الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط بغداد العباسية .. والمشهد العراقي الحالي

نزار كمال الدين جودت

2011 / 8 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سقوط بغداد العباسيه .. والمشهد العراقي الحالي
ليست محاولة لاعادة كتابة التأريخ وفق المنظور الحالي انما محاوله لفهم ما حدث في الماضي وذلك بربطه بما يحدث الان ..هي وجهة نظر قد لا تؤدي الى معرفة الحقيقه التاريخية ولكن تؤدي الى تكوين صورة افتراضية هي الاقرب الى ما يمكن ان يكون قد حصل بسبب تشابة العوامل المادية والحسية للمشهد ان موضوع سقوط و احتلال بغداد المتكرر موضوع محزن ولكن مفتاح الحقيقه كامن في سقوط الدوله العباسيه وعاصمتها بغداد درة العالم في ذلك الوقت ... بعد ذلك توالت عمليات احتلال بغداد التي تحولت بعد السقوط الاول الى مجرد غنيمه او جاريه يتداولها كل من احس بنفسه القوه ويرغب فيها الجميع كما لو كان عادة .
بأختصار تولى الخليفه العباسي المعتصم بالله الخلافه في 1242 ميلادي وسقطت بغداد في 1258 ميلادي و السؤال كيف .. بعد المعركه الفاصله التي جرت في منطقة النهروان الواقعه بين بغداد و سامراء بين الجيش العباسي الذي يقوده الدويدار الصغير مجاهد الدين ايبك يقابله مانغوخان هولاكو والتي اندحر فيها الجيش العباسي ..حيث كان قد تقدم هولاكو من منطقة خانقين في 200 الف محارب لمحاصرت بغداد ونجح في اختراق السور في بعض المواقع بعد ذلك خرج اليه الخليفه للتفاوض وتم اسره وقتله .. ثم استبيحت بغداد والسؤال ممن وكيف ؟
اما كيف قتل الخليفه العباسي فقد امر هولاكو بعد ان رأى كمية الذهب التي يتزين بها وصناديق الذهب التي قدمها عربون سلام ومحبه ..امر بصهر الذهب الذي يتزين به وسكبه في جوفه فمات وهولاكو يقول له لديك كل هذا الذهب ولم تعد به جيشا للدفاع عن ملكك فأشربه ... فقائد هذا مستوى تفكيره لا يمكن ان يأمر بقتل الناس للمتعة انما يعبر عن تأسفة على مدينه عظيمه يحكمها مثل هذا التافه الذي يستحق الموت لغبائه .
ولكن الذي حدث هو كما في كل حالات الغزو كصفه حتميه عبر التأريخ دخل المغول للسلب يدلهم ويرافقهم من له مصلحه في سقوط الدوله العباسيه و الانتقام منها .. فما مصلحة المغول بحرق او القاء الكتب في دجله حتى اسود لونه من الحبر رغم ان بغداد سلمت بدون ان يقاتل اهلها دفاعا عنها و المغول لا يملكون فكرا بديلا يروجون له ... من كان يملك الرغبه في التخلص من كل الارث الفكري المناقض لا شك من له المصلحه هو من قام بذلك الفعل واشعل نار حرب اهلية داخل بغداد .
حتى تدخل هولاكو نفسه في اليوم السابع وامر جيشه بفرض الامن واعمار ما تم تدميره واعاد نفس السلطه العباسيه السابقه على رأس الاداره و امرهم بأدارة شؤن المدينه ومن هؤلاء مؤيد الدين بن العلقمي وزيرا وفخر الدين الدامغاني صاحب الد يوان والقضاء نجم الدين بن الدرنوس وعين شحنه للمدينه علي بهادر وابقى على حاميه من 3000 محارب مما يدلل على ان نية التدمير الشامل لم تكن موجوده في ذهن القائد المغولي .
في تلك الحقبه من التأريخ الغزات و خاصة المغول منهم يبالغون في القسوه على المدن التي تقاومهم ويروجون الاخبار عن بشاعتهم لاثارت الرعب و الفزع وكسر اراده المقاومه في المدن الاخرى وكان لديهم تشكيلات لهذا الغرض منهم من يستطلع بواطن الضعف ومنهم من يروج لتلك البشاعات... وبغداد لم تقاوم انما سلمها الخليفه فمن قام بلانتقام من عباسي بغداد .. من أفلت الزمام بصورة حرب اهليه داخل بغداد من حفزه انكسار الجيش العباسي في معركت النهروان ومنحه الفرصة . وكانت الحرب الاهلية البشعة الاولى في بغداد راح ضحيتها مئات الالوف من كل الاعمار ولعل التأريخ لم يذكرها خجلا وعلقها على شماعة المغول التي كانت تتقبل مثل تلك الادران .
هنا وجه التشابه في تكرار المشهد التأريخي مرة اخرى الى حد التطابق.. في العصر الحديث عند اندحار الجيش العراقي من الكويت وتسببه في انتفاضه فقد السياسيون السيطره عليها بسرعة لتتحول من الاهداف الوطنيه الى طائفيه بعد ان تصدرها صغار رجال الدين بشعارتهم السمجه مما افقدها الدعم الشعبي وأدا الى فشلها المزري ودفع الى تخلي الامريكان عنها كان واضحا في ما صرح به شوارتس كوف في حينه من انها فوضى وليست ثوره وتم قمعها ..بمساعدة الامريكان انفسهم و لم يكن التأثير الخارجي الاقليمي بعيدا .
في السقوط الاخير لبغداد في 2003 وبعد دخول قوات الاحتلال بغداد بعد معركة المطار الفاصلة طبق الامريكان مبدأ جهنمي ابتدعه الانكليز وما ترجمته فرق تسد ... فسمحوا بالتصفيه الجسديه على اسس سياسيه واجتماعية على نطاق واسع ومن الطرفين وبعد ان بدأت تأخذ الطابع الطائفي الواسع .. تم سحب اللجام لابقاء الوضع تحت السيطره وابقائه في المدى النافع لهم وليس ايقافه تماما .
لقد اهمل التأريخ مثل تلك العوامل الكامنة ولم يتطرق اليها رغم اهميتها في انهيار الدوله العباسيه من الداخل قبل ان تنهار بفعل العامل الخارجي وهو بذلك ابقى على الثغرة التي دخل منها المغول مفتوحة ليدخل منها الغزات الجدد ويصلوا الى قلب الوطن و التخلص نهائيا من اي تهديد مستقبلي لكل مشاريعهم في المنطقة .
يتذكرالمؤرخون بشاعه وهمجية المحتل ولا يشير ابدا الى اسباب الفشل في اقامه السلام الداخلي لمجتمعاتنا ويهملون بتعمد الاشاره الى خطورة تراكم التناقضات حتى تصل مرحلة الانفجار بالرغم من هشاشتها لارتباطها بالجهل و التعصب لكنها بالنتيجه فتحت ثغرة واسعة لينفذ منها الغزات .
كان لا بد من قراءة التأريخ بتجرد اولا وبعد ذلك تستنبط الشواهد التي تكون المشهد العراقي في التشرذم ان ما حصل قبل ما يزيد على 1400 عام قد حصل ولا يمكن تغيير التأريخ سواء كان صحيح ام لا هو لايزيد عن كونة جدل عقيم لا يثمر ولكنه استمر دون حوار واضح وصريح كل هذه السنين بسبب من دوافعه السياسيه الواضحه الكامنه خلف الوجهه الطائفي و التي لها مصلحة في ابقائه كخلاف مذهبي عصي على الحل الى وقتنا الحاظر و هو التفسير المنطقي الوحيد المقبول في بقائه الى الان دون حل ... تسبب في هدم السلام الداخلي بين المسلمين وتكوين الجمعين المختلفين .
لذلك فأن النزوح الى الديمقراطيه الحقيقيه سوف تزيل تلك العوامل التي ادت الى الكراهيه بين المجتمعين و تفقدها تأثيرها و بالتالي تتغير النظره الى ما حدث واعتبارها مسأله تأريخيه بمرور الزمن و يتم قبول الاختلاف ... على الرغم من ارادة الطبقات الطفيليه التي تكونت على اساسه و بالرغم من سطوتها الظاهره الا انها هشه لفقدانها المنطق والعقلانيه وحساسيتها لنور الحقيقة ..وربما تتقبل الواقع الجديد لانه يبقي على مصالحها المادية .
ان ما احاول الوصول الية في تحكيم العقل و المنطق من ان ما اعتبر جزما من احد الجمعين في احقية ال البيت في امامة المسلمين لم يعد ممكنا تطبيقة الان لانه توقف بغياب المهدي والى حين ظهورة لابد للتعايش ان يستمر ليحكم هو به بعد ظهورة ..وحرية الاعتقاد محترمة بالنسبة للجمعين وليست من حق احد غيرة تكفير المسلمين .. ومسألة ولاية الفقيه التي ليست من صلب العقيدة الاثناعشرية روج لها لاسباب سياسية بحتة و تفتقر الى صفة المعصومية في تولي امر المسلمين .
الديمقراطيه هي الاطار الذي يستطيع فيه انصارالمجتمعين من نيل كامل حقوقهم مع احترام حقوق الاخرين فلا اكراه في الدين .. ودون ان يكون لها علاقه بالجدل السياسي التأريخي المتحنط الذي لن يحسم الا بظهور المهدي ... والتمسك بالديمقراطيه و نزع ثوب التوافقيه عنها الذي جاء به المحتل بصيغة مجلس الحكم ليفرغها من محتواها النافع وهو يهدف من ذلك ان يركب العراقيون الى قطارهم التوافقي الجميل صاحب المنافع المادية ولكن ليضعهم مع قطارهم المادي الجميل على السكه التي يكون فيها السير بأتجاه الماضي الاليم يحدي لهم الكم الهائل من الفضائيات صباح مساء ...الى حيث ينتظرهم في الدائره التاسعه السيد دانتي المحترم .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكر
د.كاظم الربيعي ( 2011 / 8 / 20 - 10:01 )
الاستاذ تحية طيبة .اطلعت على هذا الموضوع والحقيقة انه جميل وفيه معلومات تاريخية قيمة وموضوعية وحقائق تاريخية لايمكن نكرانها.اعتقد اجازما ان اسباب سقوط الدولة العابسية كانت قبل هذا السقوط ايام البويهين والسلاجقة .كانت الدولة مجرد رمز .لكن سنة 656هـ انتهى الحكم العباسي في العالم الاسلامي الصوري .علما ان نفس الظروف الموضوعية رافقت سقوط بغداد عام 2003.المهم ياسيدي في هذا الموضوع لماذا لانبعد رجال الدين عن السياسة وافكارهم الخرافية البالية .لماذا لايذهبون الى المساجد والذي يرغب بالذهاب ليهم يذهب.العالم قبل 130 فهم هذه النقطة المهمة وانتقل من حال الى حال.انا مواطن اريد ان اعيش في بلد لا احد يسئل هل انت سني ام شيعي ام مسيحي .اعتقد ان اشكالية العراق لا تحل الا بنقل العراق الى دولة علمانية .

اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي