الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفينومينولوجيا

محيي عيدان

2011 / 9 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الفينومينولوجيا أو الظواهري هي الفلسفة التي أقامها الفيلسوف الألماني ادموند هوسرل (1859 ــ 1938)، على أساس الشعور المجرد (المحض) وذلك لكونه المجال المحايد للمعرفة اليقينية، ولأتصافه بصفة القصدية (Intentionnalite) دائما وبالضرورة، وهذه الصفة جوهرية وأساسية في الفلسفة الظواهرية، فمن خصائص الشعور انه يتجه (قصدا) إلى الأشياء التي تواجهه وذلك من اجل أن يدركها فيحولها إلى (ظواهر ذات طبيعة ماهوية ثابتة)، تكون هي الأساس التي تبدأ منه كل معرفة يقينية ) فكرة ( قصديه الشعور) استعارها هوسرل من أستاذه الفيلسوف وعالم النفس النمساوي فرانس برنتانو (1838 ــ 1916) الذي أشار إليها في واحد من أهم كتبه وهو ( كشف النفس) وهو محاولة من جهة برنتانو لوضع (تخطيط منطقي للتصورات الذهنية باعتبارها تمهيدا ضروريا لأي علم نفس تجريبي)، وقد جاءت الإشارة إلى القصدية من طرف برنتانو في أكثر فكرة وافق عليها هوسرل، ولعل أهمها هي الفكرة التالية لبرنتانو: (حالات العقل الرئيسية ينبغي أن توصف أساسا بما لها من مهمة قصدية) أو الاتجاه ــ نحو ــ الأشياء، لان جميع الحالات هي حالات ( عن) أشياء ( سواء أكانت حقيقية أم غير حقيقية) وان حالات العقل المختلفة هي حالات عن موضوعاتها بأشكال متباينة). تأثير برنتانو على هوسرل كان هائلا، فقد درس هوسرل على يديه ( علم النفس القصدي ) إن ظهور كتاب هوسرل (أفكار لتأسيس فينومينولوجيا خالصة ولفلسفة فينومينولوجية) قد احدث تغيرا هائلة تعادل الانقلاب في علم النفس الذي كان يهيمن عليه (المنهج الطبيعي) الذي يحوله إلى علم تجريبي، مهمة الفينو مينولوجيا هي العثور على تكوين الشعور الباطني في علم النفس: (وذلك لان الفينو مينولوجيا علم للشعور الباطني قائم على تحليل المعاني باعتبارها ماهيات تدرك بالحدس في رؤية واضحة، ومن ثم تصبح شرطا لقيام علم النفس بل ولقيام كل علم إنساني. فإذا كانت العلوم الرياضية ــ خاصة الهندسة ــ قد نجحت في العثور على بناء عقلي للطبيعة على يد غاليلو) فمهمة الفينومينولوجيا هي العثور على تكوين الشعور الباطني في علم النفس). (سارتر، تعالي الأنا موجود، ترجمة وتعليق الدكتور حسن حنفي حسنين) فالمنهج الفينومينولوجي أسهم في إرساء أسس علم نفس فينو مينولوجي عند سارتر الذي (وظف) هذا المنهج ( الهوسرلي) في دراساته الخاصة التطبيقية على ) الخيالي ( والانفعالي). تفسير سارتر للقصدية: ظهور الفينو مينولوجيا في ألمانيا وذيوع صيتها في أوربا دفعت سارتر في عام (1933) إلى السفر إلى ألمانيا وذلك لدراسة هذا العلم الجديد، لم يتلقى سارتر بهوسرل، إلا انه تعامل مع الفينومينولوجيا كمنهج أكثر منها فلسفة، وسارتر لم يسلم كليا بأفكار هوسرل، فأعاد صياغة البعض منها برؤية وجودية (انطلوجية ) والهدف هو تأسيس علم وجود خاص به، فعلى سبيل المثال فان سارتر لا يرى في القصدية إلا إخبار (إعلام) بان الوجود يكشف عن نفسه فيقول: (أن القصد المتبادل، يعني إن التعالي هو البناء المكون للشعور، أي إن الشعور يولد محمولا على وجود يكشف عن نفسه من خلال القصدية ليس هو معنى القصدية الذي لم يعرف هوسرل خاصيته الجوهرية هذه) (تعالي الأنا موجود، صفحة 28)، فالشعور عند سارتر هو واضع العدم، وهو بوصفه (أنا موجود) في العالم ومع الآخرين. إن تأسيس الفينومينولوجيا على