الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحاكم...والمسرح السياسي الطائفي

رعد حميد الجبوري

2011 / 8 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مشكلة العراق ، عبر تاريخه ، مع من يحكم . فمن يحكم يريد ان يبقى في السلطة ابد الآبدين لا يغادرها ، حتى لو دمر العراق تدميرا كاملا على يد المحتل ، او ان يغرق شعبه في بحر من الدماء بسب تناحر الاحزاب السياسية الطائفية فيما بينها .
الحاكم في العراق ، ظل الله في الارض ، لا يعرف الخطأ لانه الصواب ، ولا يعرف الظلم لانه العدل، فهو هدية الرب للشعب ، وهو العالم والعارف ببواطن وخفايا الامور ، وحتى الغيب ، في بعض الحالات . وهو الراعي الامين والمنصف والمنقذ والرحيم والودود ( الحباب ) ، وهو الوطني الشجاع حد النخاع ، له كل الاسماء وكل الصفات المجيدة منها والحميدة . اما معارضوه ، معارضو الحاكم بامر الله ، فهم ، خونة ومجرمون وعملاء وارهابيون ومليشيات، هم حفنة من السفلة المأجورين ، هم جرذان ، وهم اذيال وهم بقايا ، وهم طائفيون ، هم عقارب الساعة التي تريد العودة الى الوراء ، برغم ان الساعة خربة لما افسده الدهر ، ولايمكن لعطار ، اي عطار ، ان يصلح ما افسده الدهر !! انهم مشكلة المشاكل ، وهم من افتعل ازمة الكهرباء والماء ومياه الصرف الصحي ، وهم اسباب انتشار الامرض ، وهم من اعادوا العراق الى زمن الكوليرا ، وهم من اعاد الامية الى المجتمع . وهم المسؤولون عن كافة انواع الفساد السياسي والمالي والاجتماعي والبيئي ، لا بل حتى فساد المعدة !! هم من سرق المليارات و بنى القصور في باريس ولندن وجنيف ودبي وعمان . هم وراء ظاهرة التصحر السياسي والبيئي و الأخلاقي في بلد ما بين النهرين .
الحاكم في العراق يريد ان يحكم بكل الطرق ، لاسيما غير المشروعة منها ، فهي الاحب الى قلبه وضميره !! ، فكل شيء مباح وكل شيء مستباح للبقاء . يحكم بالكذب والتزوير ويحكم بالحديد والنار . يحكم بحبكة القصص التاريخية ذات البطولة الدونكيشوتية وكيف انه سليل الابطال ، هو ملحمة الانجازات الخارقة والعبور( الناجز) وقاهر الاشرار، هو صانع التاريخ ، لا بل هو التاريخ نفسه !!
الحاكم عبقري ، وتكمن عبقريته الخلاقة بابتكاره لكافة انواع المكر والخبث السياسي ضد خصومه . فاذا ما احس بالفشل، فيسارع بتغيير، حبكة قصصه الدونكيشوتية التاريخية ، لتصبح ،فجأة ، حبكة طائفية ، لإذكاء نيرانها ، من خلال تهييج مشاعر الناس، تهييجا طائفيا اعمى. انه يتعكز بعكاز الطائفية لينهض من ركامه ، ويستقوي بها ، لانه الاضعف في التسامح وقبول الاخر . انه انحياز ، الحاكم ، عبر التاريخ ، انحيازا اعمى ومفضوح ، لشريك ضد شريك اخر في الوطن .
تتجمع عبقرية الحاكم ومعاوينيه ، لفبركة الحدث ، وخلط الواقع بالوهم ، فيجتهد له البعض ، لابعاد الجانب الحقيقي والواقعي في مآس والآم الناس ، وتوظيف الوهم والخيال منها ، لينتج ويخرج لنا تراجيديا طائفية ، تستغل احزان الناس ومصائبهم فتوظف وتستغل سياسيا . تراجيديا تستجدي مصائب والام المغدورين والمهتوكين ايما استغلال ، من اجل التسقيط السياسي ، حتى لو عادت الايام السود ، انها مخاطرة ما بعدها مخاطرة ، حينما يتم التلويح بالعودة الى ايام الدم العراقي المباح في الشوارع و الازقة ودور العبادة . كل ذلك فقط من اجل التخلص والهروب من( الزنقة السياسية ) ومن ثم يتم تحويلها بعيدا ، الى مسرحية تراجيدية ، انها بضاعة من حكموا العراق، عبر تاريخه ، وهي مستهلكة (بالية ) ، ولكن فيها يكمن سر اكسير الحياة وديمومة البقاء على كرسي الحكم ، انها صناعة المخاوف والهواجس ،فوبيا ، من الشريك في الوطن ، وهي صناعة جد مربحة في العراق، ومن ثم اللعب عليها ،كتناقضات، وبمهارة وحرفية عالية قل نظيرها ، باستثناء اميركا واحدى دول الجوار . فهل توجد مصيبة اعظم من تلك مصيبة ؟ لذا كان ينبغي ان تمثل تلك التراجيدية امام الجماهير كي تجيش ضد الاخر، لا سيما البسطاء والطيبين منهم ، وهم كثر، ليتجدد وينتعش ، من جديد ، الدم السياسي الطائفي في جسد السلطة ، بعدما كاد ان يسقط من الإعياء والترنح.. وهنا الطامة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية


.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟




.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي




.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