الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فشل أنظمة الاستبداد في إدارة الدولة والمجتمع

صاحب الربيعي

2011 / 8 / 21
المجتمع المدني


إن النظام المستبد نظاماً منغلقاً على ذاته ومجتمعه لخشيته افتضاح ممارساته القمعية المدعومة من جهات دولية متنفذة يحقق مصالحها على حساب المصالح الوطنية فتضمن بقاؤه في السلطة أمد طويل. ومع إختلال معادلة المصالح الدولية المتبادلة انزاح الغطاء عن ممارساته القمعية التي لاقت الشجب والإدانة من منظمات حقوق الإنسان الدولية. كما أن وعوده الزائفة بإجراء اصلاحات شاملة لا تحظى بالصدقية فمسعاه الأساس كسب الوقت وتحشيد قواها لارتكاب مزيداً من الجرائم ضد المعارضين والتهرب من استحقاقات دولية تلوح بفرض عقوبات قاسية ضده.
إن المشكلة الأساس لأنظمة الاستبداد تكمن في منظومتها الفكرية القائمة على العنف وإلغاء الآخر وخلال عشرات السنيين من هيمنتها على السلطة زجت بحثالات قاع المجتمع في أجهزتها الأمنية ومنظماتها الحزبية لإستخدامهم في اضطهاد المعارضين، لذلك ليس سهلاً تغيير نهجها العنفي. فضلاً عن أن معظم منتسبيها يعانون الدونية في المجتمع ويجاهدون التخلص منها بفرض إرادتهم على المجتمع واخضاعه بالقوة، فعملهم في الأجهزة الامنية والحزبية يقلل شعورهم بالدونية.
يقول (( نيتشه )) : " إن من يعيش تجارب رهبية خلال حياته يصبح رهيباً هو ذاته ".
تصطدم محاولات الأنظمة الاستبدادية إجراء اصلاحات في بنيتها التنظيمية ومنظومتها الفكرية بعوائق كثيرة من داخل النظام ذاته، فمهما كانت توجيهات القيادة صارمة لأجهزتها الأمنية والحزبية بتغيير نهجها العنفي لا يؤخذ بها لانصياعها إلى عقيدة فكرية تنظم عملها الأمني والحزبي من دونها تفقد السيطرة والانضباط العقائدي وتصاب بالشلل التام. إنها لا تجييد سوى لغة العنف لإخضاع الآخر وتعتقد من خلال خبرتها الأمنية المتراكمة لعقود من الزمن أن أنجع الأساليب لإخضاع المجتمع وحماية نظام الاستبداد استخدام العنف.
وفي المقابل إن اجبرت على تغيير نهجها وأساليبها العنفية ضد المجتمع تفقد توازنها ويتخلى منتسبيها عن النظام لشعورهم في اللاوعي أنهم أصبحوا خارج مظلة الحماية من القانون وعرضة للمساءلة القانونية عن جرائم ارتكبوها بحق المعارضين ما يؤجج مشاعرهم السابقة بالدونية والاحتقار الاجتماعي، وتصبح خياراتهم محدودة إما رفض توجهات النظام بالتغيير والتمادي بنهج العنف على نحو أقسى ضد المجتمع وإما التخلي عن النظام لخشيتهم التعرض للانتقام من ذوي الضحايا عند سقوط النظام.
يعتقد (( توماس كوهين )) " أن الحلول الصحيحة لمشكلات سابقة، لا تصلح لحل مشكلات مماثلة في الحاضر ".
إن الحل الأمثل لإجراء عملية التغيير الشامل والتحول من أنظمة مستبدة إلى أنظمة ديمقراطية لا يجري سوى بإسقاط منظومة الاستبداد على نحو كامل وتطهير الأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة من حثالات نظام الاستبداد والشروع ببناء مؤسسات دولة خاضعة إلى تشريعات قانونية تنظم عملها المهني لخدمة المجتمع.
يبشر (( أورهان باموق )) الناس قائلاً : " إن يوم الخلاص أصبح قريباً جداً لن تضطروا بعده الوقوف بالدور الطويل وبصفوف كثيرة حاملين الأوعية البلاستيكية منتظرين تدفق الماء من الصنبور، فمعاناتكم أقتربت من نهايتها ".
لا يمكن التعويل على وعود زائفة يطلقها رأس النظام المستبد لإجراء عملية التغيير الشامل والتحول إلى النظام الديمقراطي، فاستخدام العنف المفرط ضد المجتمع وتعاظم عدد الضحايا افقد المجتمع الثقة بنظام الاستبداد. لذلك يجب عليه الاعتراف بالفشل الذريع في إدارة الدولة والمجتمع والعمل على اجراء انتخابات ديمقراطية تحت اشراف دولي لضمان نزاهتها لينتخب المجتمع بنفسه قواه الوطنية أو يجري اسقاطه بانتفاضات شعبية عارمة.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة اللاجئين السوريين في لبنان: بين مخاوف من ترحيل لاجئين م


.. سودانيون يا?كلون ورق الشجر والأمم المتحدة تصف وضعهم بالجحيم




.. بانتظار تأشيرة للشرق الأوسط.. لاجئون سودانيون عالقون في إثيو


.. الأمم المتحدة تندد بـ -ترهيب ومضايقة- السلطات للمحامين في تو




.. -جبل- من النفايات وسط خيام النازحين في مدينة خان يونس