الشعور، أراد منه هوسرل انجاز هدفين رئيسيين: الأول هو ( فهم) معنى الوجود من خلال نافذة الشعور وذلك عن طريق إدراك ماهيات الوجود التي تتمثل في الشعور الذي له طبيعة قصدية موجها نحو الموضوع، الماهيات تدرك بالحدس والاستبطان. الهدف الثاني هو دراسة الشعور نفسه والتعرف على خواصه وعلى آليات الإدراك فيه، هذه الدراسة قد شكلت نقطة البداية في تلمس (المعرفة اليقينية) فطريقة فحص ودراسة الشعور أشرت بان الفينومينولوجيا هي ليست فلسفة فقط وإنما هي علم شعور جديد يقوم بادراك ماهيات الأشياء فيه، فهوسرل ينظر إليها كامتداد للفلسفة اليونانية القديمة والأوربية المعاصرة بالإضافة إلى إنها بداية العلم الكلي اليقيني الذي يسعى لتأسيسه هوسرل يعترف بفضل الفلسفتين على فلسفته، فتأثيرات أفلاطون وأرسطو، وديكارت وكانط كانت واضحة وبالإمكان التعرف عليها بسهولة في ثنايا مؤلفاته وأفكاره، حتى فكرة العلم الكلي اليقيني لم تكون فكرته هو وإنما فكرة أفلاطون، وأرسطو، وديكارت، فقد استفاد في محاولاتهم، ووظفها في محاولته لتأسيس علمه الكلي اليقيني، الذي سيقوم بانتشال الفكر الأوربي (علوم مختلفة وفلسفة) من أزمته المتمثلة في التناقض والاختلاف والفشل في تحقيق هدف الوصول إلى الحقيقة الكلية اليقينية بسبب تبعثر جهود هذه العلوم والفلسفة، فالجهود غير موحدة ( وهي جهود جزئية لا كلية). فالأزمة التي حصلت في العصر الذي عاش فيه هوسرل هي التي كانت السبب في ظهور الفينومينولوجيا، ظهورها كان رد فعل على الأزمة لقد أرادها (هوسرل) أن تقوم بمهمة إصلاح العلوم المختلفة والفلسفة وان تكون بمثابة العلم الكلي اليقيني أو بداياته وان تتجاوز (الفينومينولوجيا) النزاع الحاصل آنذاك بين المنهج الموضوعي والمنهج الذاتي خصوصا في العلوم الإنسانية التي هي السبب الرئيسي في أصل الأزمة، لقد أراد هوسرل للمنهج الفينومينولوجي أن لا يكون منحازا إلى تحليل مسبق وان لا يكون مشبعا بآراء مسبقة قد تؤثر على المعرفة ( الخالصة) المستحصلة في الشعور بواسطة الحدس أو الكشف الباطني أو الاستبطان، هوسرل لا يخضع الشعور الى المنهج التجريبي (التجريبيون يتعاملون مع الشعور على أساس مادي، وليس ذاتي) والفينومينولوجيا تلتزم الصمت عندما تدرس الظواهر في الشعور، فتقدم (وصفا) لها فقط، أي أنها (تعلق الحكم عليها) وهذا احد أسس المنهج الفينو مينولوجي المهمة ويسمى بالرد الظاهري (الفينو مينولوجي) ويعني (الامتناع عن إصدار أية أحكام فيما يتعلق بالواقع الموضوعي وتجاوز حدود (الخالص)، أي التجربة الذاتية)، وهناك أساس آخر يشترك في بنيان المنهج الفينومينولوجي، وهو الرد المتعالي الذي يعتبر موضوع المعرفة وعي خالص متعال (أي متجاوز من الموضوعية إلى الذاتية). الظواهرية تركت تأثيرا هائلا على مارتن هيدغر وجان بول سارتر في سعيهم لإقامة علم وجود خاص لكل واحد منهم.
ملاحظة: ماهية الشيء: معناه جوهر الشيء الداخلي. اليقينين:ما يبرهن عليه برهانا يتجاوز كل نقاش وهو يعني (الصدق المطلق) الذي عنى به ارسطو.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علماء يضعون كاميرات على أسماك قرش النمر في جزر البهاما.. شاه


.. حماس تعلن عودة وفدها إلى القاهرة لاستكمال مباحثات التهدئة بـ




.. مكتب نتنياهو يصيغ خطة بشأن مستقبل غزة بعد الحرب


.. رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي: الجيش يخوض حربا طويلة وهو عازم




.. مقتل 48 شخصاً على الأقل في انهيار أرضي بطريق سريع في الصين