الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدراسة في الكليةهل تختلف عن الدراسة في المدرسة الثانوية؟

سامي عبدالعزيز المعموري

2011 / 8 / 25
التربية والتعليم والبحث العلمي



الدراسة في الكلية .... هل تختلف عن الدراسة في المدرسة الثانوية؟

ترجمة: د. سامي عبدا لعزيز المعموري
عن كتاب: التعلم الفعال واستراتيجيات النجاح في الكلية
تأليف: Sherrie L.Nist & Jodi Patrice


يرى معظم المختصين في مجال علم النفس التربوي إن الغالبية من طلبة المدارس الثانوية تنقصهم المهارات اللازمة لأن يكونوا متعلمين فعالين ومستقلين- أي يجيدون تعلم الأشياء بأنفسهم. ويرى هؤلاء إن مرجع هذا النقص هو انه في المدارس الثانوية لا يعطى التلاميذ الفرصة الملائمة لتطوير قدراتهم الأكاديمية. وبكلمات أخرى, فأن المواد الدراسية في المدرسة الثانوية تتطلب جهدا أقل من التلاميذ مقارنة بالمواد الدراسية في الكليات.فعلى سبيل المثال,يستطيع التلاميذ في المدرسة الثانوية الحصول على درجات عالية في مادة ما دون استراتيجيات دراسية فعالة أو بدون تدوين الملاحظات المتعلقة بتلك المادة.كما وجد المتخصصون في علم النفس التربوي إن معظم الاختبارات في المدارس الثانوية لا تحفز أذهان التلاميذ ولا تشجعهم على استخدام التدريبات العملية اللازمة للنجاح في الكليات.حيث وجد إن نسبة عالية جدا من الاختبارات في المدارس الثانوية تركز على مستوى متدني من الحفظ والتذكر فقط.
ويمكن تلخيص جوانب الاختلاف ما بين المدرسة الثانوية والكلية في الجوانب الآتية:
1. تتطلب الكلية قدرا كبيرا من التعلم بشكل مستقل , أي قدرة الطالب على أن يتوصل إلى المعلومة ويتعلمها بنفسه.أما في المدرسة الثانوية فالحال مختلف جدا,حيث يجد التلميذ مدرسيه واقفين على أهبة الاستعداد لتقديم كل أشكال الدعم والمساعدة ليتعلم المعلومة,ويقوم البعض منهم بتلخيص المادة لتلامذته وكتابة الملاحظات لهم بينما يقوم البعض الأخر منهم بأخبار التلاميذ بالأسئلة المرشحة للامتحان وأخر يراجع المادة الدراسية كلها لتلامذته قبل موعد الامتحان بيوم أو يومين. وبالرغم من أن كل أساتذة الجامعات يتمنون النجاح لطلبتهم,لكننا لايمكن أبدا أن نجد أستاذا جامعيا يعمل هكذا مع طلبته.
ان معظم أساتذة الجامعات يدركون أن وظيفتهم الأساسية هي تقديم وعرض المعلومة بطريقة واضحة ومفهومة للطالب, أما وظيفة الطالب فهي تتلخص باختصار شديد بتلقي وتعلم المعلومة المعروضة داخل قاعة الدرس إضافة إلى تلك الموجودة في الكتاب المنهجي وبدون أي مساعدة.وهذا لا يعني أبدا امتناع الأساتذة عن الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها عليهم طلبتهم خلال المحاضرات وتوضيح ما لم يفهمه البعض منهم.لكنهم-أي الأساتذة-لا يزودون الطلبة بالمصادر التعلمية المساعدة أو الثانوية,ولا يعطوا طلبتهم أسئلة مرشحة للامتحان ,لأنهم ببساطة يتوقعون أن طلبتهم يعرفون استراتيجيات تعلميه تمكنهم من الوصول إلى المعلومة وتعلمها بشكل مستقل.
إن أساتذة الجامعات في الغالب يريدون من طلبتهم أن يتعلموا مهارة كيفية التعلم وان يتعلموا ذلك بأسرع وقت ممكن.أن تعلم كيفية التعلم هي إحدى أهم مزايا الالتحاق بالجامعة,لأنه بعد تخرج الطالب فأن معظم أصحاب الشركات وأرباب العمل يتوقعون من الطالب الخريج أن يكون مؤهلا للقيام بكل شئ بمفرده.

2. الدروس في الكلية تسير بسرعة كبيرة
لو تسأل طالبا في المرحلة الأولى من أي كلية عن الفرق بين المدرسة الثانوية والكلية,فأن الإجابة الغالبة ستكون:ان المواد الدراسية في الكلية تسير بسرعة كبيرة,فما يستلزم لتغطية مادة دراسية مثل التاريخ في عام دراسي كامل في المدرسة الثانوية قد يتم تغطيته في شهر واحد في الكلية.إضافة إلى ذلك إن معظم المواضيع لا يتم شرحها بشكل مفصل كما هو الحال في المدارس الثانوية,لأن أستاذ الكلية يتوقع بأن الطالب يستطيع أن يحصل على الكثير من التفاصيل بمفرده.ففي محاضرة في علم الأحياء على سبيل المثال,يقوم الأستاذ بتغطية الأمور الأساسية من الموضوع فقط,لأنه على ثقة تامة بأن الطالب بعد خروجه من المحاضرة يستطيع أن يسد أي ثغرة من المحاضرة من خلال قراءة الكتاب المنهجي أو مراجعة الأفلام التعليمية أو حضور محاضرة خاصة ذات علاقة بموضوع المحاضرة أو الذهاب إلى المختبر بعد المحاضرة أو الالتحاق ببرنامج تعليمي مساند له علاقة بالمادة الدراسية.وكل هذا يقوم به الطالب بمفرده دون جهد من الأستاذ ودون أي تأثير على وقت المحاضرة, ولهذا لا نستغرب إذا ما علمنا إن أستاذ الجامعة قد يكمل ثلاث أو أربع فصول من المادة في أسبوع واحد.

3. الدروس في الكلية تتطلب من الطالب أن يفكر بطريقة ناقدة
التفكير الناقد يعني عمل ورؤية الصلات ما بين الأفكار والقدرة على حل المشكلات.ويعني أيضا القدرة على التحليل والاستنتاج والنقد.تحليل كل ما يسمعه الطالب أو يشاهده أو يقرأه.والاهم في هذا هو عدم تقبل الطالب لأي شئ على انه
حقيقة مطلقة.ان التعلم الناقد لا يتضمن فقط فهم المعلومة المعروضة على الطالب بل ايضا التفكير بمدى ملائمة تلك المعلومة لنظام التأويل او التفسير لبيئة الطالب.
ففي المدرسة الثانوية يطلب المدرسون من تلامذتهم حفظ الكثير من الحقائق ويطلب من التلاميذ ارجاع تلك الحقائق الى المدرسين على ورقة الامتحان دون نقاش او جدل.وربما تردد الكثير من التلاميذ في سؤال مدرسيهم عن تلك الحقائق,لكن الامر يختلف كليا في الكلية حيث يريد معظم الاساتذة ان يقوم طلبتهم باثارة التساؤلات بدلا من الحفظ.ففي بعض الاحيان يطلب من الطالب نقد مقال صحفي او كتابة تقرير علمي او المقارنة بين نظريتين او ابداء وجهة نظره الخاصة حول موضوع معين.وكل هذه المهام تتطلب من الطالب ان يفكر بطريقة ناقدة.ان التفكير الناقد يتطلب من الطالب معرفة بعض الحقائق ودراسة كتبه المنهجية لكن هذا ليس هو كل شئ بحد ذاته, فعلى الطالب ان يتخذ الخطوة اللاحقة والحاسمة في مجال تعلمه وهي تطبيق ما سبق وان تعلمه في مواقف تعلمية لاحقة.

4. الدروس في الكلية تتطلب من الطالب جهدا أكثر ووقتا أطول
ان الوقت الذي يخصصه أغلب طلبة الكليات هو في الغالب أطول بكثير من ذلك الذي يخصصه تلامذة المدارس الثانوية كما ان الطريقة التي يدرس فيها طالب الكلية ينبغي ان تكون مختلفة تماما عن طريقة دراسته في المدرسة الثانوية اذا كان ينوي الحصول على درجات عالية,ولهذا نجد ان معظم طلبة المرحلة الاولى من الكليات يشعرون بالصدمة في الفصل الدراسي الأول من عامهم الدراسي الأول في الكلية ذلك لأنهم تعودوا تلقي المعلومة في المدرسة الثانوية بواسطة مدرسيهم دون عناء منهم او مشاركة بينما عليهم الان الحصول على المعلومة بأنفسهم.فالدراسة في المدرسة الثانوية لا تتطلب سوى الحضور والقراءة حسب الدليل الذي يضعه المدرس لتلاميذه ومطالعة الملاحظات والملازم التي يكتبها لهم المدرس بنفسه.
ان الدراسة والنجاح في الكلية يتطلب من الطالب ان يخصص ساعتين من وقته خارج الكلية لكل ساعة درسها داخل الكلية,وعلى الطالب ان يدرك بأن الدراسة في الكلية لا تتطلب فقط تخصيص وقت أطول للدراسة بل استخدام استراتيجيات دراسية خاصة.

5. الكلية تعطي الطالب حرية أكبر ومسؤولية أعظم
من المتعارف عليه ان الطالب يبلغ السن القانونية في الثامنة عشرة من عمره,وهو ذات الوقت الذي يتخرج فيه من المدرسة الثانوية ويلتحق بالكلية,لذا سواء كان الطالب يسكن في قسم داخلي داخل الحرم الجامعي او يعيش مع والديه,وينتظم في حضوره للمحاضرات,فأنه يعامل كبالغ,على الأقل في عيون المسؤولين في الكلية.فلا أحد يحاسبه اذا ما تأخر عن وقت المحاضرة او تغيب عنها كما هو الحال مع تلامذة المدارس الثانوية.ولا أحد قد يسأله فيما اذا كان قد راجع دروسه ام لا,ومن السهل جدا ان نعرف ان الكلية تمنح الطالب المزيد من فرص النجاح,لكنها في الوقت نفسه تمنحه حرية أكبر لأرتكاب الاخطاء,خاصة اذا ما كان الطالب يسكن بعيدا عن عيون والديه.ان هذه المساحة الكبيرة من الحرية التي تمنحها الكلية للطالب يرافقها قدر كبير من المسؤولية.وهذا يعني ان الطالب نفسه سيكون مسؤولا عن نفسه,مما يعني انها ستكون مسؤوليته لأعطاء الاولويات لواجباته التي ينبغي عليه انجازها.وهذه المسؤولية غالبا ما يتجاهلها البعض من الطلبة او يتناسوها,ولكن من المهم جدا ان يعرف كل طالب جامعي بأنه بالرغم من المساحة الكبيرة من الحرية التي تمنحه اياها الكلية,فأن لديه مقدار كبير من المسؤولية التي تسير جنبا الى جنب مع تلك الحرية.فالطالب في الكلية هو المسؤول الاول والاخير عن نجاحه وهو المسؤول ايضا عن فشله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: المؤسسة الأمنية تدفع باتجاه الموافقة


.. وزير خارجية فرنسا يسعى لمنع التصعيد بين إسرائيل وحزب الله في




.. بارزاني يبحث في بغداد تأجيل الانتخابات في إقليم كردستان العر


.. سكاي نيوز ترصد آراء عدد من نازحي رفح حول تطلعاتهم للتهدئة




.. اتساع رقعة التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة للمطالبة ب