الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نوال السعداوي 2011

فليحة حسن

2011 / 8 / 24
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


حين كنّا لما نزل نتسربل بمراهقتنا أنا و(هي) كنّا نتسلل بين الحين والآخر صوب (عكد الحمير)* في مدينتي ونسأل باستحياء عن آخر ماكتبتْ كاتبتان لم نعرف غيرهما وقتئذ
( نوال السعداوي وغادة السمان) (هي) جمعت كلّ ماتيسر من كتب غادة السمان بأغلفتها التي تسحبكَ لها عنوة وتجعلك لاتترد مطلقاً امامها عن اعطاء بائع الكتب السعر الذي يريده وان كنت لاتحمل سواه ،
وانا ازداد تمسكا ً بكلّ ما خطته انامل صاحبة (الانثى هي الاصل ) وكثيراً ما كنّا نعود الى مخادعنا – اجل فبيت الاهل في مدينتي (المقدسة ) مخدع لاتغادره الفتاة إلا في حالتي الزواج او الموت وكلاهما سجن مؤبد- اقول كنّا نعود نحن الشواذ عن هذه القاعدة مشياً على الاقدام بعد ان يبتزنا مراراً بائع الكتب وهو يرى في عيوننا نظرات تشبث لما يعرضه من بضاعة نجد فيها لذة لم نعرف لذة غيرها ،
نعود متسللتين ونحن نخفي ولائم مبهرة لارواح تنشد التحرر ولو حلماً ،وكثيراً مانتعثر بأطراف عباءتينا التي نخفي تحتها اسرارنا الورقية تلك ،تدخل كلّ واحدة منّا الى عالمها وتخشى من تلصص الاخرين،
امي ترفض ان ينافس كتبي المدرسية كتاب اخر كي لاتتغير درجات تفوقي في المدرسة المتوسطة فأنا صرت حلمها اليمشي على الارض،
وجدتي وان كانت تجهل القراءة والكتابة تخشى ان تمت قراءتي بصلة لكتب الحبّ فهو اصلا رجس من عمل الشيطان وعلى الفتاة ان لاتجعل أبليسه يدنو من طهارة افكارها ،
اما أبي وان كان قد أهداني ذات فرح (قالت لي السمراء) – باقة ورد نزار قباني- فلن استطيع أن أريه ماهو مخبوء من حروف في خزانة ملابسي ، فلربما سيقيم عليّ حد منع القراءة اذا مارآها معي واعني ( كتب نوال السعداوي) ،
اما(هي) فكان لسجنها قضبان اخرى فـ(هي ) لم تكن أكبر ذرية العائلة - كما انا- بل ان لديها مايكبرها من الاولاد أكثر من ذكر وعائلتها بعيدة كلّ البعد عن الحرف ومصادر تهجيته ،
ولأن (البوشية)** لما يكن قد اتسع وجوب لبسها في مدينتي ( المقدسة) بعد، وكان الاتشاح بها يختصر على وجوه نساء علماء الحوزة ونساء طالبي العلم ،
كان لابد لأقاربنا أن يلمحوننا حين عودتنا من منطقة ( الولاية)*** ،ولسنا حمق كي نخبرهم عن مقصد رحلتنا أين كان ، فنجيب دهشتهم كنّا نزور (الامام) فيتعجبون من كثرة زيارتنا ويفرحون لشدة تقوانا ،
وفي احد الايام قررنا ان نتبادل الكتب والكاتبات اعارتني كتب ( غادة السمان) وأعرتها كتب ( نوال السعداوي) وكلّ واحدة منّا قررتْ ان تنسخ ما استعارته في دفتر منفصل ، ابتعنا دفاتر عديدة من فئة المئة ورقة وصرنا ننقل ماهو مدون على الكتب حتى الطبعة وتاريخ النشر ومكانه ،
العديد من الدفاتر اضيفتْ الى محتوى خزانة ملابسنا متوارية عن الانظار خوفاً من اختلاطها بمثيلاتها المدرسية ،
مرتْ السنون وصار لدي اصدقاء كُثر ،
صادقت ماركيز وشكسبير ومحمد الماغوط ويتس ونتشه ومحمود درويش وسعدي يوسف ومظفر النواب وتي اس اليوت ، وفرجينيا ولف وفدعة ، صادقتُ الكثير وصرتُ أتوسد همسهم ليلاً ويوقضني سطوع افكارهم نهاراً ،
غير إني لم أنس أول النساء قرباً مني بعد أمي وجدتي ، أبداً لم تفارقني الى الان نكهة كتب (نوال السعداوي) ،
صحيح لم اعد اتلفتُ (يمنة ويسرة ) خوفاً من أُن يمْسك بي متلبسة بقراءتها كوني صار لي افكاري الخاصة التي اسطيع أنا أيضاً البوح بها والتي من أجلها خسرتُ اشياء جد مهمة ،
وقبل ان أغادر مدينتي مرغمة رأيتها (هي) و(هي ) من تعرفتْ إليّ أولا بعد كلّ ذلك الرحيل ، فقد كانت ترتدي (البوشية) – على العكس مني – أنا التي لم ولن ارتديها وأن أرغموني ،
كان وجهها قد فارق طفولته وتجاعيد مسؤولية غمرتْ يديها ، اتخذنا لنا مكاناً قصياً واستمتعنا بقصّ حكايا لحظاتنا المشتركة وكأننا كنّا نقع منها مكان الفرجة لا الفعل ،
سألتني وسألتها غير إني اخبرتها اني مازلتُ على عهدي مع (نوال السعداوي) اتابعها ولكن هذه المرة على الحوار المتمدن غالباً ،
أبتسمتْ وقالتْ : أنا حتى لم استطع الدخول الى معهد المعلمات كما حلمتُ ، زوجوني أبن عمي ولي منه خمسة أولاد الان، أنت اوفر حظاً مني فقد شاهدتِ صوركِ في الكثير من الصحف التي يحضرها ( هو) الى البيت ، ومرة تابعتُ لقاء معكِ على التلفاز ،
- وأشعارك أين حلّ بها الدهر؟ سألتها
ضحكتْ ، اتعلمين أن دفاتري أحرق جزء كبير منها وصنع من البقية الباقية (طيارات) ورق !
أخوتي وأبي فعلوا ذلك حين اكتشفوا سر سطوري،
حزنتُ وانا اراها تسدل (بوشيتها )على وجهها وتقوم ملبية نداء رجل يرتدي ( دشداشة بيضاء) ودعتني مرغمة بينما صار الآخر يوبخها لعدم الاسراع باللحاق به.
كنتُ أريد ان اخبرها لوتوقفت، انني لم احقق شيئاً، أنا الاخرى أنا شبيهتها ، فقد تسللوا اصحاب اللحى من بين مسامات افكاري وحاولوا خنقي مراراً بترهاتهم ومخالبهم المتسخة بالافكار النتنة ،
أردتُ أن اخبرها انني مثلها أيضاً قرأتُ كلّ ماكتبتْ (نوال السعداوي) حتى ماخطته اناملها في عام ( 2011) لكني لم استطع فعل شيء ما وأنا أراهم يحرمونني من الدكتوراه وأن كنتُ الناجحة الوحيدة في فصلها الاول بحجة واهية، فلو كنت ممن يسندون ظهورهم على مسند حزب اسلامي لما تجرأوا من الاقتراب مني أبداً ،
اجل ( صديقتي ) قرأتُ ولما أزل ( نوال السعداوي ) غير إني الآن ألتحفُ ثلوج المنفى ويحيط بي طفلان وهم ثقيل أراهُ سرمدياً ينزّ كلّ يوم على شكل سؤال (ماذا سيحدث لنا)؟
أجل قرأتها ولكن ماجدوى القراءة إذا لم تستطع تحرير صاحبها من ظلام سجن يحسبونه شرعياً ؟
آه فقد كَبُر السجن ،وزدادتْ قضبانه سمكاً ،ولم يعد لنا حول نلازمه وصارتْ الصرخات تترى واحدة تستجلب الآخرى لكنّما دونما نصير ،
فليتني لم أقرأ شيئاً لربما لم اعِ كنه مايدور الان من موت مخطط له يستلبنا صاغرين ، اجل ليتني لم أعرف شكل الحرف ، لم أعرفكِ سيدتي ( نوال السعداوي)
ليتني كنت من الجاهلين.
********
*عكد الحمير مكان تباع به الكتب في النجف وسميّ بذلك لكثرة دخول قوافل الحمير المحمل على ظهورها الكتب.
**البوشية هي قطعة قماش سوداء يغطى بها وجه المرأة في بعض المدن العراقية.
***الولاية مكان في النجف يوجد به مرقد الامام علي(ع).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأنثى هي الأصل
نعيم إيليا ( 2011 / 8 / 25 - 08:48 )
للكتابة يطهوها الأديب، طعم لذيذ
تحية للأديبة فليحة حسن
سؤالي الأول: ما مغزى حكاية (الأنثى هي الأصل)؟
سؤالي الثاني: ما مدى تأثير كتابات نوال السعداوي في البيئة العربية؟
مع جزيل الشكر والتقدير


2 - اااااااااهاتي معك سيدتي
Alin ( 2011 / 8 / 26 - 16:59 )
سيدتي وسيدة الوقار والعفه فليحه .... ااااااااااااه وكم من الاااااااااااااااااااااااه اتنهدها معك سيدتي .. انك تقوليها لانك قرات لتوال وغادة !!!!!!!!! فكيف وانا عشت معهم 10 سنين طوال ورجاء النقاش وجبرا ابراهيم جبرا وعبد الرحمن منيف والربيعي وماجد السامرائي واحمد حمروش ومحفوظ والقباني والمطير و عزيز الحاج و فاروق سلوم وهاشم الحكيم و سامي احمد و الكيالي ومدبولي ومحمد حسنين هيكل ووداد الاورفلي و كثيررررررر كثيررررررررر منهم عشت معهم جنبا لجنب بكل كتاباتهم وحياتهم وشخوصهم وكنت لهم الابن الغالي و المميز واسموني بالجاحظ الصغير حيث كنت حينها في 20 من عمري تماما !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! كم ااااااه ارددها معك فانتي بمعاناتك وانا ايضا حين تقولين ليتني ما قرات اما انا فاقول ليتني ما حييت وعملت معهم وكتبت لهم واليهم ولا عشت تلك السنين من عمري ليتني بقيت جاهلا ...من يدري قد اكون وزيرا في حكومة الاغبياء .. كل التقدير والاحترام لك سيدتي

اخر الافلام

.. رائدة في علم المحيطات حققت نقلة نوعية في علوم الأرض


.. موريتانيا.. دعوة لإقرار قوانين تحمي المرأة من العنف




.. القومى للمرأة يطالب شركات خدمات النقل بالتطبيقات بوضع معايير


.. العربية ويكند | استطلاع أميركي: الرجال أكثر سعادة بوظائفهم م




.. عضو نقابة الصحفيين أميرة محمد