الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الممارسات العنفية لسطة الاستبداد ضد المجتمع

صاحب الربيعي

2011 / 8 / 14
المجتمع المدني


إن السلطة القوية لابد أن تتوافر على أجهزة ضبط وتحكم قوية لفرض النظام بأحكام القانون وليس إلى استخدام القوة المفرطة بحجة تطبيق القانون، وفي المقابل فإن ضعف أجهزة الضبط والتحكم في السلطة يؤدي إلى الإخلال بالنظام فتضيع هيبة الدولة. وبذلك يمكن عدّ استخدام القوة المفرطة لفرض النظام أو عدم استخدامها على نحو أمثل يؤديان الى النتيجة نفسها الإخلال بالنظام، لأن استخدام القوة المفرطة يعدّ تجاوزاً على أحكام القانون بعدّه ملاذ المجتمع الأخيرة لمقاضاة السلطة ما يشجع على خرق أحكامه. كما أن تراخي أجهزة الضبط والتحكم في تطبيق أحكام القانون دالة على ضعف السلطة وعدم قدرتها فرض النظام ما يشجع الخارجين على القانون الاضرار بمصالح المجتمع.
فضلاً عن أن استخدام القوة المفرطة والتراخي في استخدامها لفرض النظام يؤشر إلى فساد السلطة أي كان نموذجها وتوجهها كونها مسؤولة عن حفظ النظام، فاستخدام حقها على نحو تعسفي يخل بأحكام القانون الذي يحدد أوجه استخدام القوة وحجمها ما يستوجب المساءلة القانونية لمسؤولي أجهزة الضبط والتحكم واحالتهم إلى القضاء بتهمة استخدامهم الحق على نحو تعسفي وتجاوز صلاحيات مهامهم الوظيفية.
يقول (( جوزيف يوفا )) : " إن القوة والضعف يؤديان إلى الفساد، والضعف المطلق يؤدي حتماً إلى فساد مطلق ".
إن الصلاحيات الوظيفية لإدارة شؤون أجهزة الدولة ومؤسساتها تحكمها قوانين صارمة تحمل رأس هرم المؤسسة الإدارية مسؤولية اتخاذ القرار، فكلما قل التسلسل الوظيفي قلت تبعات تحمل المسؤولية. ويترافق توزيع المهام الإدارية على منتسبي المؤسسة مع منح صلاحيات اتخاذ القرار المسؤول، للحفاظ على مصالح الدولة والمجتمع.
على خلافه يتحمل رأس الهرم الإداري في المؤسسة المسؤولية الكاملة عن أي ضرر جسيم يلحق بمصالح الدولة والمجتمع، وبغض النظر عن اتخاذه القرار بنفسه أو من أحد منتسبي المؤسسة ذاتها لأن مهامه الأساس لا تقتصر على اتخاذ القرارات الإدارية وحسب، بل مراقبة تنفيذها على نحو سليم من دون الإخلال بأحكام التشريعات الناظمة لمؤسسات الدولة وقوانينها.
إن القبول بتسنم المناصب الإدارية العليا في الدولة يعدّ قبولاً ضمنياً بتحمل المسؤولية الكاملة وعدم التسبب بأضرار جسيمة للدولة والمجتمع، فعدم اصدار أوامر إدارية مباشرة لاستخدام العنف المفرط ضد المواطنين من جهة عليا في الدولة لا يعفيها من مسؤولية ارتكاب أجهزتها العنفية المجازر الوحشية ضد المواطنين بعدّها جهة مؤتمن على أرواحهم وممتلكاتهم. إن رأس النظام يتحمل المسؤولية الكاملة عن الاضرار الجسيمة التي تلحق الأذى بالدولة والمجتمع، ولا يعفى من المساءلة القانونية عن إهدار أرواح المواطنين بحجة فرض النظام.
يعتقد (( جلبير الأشقر )) " أن عدم منعك وقوع حدث ما لأنه يخدم مصالحك على نحو غير مباشر، لا يمكن عدّه على الإطلاق تخطيطاً ذكياً ".
إن استخدام أجهزة الضبط والتحكم العنف المفرط ضد المواطنين لا يعزز النظام إطلاقاً، فكلما زادت وتيرة العنف تنامى الحقد الكامن في ذات المجتمع على نحو يفوق قدرته فينفجر على نحو بركان غضب ضد سلطة الاستبداد ويكسر حاجز الخوف الكامن في ذاته.
وبذلك لا يجدي نفعاً استخدام القوة المفرطة لاستعادة النظام، لأن منهجية حفظ النظام قائمة على التهديد باستخدام القوة والتلويح بعقوبة القانون لبث الخوف في نفوس الخارجين على النظام. وليس لاستخدام القوة على نحو عشوائي، لإرهاب المواطنين من دون التمييز بين الأسوياء في المجتمع الخاضعين لأحكام القانون وغير الأسوياء الخارجين على أحكامه. ما يؤدي إلى اصطفاف غير متجانس لفئات اجتماعية متباينة التوجهات والأفكار ضد سلطة الاستبداد التي أخلت بقاعدة التوزان لحفظ النظام وتسببت بأضرار جسيمة لكل أفراد المجتمع من دون استثناء، ما يوحد جهودهم للدفاع عن مصالحهم المشتركة.
إن الاصطفاف العشوائي لفئات اجتماعية متباينة بتوجهاتها وغير منسجمة فكرياً ضد سلطة الاستبداد مرده الأساس إخلال السلطة بقاعدة التوازن في الاستخدام الأمثل لأجهزة الضبط والتحكم لحفظ النظام، كونها لا تمييز بين مبدأ التلويح باستخدام القوة لتطبيق النظام وبين استخدام القوة المفرطة لحفظ النظام. كما أنها لا تعي أن القوة وحدها ليست إجراءاً عقلانياً لحفظ النظام، من دون توظيف الامكانات المتاحة في المجتمع من قيم اجتماعية ودينية ونخب اجتماعية وثقافية لتعزيز النظام.
تقول (( فوزية طلحوني )) : " إن قررتم تعاملوننا على نحو مختلف، حتماً سوف نتصرف على نحو مغاير ".
ليس سهلاً ايجاد لغة حوار مع سلطة مستبدة من دون أن تغيير نهجها العنفي الذي أثبت بطلان مسوغاته وتراجع دعمه الدولي، فالعالم المعاصر يمكن عدّه دولة واحدة بمجتمعات متباينة وحكومات أقاليم مختلفة ليس في وسع الجهات الدولية النافذة في الحاضر الاستمرار بدعم السلطات المستبدة في قمع المواطنين واضطهادهم من دون أن تنال الإدانة الكاملة من المجتمع الدولي.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار