الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دائرة المنظمات غير الحكومية أم دائرة منظمات لأحزاب الدينية ؟

روزا يوسف

2011 / 8 / 9
المجتمع المدني


دخلت وأنا أحث خطاي منهكا متعبا متأبطا رزمة من أوراق ومستمسكات وطلبات منها مستنسخة وأصلية ، كان الإصرار يحدوني وتحت خافقي أمل قد تعلق بين هاتيك القدمين ، عند بوابة الاستعلامات استوقفني مسؤوليها ، عرضت ألمستمسكات عليهم أرشدوني إلى الطابق الرابع فإذا المعاملة أخذت تدور وكل قسم يبين نواقصها ، رجعت بخفي حنين كما يقال ، هنا بدأت رحلة المعاناة ، لقد فرضت ليس أحيانا إجراءات يمكن أن نسميها تدخلات في شأن منظمات المجتمع المدني لاسيما وقد وصلت هذه المنظمات إلى مستوىً متقدم بعدما نالت ثقة ورضى المواطن التواق إلى بناء مجتمع مدني يخلو من العنف والطائفية ، فاتسعت دائرة هذه المنظمات في مجالات حياتية شتى فانتظمت في ورش ثقافية وبناء قدرات للشباب وبرامج تعليم الحاسوب والخياطة والإسعافات الأولية وبرامج محو الأمية للكبار والصغار ومحاضرات في حقوق الطفل والمرأة وحقوق الإنسان وتوزيع المساعدات المادية والعينية على شرائح معدمة وفقيرة في أحياء بغداد والمحافظات، كما أقامت العديد من الزيارات للعوائل والأرامل والمطلقات والوقوف على مشاكلهن ، وبعض المنظمات قامت بتوزيع مكائن الخياطة وكراسي للمعوقين وأرسلت بعض المرضى إلى الخارج لتلقي العلاج ، رفدت النوادي الرياضية بالتجهيزات الرياضية وأقامت المسابقات بين المناطق ذات العنف الطائفي ظنا منها بإزالة العنف أو التقليل منه على اقل تقدير من باب المصالحة الوطنية ،رفدت بعض المدارس بالمكتبات والكتب والتأثيث . إذا أحصيت منجزات هذه المنظمات لن تجد لها رقما تقف عنده ، فهي التي وقفت في ساحة التحرير وقامت بفضح ساسة الاختلاس والسرقات والعقود الوهمية والطائفيين والمفسدين والمزورين كما استنكرت في جميع المناسبات المجازر الدموية التي تقوم بها القاعدة وفلول المليشيات المرتبطة بإيران وهذا ما تعجز بل عجزت وزارات من القيام به . إن دائرة المنظمات غير الحكومية المرتبطة بمجلس الوزراء ، فالإجازات التي تصدرها الدائرة لمنظمات المجتمع المدني لا تصدر إلا بموافقة المجلس وكذلك أي طلب تريده المنظمات يحال إلى المجلس معناه كل شيء لا يصدر ولا يكون إلا بموافقته ، بهذه الطريقة تكون منظمات المجتمع المدني تابعا وغير مستقلة ألبته لأنها خاضعة لإجراءات وتعليمات مجلس الوزراء وهو تدخل سافر في شؤون المنظمات مما سبب لها الاختناق والانحسار وهذا ما تطمح إليه السلطة الحاكمة لتقليص نفوذ المنظمات . إما المنظمات التي تسمى مدنية وهي تابعة لبرلمانيين وبرلمانيات ومنظمات دينية وطائفية وخاصة لأحزاب شيعية ، تجد الإجراءات اقل وطأة وأيسر وبانسيابية واضحة .
في احد مراجعاتي لدائرة المنظمات غير الحكومية ،كانت هناك سيدة اسمها " السيدة ألساعدي "تعمل في الملحقية الثقافية للسفارة الإيرانية "لديها منظمة الثقلين " أخبرت السيدة مسؤولي الدائرة سأوزع على الأقسام أجهزة طابعة ملونة مع كراسي لجلوس المراجعين ووعدت الموظفين بزيارة إيران بعد منحهم " فيزا " سريعة أي على حساب السفارة الإيرانية وبواسطة هذه السيدة نجدها قد انجزت معاملة الإجازة بأقل من يوم واحد بينما تنتظر باقي المنظمات أكثر من عام بل عام ونصف من المراجعات ومرارة الانتظار وعملية التسويف وإيجاد النواقص المفتعلة وضياع الأوليات ولم تحصل على إجازة أو صك الغفران بسبب وضع المعوقات والعراقيل أمام منظمات المجتمع المدني التي لم تكن مرتبطة بأي حزب سياسي أو جهة وكتلة ولكن تتلقى دعمها من منظمات دولية معروفة ، فلو كانت الدولة جادة بعد تخصيص حصة من واردات النفط لدعم المنظمات لما التجأت إلى هذه المنظمات الدولية .
أريد أن أبين شيئا ، هو أن منظمات المجتمع المدني تتبنى الفكر الحر وليس الإسلامي والقومي ولا تؤمن بنظام شمولي، فكيل التهم إليها نابع من العدائية والتقاطع مع هذه المنظمات لئلا تأخذ مكانتها في قيادة المجتمع المدني .
أكد أفلاطون على وحدة الدولة وتماسكها وكما يرى ان تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة هو مصدر قوة المجتمع المدني .
يبدو واضحا ، إن مشروع بناء الدولة المدنية قد تعرض إلى التصدع والانحسار وتحولت إلى دولة بوليسية ، دولة دكتاتورية الأحزاب الدينية والطائفية ، فالصراعات تنخر جسدها والسرقات والابتزازات والإقصاء هي السمة البارزة عند حكومات الاستبداد الميليشاوية وحكومة الكاتم وخنق الحريات ناهيك عن الانشقاقات والتذمر الشعبي وانعدام الخدمات ، فالديمقراطية براء مما يفعلون .
" فمنذ اعتناق الإمبراطور قسطنطين المسيحية لأول مرة وفرضها على إمبراطوريته تدريجيا ، كانت العواقب وخيمة بسبب هذا الدمج للدين بالدولة – إذ أسفر هذا الدمج عن دولة دينية يكون الإمبراطور فيها البابا في الوقت نفسه، فتتضاعف السلطة بما يسمى"بابوية قيصر"
ان وظيفة الدولة الجديدة هي تأسيس مجتمع مدني يسمو على جميع المصالح الخاصة وتكون دولة مواطنة ومساواة وعدالة ، ولكن في العراق لم نجد ما نقرأه او نسمعه ولم نجد قائدا مدنيا يعمل من اجل بناء دولة مؤسسات مدنية بل تحول العراق إلى حلبة صراع من اجل انتزاع السلطة والصراع عليها ...نأمل من دائرة المنظمات غير الحكومية ومجلس الوزراء ان يراعيان الزمن ووضع سقف زمني لانجاز المعاملات وهي حالة حضارية متقدمة لاحترام الزمن واحترام الإنسان المراجع ...

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة: إزالة دمار الحرب في غزة يتطلب 14 سنة من العمل


.. السودان.. مدينة الفاشر بين فكي الصراع والمجاعة




.. إعلام إسرائيلى: إسرائيل أعطت الوسطاء المصريين الضوء الأخضر ل


.. كل يوم - خالد أبو بكر ينتقد تصريحات متحدثة البيت الأبيض عن د




.. خالد أبو بكر يعلق على اعتقال السلطات الأمريكية لـ 500 طالب ج