الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقاربة الجندرية... التربية الدور والإشكالات

فاطمة الفدادي

2011 / 8 / 24
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


عندما نتطرق للنوع الاجتماعي سواء في الثقافة الشعبية من خلال الحكايات والأمثال ، الأدب الشعبي، كما جاء في تدخلات الطلبة، إلا أننا لاننسى الفروق بين الجنسين في التربية بصفة عامة. فالتربية تحتل في معناها الشاسع-وفي تطورها نحو تحولات عميقة في أنماط حياتنا ومسلكنا دورا مهيمنا نحو في حياة الفرد سواء كان رجلا أوامرأة، بنتا أو ولدا. التربية هي "قوة المستقبل"، لأنها واحدة من الأدوات الأكثر قوة لتحقيق التغيير، إحدى التحديات الأكثر صعوبة هي تغيير طرق تفكيرنا لمواجهة التعقيد المتصاعد والتحولات المتسارعة واللامتوقعة التي تطبع عالمنا، علينا أن نعيد التفكير في طريقة تنظيم المعرفة من أجل هذا وجب علينا إزاحة الحواجز التقليدية من المعارف وتصور كيفية ترابط ما كان منها مفرقا إلى حد الآن.

إن النوع الاجتماعي من القضايا البالغة الأهمية التي لا يمكن الحديث عنها بمعزل عن التربية التي تعد النواة الأولى للتنشئة الاجتماعية، فالتربية تعد كنظام تنتهجه الأسرة كمؤسسة اجتماعية تقوم بتنشئة الأجيال الصاعدة، مما يجعلها على هذا المستوى، تحتل مكانة الصدارة داخل المنظومة الاجتماعية من حيث وظائفها التنموية بالنسبة للمجتمع، خاصة وأن الأسرة تشكل أهم لبنة لتشييد صرح المجتمع، وبالتالي فإن سلامة هذا الصرح تتوقف بشكل كبير على سلامة تلك اللبنات المشكلة له ولمقاربة النوع الاجتماعي أكثر ارتأينا الوقوف عند تربية الأولاد والبنات داخل الأسرة وكيف تتم عملية تربية البنت والولد؟ أم أنه في هذا النوع من التربية تمارس الفروق الجنسية بين النوعين.

وكتمهيد لهذا الطرح نحاول الوقوف بداية عند نوعين من التربية، التربية في العالم القروي والتربية في العالم الحضري، فمثلا في البادية تكرس فكرة أن الفتاة يجب أن تهتم بالأعمال المنزلية، وكما قالت كورا كابلان في كتابها "الجنوسة" «أن بعض النساء الريفيات يمكن اعتبارهن مذكرات بالمعايير المدينية، مع أن ذكوريتهن يمكن ببساطة أن تكون لها علاقة بحقيقة أنهن ينخرطن في عمل أكثر يدوية من النساء الأخريات بشكل مشابه»[1].

ففي البادية تربى الفتاة على أداء هذه الأدوار الاجتماعية المنوطة بها فهي عندما تكبر وتصير قادرة على تحمل هذه الأشغال تقوم بمشاركة الرجل العمل في الحقل ولذلك قالت كورا كابلان عن الريفيات أنهن ذ كوريات، فالمرأة تربى منذ صغرها على أداء هذه المهام بينما التعليم شئ ثانوي بالنسبة للفتاة، فهي حتى وإن درست لا تستطيع مواصلة تعليمها. أما في العالم الحضري فيمكن القول أن التربية تختلف نوعا ما حسب ما جاء في كتاب "التنشئة الاجتماعية" لمحمد عباس نور الدين فهو يقول:« أن الأسرة تكون بمثابة وحدة اجتماعية وإنتاجية، بحيث أن جميع أفرادها يتعاونون فيما بينهم لكسب الرزق ولتعزيز مكانة الأسرة الاجتماعية والدفاع عن مصالحها وتعمل وحدة الملكية والحرفة أو وحدة الإنتاج والاستهلاك دورا بارزا في تدعيم الروابط الاجتماعية بين أفراد الأسرة التي من شأنها أن توحد هوية الفرد بهوية أسرته ونتيجة لذلك تنعدم الفوارق بين ما ينسبه الفرد لنفسه وما ينسبه الفرد لنفسه وما ينسبه لأسرته»[2].

