينيه وسيحاول جاهدا التخلص من الفكرة ويلعن الشيطان الذي أوحى له بها، وسيحاول الانشغال بأمور أخرى كي لا يتمكن منه الشيطان صاحب الفكرة، الأمر ليس مبالغا فيه فنظريات المؤامرة في الأوساط الغربية اليوم تقول بشأن النظرية، أن الشيطان فكر مليا كيف يتخلص من الإنجيل من عقول الناس دون حرقه فابتكر نظرية التطور ولقنها لداروين! هل لاحظتم كيف يستخدمون الشيطان كي يقمعوا عملية الشك والتفكير لدى الإنسان؟
في مقابل ذلك أوجد لنا "علماء" الدين الإسلامي نظرية "الإعجاز العلمي"، الإنسان المسلم المؤمن لديه القرآن الذي يحتوي على كل شيء وهو ليس مطالب بالقيام بأي شيء، محيطه مليء باليقينيات حيث لا مجال للشك في أي شيء، لأن أجوبة كل شيء موجودة في القرآن، أما العالم الغربي المسكين لا يملك شيئا ولا يعرف شيئا، إنه مطالب بالبحث والكد و الاجتهاد و الاكتشاف والاختراع لتحسين حياته ومعرفة أسرار الكون، يبحث، يلجأ إلى التجريب، يشك باستمرار من أجل نتائج أكثر دقة، وحينما يصل إلى اكتشاف ما بعد عناء قد يستغرق لسنوات، يذهب الذي يسمي نفسه"عالم في الدين" إلى القرآن يبحث عن بعض الآيات يؤولها كي تتلاءم مع ذلك الاكتشاف، ويقول بفخر وتكبر على ذلك العالم: "الاكتشاف الذي وصلت إليه ذكره قرآننا قبل أٍبعة عشرة قرنا"، لكنه رغم ذلك يلجأ إلى تلك الأبحاث والاكتشافات لإثبات "الإعجاز العلمي" فيحصل على المال والشهرة وبعض الحسنات على حساب ذلك العالم الغربي الكافر.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر


.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي




.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا