الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


: بنديتو كروتشه الفن حدس ورؤيا

محيي عيدان

2011 / 8 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بالرغم أن مذهبه العام (فلسفة الروح) قد تناول ثيمات (مواضيع) مختلفة في الاقتصاد والسياسة والدين والفلسفة طبعا وميتافيزيقاها إلا أن الشهرة العريضة التي حظي بها الفيلسوف الايطالي كروتشه (1866 ــ 1952)، تعود أساسا إلى كتاباته النظرية في الفن وعلم الجمال خصوصا (Esthetique)، واللذين هما جزء من مذهبه العام (فلسفة الروح)(صورة من صور المثالية يدين بها لهيجل، وان لم يكن قد أقامها بناء على فلسفة هيجل)”، لقد كان كروتشه واحدا من المتأثرين بشدة بفلسفة هيجل والتي سميت بـ(المثالية المطلقة) التي تعطي للفكر الأسبقية على المادة، مع اقتناع راسخ عند (كورتشه) من أن لا فلسفة يمكن أن تظهر بعد فلسفة هيجل، فهي برأيه خاتمة الفكر الفلسفي، موقفه المثالي هذا دفعه إلى تبني أفكار هجيل في مذهبه العام (فلسفة الروح) وفي نظرته (رؤياه) إلى علم الجمال،

