الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبو ظفر.. الطبيب الماهر والإنسان النادر

صباح كنجي

2011 / 8 / 11
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


لكَ تنحي الجبال، عنوان لكتاب خاص الفتهُ بلقيس الربيعي ـ أم ظفر يحكي بتفصيل متميز قصة حياة وكفاح المناضل الدكتور محمد بشيشي ـ أبو ظفر عبر سفر إنساني غني بالحكايات والعطاء والتنقل في ميادين السياسة والعلم والثقافة والعلاقات الاجتماعية، فاض بها أبو ظفر لمن حوله من أصدقاء ورفاق درب ومرضى ومحتاجين ناهيك عن عائلته.. زوجته بلقيس وابنه يسار وبنته ظفر.. التي جمعتني بهم أجواء ستوكهولم في لقاء نادر ونحن نحتفل بعيد ميلاد (روني ـ الضوء) حفيد علي خليل أبو ماجد..
ذلك الإنسان الذي رافق أبو ظفر في محطات مهمة من كفاحه في فترة الكفاح المسلح حينما نسِبَ الدكتور أبو ظفر للعمل معه في مفرزة أنصارية كانت تجوب شعاب و وهاد كردستان في تلك الأيام الصعبة.. لم يكن فيها أبو ظفر مجرد طبيب أو نصير عادي يقارع الدكتاتورية ويحلم بوطن تغفو فيه الناس دون كوابيس..
أجل لم يكن إنساناً أو نصيراً يمكن اختزاله في الوصف مهما بلغت براعة من له القدرة والمعرفة بالثناء.. كان بالرغم من ميله الظاهر للمرح والهدوء وحديثه المتميز بلكنته الجنوبية الهادئة، يجيدُ السخرية في أصعب المواقف واعقدها محتفظاً بذات الهدوء وبقية الخصال في حالة يصعب تكرارها عند مقارنته بالآخرين مما تواجدوا في صفوف الأنصار..
كنتَ تحسُ به شعلة من العطاء تفيضُ إبداعاً، وهو يتحرك من بيت لآخر، يعالج المرضى ويجمع المعلومات ويؤرشفُها في أوراق، تتحول مع الأيام لسجلات نادرة للكثير مما نحتاجه، وعند السؤال والاستفسار يكون الجواب جاهزاً.. لم يكن قاموساً فقط للمعرفة والعلم بل مكافحاً من الطراز الأول.. يناقش في الاجتماعات.. ينتقدُ .. يحرضُ.. لا يقبل الأخطاء ولا يميل للتبرير والمساومة.. لديه بعد نظر وقدرة على التحليل والاستنتاج مستندة على ثقافة متنوعة تراكمت عبر الزمن من حصيل مطالعاته في بيت ثوري، ترسخت مع الأيام بين مقاعد كلية الطب في جامعة بغداد والعمل في العراق واليمن، قبل توجهه للكفاح في صفوف الأنصار متسلحاً بغضب الثوار وحاملا لشعلة بركان لا يخبو، يحسدهُ رفاقه على الكثير من صفاته وقدرته على التحمل والصبر وتجاوز التعب وهو يتابع بشغفٍ حقائب الأنصار وجعبهم التي يحشرون فيها الكتب والروايات ليتبادلون بها كزاد يومي في تلك الأجواء التي كان الحصول فيها على الطعام يكلفنا أحياناً فقداننا للكثير من الدماء والضحايا..
في حياة أبو ظفر الكثير من الأحداث والمواقف والمتناقضات التي يمكن الحديث عنها، واستذكارهِ من خلالها، ليس كحالة فردية رغم أهمية ذلك إنسانياً وعاطفياً كما فعلت السيدة بلقيس في كتابها.. بل كحكايا ذات أبعاد تختزل وتكثفُ معاناة جيل مطاردٌ مقموع في عهد الدكتاتورية.
تجسد فيما مرّ به الدكتور البشيشي في العراق، بين صباهُ وتخرجه كطبيب بما فيها فترة انزلاق قيادة الحزب الشيوعي للتحالف مع السلطة الدكتاتورية التي تعاملت مع طبيب الأطفال الشيوعي البارع بسيل من الإجراءات التعسفية المتعاقبة، التي كانت تهدفُ وتسعى لتحجيمه وحصره كي تسهل تصفيته كإنسان حر وطبيب ناجح، طالما بقي محتفظاً بقيمه وخصاله الثورية التي لا تتفق مع نهج الدكتاتورية وعَبثِ حزب البعث والمشروع الدموي المدمر للقتلة. فأصبح مطلوباً وملاحقاً من قبل أجهزة الأمن التي طاردتهُ واضطر للاختفاء ومغادرة وطنه وعائلته.. ينتقلُ في محطات المنفى بين سوريا وصوفيا قبل أن يتوجه إلى اليمن الديمقراطية ويعمل في مؤسساتها الصحية ويبدع في تقديم ليس الخدمات الطبية والعلاج، بل ليساهم في تكوين وتشييد المشافي والإشراف على البرامج الصحية للدولة في أكثر من محافظة، مما جعله محط أنظار المسئولين في الدولة والمجتمع آنذاك، يشيدون بخصاله ومساهماته وانجازاته، ابتداءً من رئاسة الدولة بشخص علي ناصر محمد وانتهاء بأبسط مواطن عرفهُ وتأثر بهِ وجعلهُ قدوة له في السلوك والعمل ..
هكذا كان المطاردُ والملاحقُ الدكتور محمد البشيشي الذي سعت سلطة البعث في العراق لتصفيته، يبدعُ في اليمن.. يحققُ انجاز بعد آخر.. ينجحُ في تخصصه كطبيب.. يشيد علاقات إنسانية راقية.. مازال يعتز بها كل من عرفه من أهل اليمن.. وقد نعاهُ وزير الصحة الدكتور عبدالله بكير الذي كان عضواً في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني واعتبر استشهاده خسارة كبيرة لليمن وأشاد بالخدمات الجليلة التي قدمها الدكتور أبو ظفر للشعب والدولة أثناء وجوده في اليمن..
وفاء لذكرى قيم مازالت في الوجدان.. أدعو رفاقه ومؤسسات الدولة العراقية في العاصمة بغداد وكردستان، في المقدمة منها المؤسسات ذات العلاقة بالشهداء وضحايا الدكتاتورية، ومنظمة الأنصار الشيوعيين..
إلى المزيد من البحث وتقصي الحقائق عن حادثة استشهاده مع كوكبة من رفاقه في مفرزة الطريق أثناء عبورهم لنهر دجلة بتاريخ 27/9/1984 .. التي أدت لاستشهاد وجرح عدد من الأنصار الشيوعيين.. وتتبع مجرى الجريمة، وقد احتوى الكتاب على تفاصيل كثيرة تمكنُ عبر الوصول لخيوطها لمعرفة مكان إخفاء جثمانه..
واترك لوزارة الصحة في عراق ما بعد الدكتاتورية.. وكردستان الفرصة للتفكير بتخليده بالطريقة التي تناسبهم..
صباح كنجي
أوائل/ آب/2011
ــــــــــــــــــ
للمزيد من الإيضاح حول الموضوع.. بعد وقوع مفرزة الطريق في الكمين ليلة27/9/1984 وإطلاق النار على المجموعة، أثناء الخوض في مياه النهر استشهد وجرح عدد من الأنصار، ونجا آخرون ممن كانوا على الضفة الأخرى للنهر وتمكنوا من العودة للحدود السورية.. في حينها تناقلت أخبار متضاربة عن مصير الدكتور أبو ظفر.. بين استشهاده في الحال.. أو جرحه ونقله مصاباً إلى الموصل..
بعدها وصلت إلينا عبر (أبو سلمى ـ طه المزوري) الذي يسكن الموصل رسالتين كانت في حوزة أبو ظفر أثناء نقله جريحاً إلى الموصل، وإنّ ممرضة كردية من بامرني لها صلة بالشيوعيين تمكنت من إيصالها إليه.. وقد استلمت الرسالتين في حينها منه مباشرة وسلمتها بدوري لسكرتير محلية نينوى.. اعتقد يمكن تتبع خيوط الجريمة ومعرفة مصير الفقيد أبو ظفر من هذه المعلومة عبر الاستفسار من الممرضة وأبو سلمى عن تفاصيل هذه الرسائل وهل كانت طبيعية أم كانوا مجبرين لنقلها والجهة التي أجبرتهم ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذا ما كتبه زيدان محسن خلف
أمير أمين ( 2011 / 8 / 11 - 12:23 )
عزيزي صباح ..تحية طيبة
في عشرين شباط 2008 كتب النصير أبو خلود مايلي حول إستشهاد الدكتور أبو ظفر
:حيث كان معه تلك الليلة بنفس المفرزة :
على ( الكلك ) كان رفيقا جالساً بهدوء وصمت, وقد سقط رأسه على صدره, غاطساً إلى النصف في إطار التراكتور وسط الماء, ماسكاً بحقيبته.
رفعت رأسه لأعرف من هو, لجمتني الدهشة........ كان هو ( الحلو) ابو ظفر إإإإإ

بهذه الكلمات الحزينة يكون النصير أبو خلود قد وضع حد لجميع التساؤلات عن مصير الشهيد أبو ظفر ومصير جثته التي ذهبت مع مياه نهر دجلة..المجد للشهيد أبو ظفر ولرفاقه الميامين
ويمكنك الرجوع لقراءة الموضوع في الينابيع بقلم النصير أبو خلود وشكراً


2 - تحية طيبة
نبيل الربيعي ( 2011 / 8 / 11 - 14:50 )
تحية اجلال لشهداء الحزب وشهيدنا البطل ابو ظفر الذي طرز صفحات انصار كردستان العراق بالذكر الطيب والبطولة


3 - .. المزيد من التوضيح
صباح كنجي ( 2011 / 8 / 11 - 17:36 )
العزيز امير/ ابو سعد
تحية حارة..
كنت قد قرأت ما كتبه العزيز ابو خلود في حينها وتراسلت معه حول الموضوع ووعد في حينها بكتابة المزيد عن الموضوع.. في تلك اللحظات الحرجة بين زخات الرصاص قد يحدث ما يمكن ان يشوش المرء بالرغم من أن ابو خلود قد كتب بصراحة مؤذية تفاصيلا مذهلة عن الحادثة منها دفع الشهداء للنهر وترك الجريح ناهل وعدم التمكن سحبه واعطائه مسدسا للانتحار في حالة وصول افراد الكمين له وهو المتوقع.. وثمة غمس واشارة إدانة نحو من غادر الموقع وعبر للجهة الاخرى من النهر عاريا .. يبقى موضوع الرسائل التي وصلت من الموصل، احداها كانت لشقيقك ابو نهران من زوجته في اليمن.. قد يكون من المحتمل اصابة ابو ظفر في حالة فقدان للوعي دون الوفاة ونقل جريحاً.. وثمة امر فيه الكثير من الغموض هو استدعاء شقيقه من قبل الامن في تلك الفترة ووفاته بشكل يبعث على التساؤل وهل للموضوع صلة بالفقيد الدكتور ابو ظفر ام لا؟. راجع ماكتبته ام ظفر حول هذا في كتابها.. من مسؤوليتنا ان نصل للحقائق عن مصيره ولهذا ادعو منظمة الانصار والحزب الشيوعي الى مفاتحة ابو سلمى بالتفاصيل قد تكون المدخل للوصول الى الحقيقة مع مودتي
صباح


4 - تبقى كل الإحتمالات واردة عن مصير الجثة !
أمير أمين ( 2011 / 8 / 11 - 21:04 )
أخي العزيز صباح المحترم..تحية طيبة إتصلت بأخي أبو نهران حول الموضوع وأبلغني بأنه فعلاً قد إستلم رسائل كانت قد بعثتها أم نهران له من اليمن بيد أبو ظفر وسلمها له أبو سربست من خلال التنظيم المدني للحزب ويقول أن هذه الرسائل قيل له حينها أنها من المستشفى الذي يرقد به الشهيد أبو ظفر جريح وأسير ولكن لم يشاهده أحد ومن المحتمل كما يقول أبو نهران بأن القوات العراقية أما أنها قد عثرت على جثته وحقيبته التي تحتوي على هذه الرسائل أو أنه فعلاً لم يمت وكان فاقد الوعي وبقي متشبثاً بالكلك ثم عثرت عليه القوات العراقية ونقلته الى المستشفى ثم جرى إعدامه لاحقاً بعد شفاءه وأن رجال الأمن هم من قاموا بنقل هذه الرسائل وتقول الأخت أم ظفر بأن الأمن إستدعى أخيه لأمر معتقدة أنهم أبلغوه بأمر إعدامه ولا نعرف عن حقيقة ذلك لأن أخاه قد توفي بعد مدة قصيرة من ذلك اللقاء والأخت أم ظفر لم تكن مرتاحة لما كتبه أبو خلود كما وضح ذلك لي أخي أبو نهران..نتمنى أن يتم البحث عن المستشفى الذي يعتقد أنه نقل اليه والسؤال من الأطباء والممرضين عن حقيقة وجوده وإعدامه لاحقاً إن تم ذلك وكيف وأين مكان جثته..وتقبل خالص التحيات ودمت بخير ..

اخر الافلام

.. حزب العمال البريطاني يعود للحكم بعد 14 عاما من سيطرة المحافظ


.. حزب العمال ببريطانيا ينتزع السلطة من المحافظين بعد 14 عاما




.. محمد نبيل بنعبد الله، ضيف برنامج -بدون لغة خشب-


.. أعادت حزب العمال للحكم.. تعرف على نتائج الانتخابات العامة ال




.. بريطانيا تنتخب حزب العمال.. وفرنسا تتجه صوب اليمين المتطرف |