الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقاء بسيط جداً ...ولكن :ومالو !

محمد ماجد ديُوب

2011 / 8 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


قبل يوم أمس اتصل بي أحد أصدقائي الذين أحترمهم وهو بالمناسبة أستاذ في الأدب المقارن طالباً من خدمة بسيطة بصفتي مدرساً لمادتي الرياضيات والفيزياء وهي أن ألتقي طالباً ترفع إلى الصف الثاني الثانوي الفرع العلمي قائلاً يقول هذا الطالب وهو إبن لصديق له يدعي أنه لديه نظريات جديدة في الرياضيات .فجأءة أحسست أني قد وقعت في حرج شديد إذ تنازعتني رغبتان .رغبة بالرفض لكوني على ثقة أن مثل هذا الأمر قد يكون من المبكر تحققه .ورغبة فيها من الدفع الفضولي الشيء الكثير لأعرف ماذا في الأمر .
وبسرعة قياسية تغلبت الرغبة الثانية فكما يقال لعل وعسى يكون في الأمر شيء جدي ربما .فقلت له ليكن ما تريد .أعطه رقم هاتفي وليتصل بي .وبالفعل البارحة ظهراً اتصل الفتى بي طالباً زيارتي فرحبت به وحددت له موعداً .الساعة السادسة مساءاً .
وفي الساعة السادسة تماماً رن جرس باب بيتي المفتوح دائماً ولم يكن في البيت أحدٌ سواي ,فصرخت تفضل وصعد الشاب درج البيت ووقف بالباب. فقلت له تفضل فدخل وأجلسته إلى جانبي وبدأت أدردش معه حول أموره الشخصية التي عادة يسأل عنها أي ضيف يأتي لزيارتك للمرة الأولى .
وبعد الإنتهاء من الترحيب والدردشة قلت له جاداً ماذا لديك يابني .فأجابني وقد احمر وجهه علماً على أن علامات الذكاء الشديد بادية على محياه .هات أرني نظرياتك فأجابني لم أكتب شيئاً فأنا لاأكتب بل أحفظ في رأسي كل المعلومات التي توصلت إليها .فقلت حسناً هل معك قلم فقال لاقلم ولاورقة ,فنهضت من مكاني وذهبت إلى مكتبتي وأتيت بقلمين ومجموعة أوراق بيضاء ووضعتها أمامه وطلبت منه أن يكتب واحدة على الأقل من نظرياته .
أمسك القلم وبدأ برسم دائرتين متماستين خارجا ورسم وترين مشتركين متقاطعين في نقطة التماس وقال إن القوسين المحددتين بهذين الوترين المتقاطعين تحددان وترين متوازيين . فقلت له هذه مسألة في كتب الهندسة القديمة (التي كانت قبل أن تقوم وزارة التربية بعملية التدمير الممنهج لمناهج الرياضيات والفيزياء قي البلد هذه لم أقلها له هذه لكم ). لكن الفتى أجاب وبلغة تحدي أن أحداً لم يسمع بها من قبل,
قلت له يابني من أتيت بها إذاً .رد هذه أنا ركٌبتها وفوراً انطلق إلى التحدي مؤكداً أن أحداً لن يستطيع حلها .وهي بالمناسبة من منهج الصف الثالث الإعدادي ( الكفاءة :شهادة الدراسة المتوسطة )
طبعاً المسألة يحلها أي طالب متوسط الإجتهاد بسهولة وليس هنا بيت القصيد كما يقولون .
وبعد أن أثبت له أن حلها سهل وهي ليست نظرية وبدأت أحاوره على قدر فهمه في هذا المجال .وبعد إنتهاء اللقاء الذي أصر فيه على أنه لديه الكثير من النظريات مثلها وأنه لن يعرضها أمام أحد لكي لايسرقون منه نظرياته, وغادرني وهو يأسف لأخذه من وقتي هذا الكم .إذ طال اللقاء لمدة تزيد عن الثلاث ساعات .
وبعد أن غادر . عدت إلى حيث كنت أجلس ورحت أفكر مسكين هذا الفتى لم يخرج من البيضة بعد كما يقولون,ولمجرد أن تمكن من حل مسألة لم يرها من قبل ضرب الغرور في رأسه وأخذ يتحدى .وسألت نفسي هل ما فعله هذا الفتى بعيد عما يفعله بعض من يشتغلون في سوق الثقافة والسياسة وخصوصاً على الساحة السورية في هذه الأيام ولكني أجبت نفسي على طريقة المدعو فقيها اسلامياً السيد يوسف القرضاوي :ومالو !!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستاذ محمد المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2011 / 8 / 7 - 07:11 )
تحيه وتقدير
صحيح ان الطرفين الشاب والمنقرض يفكرون وصحيح ان الطرفين شعرا ان الذي قدموه جديد لكنه عليهم
الطالب كان انبه واكرم واكثر ادباً من المنقرض...الطالب انسحب معتذرا وراضيا وقانعا انه اوجد شيء بعد جهد اما المنقرض يدعي هو النهايه في العلم والكمال والدقه وهو يحمل ما يحمل منذ الاف السنين وهي واضحه ويعلن انه يعرفها وموجوده لكن الاخرين عمي صم بكم وهو المتفتح
اما الشاب فانه لم يطلع على ما كان وجاء عارضاً
ختامها
ربط ممتاز وفيها من دون ان تقول فارق العمر
تقبل التحيه والى المزيد


2 - أخي رضا
محمد ماجد دَيٌوب ( 2011 / 8 / 7 - 12:06 )
إن من يتتلمذ على أيدي الآلهة لابد أنه سيمتلىء بشعور وهمي بأنه أصبح شبيه آلهته
وتقبل مني كل الحب والتقدير


3 - الأستاذ محمد ماجد ديوب المحترم
ليندا كبرييل ( 2011 / 8 / 8 - 03:21 )
ينطبق أمر هذا الطالب على كل نواحي الحياة، فنحن لا ننشأ في بيئة سليمة فكريا ونفسيا وعاطفياً ، وأن ينبغ إنسان بين أولادنا ترانا نحيطه بهالة من التقديس وكأن الأيام لن تجود بمثله ، كم نحن نحتاج إلى النقد الموضوعي المبني على مناهج علمية وهذا لم يدخل بعد في صلب الحياة العربية، لكني أعتقد أن هذا الطالب لا شك في ذكائه ولديه بذرة العبقرية ولو أنه اعتمد على نظرية قديمة وهو لا يدري، مثل هؤلاء مع غرورهم يضعونهم في الغرب في فصول خاصة بالعباقرة من الطلاب ليتمكنوا أن يتحاوروا ويحتكوا مع أمثالهم فيكتشفون مستواهم وقدرهم ، الإنسان يستحيل أن يدري على أي درجة هو يقف ما لم نضعه في بيئته السليمة، ولا يثبت في الآخر إلا من أتى بالفكرة الأقوى ، وضع مثل هؤلاء الطلاب في فصول خاصة سيدفعهم للمزيد من بذل الجهود والاحتكاك بمختلف القوى فيعتدل الغرور والوهم بالتفوق والتميز ، الضفدع داخل بئره يرى أن هذا كل العالم.. وما أوسعه !! فإن خرج من هذه أو هذا البئر أدرك كم كان عالمه ضيقاً محدوداً . خسارة هذا الطالب مع كل غروره وشكرا


4 - الأخت ليندا كبرييل المحترمة
محمد ماجد دَيٌوب ( 2011 / 8 / 8 - 05:05 )
لاشك بأن ماتفضلت بإيضاحه صحيح تماماً ومثل هذه الرعاية يجب توفرها في مجتمعاتنا .ولكن المأساة تكمن في أن أمثال هذا الطالب يتركون لقدرهم وأمثالي لايملكون سوى التوجيه نحو مستقبل يحقق فيه هؤلاء أكبر قدر من طموحاتهم ودون أن يقعوا في مطب تضخيم الذات الذي أجده من وجهة نظري المرض الأخطر في مجتمعاتنا المتخلفة
ولك كل التحية والتقدير

اخر الافلام

.. لماذا لم تتراجع شعبية ترامب رغم الإدانة؟| #أميركا_اليوم


.. 10 شهداء بينهم أطفال وعدد من الإصابات في قصف استهدف منطقة رم




.. بن غفير: الصفقة تعني التخلي عن تدمير حماس فإذا ذهب نتنياهو ب


.. تشويه لوحة فرنسية شهيرة بسبب التقاعس بمواجهة التغير المناخي




.. تظاهرة في مدينة بينغول التركية دعماً لفلسطين وغزة