الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة اغتراب الذات

شمسان دبوان سعيد

2011 / 9 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يطول النهار ... ويطول الليل أكثر ... يمر الوقت ببطء وكدر شديدين .... لا احد لا احد يلتفت إليّ ... لا أرى صورة بشر ... لا أرى صورة شجر ... لا املك من صور البشر إلا ما احتفظ بها من مخزون ذكرياتي اليومية والأسبوعية .... لكنني غير قادر على استرجاع صور مضى عليها ثلاثين يوما .... فحبي يتجدد كل يوم ... كل ساعة ودقيقة .... ما بين الحين والأخر ..... قضت قدرة الله بالتغيير كل يوم .... مناخ بين الحر والبرد .... حياة بين الموت والحياة ... والموت والحياة لا يجتمعان إلا في موقف واحد وهو العيش وحيدا منفردا بدون حبيب أو صديق جار طيب ..... لا احد يخفف عني قسوة الفراق .. لا احد يؤنس وحدتي وانفرادي ..... أعيش أيام واقضي ليالي .... لا اسمع اصواتا ..... لا أرى وجوها ... لا أرى إلا الجدران وأوراق اقلبها .... أعيش في سطورها بذهن شارد وجسد بلا روح .... فيزداد الوقت طولا ...... ويزداد معه إحساس بالكدر والضيق واليأس ...... أنام ساعات من الغيبوبة امتد على الفراش .... شاعرا بالتعب والإرهاق ..... لكن عيني لم تغمض إلا عندما تشعر بالإرهاق والتعب .... كل ما افعله هذا من اجل الوقت ولأجل الوقت .... لكن الفراغ يترصدني ويتوعدني بمزيد من الكدر والضيق واليأس والشعور بالغربة في النهار والاغتراب في الليل ...... اذهب إلى العمل واليأس راسما على وجهي ابتسامة تفاؤل .... ينظر اليّ الآخرون بعين الحسد ويتمنون أن يحذو حذوي ... ولو امتلكوا نصف ما أوتيت لعاشت الأمة تحت ظل الوحدة والغربة النفسية والشعور باليأس والإحباط .... البس من الثياب ما بدا لي انه يبدوا نوعا ما نظيفا ولا اهتم بالأناقة .... أعود إلى البيت وارمي الثياب في اقرب مكان ولو في غير موضعه لأصبح في حيرة ما ارتدي من الثياب ...... لا يوجد في هاجسي أي هموم سوى التفكير في ماذا البس غدا ..... وما أتناول من طعام للإفطار والغداء أما العشاء فلا وجود لها في قاموس الوجبات ؟.... أعيش بعيدا عن الصوت الشجي واجلس بعيدا عن الوجه الحسن ..... لم استند إلى شجرة خضراء استظل بظلها واستنشق من ريحانها .... وأتذوق من ثمارها .... احتمي بها من حرارة الشمس .... احتمي بها من غبار الرياح وأتربتها ..... ابني منها سكني .... واصنع منها ملابسي ..... أصبحت لا افرق بين البكاء والضحك .... بين الحزن والفرح .... بين لذة العاطفة ولذة التعقل وبين السرور الزائل والسعادة الباقية .... وهنا تعجز جميع قواميس الحزن في التعبير عن هذه الحالة ... فهذه هي قسوة القسوة ..... وظلم الظلم .... ويأس اليأس .... حياة لا تأخذ في وبالها شي .... فلا هي حياة الطفل البريئة ولا هي حياة المجنون البريء ..... بل هي حياة رجل بكامل قواه العقلية والنفسية ... لكنه يعاني ويلات الوحدة والانطواء والعيش بعيدا في عالم الوحدة والانطواء ....... انه إفلاس عاطفي وأزمة عاطفية تجتاح قلبي وتهدد حياتي في العيش كانسان .....
وفي يوم العيد أقف محتارا أمام العديد من الأسئلة ... لمن اهدي بطاقة معايدة كتب عليها حبيبي .... من أول من أرى في يوم العيد ..... من أول من أهني في يوم العيد ..... مع من اقضي ليلة العيد ..... وأنا ما زلت أعيش وحيدا ... وما اخرس النبض في عروقي .... وأضاع الحروف في كلماتي .... وجمد أرصدتي العاطفية في بنك مشاعري .... أن ارتدي ثياب العيد وأتساءل من سيمتدحها .... استحم بالعطور الزكية وأتساءل من سيلبي دعوته وينجذب ورائه .... أسئلة لا تأخذ في وبالها سوى المزيد من الآلام والجروح ...... وإعادة ذكريات لا تنسى حفرت في ذاكرتي ولم استطيع نسيانها ...... تعلمت من خلالها إن أصعب أنواع البكاء هو الضحك أثناء المحنة والمعاناة ..... أصعب أنواع الوقوف هو الوقوف على ارض هشة .... وأصعب أنواع الوقوف هو الشموخ أثناء الشدة ..... وان نزف الجرح لألمه أكثر بكثير من بتره واستئصاله .... وان انتظار الموت افجع من وقوعه ....
آلام العيش وحيدا مشكلة لا يحل طلاسمها العلم الحديث ولا كثرة المال ولا تحتاج في التردد على الأطباء والصيادلة ..... المشكلة في اقل وصف لها ما هي إلا أزمة عواطف وأحاسيس ومشاعر يتسبب في وجودها جزء مهم بالنسبة لي .... ولهذا خلق الله ما يكمل حياة الرجل في هذا الجانب ..... كما يكمل الله الليل بالنهار هناك وسيلة الإنسان البالغ العاقل لبناء الأسرة التي يقضي فيها حياته ويعمل من اجلها يجد من يرعاه ويهتم به ويعطي للحياة معنى نفسيا وقيمة إنسانية ومكانه اجتماعية ..... هناك وسيلة للرجل يجد من خلالها من يهتم به وبحياته وصحته وملبسه ..... الحياة بدون حب صعبة جدا .... ومع الحب الحياة أصعب... فالحب هو الجزيرة التي تحيط بها العواصف من كل اتجاه .... ومن هذا التناقض العجيب يولد فيما يسمى الحب ..... فانا كائن حي أعيش في الظلام وأنام في الضوء ..... أتغذى على الانطواء والوحدة ... واشرب من بحر العذاب .... ارقص على طبول الخيال وأصوات البنادق .... ولا أجيد لغة الحب ..... اللهم أني اشكوا إليك وحشة الحياة .... فلا رجاء إلا رجائك ولا رحمة إلا رحمتك .... فلا تجعلني من إخوان الشياطين ولا من الأشرار .... اللهم إني اشكوا إليك وحدتي وأنت ارحم الراحمين . اللهم اكفي بحلالك عن حرامك واغنني بفضلك عمن سواك اللهم باعد بيني وبين معاصيك كما باعدت بين المشرق والمغرب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشعب المظلوم
الشعب المظلوم ( 2011 / 10 / 8 - 15:00 )
اعتقد ان الشعب اليمني الشعب الاول والمظلوم عالميا في اوساط الشعوب الاخرى لكنه اظهر بانه الاعقل ايضا رغم العادات الموجودة في الشعب اليمني ... والكاتب واحد من افراد هذا الشعب الذي لوّن الموقع بمختلف المواضيع في شتى الجوانب واظهر في النهاية انه بعاني من ازمة عاطفية .. اتمنى لك التوفيق استاذي العزيز وكل عام وانتم واليمن بالف خير .

اخر الافلام

.. مجموعة السبع تسعى للتوصل لاتفاق حول استخدام أصول روسية مجمدة


.. إنتر ميامي الأمريكي آخر ناد في مسيرة ميسي الاحترافية؟




.. حماس تؤكد أن التعديلات التي طلبتها على خطة وقف إطلاق النار ف


.. ردود الفعل متواصلة على طرد سيوتي من رئاسة حزب الجمهوريين في




.. الكويت: حريق هائل بمبنى سكني يودي بحياة 49 عاملا أجنبيا