الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحزاب في جنوب غربي كردستان ومتطلبات المرحلة

زوهات كوباني

2004 / 11 / 30
القضية الكردية


يعيش العالم تغييرات جذرية بدخوله القرن الواحد والعشرين, فالأنظمة التي تم تشكيلها في القرن العشرين والتي هي من ثمار النظام العالمي آنذاك, قد أكتمل عمرها مع اكتمال عمر النظام العالمي، فالتغيرات انعكست على جميع ميادين الحياة بدأً من الفلسفة الى السياسة ومن الايديولوجية الى التنظيم.هذه التغيرتالتي احدثتها التورة العلمية التقنية فرضت على جميع النظمة والتنظيمات من ان تاخذ اوضاعها بعين الاعتبار من النواحي الفكرية والتنظيمية واساليب النضال والعلاقات والتحالفات من اجل الرد على متطلبات المرحلة والنجاح فيها. مع أن النظام العالمي القديم كان قد فرز نوع من العلاقات التبعية بحيث تحولت الانظمة والتنظيمات الى ادوات بيد أحد القطبين الموجودين في العالم (الاشتراكي او الامبريالي) والعمل على تحقيق اهداف تلك الاقطاب بالاساليب النضالية والتنظيمية المعروفة، ومهما حاولت لم تستطع في النتيجة الخلاص من السقوط في افخاههم بعيدا عن اهدافها التي كانوا ينادون بها. وهذا ما انعكس بشكل اثقل على الواقع الكردستاني وخاصة في الجزء الجنوب الغربي. وذهبت الاحزاب في هذا الجزء تتبادل الاتهامات والانتقادات وكان شرعية الحزب يتناسب طردا ًمع مدى قيامه بالدعاية للغير، ناسين بذلك المهام المطلوبة منهم على الساحة الكردية في سورية، مما اسفر عن نتائج سلبية من ناحية اظهار حقيقة الهوية الحزبية الكردية السورية. هذا لا يعني الإبتعاد عن البعض وعدم اقامة العلاقة، بل يتطلب تطويرها الى المستويات الاسترتيجية مع الاحتفاظ على استقلالية الهوية وإلا فان نمط العلاقة لن يتجاوز المصالح وسينتج عن ذلك وجهة نظر بعيدة عن الواقعية وحتى اهمال او نسيان تحليل الواقع المعاش فيه، ويتم التركيز على الغير والاسهاب في ذلك. ففي فترة ما كنا نعرف تاريخ الدول والشعوب الاخرى اكثر من تاريخنا، فكنا نعرف ونتحدث عن الشيوعية والبلشفية اكثر ما نعرف الواقع الكردي في سوريا بشعوبه وموزاييكه، لهذا فانه لحد الان نفتقر الى الدراسات والتحليلات العميقة حول الواقع السوري. فخلال القرن المنصرم كانت المعادلة هي الهيمنة عن طريق افناء وتحطيم الاخر وهذا ما ادى الى حروب عالمية اسفر عن ضحايا بالملايين الى درجة استخدام الاسلحة الذرية كما حصل في ناغازاكي وهيروشيما، حيث تم قصفهم بالقنابل الذرية والتي اسفر عن اوضاع ماساوية والتأثير على الاحياء، والى الان لا تنمو النباتات في تلك المناطق. ان كل هذا نابع من سياسة الامحاء والانكار فالشعار المتعارف هو ام انا اكون مهيمنا او لا اكون. لقد اخذت كردستان حصتها من هذه الحقيقة وان لم تصل الى مستواها من الوحشية والهمجية، فسياسة الانكار انعكست بشكل اخر في الحقيقة الكردية بحيث ظهرت احزاب من اجل فرض حقيقتها ولم تترك اسلوبا الا ونفذته بدءاً من المؤامرات والتصفيات والتشهير وزرع العراقيل من اجل ابقاء نفسها مهيمنة على الساحة واذا تطلب الامر القيام بتطبيق المثل القائل "قاتل القتيل يمشي مع جنازته ". اي انها لم تتردد من اجل فرض ذاتها بالقيام بكل ما يتطلب واصبحت ماهرة في تطبيق الماكيافيلية "يعطي الحق الى الذي قام بقتل قريبه الذي ترعرع عنده عندما يتطلب مصلحته في السلطة وذلك باي اسلوب كان"، اي ان فلسفة "الغاية تبرر الوسيلة" هي الوسيلة الاساسية في تحقيق الاهداف.
فانعكاسات هذا على كردستان الجنوبية الغربية كانت وفق امكاناتها وواقعها، فكما ان الواقع الكردستاني اخذ نصيبه من السياسات العالمية ولم تصل الى درجة الانكار الموجودة في العالم والذي راح ضحيتها الملايين، فان واقع الجنوب الغربي اخذ نصيبه وفق ظروفه وان لم يكن بالمستوى الكردستاني العام ولكن لم يتخلص من تلك التاثيرات فقد كان يتم تطبيق سياسات ودعايات من اجل اضعاف بعضهم البعض، بدءاً من اتهام البعض بالعمالة للنظام الحاكم او الانظمة المجاورة الى دعايات السمسرة والتجارة بالسياسة والتطفل على الشعب دون تقديم الحلول الناجعة من اجل تخليص بعضهم من الامراض وتقوية البعض اي انه لم يكن يستخدم النقد بجانبه البناء بل التهديم والتحطيم. وهذا ما اسفر عن عدم امكانية التحرك والنضال معا رغم وجود اهداف ليست بعيدة عن البعض. ان مرحلة العولمة هذه قد جعلت العالم يتحول الى قرية صغيرة، تفرض تجاوز السياسات القديمة وحتى الانظمة الامبريالية والاشتراكية قد تجاوزت سياسة الاقطاب وهذا ما ظهر في تعاونهم ومساهماتهم لبعضهم البعض من اجل تخفيف العبىء الموجود على كاهلهم في مرحلة الازمة العالمية التي وصلت الى درجة الكارثة. لانه باتباع سياسات القرن العشرين في هذه المرحلة التي وصل التكنيك فبها الى اعلى مستوياته في التطور سيسفر عن حروب عالمية والتي ربما ستؤدي الى فناء الانسانية عامة.
ان هذه التغيرات الجارية في العالم يجب ان تاخذ نصيبها في كردستان ايضاً وذلك بالتخلص من سياسة التشهير والتقزيم، والدخول عوضا عن ذلك في العلاقات والحوار وحتى النشاطات المشتركة من اجل التمكن من الرد على مهام المرحلة وتحقيق حقوق الاكراد في الحرية والديمقراطية مع الاحتفاظ بالفروقات في وجهات النظر، اي انه يتطلب تجاوز (الانا) المركزية والسياسة المستندة على الاقطاب والدخول في الفلسفة التي تؤمن بان لكل عنصر في الكون له تاثير معين ويتأثر بالمحيط سواء من حيث الاحياء او المواد الجامدة. ولذلك طالما نعمل من اجل كسب صديق واحد يتطلب ان نقيم التكوينات الموجودة او التنظيمات بدون النظر الى عددهم وحجمهم من حيث الكبر والصغر. واذا نجحنا في تحريك وتفعيل الطاقات الكامنة في الجنوب الغربي من كردستان وسورية عندها نتمكن من فرض المقترحات والطلبات على الدولة وسيؤخذ وضعنا بعين الاعتبار وينظر بجدية اكثر الى الطلبات سواء في المحافل الدولية او في سورية نفسها. ولكن في الحالة المعاكسة سننحرف عن القضايا الاساسية وسندخل في الامور الثانوية، عندها لن نتمكن من تحقيق ما نصبوا اليه .
ان الشرق الاوسط امام تغيرات كبيرة فالبنى السياسية والعسكرية الموجودة فيها والتي هي من ثمار القرن العشرين لم تعد تتناسب مع الوضع الجديد ولا بد من التغيير سواء شاءت أم أبت تلك الانظمة. اما ان تجري تغيرات او ستتعرض للتدخلات الخارجية وفي كلا الحالتين نكون امام وضع تغيير جديد وهذا ما يتطلب من الاحزاب الكردية في سورية ان تكون بمنتهى الجاهزية من جميع النواحي النظرية والسياسية والتنظيمية والعملية لكي تتمكن من اتخاذ مكانها في الخارطة السياسية الجديدة، والا فانها لن تكون ضمن الحسابات السياسية، والاقترابات التي هي بمثابة الانتظار لتحقق الدول الخارجية كل شيء لهم كما يحلم البعض لن يكون سوى خداع وانتظار فارغ. لانه حتى الفاكهة المستوية اذا لم تقطعها بيدك لا يمكنك من اكلها، وهذا ما يتطلب القيام بنشاطات مشتركة دون ان يترك شخص او مكان شاغر. فاذا نظرنا الى هذه النشاطات سواء في الساحة السورية او الساحة الخارجية واوروبا فانها فقيرة ليست بمستوى الرد وكانهم يعيشون وضع الانتظار فاذا نظرنا الى التطورات الجارية في جميع الاجزاء على صعيد القضية الكردية فهناك تطور وتغير وتقدم يتطلب اخذ العبر منها، وتحريك جميع الطاقات في جميع الساحات التي يتواجد شعبنا الكردي فيها من جميع النواحي الثقافية والديبلوماسية والعملية والتنظيمية والسياسية دون ان يفوتنا الوقت ونبقى في الزوايا المنسية، حينها لن يفيدنا لا العتاب ولا الشكوى ولا النقد.
ان مفتاح النجاح في تحقيق الاهداف في هذه المرحلة التي نعيشها وذلك بعد اخذ العبر والدروس من التجربة الماضية هو ان يتم وضع خارطة الطريق على جميع الصعد من حيث الاهداف القريبة والبعيدة من اجل حل القضية الكردية في سوريا المستندة على الحلول الصحيحة والمعقولة والموضوعية المتناسبة مع الظروف التاريخية الراهنة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر