الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلطة الاستبداد وحزبها الفاشي

صاحب الربيعي

2011 / 8 / 12
المجتمع المدني


لا تكتفي سلطة الاستبداد بأجهزة الدولة العنفية لاخضاع المجتمع، وإنما تعمل على خلق أجهزتها القمعية الخاصة غير الخاضعة لقوانين الدولة وتستقطب في صفوفها حثالات قاع المجتمع وعتاة المجرمين لاستخدامهم كلاب مسعورة لقمع الاحتجاجات الشعبية ضدها. وتصور الأمر على أنه حرباً أهلية بين فئات اجتماعية متناحرة يعمل الجيش والأجهزة الأمنية الحفاظ على السلم الاجتماعي بعدّها طرفاً محايداً في النزاع بين مكونات قومية وطائفية متناحرة.
يستند حزب سلطة الاستبداد على منظومة فكرية فاشية يوفر الحماية لمنتسبيه من الحثالات والمجرمين لارتكاب الجرائم البشعة ضد المعارضين، ففي منعطفات حياة الشعوب الكبرى يكشف الحزب الفاشي عن حقيقة منطلقاته الفكرية المستورة وعن المستوى المتدني لمنتسبيه الذي يختبر ولاؤهم بعمليات اغتيال المعارضين لترويع المجتمع.
كلما أوغل منتسب الحزب الفاشي بدماء المعارضين لسلطة الاستبداد زاد رصيده الحزبي وعلا شأنه عند قادة حزبه بعدّه مدافعاً عن مبادى الحزب وسلطته، وفي حقيقة الأمر أنه يعبر عن ذاته المحقونة بالحقد والكراهية ضد المجتمع بانتسابه الى الحزب الفاشي للتخلص من حالة الدونية التي تنخر ذاته.
يقول (( نيتشه )) : " إن دعاة المبادئ غالباً ما تكون مأربهم متباينة، فمنهم من يستخدمها لاضطهاد المجتمع ومنهم من يستخدمها لعبادة الفرد ".
هذا لا ينفي وجود المُغيبين من منتسبي الحزب الفاشي الذين يرقصون طرباً للشعارات الوطنية الزائفة لتحقيق رغباتهم الحالمة، فينتمون إلى الجماعة للتستر على حالة العجز التي تنخر ذواتهم ما يكسبهم الشجاعة الزائفة لاستخدامها ستار لحجب جبنهم الكامن.
إن الحزب الفاشي بحاجة على نحو دائم إلى الحثالات والمُغيبين لزجهم في حروبه الدائمة مع الأحزاب المنافسة والمجتمع فيعمل على حقن مفهوم الشهادة في ذواتهم لتحقيق مبادئ الحزب وتحريض رواسبهم الشريرة وحقدهم ضد المجتمع، فمن يقتل منهم يعدّه الحزب شهيداً ومن ينجو يزجه بمعارك أخرى لتوريطه على نحو أكبر بدماء أبناء المجتمع ليصعب عليه التخلي عن الحزب الفاشي خشية أن يطاله الانتقام من المجتمع.
يعتقد (( نيتشه )) " أن دور الحزب والراعي متشابهان، فكل منهما يحتاج إلى كبش يقود قطيعه وإلا عليهما لعب دور الكبش ".
تتبنى الأحزاب الفاشية أساليب العنف والقتل لفرض هيمنتها على المجتمع سواءاً كانت أحزاباً في السلطة أو المعارضة حيث تعمل قياداتها على حقن وجدان منتسبيها بالتضحية بالنفس لتنعم هي بالسلطة وملذات الحياة، لذلك تفتعل الأزمات والمعارك بين منتسبيها ومنتسبي الأحزاب المنافسة لزجهم في معارك طاحنة لتحقيق مصالحها الخاصة.
كلما زاد عدد شهداء الحزب تفاخرت القيادة أكثر بعدّها تمثل حزب الشهداء شريطة أن تكون الشهادة مقتصرة على منتسبيها فقط ولا يطال ذواتها وعائلاتها لأن مهمتها الأساس تحريض الحثالات والمغيبين من منتسبيها على التضحية بالنفس لأجل مبادئ الحزب والوطن، وتعدّ رصيد حزبها النضالي تعاظم عدد الشهداء من دون أن تهتم بذوي الضحايا ومستقبل أطفالهم.
يعتقد (( ناصر الدين النشاشبي )) " أن أحزاب كثيرة متناقضة تعرف كيف تتفق على المعارضة ؟. وكيف تحمل معاول الهدم ؟. لكنها لا تعرف كيف تتفق على الحكم وتقاسم المسؤولية ؟ ".
إن سياقات الحزب الفاشي التنظيمية تشابه التنظيم المافوي وتوجهاته حيث تقوده عصابة تستولي على السلطة، وتجير مقدرات الدولة لخدمة مصالحها الخاصة، لذلك ليس سهلاً الوصول إلى حلول توافقية مع الحزب الفاشي القابض على السلطة للخروج من الأزمة السياسية وتجنب الحرب الأهلية لأنه لا يؤمن بالحوار وإنما باستخدام العنف لاخضاع المعارضين والتشبث بالسلطة لأمد غير محدود.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار


.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم




.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #