الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خواطر متدين سابق 1

زاهر زمان

2011 / 8 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قبل بضعة سنوات من الآن ، لم يكن يدور بخلدى أن يوماً سيأتى ، أتمرد فيه على التوظيف السياسى للاسلام ، لأن به العديد من النصوص التى تتعارض ومتطلبات الاندماج فى مايجرى فى العالم شرقه وغربه من تطور وتحديث هائلين فى كافة المجالات وبصفة خاصة مايتصل بحقوق الانسان بوجه عام وحقوق المرأة بوجه خاص ! لم يكن يدور فى خلدى قبل بضعة سنوات أن الاسلام به من النصوص مايجعل من أتباعه معادين للحضارة والتقدم والانصهار فى العولمة بما يعود بالنفع على الوطن والمواطن !
عندما كنت فى بدايات العمر أسمع صوت المؤذن وهو يؤذن للصلاة ، كانت تنتابنى حالة من السمو والارتقاء الروحانى والطمأنينة والأمل فى الحياة والاقبال عليها بجد واجتهاد وحب يتسع لكل البشر من حولى دون النظر الى ألوانهم أو أعراقهم أو معتقداتهم أو جنسهم . فقد وقر أيامها فى يقينى أن صوت المؤذن هو نداء لى لكى أتوجه للقاء خالق هذا الكون العظيم ، الذى خلق كل شىء من أجل الانسان حتى يعيش ذلك الانسان مع غيره من البشر فى محبة وسعادة وتواصل وتعاون وسلام ، يعمرون هذا الكون ويستغلون مافيه من أجل حياة هادئة هانئة تتسع للجميع ! لم يكن يدور بخلدى أيامها أن فى الاسلام نصوص فى القرآن وعبارات فى الأحاديث النبوية تمجد وتعلى من شأن المسلمين وتميزهم عن غيرهم من باقى أتباع الديانات الأخرى بشكل يوغر صدور الآخرين لما تتضمنه تلك النصوص والأحاديث من مفاهيم تتعارض مع المبادىء الأساسية لحقوق الانسان التى توصلت اليها البشرية بفكرها واجتهاد فلاسفتها ومفكريها المهتمين بالحقوق الأساسية للانسان بوجه عام فى كل زمان ومكان وعلى رأس هذه الحقوق حرية الانسان فى الاعتقاد أو الالحاد ! لم أكن أسمع أبداً بتلك النصوص والأحاديث التى تبعث على التفرقة العنصرية بين البشر فى حصص التربية الاسلامية التى كان يقوم بتدريسها لنا معلمو التربية الاسلامية ونحن أطفالاً صغاراً ، ولم تكن هناك فضائيات اسلامية يعمد الكثيرون من وعاظها ودعاتها الى ابراز وشرح وتحليل النصوص والأحاديث التى تحض المسلم على ازدراء الآخر المخالف له فى العقيدة والاعتقاد ! كان التركيز فى ذلك الزمن الغابر على اليهود والملحدين الكفار الذين صورتهم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على أنهم أصناف من البشر لا خير فيهم ولا منهم على الاطلاق ، وأن الله لم يخلقهم الا للكيد والتآمر على كل البشرية وبالأخص على الاسلام والمسلمين ، وكنت مقتنعاً وموقناً بصحة ذلك الأمر ، فتلك النصوص – كما رسخ فى اعتقادى فى ذلك الزمان – هى نصوص نزلت من عند خالق البشر أجمعين ، وأن ذلك الخالق أعلم بما خلق ، وأن علمه وحكمته اقتضتا تحذيرنا كمسلمين من تلك النوعيات من البشر الذين لا خير فيهم على الاطلاق وأن كل هدفهم فى الحياة هو تخريب تلك الحياة على البشر أجمعين ، وأن مهمتهم وهدفهم الرئيسى فى الحياة هى اغواء البشر- وخاصةً عباد الله المصطفين الأخيار المسلمين الذين هم كما قال الله فى قرآنه الى محمد أنهم خير أمة أخرجت للناس - لعصيان أوامر الخالق والافساد فى الأرض واهلاك الزرع والحرث والنسل وذلك بالتعاون مع الشيطان الرجيم الذى هو العدو الأول لابن آدم ! لم يكن يدور بخلدى قبل بضعة سنوات ، أن يوماً سيأتى أكتشف فيه أن ذلك الشيطان ماهو الا كائن خرافى ابتدع وجوده وجسده فى أذهان البشر ، عقول بشرية عبقرية ، كانت تهدف من وراء ذلك الى زجر أقرانهم من البشر الآخرين عن القيام بأفعال من شأنها الاضرار بحياة أو ممتلكات أو خصوصيات الآخرين ! رغم عبقرية تلك العقول البشرية التى اخترعت ذلك الكائن الخرافى المسمى بالشيطان ، الا أن تلك العقول لم يكن لديها من الفهم للطبيعة السيكلوجية للأفعال الضارة التى تصدر عن الانسان تجاه أقرانه من البشر الآخرين أو البيئة من حوله مايمكنها من تفسير وشرح طبيعة تلك الأفعال وينسبها الى الكائن البشرى نفسه ، فراحت تتخيل أن هناك قوى غير مرئية تدفع ذلك الانسان الغير سوى الى فعل مايفعل وارتكاب مايرتكب من جرائم فى حق البيئة والبشر الآخرين من حوله ! ولقد رسخ ذلك الاعتقاد فى نفوس البشر على مدار الزمن وبشكل يكاد يصل الى اليقين ، ماجاءت به الأساطير القديمة فى الديانات الأولى البدائية التى كانت سائدة فى الحضارات القديمة ، والتى كان كهنة المعابد يتعهدونها بالنشر واختلاق الروايات والأكاذيب حولها للتأثير فى سلوكيات العامة وتغيير توجهاتهم بما يتفق ومصالح الحكام فى السيطرة على الرعايا والمحكومين ! ومما زاد من ترسيخ تلك الصورة الخرافية التى هى رمز لكل فعل شرير يقوم به انسان غير سوى نفسياً، وانتشارها على نطاق واسع ، هو ورود الكثير من النصوص والروايات الدينية التى جاءت بها توراة موسى وكتب النصارى والمسلمين من بعد توراة موسى والتى لا أشك اطلاقاً فى أنها استلهمت نفس النظرية الشيطانية التى تفسر الأفعال الشريرة للبشر ، من نفس المصادر اليهودية التى تحدثت كثيراً وأسهبت فى وصف ذلك الكائن الخرافى المسمى بالشيطان !


وللخواطر بقية ،،،،،،،،،،،،،،
رؤية نقدية بقلم / زاهر زمان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التوقف امام التراث هو البداية عزيزى زاهر
سامى لبيب ( 2011 / 8 / 22 - 00:04 )
تحياتى كاتبنا الرائع زاهر
اعجبنى بداية هذه السلسلة من المقالات التى تتجاوز سرد سيرة ذاتية بالرغم ان هذا لا يعيبها لتخوض فى الاسئلة البدئية ونفض الغبار عن موروثات انبطحنا امامها بحكم العاطفة
احترم جدا هذه الخواطر والتأملات لأنها تُصدر أفكار عميقة ممزوجة بتجربة إنسانية بكل صدقها ومشاعرها فتعطى نتائج جيدة للقارئ لأنها تداعب أسئلته القديمة التى أراد أن يمررها
أعتقد ياعزيزى أن كل مفكر تجاوز التراث الدينى توقف وتأمل وبدأ يراجع من ظلال الموروث السلوكى والتاريخ المفعم بالقسوة
هكذا أنا-لم أكن باحثا فى طفولتى لأدرس الميثولوجيا والأساطير وافهم انها تراث انسانى بشرى بكل ملامحه ولكن كان بداية الطريق هو نفس طريقك فى الإصطدام ولكن كان مع التراث التوراتى المشبع بالبشاعة والهمجية والقسوة المفرطة لأجد نفسى رافض هذا التراث بعد إصطدامه بمثالياتى ..ثم أكتشف فى ذات الوقت مدى سذاجة وعبثية القصص وهشاشتها لتبدأ فى مرحلة تالية قراءة جيدة لهذه المشاهد ورؤيتها فى إطار فعلها البشرى ودرجة تحضر وثقافة الإنسان وقتها وظرفه الموضوعى ومحدودية معارفه .
نعم التوقف يأتى من تناقض التراث مع منظومتنا الإنسانية
خالص مودتى


2 - لا أمل فى التغيير الا بتغيير البيئة الانتاجية
زاهر زمان ( 2011 / 8 / 22 - 20:39 )
عزيزى الفيلسوف الرائع / سامى لبيب
لقد أسعدتنى كثيراً تلك المداخلة من فيلسوف رائع بحجم سامى لبيب ، لكن مايحزننى أن الأمل فى حدوث تغيير فى فكر المواطن فى مصر مازال شبه مستحيل مالم يحدث تغيير فى المنظومة الانتاجية كما نوهت أنت فى بعض مقالاتك ، يؤدى الى استقلالية تامة لاقتصاد مصر كدولة عن الاقتصاد الخليجى الذى لا هم له الا ترسيخ تبعية نمط حياة المصريين السلوكى للنموذج الاسلامى فى التشريع والتنظير وكل ملامح الحياة الاجتماعية والثقافية اليومية بشكل يهدف الى سلخ مصر من هويتها الخاصة بها أولاً ، واقصائها وسلخها عما يدور فى العالم المتحضر من تطورات متلاحقة ، خاصة مايتصل من تلك التطورات بحقوق الانسان بوجه عام والمرأة بوجه خاص ، وبالطبع هم لا يفعلون ذلك حرصاً على الشعب المصرى من الضلال أو الكفر أو الانحلال ، وانما هم يخططون لمرحلة مابعد نفاذ احتياطيات البترول من أراضيهم وفقدانهم لعوائده المالية الهائلة ! عندها تصبح مصر وبقية مايسمى بالدول الاسلامية خزائن يغرفون من خيراتها كما كانوا يفعلون أيام ماكان يسمى بالخلافة الاسلامية !
تحياتى ودمت فيلسوفاً تنويرياً رائعاً

اخر الافلام

.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في


.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج




.. 101-Al-Baqarah


.. 93- Al-Baqarah




.. 94- Al-Baqarah