كروتشه يرى في الروح (الوجود الحقيقي الوحيد)، وإما الوجود الطبيعي (المادي) الخارجي فهو تركيبة من تأليف العقل. علم الجمال عند كروتشه هو: “المجال الذي يدرس تجلي الروح في جميع مظاهره، ذلك التجلي الذي تعبر فيه الروح عن نفسها في أمثلة جزئية مجسمة، وإذن فعلم الجمال يشمل بالدراسة كل أنواع التعبير فيما عدا التفكير المنطقي”. وإما عن النشاط الروحي للإنسان (الفرد) فانه يتمثل عبر (العلم) الذي هو معرفة بشرية عامة، وهذه المعرفة قد يكون حصل عليها الإنسان عن طريق الحدس، أو عن طريق الخيال والذهن وهي تشمل معرفة الفردي والكلي والأشياء والعلاقات، وهذه المعرفة هي أما مولدة للصور أو مولدة للمفاهيم، وثانيا فان النشاط الروحي يتمثل أيضا من خلال (العمل) الذي ينقسم إلى نشاطين: الأول اقتصادي ويهدف لغايات فردية، والثاني أخلاقي يهدف إلى غايات كلية. والنشاط الروحي أربع درجات (مراتب):
المرتبة الأولى هي (الجمال)، وفي هذه المرتبة يتجلى (يظهر) الروح المطلق ويتجسد في الفرد، وأما المرتبة (الدرجة) الثانية هي المنطقية، والثالثة فهي المنفعة (الاقتصاد)، والمرتبة الرابعة فهي الخير فتشمل الأخلاق. كروتشه لم يفرد للدين مكانا كما فعل أستاذه هيجل، في مراتب نشاط الروح الثلاثة، فكروتشه الحق الدين بالفلسفة وذلك لكون الدين ينشد المطلق ويوجد سبب إضافي آخر هو أن كروتشه فقد إيمانه بالدين وبخلود الروح، بل اخذ يدعو إلى (حرية الإرادة)، والى تطوير الذوق الفني وتقديس الجمال، وهذه الدعوة هي أشبه ما تكون بإقامة مذهب للجمال يكون بديلا عن الدين، وحجة كروتشه هي:(أن دينهم تراث فكري ورثوه عن الشعوب المتأخرة البدائية، أما ديننا فهو تراثنا الفكري الذي ورثناه عن أنفسنا).
في حياته الفكرية أعطى الكثير من الاهتمام إلى الفن وعلم الجمال، فوضع كتبا تخصصية في هذا المجال، فأعظم ما كتبه هو كتاب (الجمال) الذي نشر عام (1902)، لقد فضل كروتشه الفن على العلم لان (الفنون تقدم لنا الجمال)، والفن عنده عرض مجسم للشعور في صورة ذهنية، وهو احد أوجه نشاط الروح، لذا فان كروتشه يرى انه: (من الخطأ الاعتقاد من أن الجمال يوجد في الطبيعة، ولكن الطبيعة ــ من حيث هي كتلة من الرخام المنحوت يمكنها أن تبعث وتثبت في ذاكرتنا صورة جمالية، (فالطبيعة بكماء ما لم ينطقها الإنسان) لان كون الصورة الذهنية تعبيرا ناجحا ليس شيئا آخر غير كونها عملا فنيا، فالتعبير والجمال فكرة واحدة نعبر عنها بلفظين مختلفين)
أما عن ماهية الفن فان كروتشه يصفه بأنه حدس (Intuition)، أو عيان (Vision)، ولا يجد كروتشه أي ممانعة من أن يضيف إلى هذا التعريف مفردات أخرى مثل التأمل، التوهم، والتمثيل وغيرها، وهي تتردد غالبا بين الناس عند حديثهم عن الفن، وهذا النوع من الاتفاق حول فهمهم لماهية الفن، كما يقول ذلك الدكتور زكريا إبراهيم. أن تعريف كروتشه للفن من انه حدس أو عيان فهذا يعني أن الفن يتنكر للصفات (الخواص) التالية:
1. القياس: كأنه ظاهرة فيزيائية، وهذا غير ممكن فالفن حقيقة روحية لا سبيل إلى قياسها.
2.النفعية: (أي من اجل الحصول على اللذة وتجنب الألم)، كروتشه يرفض تعريف الفن بالرجوع إلى مفهوم اللذة، المتعة، فالفن كعيان (رؤيا) فان ذلك يعني إن الفن له طابع تأملي أو معرفة حدسية، فكروتشه يرفض الجمع بين الفن واللذة
3. الأخلاقية: إذ أن هذه الصفة لا تنطبق على (العمل الفني(، فإذا كانت (الإرادة الخيرة) هي صفة الإنسان الفاضل فهي ليست صفة الفنان، لقد وضع كروتشه الفن خارج نطاق الأخلاق، إلا انه يقر و يعترف من أن الفنان كإنسان ليس خارج عن سلطان الأخلاق وتمنى على الفنان من أن يمارس الفن كرسالة مقدسة، كروتشه رفض فكرة (الفن الموجة).
4 . معرفة تصويرية، صفة المثالية في الفن هو الذي يميز الحدس عن المعرفة التصورية أي (المعرفة الفنية عن المعرفة العقلية) لهذا وضع كروتشه الفن مقابل العلم. ويبقى الفن في نظره: (تركيب جمالي أولي (قبلي)، بمعنى انه “مؤلف” من العاطفة والصورة على شكل حدس أو عيان)، الحدس هو المقدرة على معرفة الحقيقة مباشرة دون الحاجة إلى استدلال منطقي، وهو قابلية على التأمل الباطني.
رأي كروتشه في اللغة اعتبر نظريته الجمالية هي أيضا صالحة وقابلة للتطبيق على اللغة، وذلك لان اللغة وسيط يتم من خلالها التعبير عن الذات، فكروتشه يقول: (أن أي استخدام للغة هو في حد ذاته شعر)
أفكار كروتشه في علم الجمال مارست تأثيرا هاما على مناهج الجماليين في أوربا وأمريكا. ويسجل أيضا لهذا المفكر والفيلسوف موقفه السياسي المعارض للحرب وللديكتاتورية (موسولويني) الفاشية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علماء يضعون كاميرات على أسماك قرش النمر في جزر البهاما.. شاه


.. حماس تعلن عودة وفدها إلى القاهرة لاستكمال مباحثات التهدئة بـ




.. مكتب نتنياهو يصيغ خطة بشأن مستقبل غزة بعد الحرب


.. رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي: الجيش يخوض حربا طويلة وهو عازم




.. مقتل 48 شخصاً على الأقل في انهيار أرضي بطريق سريع في الصين