الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آلهة القرن الواحد والعشرين

معاد محال

2011 / 9 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الإسلام كعقيدة دينية ظهر في زمن معين في مكان معين، والسنة النبوية و القرآن الكريم يعتبران المصدرين الرئيسين اللذين تستمد منهما هذه الشريعة تعاليمها، والقرآن في حد ذاته إذا حاولنا تصنيف آياته سنجد فيها ما هو متعلق برواية التاريخ (تاريخ الأنبياء والأمم والحضارات التي سبقت ظهور محمد) وما هو متعلق بالتعاليم والأحكام الموجهة إلى المسلمين والغرض منها تحسين ظروف حياتهم في شتى الميادين(حينما أقول "شتى الميادين" فأنا أقصد الميادين التي كانت موجودة في ذلك العصر)، فأصدر حكمه في التجارة حيث أحل البيع وحرم الربا والاحتكار، وأقر مبدأ الشورى كحل للخلافات السياسية، حرم شرب الخمر والاتجار به وحرم الرشوة و القمار والزنا وغيرها، وشرب الخمر وممارسة الزنا والقمار هي مظاهر كانت موجودة في ذلك الوقت و قبله. و لا يوجد حكم واحد في الإسلام صدر في ظاهرة معينة لم تكن موجودة في ذلك العصر ووجدت بعده، فالشريعة لم تصدر حكمها في مشاهدة التلفزيون ولم تصدر تعاليمها في كيفية استخدام الانترنيت والهواتف المحمولة، ولم تصدر حكمها في قضية سياقة المرأة للسيارة أو ممارستها للرياضة، ولم تصدر حكمها في فن الرسم والنحت والتصوير والسينما وغيرها من الفنون، لأن التلفزيون والانترنيت والسيارات لم تكن موجودة في زمن محمد أصلا. كل ما في الأمر أنه في مجتمع معين تواجد في ظروف معينة كانت تنزل آيات الله وأحاديث محمد على الناس لتنظيم ظروف حياتهم ومجتمعهم، واليوم ونحن في القرن الواحد والعشرين هناك آلهة تُنزل علينا فتاواها وتصدر أحكامها وتعاليمها في كل شيء يتعلق بمجتمعنا وحياتنا.
والفرق بين نصوص العقيدة و فتاوى الشيوخ، أن العقيدة كانت تتصرف بكثير من الحكمة والليونة حين يتعلق الأمر بإصدار بعض أحكام التحريم، فتحريم شرب الخمر مثلا لم ينزل بشكل مباشر نظرا لما كان يعرفه الخمر حينها من رواج بين الناس تجنبا لإثارة قلقهم، بل تم عبر مراحل، في المرحلة الأولى المسماة مرحلة المنة والعتاب أنزل الله في سورة النحل الآية:" ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ان في ذلك لآية لقوم يعلمون" جاءت كتهيء لنفوس الناس لماهو آت من أحكام، ثم المرحلة الثانية وهي مرحلة السؤال والإجابة فأنزل الله:" يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما اكبر من نفعهما" هنا نرى أن الله يقر ببعض منافع الخمر كذهاب الهم وحصول الفرح ولكنه يلح على أن أضراره أعظم من منافعه وهي إثارة العداء والبغضاء بين الناس، ثم المرحلة الثالثة وهي النهي عن قرب الصلاة في حالة سكر(يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) وبعد هذه الآية اجتنب المسلمون شرب الخمر في أوقات الصلاة فكانوا لا يشربونه إلا بعد صلاة العشاء وبعد صلاة الصبح، وبعد هذا التمهيد نزل التحريم الجازم في الآية :" يا ايها الذين آمنوا انما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون". حكم التحريم إذن جاء عبر مراحل حتى يتم تقبله عن رضا ما دام الامتناع عن شرب الخمر لا يحمل أي ضرر. بينما فتاوى شيوخ اليوم بالإضافة إلى كونها تخرج من أفواه أشخاص لا يملكون أية شرعية أو عصمة نجدها أحيانا تتعارض مع أبسط شروط المنطق ومع كل القيم الإنسانية وفي أحيان أخرى نجدها تحمل الضرر لا النفع للعباد، وفي بعض الأحيان نظرا للاستعمال الغير السليم للخيال نجد فتاواهم قريبة إلى الخرافة لا إلى الواقع. ففي السابق كان المسلم مقيدا بآيات قرآن إلهه واليوم هو مقيد بفتاوى مجموعة من الآلهة ترشقه بها من كل حدب و صوب،فنجد الشيخ سيد عبد العظيم يعتبر الديمقراطية نظام فاسد ويصف الشعوب التي تتبناها بقوم لوط، والحويني يحرم دراسة القانون لأن القانون الذي يتم تدريسه في الكليات هو قانون بشري دنيوي وليس قانون الله ويعتبر المرأة غبية والعلم للرجال، وعلي جمعة في مصر يفتي بتحريم فن النحت. وفتوى تحريم حزام أمان السيارة على المرأة في السعودية لأنه يفصل جسدها ضاربين عرض الحائط خطورة عدم وضع الحزام على حياتها، ثم تحريم قيادتها للسيارة ثم يأتي-كالأب الذي يحاول تطييب خاطر ابنته- أحد الشيوخ في قناة فضائية (رأيته في مقطع مسجل على اليوتيوب) يقول إن المرأة التي تُحرم من القيادة في الدنيا ستقود في الجنة! على أياي أساس بنى هذا الشيخ قوله؟ على القرآن؟ القرآن ذكر بعض أوصاف الجنة، ذكر الأنهار وأنهار اللبن و الخمر والأشجار وحور العين والأشجارلكن لم ترد أية معلومة تفيد بوجود طرق سيارة أوإشارات مرور في الجنة أو أية إشارة أخرى تدل على إمكانية قيادة السيارات هناك، أليس هذا القول أقرب إلى الخرافة؟ وشيخ آخر يعتبر وجه المرأة كالفرج وجب ستره بالنقاب و..و.. والأمثلة لكثرتها لا تكاد تعد ولا تحصى، فتاوى أنتجت جيلا متناقضا حتى مع نفسه، تجد الشباب اليوم يستمعون بشغف إلى الموسيقى وهم على يقين تام بأن المغنون سيكون صوتهم يوم القيامة كنباح الكلاب والذي يستمع إلى الموسيقى لن يتمكن من سماع تلاوة الزبور يوم الحشر،جيل يستعمل أحدث أدوات التكنولوجيا المتطورة وفي داخله مليء بالحقد تجاه الحضارة التي وفرت له ذلك، جيل يلقي كل مظاهر فساده وكسله وعجزه على عنق الشيطان والقدر.
وما يثير السخرية في بعض شيوخ الفضائيات، هو بقدر ما هم متعطشون للشهرة والنجومية وتسخيرهم كل وسائل الإعلام المتطورة لذلك الغرض فهم أيضا مولعون حد الهوس بنمط حياة شبه الجزيرة العربية في القرن السابع، و يدفعون الناس عبر القنوات الفضائية والمواقع الالكترونية وصفحات الفايس بوك للاعتقاد بأن ذلك العصر هو أحسن العصور على الإطلاق ونمط حياة الرسول هو أفضل الأنماط على الإطلاق، و ينبغي التشبث به وعدم التخلي عنه لأنه جزء لا يتجزأ من العبادة. حتى صار المسلم يرفض كل جديد فقط لأنه غير وارد في السنة أو لأن الرسول لم يوصي به، فقديما كانت الأعشاب الطبية بمثابة الأدوية، فالرسول حينما كان يستعمل السواك ويوصي به (السواك مطهرة للفم ومرضاة للرب) فذلك ليس لأن السواك أفضل علاج للأسنان بل لأنه ببساطة كان العلاج الوحيد المتوفر في ذلك الوقت بل وحتى قبل ولادة محمد، واليوم هناك عدة أدوية بديلة ولا ضرر في تفضيلها على السواك إذا تبين أنها أنفع منه، نفس الشيء ينطبق على الإثمد والحبة السوداء وغيرها من الأعشاب التي أوصى بها، فكون الرسول لم يوصي باستعمال الأنسولين مثلا ليس معنى ذلك أن الأنسولين لا نفع فيه للناس. وهناك قضية أخرى تتعلق بزواج القاصرات، الكثير من المشايخ يبيحون الزواج بالقاصرات بل ويشجعونه لأن محمد تزوج بعائشة وهي في التاسعة، ويعتبرون القوانين التي تمنع زواج القاصرات كأنها تعترض على زواج محمد بعائشة، أولا الذي يلوم هذه القوانين هو كمن يلوم الآية القرآنية التي سمحت للرجل المسلم بالزواج بأربع نساء فقط بينما سُمح لمحمد بالزواج بتسعة، ثانيا في عصر محمد لم تكن هناك مدرسة لم يكن هناك شيء إسمه تعليم ممنهج ومنظم والذي هو اليوم من أولويات العصر وهو ضروري للأطفال لكي يصبحوا فيما بعد مواطنين فاعلين في مجتمعهم وأزواجا وآباء يقومون بمهامهم على أتم وجه، الفتاة القاصر لا يمكنها بحال من الأحوال أداء مهامها كزوجة ثم كأم على أتم وجه لأنها لم تُؤهل لذلك بالشكل الكافي، والذي يتعارض مع هذا الموقف بحجة أن الكثير من القاصرات تزوجن وصرن أمهات وواصلن حياتهن الزوجية بشكل طبيعي دون إعداد مسبق كالذي يتعارض مع قراءة الكتب التي تشرح كيفية ممارسة الجنس والاستشارة مع الطبيب أثناء فترة حمل وولادة المرأة بحجة أن الحيوانات أيضا تمارس الجنس وتتوالد بشكل طبيعي دون اللجوء إلى تلك الوسائل التي تنظم حياتها الجنسية.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات موجعة للمقاومة الإسلامية في لبنان القطاع الشرقي على ا


.. مداخلة خاصة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت




.. 108-Al-Baqarah


.. مفاوضات غير مباشرة بين جهات روسية ويهود روس في فلسطين المحتل




.. حاخامات يهود يمزقون علم إسرائيل خلال مظاهرة في نيويورك