الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسلسل الحسن و الحسين... إشكالية العقل الطائفي

سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)

2011 / 8 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



كاليفورنيا
صوت البرلمان العراقي على منع المسلسل السوري الحسن و الحسين بأغلبية الأصوات، و الحقيقة أن المسلسل، حاله حال أغلبية المسلسلات العربية التي تتعلق بالتاريخ الإسلامي لا يزيد على كونه إعادة تمثيل لنظرية مؤامرة، المؤامرة اليهودية المزعومة المتمثلة بأسطورة عبد الله بن سبأ، و الإشكالية هنا تتمثل في العقل الطائفي الذي لا يقتصر على أحد الطرفين (السنة أو الشيعة).
منع المسلسل – في عصر الإنترنت و الفضائيات - كان موقفا ينم عن ضعف عقلي و ثقافي، على الرغم من أن هذا الموقف بغريب على مجتمعات يغلب عليها الحس الدّيني و الطائفي، المرجعية الشيعية أصدرت فتوى بأن المسلسل شوه التاريخ ـ و أنا أيضا أؤكد أنه شوه التاريخ – لكن المنع هو الذي سيشكل أزمة. ليس غريبا أن تمنع إيران و السعودية مسلسلات و كتبا و نتاجات معينة، لكن يفترض بالعراق أن لا ينتهج هذا النهج الذي يتعامل مع كل منتج فكري أو فني على أنه "أزمة إيمانية"، و هذه العقلية هي التي كانت تتحكم في أوروبا القرون الوسطى، و لأن التاريخ المُقدس لا زال هو المتحكم.
في المستقبل، سنرى كيف سيقرر مشايخ و رجال دين "سنة" يفعلون الشيء ذاته لمسلسل أو كتاب عن "السيرة العطرة"!! لأبطال و عمالقة تاريخيين "مقدّسين" كأبي بكر و عمر أو عثمان، النتيجة هي أن الحرية ستكون هي الثمن، التاريخ الإسلامي الحقيقي مليء بالقاذورات و تقديس أناس مجرمين يتم تصنيفهم حنى الآن على أنهم "ملائكة" و بدلا من أن يصبح التاريخ ملكا للجميع يناقشونه و بدون خوف، يتجذر الحس الطائفي الذي يتعامل مع كل تعبير في إطار "العقيدة الصحيحة"، و ليس غريبا أن نجد ملالي سعوديين يُكفرون الشيعة لأتفه الأسباب (كتشخيص الأنبياء في المسلسلات) و لكن كان من المفترض بالمرجعية الشيعية أن تستغل المسلسل لتثير زوبعة ثقافية من النقاش و البحث و المحاضرات لإظهار الحقيقة و كشف التاريخ المزيف.
عقلية المنع تتجذر في كلا الطائفتين (السنة و الشيعة) و كلاهما يملك من الأزمات مع المؤلفين و الكتاب و الفنانين ما يخجل، فتوى الخميني بحق الكاتب البريطاني سلمان رشدي – الفتوى التي أدخلت الشيعة في عصر التخلف – كانت سابقة خطيرة و شكلت منعطفا لتخلف المنطقة و المسلمين ككل. السؤال هنا: هل يمكن لمسلسل أو كتاب أو أغنية أن تهدم دينا أو معتقدا ما؟ الجواب: إذا كان هذا الدين أو المذهب يمثل الحقيقة؟ فهو قادر على مقارعة كل أشكال التعبير من تأليف و تمثيل و فن، و إذا كان غير حقيقي و هو مزيف فلن نأسف عليه و سنكون سعيدين بكشف الحقائق.
ليس غريبا أن المذهب السني تم تصنيعه و تعليبه من قبل الحكام و السلاطين لتقديس التاريخ الأسود للمسلمين، لكن الكارثة و الطامّة الكبرى أن يتحول المذهب الشيعي – الذي كان مذهب الفقراء و المعارضين و طالبي الحرية – أن يتحول إلى نسخة مكررة للإسلام السعودي و الوهابي، ها هو علي خامنئي يطبق نفس النظرية السّنّية حينما يلصق و ينسب كل قاذورات العالم الإسلامي إلى "اليهود" و "إسرائيل" في تبرئة واضحة للتنظيمات الإجرامية الوهابية السعودية و هو ليس بغريب على قادة "ثورة" قادها شيخ عجوز أبله "السيد الخميني"!! الذي نسب كل فشل المسلمين و حروبهم الأهلية إلى الشعب اليهودي ـ الشعب الذي كان يتعرض للقتل و الذبح في كل أرجاء الأرض و لم يكن يملك مجالا للتآمر على أحد.
لن أبريء السنة و لا الشيعة من تهمة العقل الطائفي، و بدلا من ينتعش التدين الحقيقي في ظل حرية المواطن و حرية الاختيار، يتنافس الطرفان في إصدار قوائم الممنوعات – مؤخرا حرّم الشيخ العريفي تحريم اختلاء البنت مع أخيها أو أبيها من دون محرم – و قوائم أخرى بالعقوبات و لا أستبعد أن تكون النتيجة ظهور جيل ينكر الإسلام ككل – بعد أن حوله المخرفون و المراءون إلى لعبة في أيديهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رحم الله امرأ عرف قدر نفسه
متعب الهذال العتابي ( 2011 / 8 / 14 - 07:42 )
اخي الكريم هل تعتقد ان اشخاص وصلوا الى البرلمان باسم الطائفة الدينية ينتجون استراتيجية ادارية وعلمية ونهضة فكرية
لاسيدي الكريم لاشئ غير الطائفية التي تبقيهم في السلطه
جميعهم يدافعون عن الدين والمذهب ولا احد يدافع عن الوطن والمواطن
شكرا على هذا المقال الجيد ولك مني كل الاحترام

اخر الافلام

.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في العراق تؤكد أن الرعب آتٍ إ


.. ناشط أميركي يهودي يعلن إسلامه خلال مظاهرة داعمة لـ فلسطين في




.. 91-Al-baqarah


.. آلاف اليهود يؤدون صلوات تلمودية عند حائط البراق في عيد الفصح




.. الطفلة المعجزة -صابرين الروح- تلتحق بعائلتها التي قتلها القص