إلا أنه عندما نتحدث عن التربية في العالم القروي والعالم الحضري، نجد أن تغيرات طرأت خاصة على مستوى وضعية المرأة كما يؤكد ذلك محمد عباس نور الدين إ ذ يقول : « فالمرأة- كغيرها من أفراد الأسرة – كانت تخضع في الوسط التقليدي والقروي لسلطة الرجل المطلقة، إلا أن الحياة في الوسط الحضري وفرت لها ظروف خروج المرأة للعمل خارج المنزل سواء في الإدارات أو المؤسسات الخاصة، ثم فتح باب التعليم أمامها، مما يساعدها على ممارسة كثير من الحقوق لم تكن تمارسها في الوسط التقليدي والقروي»[3] تعتبر التربية أو التنشئة الاجتماعية، هي العنصر الرئيس والمسؤول عن تقسيم وتوزيع الأدوار، بحيث أن الأدوار الاجتماعية تكرس فكرة الهيمنة الذكورية في أي مجتمع يعتبر الرجل هو القائد بينما المرأة مساعدة له، والأسرة بوصفها فضاء للتربية تساهم في إرساء دعائم هذا التمايز النوعي بين الولد والبنت، فهذا يؤكد على وجود خطاب تقليدي يحط من قيمة الفتاة أو البنت، من قبيل"غير بنت" في حين يقال للولد"راك راجل". فهذه الثنائية المتناقضة تجعل من الطفل رجل الغد، له الحق في الإختياروغيرها من المعاملات التفضيلية، في حين أن البنت تربى منذ صغرها على فكرة واحدة وهي أن مكانها هو البيت. كذلك لا تقف عند التربية في هذا الباب بل نحاول أيضا مقاربتها حتى من خلال مكونات الثقافة اليهودية، إذ يقول حاييم الزعفراني:« بما أن البنت غير خاضعة لضرورة المشاركة في القداس، وهو الموضوع الأساسي للتعليم، فهي معفاة من تعلم التوراة أو التلمود، وثم ترتيبها إلى غاية الزواج المبكر، بين العاشرة والثانية عشرة، في الوسط العائلي وذلك عن طريق العلاقات والاتصالات مع النساء الأخريات، وهي بذلك لا تعرف لا القراءة ولا الكتابة، إلا في الحالات الاستثنائية النادرة ، وينحصر واجبها في السهر على تدبير شؤون البيت والاعتناء به، وإليها تعود مهمة تحمل أعباء الكشروت المأكولات الحلال والعمل على على احترام الشرائع والتقاليد المتعلقة بالحفاظ على المظهر الحقيقي للبيت اليهودي، وهي التي تتحمل وحدها دون غيرها تطبيق أكبر عدد من التعاليم والمبادئ المتعلقة بالبيت( من بينها إشعال الشموع ) ، وفي الأعياد الكبيرة على الخصوص في عيد الفصح والبساح، والشعائر ومحرمات الطعام ولا يمنع عليها أن تمارس مهنة ما...ولا تلقى أمية المرأة مشاركتها في الحياة الزوجية للبيت ودورها في مجال تربية أبنائها يحظى بأهمية كبيرة، ويستحق عدد كبير من النساء، صفة المرأ (المرأة المديرة )[4].

هذه مجرد محاولة للوقوف عند تربية الأولاد والبنات ، والفروق الحاصلة بين الجنسين، أو كما تقول أرزلا شوي :« يبدو كلامنا جزافيا، لكنه حقيقة مختبرة علميا. والأمور تتابع مجراها بتأثيرات واعية أولا شعورية، تصب جميعها في نفس المجرى الواحد، إن التأثيرات الأساسية لتطور الطفل في كل مرحلة من مراحل التطور تصيب الصبيان بصورة كافية أكثر مما تصيب البنات، فالبنات يلقين إهمالا شديدا في جميع المجالات الهامة، يلقين تشجيعا أقل، وإن وجد التشجيع، فيكون موجها نحو" أنوثتهن" القادمة، ليس إلا وهذا مايخلف أضرارا خطيرة وتشويهات ذلك أن الطفل لا يتطور بنفسه"من ذاته" بل يعتمد على التشجيع والتحفيز»[5].

1: ديفيد غلوفر، كورا كا بلان: الجنوسة، الجندر،ص 58.

2: محمد عباس نور الدين: التنشئة الاجتماعية، رؤية نفسية اجتماعية تربوية للعلاقات الأسرية بأبنائها والإشكاليات التي تطرحها، تقديم ومراجعة: عبد الكريم غريب، ص 5.

: نفسه، ص 11.[3]

حاييم الزعفراني: ألف سنة من حياة اليهود، ص 70.[4]

أورزولا شوي: أصل الفروق بين الجنسين، ص 13.[5]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة