الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصحيح المسار في باب اليمين واليسار

محمد الحمّار

2011 / 8 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


انقلابٌ عقدي، فخلطٌ بين اليمين واليسار، دينا وسياسة، كما رأينا في دراسات سابقة. والسؤال الآن ماذا عسى أن يقدّم مثقف اليوم إلى ثوار تونس الشبان في هذا الباب، عندما يتشكل الوعي بتنصيب المنهاج العقدي على "رجليه". وماذا عسى أن يضيفه الشباب، بفضل ذلك، إلى الثقافة السياسية العالمية؟ الحل سهل وبسيط إلا أنّ تطبيقه يستدعي كل الإصلاح الذي سنقترحه، وربما إصلاحات إضافية.

الحل أن نفهم أنّ اليمين في الإسلام يسارٌ في السياسة وأنّ اليسار في الإسلام يمينٌ في السياسة. لا أكثر ولا أقل. أمّا بخصوص التطبيق (المشروط بالإصلاح) فالاختيار موكولٌ للقائمين بالإصلاح. إمّا أن نستبدل اسم اليسار السياسي باليمين ونغير بذلك المفهوم العالمي لليسار. وإمّا أن نُبقيَ على تسمية اليسار يسارا مثلما يفعل كل العالم لكن مع حرصنا على تبليغ الرسالة التالية إلى سائر العالم في حال أن ليس له من خيار سوى أن يبقى يمينه يمينا ويساره يسارا:

"من هنا فصاعدا ندعوكم لأن تقبلوا اختلافنا عنكم. وقبولكم للاختلاف يستوجب أن تستسيغوا عمل الخير الذي يصدر عنا على أنه متسق مع ما تسمونه يسارا. وبما أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عندنا إنما هو خيرٌ متأتٍّ من عقيدتنا وقيمنا، وأيضا مُتأتٍّ مما سمحت به غربلة القيم الكونية عبر مصفاة قلب المسلم وعقله مِن دمجٍ وصهر، لذا ندعوكم لأن تفهموا أنّ الإسلام يتفق، من هنا فصاعدا، و بنسبة عالية جدا، إن لم نقل بكثيرٍ من التطابق أحيانا، مع ما يصدر عنكم من أعمالِ خيرٍ تُصنفونها أنتم على أنها يسارية. بكلام آخر وبلغة اليوم، إنّ الإسلام دينٌ قد زُجّ به في يمين السياسة بينما هو بطبيعته دين يسار. بينما الإسلام دينٌ لليسار. ولم يكن انزياح الإسلام نحو اليمين في التاريخ المعاصر وانحياز اليمين له، بل واستئثار اليمين به، سوى نتيجة لتراكمات الجهل المتنوعة والمتعددة. فلنتعاون على استرداد الإسلام لطبيعته. إنّ في ذلك لإنصافٌ للدين وللدنيا."

ويمكن التخلص للقول من جهة إنّ ذروة السذاجة أنّ اليساريين في تونس وفي معظم البلاد العربية والإسلامية يجهلون هذا المعنى. أما ما يمكن استنتاجه من جهة أخرى وبخصوص اليمين المتدين (حزب"النهضة" و"التحرير" وغيرهما)، أنّهم لو ناهضوا اليسارَ لأنّ اليسار يجهل المعنى "اليساري" في الإسلام، لكانت حالة طبيعية. بينما المعضلة أنّ اليمين يفعل ذلك لأنه يعتقد، خطأ، أنّ إثم اليسار أنه لا يتبنى نفس الفهم للدين الذي يتبناه اليمين، رغم اعوجاجه؛ وهو فهمٌ مُحرّفٌ للدين وللواقع معا، ومناهض للتقدم. وما يحز في النفس لدى القطبَين، اليمين واليسار، أنهما يتعاملان مع المعطى الديني بطريقة فُصامية، الأمر الذي يبرهن مرة أخرى على غرابة أن يكون هنالك حزبا دينيا في مجتمع مسلم مثل مجتمعَي تونس ومصر.

في النهاية ما من شك في أنّ مستقبل تونس والمغرب العربي والعالم العربي الإسلامي سيكون يساريا لكن بشرط: لو توَصلت النخب إلى استيعاب فكرة أن الإسلام في جوهره يساريا، وأنّ ما اشتباه اليسار تقليديا بمناهضته للإسلام إلا شماعة اختلقتها الأمة بجهلها واستغلها أعداء الأمة ليقلبوا موازينها الفكرية ويخلطوا يمينها بيسارها.

* م.ح: مؤسس منهاج "الاجتهاد الثالث"

* هذا النص جزء من كتاب بصدد الإنجاز: "إستراتيجيا النهوض بعد الثورة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إطلاق نار وحرق كنيس يهودي في جمهوريتين اتحاديتين بروسيا


.. صور لاستمرار المعارك في محيط الكنيسة بمحج قلعة بداغستان




.. زاوية جديدة للاشتباكات المسلحة في محيط الكنيس اليهودي في داغ


.. مشاهد تظهر استيلاء مسلحين على سيارة شرطة أثناء تنفيذ هجوم عل




.. 119-An-Nisa